الكرة الذهبية: جماعية الفريق أم إبهار ميسي ورونالدو؟
البالون دور، أحد أبرز ظواهر كرة القدم الحالية، هو منظر يغري الأنظار، أنظار اللاعبين والمشاهدين على حد سواء عند مشاهدة نجمها المفضل يحمل كرة من الذهب الخالص وسط تصفيق حاد من الحضور. تتعالى الأصوات هنا وهناك عن ظلم لحق بلاعب أو عن تسويق يطغى على ترشيح الثلاثي النهائي أو عن أثر سلبي للجائزة على اللاعبين أو عن معايير غير واضحة لمنح الجائزة لهذا اللاعب أو ذاك، وكل تلك الأصوات صحيحة ومحقة.
الجائزة ضرورة انتشار اللعبة
كان لابد من ظهور حالة إعلامية فردية تكرّس ازدياد مداخيل الأندية مع ازدياد عائدات حقوق البث التلفزيوني في التسعينات، والفيفا مبدع وخلاق دائمًا في خلق الظواهر الإعلامية، فكان ظهور جائزة أفضل لاعب في العالم لتتفوق من حيث الأهمية والشهرة على الكرة الذهبية التي كانت تقدمها مجلة فرانس فوتبول الفرنسية لأفضل لاعب أوروبي ثم أفضل لاعب في أوروبا.
دمجت الجائزتين قبل أن يعاد فصلمها مؤخرًا في جائزة واحدة في 2010. دمجٌ ساهم في تقليل الجدل الدائم حول من استحق الكرة الذهبية من المجلة ومن استحق جائزة الفيفا لأفضل لاعب في العالم حيث أن الفيفا لا يمتلك مصداقية كافية في أعين متابعي كرة القدم، وجوائزه أيضًا تخلق الكثير من الشك عن إن كان الفيفا فعلاً لا ينحاز لأندية على حساب أخرى حسب قوة هذا النادي أو ذاك في اتحاداته والاتحاد الأوروبي على وجه الخصوص. ليس هناك معيارًا واضحًا عن كيفية منح الجائزة، يزخر التاريخ بأسماء تألقت فحصلت فقط على الكرة الذهبية وأسماء ربما لم تتألق كما تألق آخرون فحصلت على جائزة الفيفا.
سلبيات الجائزة على لاعبي هذه الأيام
لا نستطيع أن نخالف رأي آرسين فينجر حول قضية جماعية اللعبة، فلا يمكننا إلا أن نعترف بأن هدفًا يسجله الفريق بلمسات جماعية هو أجمل من تسديدة قوية أو ركلة حرة أو رأسية جميلة، في الأهداف الجماعية هنالك تفاعل يعيشه المشاهد مع كل لمسة وكم هي نشوة رائعة أن تنتهي تلك اللمسات بهدف!.
لكن مع تغيرات اللعبة الكثيرة والمعقدة في العقدين الأخيرين، أصبح كل شيء يبنى حول الفرد لا حول الجماعة، فردّات فعل كريستيانو رونالدو التي يعبر فيها عن تركيزه على نفسه عديدة حتى حين يفوز ريال مدريد. في 2009 خرج رونالدو من فيلابارك غاضبًا من تبديله وهو يرفع سبابته للأعلى معبرًا عن أنه يرى نفسه الأفضل في العالم. ميسي أيضًا يركز على الجائزة لكن بهدوء أكثر، ولا شيء حاسم حول هذا الأمر سوى تذكر أن تشافي أخبر ميسي بأنه لا يجب أن يستسلم ويجب أن يعود كما كان ويخطف الجائزة من رونالدو بعد حصول البرتغالي عليها في 2013 و 2014، كان ذلك في موسم 2015 عند تدخل تشافي لحل المشاكل بين ميسي ولويس إنريكيه، اضطر تشافي لاستفزاز الروح الفردية عند ميسي وتذكيره بأنه هو من يجب أن يفوز بالجائزة لا رونالدو ،فرانك ريبيري أيضًا لم يحصل على الجائزة وكان لذلك تأثير كبير عليه ذهنيًا وعلى مستوياته في الملعب.
