جيرارد والخيارات الصعبة: مخاطرة جديدة مع رينجرز
بعد أيام من الشائعات في القنوات الرياضية العالمية ووسائل التواصل الاجتماعي، أعلن نادي رينجرز الأسكتلندي أن ستيفن جيرارد، قائد المنتخب الإنجليزي السابق ونادي ليفربول، سيكون مدربًا للفريق الأول بداية من الموسم المقبل، ولمدة 4 مواسم. هذه المهمة الصعبة ستكون الخطوة الأولى للاعب الوسط السابق خارج الرقعة الخضراء، ولكن ليس بعيدًا عنها كذلك.
بغض النظر عن سمعته كلاعب سابق، فإن الكرة الأسكتلندية بحاجة إلى اسم كبير يستطيع إغراء اللاعبين الكبار وجذبهم. بكل تأكيد رينجرز كان يفضل وجوده كلاعب نسبة لخبرته الكبيرة في الملاعب الأوروبية، لكن لا يمكن لجماهير النادي إلا أن تكون سعيدة بوجوده على خط الملعب والدكة.
خطوة يعتبرها البعض أنها جيدة للكرة الأسكتلندية التي تمني النفس بجعل الدوري المحلي أكثر تميزًا بعد سيطرة مطلقة لنادي سيلتيك الذي تمكن من تحقيق 7 ألقاب متتالية في المواسم الماضية. لكن لماذا تعد هذه الخطوة أشبه بمهمة انتحارية في مستهل مشواره التدريبي على المستوى الاحترافي؟ ولماذا عليه الحرص على طموحه بعيد الأمد بتدريب الريدز في مستقبل الأيام؟
طريق طويل نحو الحلم
لطالما بدا أن مسار جيرارد التدريبي سيحط الرحال يومًا ما في «أنفيلد رود» كمدرب لناديه ليفربول. أولًا وقبل كل شيء، يدرك ستيفن أن الأمر مختلف تمامًا عن اللعب والنجاح المهني كلاعب لكرة القدم. في البداية، يوجد لدى بعض من يُقبلون على هذه الخطوة الجديدة قلق وشكوك حول إمكانية النجاح من عدمه، لأن كل العيون مسلطة عليك والمسئولية ملقاة على كاهل رجل واحد لتدريب وإدارة مجموعة كبيرة من اللاعبين المحترفين.
بالنظر للمسيرة المميزة للإنجليزي كلاعب، فإنه ربما يظن أن خبرته في اللعب كافية لتأمين دور تدريبي على مستوى رفيع. ومع ذلك، فإن جيرارد مصمم على عدم ترك شيء للصدفة قبل دخول دائرة الضوء في المجال التدريبي. بالنسبة له، فإن الألقاب والميداليات لا تحتسب عند الشروع في مهنته الجديدة كمدرب.
للوصول إلى الوجهة الليفربولية الميمونة، يجب على ستيفن البدء بشكل جيد وإثبات نفسه بشكل جيد خارج الحدود الإنجليزية، وبالتحديد في الجزء الشمالي منها. مهمة ليست بالسهلة وسيتم تقييم عمله ومستقبله من خلال سير الأحداث التي ستعترضه في مدينة جلاسكو.
هل يغامر ستيفي؟
بدأ الإنجليزي مسيرته التدريبية من ناديه الأول ليفربول، فتولّى مهمة تدريب فريق الناشئين تحت 18 عامًا في أبريل/نيسان من العام الماضي. كان خيارًا سهلًا للبناء من بيئة مناسبة ومحيط يستوعب مكانته واسمه كأحد خريجي الأكاديمية وأحد أنجح لاعبيها عبر التاريخ.
استطاع المدرب الشاب إيصال فريقه الناشئ إلى المرتبة الثالثة في جدول الترتيب، وأشرف على فريق تحت 19 عامًا في بطولة دوري أبطال أوروبا للشباب، وتمكن من إيصاله إلى ربع نهائي المسابقة.يقول جيرارد إنه تعلم كثيرًا من هذه التجربة ومن الطاقم التدريبي المساعد في الأكاديمية.
رغم التجربة التدريبية الوحيدة كمدرب للناشئين،يشعر ستيفن بأنه جاهز للتصدي لهذه المهمة، ويعتقد أن خبرته القليلة في المجال التدريبي ليست عائقًا كبيرًا أمامه. لكي تحصل على الخبرة، يجب عليك الإيمان بنفسك وأن تثق بشخصك وبكل ما تملك من أفكار عن اللعبة، ولا يمكنك الانتظار والجلوس للتعلم، بل عليك القيام بتجارب قد تنجح بها أو تفشل، فهذه التجربة عبارة عن عملية تعلم دائم بسبب التطور المستمر للاعبين ولنظام اللعبة.
