فريق «Golden State Warriors»: المُلك في زمن ليبرون جيمس
لطالما عوَّدنا عالم الرياضة على ملاحم تاريخية، وقصص نجاح تصنع منها أفلام هوليوودية. إلا أن القرن الواحد والعشرين لم يَعُد يكترث كثيرًا لهذه الحكايا الشبيهة بقصص كليلة ودمنة. فبجانب الموهبة والمهارة، أصبح التسيير الإداري جزءًا مهمًّا من صناعة المجد. ولعلنا اليوم نحكي عن واحدة من قصص نجاح العصر الحالي في عالم كرة السلة، حيث حضرت الموهبة، بجانب الورقة والآلة الحاسبة، لتسفر عن أجمل قصص النجاح هذا القرن.
صفقة العمر
عام 2010، قرَّر رجل الأعمال الأمريكي «جو ليكوب» شراء أسهم فريق غولدن ستايت ووريرز بمبلغ 450 مليون دولار، بشراكة مع رفيقه «بيتر غوبر». وتنطلق معها قصة بناء جيل المحاربين، الذي سيغير اللعبة إلى الأبد.
غولدن ستايت ووريرز، هو فريق كرة سلة ينتمي لمدينة سان فرانسيسكو بولاية كاليفورنيا جنوب غربي الولايات المتحدة. فريق عُرف تاريخيًّا بتواضعه، حيث لم ينجح بالظفر إلا بلقب واحد كان عام 1975، وظل على هذا النحو حتى بداية العقد الجديد.
التحدي ليس سهلًا لجيكوب وفريق عمله الذي سعى بجد لتحقيق المعجزة، فالطريق في بدايته لم يكن مفروشًا بالورود، حيث استمر الووريرز في مسلسل تخبطه، ويفشل في العبور إلى مرحلة البلاي أوفز لبضع سنوات، ناهيك عن الخسائر المالية التي ظل الفريق يتكبدها. لكن، لم يكن هناك مجال للنظر للخلف.
وبالفعل، ففي عام 2011، انضم الفتى «كلاي تومسون»، قادمًا من جامعة واشنطن ببطاقة درافت. ولتعرفوا مدى قدرات اللاعب، فقد قررت جامعته تعليق رقم (1) الذي كان يرتديه في الفريق، تقديرًا لأدائه الأسطوري.
وفي عام 2012، انضم شاب آخر، «درايموند غرين»، للفريق. من بوابة جامعة ميتشيغان، وبعدها بعام، انضم «أندريه إيغودالا»، في صفقة انتقال حر.
ستيفن كوري وغلطة شركة نايك التاريخية
لا يمكن الحديث عن جيل الغولدن ستايت، دون الوقوف قليلًا في حضرة «مُجدِّد كرة السلة»، ستيفن كوري.
ستيف نشأ في وسط يعشق كرة السلة، فوالده ديل كوري، هو أسطورة فريق تشارلوت هورنتس، أما شقيقه الأصغر سيث، فهو محترف في دوري كرة السلة الأمريكية أيضًا، حيث انتقل هذا الموسم إلى دالاس مافريكس، قادمًا من نادي بورتلاند بلايزرز.
مع بداية ستيف كوري مع الووريرز الذي أتى إليه عبر بطاقة درافت قادمًا من جامعة دافيدسون، بدا أنه واحد من حاملي القيادة داخل وسط الفريق، ثلاثياته المتقنة، وتحركاته الفنية كانت مميزة، إلا أن هذا لم يكن كافيًا لإغراء شركة نايك. ففي عام 2013، رفضت شركة الأحذية العالمية تجديد عقد اللاعب، رغم رغبته الكبيرة – كبقية لاعبي الدوري الذين يعشقون تمثيل شركة نايك – في البقاء ممثلًا لها.
وكبديل للشركة اتجه اللاعب لتوقيع عقد مع شركة «آندر آرمور»، التي كانت تلح منذ وقت طويل على التعاقد مع اللاعب. وبالفعل، نجحت الشركة في ذلك، محققة بذلك أقوى صفقاتها في التاريخ، حيث ارتفعت مبيعات الشركة عام 2015 فقط، بنسبة 350%، وتصبح بفضل ستيف كوري أحد أقوى منافسي شركة نايك. أما في المجمل، فيقول خبراء إن كوري منح أرباحًا للشركة بقيمة 1.4 مليار دولار.
لعلها أكبر هفوات نايك، في تاريخها.