بين ميسي ورونالدو
فرانك ريبيري متحدثًا عن الكرة الذهبية.
أسوأ ما في الجائزة أننا لا نعرف ما هي المعايير التي يبني عليها الفيفا ترشيحه للقائمة النهائية التي تشمل ثلاثة لاعبين، وحتى لو عرفنا فنجدها غير مقنعة، فسواريز مثلاً قدم أداءً مذهلاً في الموسم الماضي تفوق فيه على ميسي ونيمار سويًا، هداف الدوري بلمحات رائعة دون نسيان مجهود الفردي دون كرة وخلقه للمساحات سواء لميسي أو لنيمار. لم يتم ترشيح سواريز لعدة سلوكيات قام بها سابقًا، لكن هل العض أسوأ من أن تكون مهووسًا بنفسك و أن لا تفكر بفريقك؟.
من جهة أخرى ما يثير الضحك حول جائزة الفيفا هو أنه تارة يكون دوري أبطال أوروبا العامل الأساسي في تحديد الفائز، فلم يحصل عليها لا روبن ولا ريبيري في 2013 رغم قيادتهما لبايرن للقب الأوروبي بأداء رفيع في أقوى المواجهات، الجائزة ذهبت لرونالدو. يعتبر البعض أن ضعف المنافسة في البوندزليجا عاملٌ مهمٌ في تهميش لاعبيها، لكن حتى حين تألق الثنائي في أوروبا في أكثر المباريات أهمية وحسمًا لم يحصلا عليها.
ميليتو أيضًا حسم ثلاثة ألقاب لإنتر ميلان في 2010 منها ثنائية في نهائي البيرنابيو ضد بايرن لم تكن كفيلة لأن يفوز بالجائزة، كذلك إنييستا من حسم نهائي كأس العالم لم يفز بها أيضًا بل بقي ميسي مسيطرًا عليها حينها.
الظلم لم يبدأ الآن
لو أردنا أن نكون واضحين فالأمر أصبح جليًّا بعد أن كان غامضًا في السابق، الجائزة تسويقية بالدرجة الأولى للاعبين الذين يملكون عقودًا إعلاميةً ضخمة وأنديتهم قوية داخل الويفا والفيفا. فليست صدفة أن رونالدو البرازيلي حصل عليها بعد انضمامه لريال مدريد في 2002 بعد كأس العالم، ولو تفحّصنا مسيرة البرازيل في تلك البطولة ربما لن نختلف أن ريفالدو هو من كان نقطة قوة البرازيل حينها وليس رونالدو. حصل تييري هنري على هداف البريمييرليج 4 مرات منذ موسم 2002 حتى موسم 2006 لكن ذلك لم يكن كافياً لأن يتغلب على رونالدو للفوز بالجائزة، وتفنّن بافيل نيدفيد ضد ريال مدريد في إياب نصف نهائي 2003 دوري أبطال أوروبا ليصل باليوفي إلى نهائي أولدترافورد متابعًا موسمًا خارقًا للتشيكي بعد أن ساهم بإقصاء برشلونة أيضًا على كامب نو، نيدفيد لم يحصل سوى على الكرة الذهبية وذهبت جائزة الفيفا لزين الدين زيدان.
أساطير وقصص محببة عند الفيفا
وبالطبع لا يتوقف الأمر عند نيدفيد وهنري، فأسماء عديدة أخرى ظلمت وطبعًا الأمر يعود لأنها لم تكن استثمارًا مربحًا للفيفا، فراؤول مثلاً ليس هنالك قصة مزخرفة حوله، ساعدت إصابة رونالدو البرازيلي على فوزه بالجائزة، فالفيفا دائمًا يحب هذه القصص البطولية حول لاعبيه، والأمر ذاته عن معاناة كريستيانو رونالدو مع رحيل والده في سن مبكرة ومرض ميسي، لا يمكن إنكار بطولة هذا الثلاثي لكن استعمارهم لهذه الجائزة يخلق شكوكًا حول دعم من هنا أو هناك لأسماء على حساب أسماء أخرى.