الجنرال بخاري يحكم نيجيريا..وماذا بعد؟ (مترجم)
في 28 و 29 مارس الماضي، ذهب ملايين النيجيريين للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية التي وصفت بأنها الأكثر أهمية في تلك الدولة الإفريقية منذ عودة الحكم الديمقراطي عام 1999.
وبالرغم من تنافس 14 مرشحا، لكن السباق الحقيقي كان بين الرئيس السابق جودلاك جوناثان الممثل لحزب الشعب الديمقراطي، والجنرال محمد البخاري الممثل لحزب المؤتمر التقدمي.
وبالإضافة إلى كونها أكثر الانتخابات تنافسية في نيجيريا منذ الاستقلال، فقد أجريت في خضم توتر متزايد جراء الهجمات الإرهابية التي شنتها بوكو حرام، علاوة على التوتر المتنامي بين الشمال والجنوب بسبب استمرار التهميش الاقتصادي للشماليين.
وكان يتوقع أن تؤدي كل هذه العوامل إلى تفاقم التصدعات العرقية والدينية والإقليمية التي تتسم بها السياسة النيجيرية منذ الاستقلال، وهكذا تعمقت المخاوف من أن يتسبب العنف في إفساد الانتخابات.
وبالرغم من وجود بعض حوادث العنف، لكن الانتخابات اتسمت بالسلمية على نحو ملحوظ، واستحق النيجيريون التهنئة لاختيارهم المضي قدما في درب الديمقراطية.
وأعلنت اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات فوز بخاري بنسبة 56.3 بالمائة من الأصوات، مقابل 43.6% لمنافسه جوناثان الذي اتصل بالجنرال الفائز معترفا بهزيمته.
وتعكس خارطة الأصوات خلال الانتخابات الاختلافات الإقليمية، فبينما هيمن بخاري على الولايات الشمالية، أبلى جوناثان بلاء حسنا في معظم ولايات الجنوب، لكن الملاحظ أن بخاري تمكن أيضا من اجتذاب التأييد في بعض الولايات الجنوبية المعروفة بسيطرة حزب الشعب الديمقراطي عليها.
ويعكس فوز بخاري ذلك الإحباط المتزايد من فترة حكم جوناثان، لا سيما بعد إخفاق حكومته في السيطرة على بوكو حرام، بالإضافة إلى تنامي مشاعر اليأس لدى الشباب جراء ارتفاع معدل البطالة.
نسبة المشاركة المرتفعة في الولايات الشمالية تعكس أيضا الشعور العام الذي ينتاب الشمالييين بأن هذا هو دورهم المستحق لتولي مقاليد الأمور في البلاد، والخروج من دائرة التهميش.
ومن المهم أن نشير إلى أن بخاري ليس جديدا على القيادة، إذ سبق له أن خدم كرئيس في الفترة بين 1983-1985، بعد استحواذه على السلطة عبر انقلاب عسكري.
وبذلك يتبع بخاري ذات المسار الذي سلكه الرئيس الأسبق ألوسيجان أوباسانجو الذي ترأس حكومة عسكرية بين عامي 1976-1979، قبل أن ينتخب رئيسا فيما بعد عام 1999.
العديد من التحديات تواجه الحكومة المقبلة، حيث ما زالت نيجيريا ممزقة بين أبعاد مختلفة من الهوية، بما يشكل عائقا رئيسيا يعرقل التنمية منذ استقلال الدولة الإفريقية.
ولذلك، ينبغي على الحكومة الجديدة أن تبادر بمعالجة أسباب التشرذم، ومخاطبة قضية التهميش في الشمال من خلال توزيع أكثر عدلا للموارد، واجتذاب الاستثمارات لتطوير الأنشطة الاقتصادية في المنطقة.
وعلاوة على ذلك، ينبغي على الحكومة التعامل بحزم مع بوكو حرام، وإلا ستستمر الجماعات الإرهابية في اكتساب زخم متزايد من الصعب احتواؤه في المستقبل القريب.
وأخيرا، يتعين على حكومة بخاري تنفيذ إصلاحات اقتصادية واسعة النطاق ضرورية لدعم النمو، وخلق وظائف جديدة لملايين من الشباب العاطل، والحد من مستويات الفقر المرتفعة.
إجراء انتخابات سلمية وشفافة في نيجيريا يصب في صالح الديمقراطية في القارة السمراء، لا سيما وأن نيجيريا هي أكثر دول إفريقيا تعدادا سكانيا، وصاحبة الاقتصاد الأكبر.
شفافية الانتخابات التي شهدتها نيجيريا ستعزز دورها القيادي في حلحلة النزاعات، والوقوف بصلابة في وجه عمليات الانتقال غير الديمقراطية.
ترسيخ الديمقراطية في نيجيريا يمكن ترجمته إلى أداء اقتصادي أفضل يمتد تأثيره إلى أقطار أخرى.
تستحق نيجيريا دعما متزايدا من المجتمع الدولي، وينبغي على الرئيس الأمريكي باراك أوباما زيارة نيجيريا، مدفوعا بإيجابية ما أظهرته الانتخابات الرئاسية، بعد إعلان البيت الأبيض زيارة مرتقبة إلى كينيا في يوليو المقبل.
ويجب على المجتمع الدولي دعم الحكومة الجديدة في جهود التخلص من بوكو حرام.
ومع تحسين الحكم وإرساء الأمن، ينبغي أن تكون نيجيريا مستقبلا نموذجيا لتدفق أجنبي متزايد من الاستثمارات المباشرة، حيث فتحت الانتخابات أبوابا من الفرص أمام الشركات الأمريكية لزيادة نطاق استثماراتها داخل الدولة السمراء.