التوزيع الجندري للثروة: آدم الفقير وحواء أكثر فقرًا
مع تخييم شبح الفقر على الناس، لا يسعنا إلا التفكير في أدوات ومهارات التأقلم والنجاة، ولكن هل جميعنا متساوون في الوصول لتلك الأدوات؟
في سلسلة المرأة والسكن التي أصدرها مرصد العمران (وهو مشروع بحثي متخصص في قضايا العمران والسكن في مصر) سنجد أرقامًا وتحليلات تعتبر مدخلًا جيدًا لما أود تسليط الضوء عليه في هذا المقال. تركز السلسلة على حق النساء في السكن الخاص والمستقل والبعد الجندري لسياسات الدولة في الإسكان، ولكن ما أثار انتباهي هو الإحصاءات المتعلقة بتملك المصريات للعقارات والأراضي.
ولكن درة تاج هذه الإحصاءات، التي تختصر الكثير، كانت التالية:
فهل يمكن أن نقول إن النساء أكثر فقرًا من الرجال؟
صناعة الأدوار الاجتماعية
يبدأ إعداد الذكور والإناث لأدوار محددة مسبقًا منذ نعومة الأظافر في الأسرة ثم المدرسة ومن خلال الإعلام والمؤسسات الدينية، حتى تصبح مسلّمة لا يمكن الخروج عنها. تلعب المؤسسات الأربع دورًا باتًّا في خلق ثقافة الأدوار الاجتماعية، فتنشئ الذكور على الاستعداد للمجال العام والإناث على الاستعداد للمجال الخاص، وتؤسس لثقافة الرجل العقلاني المبادر وصاحب القرار والمرأة العاطفية المنسحبة السلبية. تحدد لنا هذه المؤسسات الدور المقبول الذي سنلعبه والسلوك المتوقع منّا كذكور وإناث. فمثلًا، هل يسمح للبنات أن يتعاملن مع الشارع كأقرانهن الذكور؟
وبناء عليه، كيف تتشكل علاقة البنات مع المجال العام منذ الصغر؟ هل هو مجال آمن و مرحب أم خطر وطارد؟ كيف يُطلب من الذكور الصغار التعامل مع من يضربهم أو يخطف ألعابهم؟ وكيف يُطلب من الإناث الصغيرات التعامل مع من يفعل معهن الأمر ذاته؟ لماذا تخصص حصة التدبير المنزلي للفتيات وحصة المجال الصناعي للفتيان؟ لماذا نجد في كتب اللغة الإنجليزية أمثلة على غرار Ahmed swims وNoha sweeps؟ كلها إشارات توجههم لأدوار معينة في الحياة.
بعد هذا الإعداد المكثف، يكبر كل من الذكور والإناث حاملين لحزمة من المهارات تلعب دورًا كبيرًا في تحديد فقرهم أو غناهم، الوظائف المتاحة أمامهم، والأهم قدرتهم على التأقلم مع الظروف الاقتصادية الصعبة. يصبح من الصعب أن نطلب منهم بعدها القيام بأدوار أو الالتحاق بوظائف تتطلب مهارات اجتماعية مختلفة عن التي تدربوا عليها منذ الصغر. فلا يمكن مثلًا أن نطلب من فتاة القيام بأدوار تتطلب القدرة على المواجهة أو الصراع أو الجلد أو ذكاء الشارع (street smart)، وهي لم تتح لها أصلًا فرصة الخروج من المنزل بحرية طيلة حياتها وتم تربيتها على النعومة والخجل والميل للانسحاب. فكيف يمكن لها التصدي بعد ذلك للأعمال المدرة «للمال الحقيقي» (Real Money)، أو فرص العمل العادية التي تتطلب حركة واحتكاكًا بالناس وهي لم تكتسب أصلًا أيًا من المهارات الضرورية لذلك؟ كيف يمكن أن أدير مصنعًا وأنا لم أتعلم تغيير إطار السيارة؟ كيف ألتحق بوظيفة بعيدة عن منزلي وأنا لم أتعامل مع الشارع بأريحية طوال حياتي؟
إضافة لذلك يتم توجيه العاملات منهن بشكل مباشر أو غير مباشر لاختيار مجالات عمل لا تتيح فرصة للترقي الطبقي وتراكم الثروة. فهناك نمط للوظائف التي تُبرمج الفتيات اجتماعيًا منذ الصغر على اختيارها والبحث عنها، لهذا نادرًا ما نجد فتاة جامعية تحلم مثلًا أن تصبح «مُصنّعة» أو «صاحبة شركة تعمل في الاستيراد والتصدير» أو غيرها من المجالات التي تحقق «الأموال الحقيقية» لأنها أمور تم برمجة وعيها على الاعتقاد بعدم قابليتها لها. وإن نجحت في الفكاك من هذه البرمجة العقلية والنفسية فإنها تتعرض لضغط اجتماعي «لتحقيق التوازن» بين الواجبات المنزلية والعمل، وهي قولة حق يراد بها الإفقار في معظم الأحوال.