بدا واضحًا أن الغولدن ستايت أصبح في الطريق الصحيح نحو المجد. لكن إثارة الجدل ظلت مستمرة. حيث تفاجأ الجميع بقرار تعيين نجم «شيكاغو بولز» السابق، ستيف كير، مدربًا جديدًا للفريق بدل مارك جاكسون، الذي على الرغم من نتائجه الإيجابية، لم يكن قادرًا على التحكم في غرفة ملابس الفريق.
ستيف كير، لم يدرب قبل الووريرز أي فريق. لكن النتائج كانت مبهرة. ففي أول مواسمه على رأس الفريق (2014-2015) نجح الفريق في الظفر بلقب الدوري، بعد الفوز في النهائيات على الكافالييرز بقيادة ليبرون جيمس بنتيجة 4-2 في مجموع المباريات.
لكن موسم 2016-2017، تجرَّع فيه الفريق خيبة كبيرة إثر الهزيمة في النهائيات أمام ذات الخصم كافالييرز ليبرون. صدمة الخسارة كانت قاسية، بعدما كان الفريق على بعد مباراة واحدة من الظفر باللقب، لكن كليفلند عادوا من بعيد وقلبوا هزيمتهم 3-1، إلى انتصار 4-3.
دورانت وإحكام القبضة على الدوري
صيف 2016، تلقى وسط كرة السلة الأمريكية خبرًا مدويًا بانتقال نجم أوكلاهوما كيفن دورانت إلى صفوف الغولدن ستايت، في صفقة لم تعجب كثيرًا زملاء كيفن السابقين. رغبة اللاعب في تحقيق درع الدوري كانت واضحة، لا سيما وأن الفوز به مع أوكلاهوما ثاندرز بات ضربًا من المستحيل، بوجود غولدن ستايت من جهة، وليبرون جيمس من جهة أخرى.
وبالفعل، سرعان ما ظهر الفارق في صفوف الفريق الذي أصبح لا يُقهر. ليفوز بلقبين متتاليين في 2017، و2018 على نفس الخصم: كليفلند كافالييرز. ويخرج ليبرون جيمس في تصريح تاريخي قائلًا:
السقوط المدوي والواقع المرير
خلال موسم 2018-2019، بدت الأمور تتجه نحو لقب ثالث على التوالي للووريرز. ليبرون جيمس الذي يئس من إمكانية الفوز على فريق مدينة سان فرانسيسكو، اتجه صوب الليكرز في محاولة للبحث عن مشروع جديد لم يجده في أول مواسمه مع فريقه الجديد، وبقية الفرق لم تُبد أي مقاومة تذكر.
لكن الأمور في لحظة تغيَّرت، مؤشر الانحدار بدأ مع منتصف الموسم، حيث شاعت الأخبار بسوء العلاقة بين غرين وكيفن دورانت الذي بدأ يلمح برحيله عن الفريق.
لكن الفريق تماسك حتى وصل للنهائيات لمواجهة ممثل كندا الوحيد تورنتو رابرتز. الووريرز تلقوا ضربة موجعة بإصابة كيفن دورانت خلال المباراة الخامسة. لكن المحاربين نجحوا في الوصول للمباراة السادسة، متخلفين بنتيجة 3-2. أرادوها تعادلًا ثم اللجوء للمباراة الأخيرة للظفر باللقب الثالث على التوالي. لكن تألق كواي ليونارد، وضربة قاصمة أخرى بإصابة كلاي تومبسون في المباراة السادسة، عجَّلا بهزيمة الووريرز، ومنح اللقب لتورنتو.
هي نتيجة لا يزال يعاين الووريرز أضرارها حتى اللحظة. رحل دورانت بعد نهاية الموسم نحو بروكلين نيتس، وغاب كلاي تومبسون بسبب إصابة الرباط الصليبي التي تعرض لها في نهائيات الموسم الذي سبق. ثم أتت مصيبة أخرى، بإصابة ستيف كوري بكسر في يده يبعده عن الملاعب لأشهر. ليبقى الووريرز وحيدًا دون نجم قائد، ويقبع في المركز الأخير من ترتيب الدوري. في موسم شبيه جدًّا بسنوات الووريرز الخوالي.
الاتحاد الأمريكي لكرة السلة قرر إيقاف بث عدد من مباريات الفريق بسبب معدل المشاهدات المتدني، ولا أحد أصبح يهاب الجيل الذي يُعدُّ واحدًا من الأعظم، في تاريخ اللعبة.
هي الأزمان كما شهدتها دول، من سرَّه زمان ساءته أزمان.