الألماني «يورجن كلوب» مدرب ليفربول يوافقه الرأي أيضًا، ويعتقد أنه يعرف اللحظة المناسبة لاتخاذ قرار كهذا، ومتأكد بنفسه أنها اللحظة المناسبة طالما كان قرار ستيفي كذلك.
رينجرز الجحيم
سيحتاج جيرارد إلى الوصول إلى أرض الملعب في جلاسكو وإثبات أنه الرجل الأنسب لهذا المنصب، ولكن ليس هناك ما يضمن أن الرجل الذي كان مدربًا في أكاديمية ليفربول سيحقق نجاحًا في استاد إيبروكس.
وفي واقع الأمر الوضع في رينجرز ليس مبشرًا على الإطلاق، سيواجه ستيفن جيرارد عددًا كبيرًا من الضغوط والتحديات، كما يقول «تشارلز باترسون» أحد صحفيي سكاي سبورتس في أسكتلندا. ويصف تشارلز رينجرز بأنه محاط بالمشاكل المعقدة، ابتداء من الأداء السيئ في أرض الميدان، وانتهاء بالقضايا الداخلية الإدارية والمشاكل المالية التي تواجه النادي.
يمكن تشبيه الأمر بأن جيرارد ألقى بنفسه إلى الجحيم أملًا بأداء بطولي ينتشل النادي من الأزمات التي تلاحقه، لكنه قد لا يحصل على الكثير من الوقت لتغيير الأمور هناك. فرينجرز لم يتمكن من الوقوف بوجه سيلتيك في طريقه نحو اللقب في آخر 7 مواسم، حتى أن اللقاء الأخير الذي جمعهما قبل أيام انتهى بخسارة مذلة بنتيجة 5-0. وهذا هو العائق الأكبر أمام المدرب الإنجليزي الذي يتوجب عليه التعامل مع سيليتك في الوقت ذاته الذي يحاول فيه إطفاء الحرائق داخل ناديه.
العائق المادي
بلا شك أن الجزء الأبرز خلال المفاوضات بين الطرفين كان يتعلق بالجانب المالي والشرائي للنادي. بكل تأكيد المدرب الجديد طلب ضمانات مالية من أجل إعادة بناء الفريق المتهالك ومنافسة مدربه السابق «براندن رودجرز» مدرب نادي سيلتيك الحالي.
الأولوية الحالية لجيرارد هي التمويل، وكانت أكبر مشكلة تواجه الفريق في المواسم الماضية، حتى أن جمهور النادي سئموا من ذلك الأمر. إذا حظي ستيفن بهذا الدعم فستكون مهمته أسهل في الاستثمار في الفريق وبنائه للوقوف في وجه سيلتيك.
النادي بحاجة لاستراتيجية جديدة في تحديد أهدافه، فالعديد من اللاعبين الذين تم التعاقد معهم كانت عبارة عن إهدار للأموال ومشتريات سيئة. والآن سيحتاجون إلى دفع الكثير من الأموال، لكن ضمن أسس دقيقة تضمن عملية بناء صحيحة. أمر ليس بالسهل في ظل التفوق المالي الواضح للخصم اللدود.
أما الأولوية الملحة للمدرب الجديد فيجب أن تكون الفوز لكسب ثقة الجماهير بشكل فعلي. ولكي تكسب ثقة الجمهور يجب على جيرارد أن ينهي الموسم وهو في مرتبة أعلى من سيلتيك. هناك فجوة يجب أن تغلق وتردم، وقد وقع الخيار على جيرارد وقبل بهذه الوظيفة في نادٍ اعتاد الخيبات في المواسم الماضية، ويبكي من أجل الاستقرار ويسعى للهروب من حالة التخبط التي يمر بها.
للوهلة الأولى تشعر بأن إدارة رينجرز تأمل بأن يكون ستيفن هو المنقذ، وهو تعامل بنفس المنطق أيضًا باعتقاده أن البداية من خارج إنجلترا ستكون هي الأنسب، حتى لو كنت أفضل مدير فني في العالم، فهناك عنصر خطر سيعترضك دائمًا في طريقك. جيرارد يتمتع بسمعة رائعة كلاعب، لكن بلا سجل تدريبي حافل. زميله السابق «جون بارنز» جاء إلى سيلتيك كمدير فني بصحبة «كيني دالجليش» في أوائل الألفية، وتمت إقالتهما بعد 6 أشهر فقط.