فطرة غسل الصحون
يعطينا هذا الرقم الأصم إيحاءً بأن 75% من النساء «لا يعملن». ولكن ما هو تعريف العمل أصلًا؟
هناك عمل يتم خلف الأبواب المغلقة تمتهنه معظم النساء، يستهلك وقتهن وصحتهن وطاقتهن النفسية والذهنية، ولكنه غير مقدر ماديًا، تعرفونه طبعًا. لا أنوي هنا تحريض النساء على هجر العمل المنزلي وترك الرجال والأطفال بلا طعام وبملابس وملاءات سرير وأرضيات متسخة وصحون ينمو عليها العفن، لكن لنتكلم قليلًا عن «طبيعة» الرجل والمرأة.
ما أعرفه يقينًا عن طبيعة النساء البيولوجية أنهن يحملن ويلدن ويرضعن، وأعرف أيضًا أن تكوين الرجال الجسماني أقوى في الغالب الأعم من النساء. ما لا أعرفه حقًا هو لماذا لا يقوم الطرف الأقوى بحكم تكوينه الطبيعي بأعمال تتطلب قوة جسمانية تؤدي مع الوقت لتآكل مفاصل وغضاريف النساء؟ لماذا لا يمد أصحاب منطق الفطرة وطبيعة الخلق نفس الخط على استقامته ويتحملون ما يناسب تكوينهم الجسدي؟ أسئلة لا أظن أنني سأعرف إجابتها أبدًا. فلا رابط منطقيًا بين الحمل والولادة وأعمال الرعاية التي تمتد طيلة حياتهن.
وفقًا للأعراف الاجتماعية فإن «أعمال الرعاية» تعتبر دورًا طبيعيًا للمرأة واجب عليها تقديمه، بدلاً من أن تكون مسؤولية تشاركية بين أفراد الأسرة أو مسؤولية مجتمعية. إضافة إلى ذلك يُنظر إلى أعمال الرعاية المنزلية على أنها أنشطة لا تتطلب مهارة وأنها أعمال غير إنتاجية، في قول آخر هي ليست «عملًا» بالمعنى المتعارف عليه. وذلك على الرغم من كونها ضرورية لتسيير مجتمعاتنا واقتصادنا. وفقًا لتقرير منظمة (أوكسفام) الصادر في 2020 [7]، تبلغ القيمة النقدية لأعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر، التي تقدمها النساء التي تبدأ أعمارهن من 15 عامًا فما فوق، على مستوى العالم، 10.8 تريليون دولار سنويًا. وإجمالًا، تقوم النساء بأكثر من ثلاثة أرباع أعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر في العالم،[8] فيقدمن حوالي 12.5 مليار ساعة من أعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر كل يوم، وهو ما يعادل قيام 1.5مليار شخص بالعمل في دوام مدته ثماني ساعات في اليوم، ولكن بلا أجر.[8]
تستهلك هذه الأعمال مجهود ووقت السيدات، والأهم أنها تحرمهن من «فرصتهن البديلة» للترقي الاقتصادي والطبقي بسبب «فقر الوقت» الذي كان يمكن استثماره في تنمية المهارات اللازمة لتحسين مستواهن المعيشي. وعلى الرغم من أهمية أعمال الرعاية -التي تقوم بها المرأة عادة- لإرساء أسس استقرار المجتمع وتسيير الاقتصاد، فإن توزيع الثروة عالميًا يؤشر إلى عدم المساواة بين الجنسين. فعلى الصعيد العالمي، يمتلك الرجال ثروة أكثر بنسبة 50% من النساء[8].
وكلما كانت الأسرة أكثر فقرًا زادت ساعات عمل النساء مقارنة بالرجال ويصبح التفاوت بين الجنسين في ساعات العمل أكثر وضوحًا بين الفئات ذات الدخل المنخفض. تقضي النساء في المجتمعات الريفية والبلدان منخفضة الدخل ما يصل إلى 14 ساعة في اليوم في أعمال الرعاية، وهو وقت أكثر بخمس مرات مما يقدمه الرجال في هذه المجتمعات.[8]
ذمة مالية مستقلة لكن فارغة
العمل المنزلي عمل غير منظم في قانون الأحوال الشخصية ولا في قوانين العمل، صحيح أنه من الجيد تقليص مساحات تدخل الدولة في الشؤون الخاصة، ولكن لا يمكن أيضًا أن يقوم ملايين المواطنين بعمل شبه إجباري -اجتماعيًا على الأقل- دون تنظيم أو مردود مادي. يحد الرجال خصوصًا، والمجتمع بشكل عام من فرص دخول النساء لسوق العمل فيبقين تابعات من الناحية الاقتصادية لرجال الأسرة.
في دراسة أجرتها الدكتورة سلوى العنتري -مدير عام قطاع البحوث الاقتصادية والتخطيط الاستراتيجي في البنك الأهلي المصري سابقًا- بعنوان «تقييم قيمة العمل المنزلي غير مدفوع الأجر في مصر»، تناولت أسباب انخفاض نسب السيدات المصريات العاملات بأجر، وعندما تم سؤال المشاركات في البحث عن أسباب توقفهن عن العمل بعد الزواج، كان السبب الأول هو رفض الزوج أو الخطيب، بنسبة 44.8% من المشاركات، وكانت رعاية الأطفال هي السبب الثاني لـ15.5% من المشاركات، وشكل عدم وجود عمل مناسب أو عمل أصلا سببًا للبقاء في المنزل دون عمل بأجر في نحو 17.7% من الحالات. والجدير بالذكر أن 60% من المشاركات أبدين رغبة في العودة للعمل يومًا ما. أما العاملات فيتحملن عبئًا مزدوجًا يتمثل في العمل مدفوع الأجر إضافة إلى العمل غير مدفوع الأجر مما يزيد من ساعات عملهن الحقيقية ويقلل من وقت الراحة المخصص لهن.[9]
أما النتيجة الأهم التي توصلت لها الدكتورة العنتري فكانت حساب قيمة العمل المنزلي غير المأجور من الناتج المحلي الإجمالي في مصر لعام 2012. عند استخدامها لأسلوب أجر الفرصة البديلة (أي الوقت المستغرق في العمل المنزلي غير مدفوع الأجر، الذي كان يمكن بذله في عمل يعود بأجر مادي على صاحبته وفقًا لتعليمها ومهاراتها) في حساب قيمة هذا العمل، وجدت الدكتورة العنتري أن النساء يسهمن بـ30.16% والرجال يسهمون بـ4.16% من الناتج المحلي الإجمالي إذا تم احتساب الأعمال المنزلية.[9]
وقد وضعت العنتري ثلاث قواعد اقتصادية بسيطة يخضع لها العمل المنزلي وبالتالي يمكن اعتباره «عملًا حقيقيًا». القاعدة الأولى هي أن العمل المنزلي عمل منتج، يسهم في عملية إنتاج وإعادة إنتاج قوة العمل البشري، التي تعتبر أهم سلعة رأسمالية. إضافة للعمل الذي تضيفه على السلع التي يجلبها الرجال للمنزل لتتحول لمأكل ومشرب وملبس.
القاعدة الثانية، هي أن العمل المنزلي يخضع لقانون القيمة، أي أن السلع والخدمات التي تقدمها النساء في المنزل تماثل السلع والخدمات المقدمة في السوق، وأنهن يبذلن مجهودًا لمنافسة هذه السلع، ويواجهن تحديات لتقديم أعلى كفاءة بأقل تكلفة.
القاعدة الثالثة، هي أن العمل المنزلي ينتج فائض القيمة. هذا الفائض يحصل عليه الرجال سواء كمنتمين إلى الطبقة الرأسمالية أو كأزواج، وفي الحالتين تتعرض النساء للاستغلال. فالطبقة الرأسمالية من ناحية تتمكن من دفع أجور منخفضة للعمال الرجال لأن النساء توفر خدمات مجانية كان الرجال سيطالبون بأثمانها من الرأسماليين إن لم توفرها النساء مجانًا. أما الأزواج فيحصلون على فائض القيمة من عمل النساء، بالقدر الذي يوفرونه من أموال كانوا سيدفعونها في حالة ما كانت هذه الأعمال بأجر.[9]
وفقًا للقوانين الاقتصادية البسيطة، يسهم العمل المنزلي في عملية الإنتاج وإعادة الإنتاج، يخضع العمل المنزلي لقانون القيمة، ينتج العمل المنزلي فائض القيمة، فما المردود الاقتصادي لكل هذه «القيمة» على النساء؟ وهنا تأتي ضرورة إعادة التفكير في حق المرأة في مراكمة الثروة.
إذا كان هناك ملايين النساء يمتلكن مهارات متراكمة ولكنها مفيدة في المجال الخاص فقط، وأثبتت الدراسات والإحصائيات أن ما يقمن به عمل حقيقي يسهم في الاقتصاد، ونحتاج لعشرات السنين إن لم يكن مئات السنين لتغيير ثقافة الأدوار الاجتماعية وبرمجة الفتيات والفتيان على مهارات تبادلية بين المجال العام والخاص، فحان الوقت للبحث عن صيغة مناسبة لتعويضهن ماديًا عن هذا العمل بشكل متواز مع تغيير الثقافة المتجذرة لأدوار النساء والرجال؟ كيف يمكن أن تكون لنا ذمم مالية منفصلة من دون أن نمتلك مالًا من الأساس؟
هل للذكر مثل حظ الأنثيين حقًا؟
هل تحصل كل المصريات على ميراثهن الشرعي؟ الذي يكون في كثير من الحالات الفرصة الوحيدة لتملك الأصول أو الحصول على مبالغ مالية معتبرة في حياتهن كلها. في دراسة أجرتها د. سلوى محمد المهدي الأستاذة بقسم الاجتماع كلية الآداب جامعة قنا عن حصول النساء على إرثهن الشرعي في محافظتي سوهاج وقنا، توصلت لأن 95.5% من النساء والفتيات يحرمن من الميراث، و للمفارقة فإن نسبة المرأة المعيلة في المحافظتين من أعلى النسب على مستوى الجمهورية.
صحيح أنه لا يوجد أرقام مسح رسمي على مستوى الجمهورية لحرمان النساء من الميراث، لكن يكفي أن نلقي نظرة ثانية على نسب تملك النساء للعقارات والأراضي في مصر لنستوعب الصورة. يكفينا هذا المؤشر لنتساءل عن فرص النساء في الوصول للثروة العابرة للأجيال (generational wealth) فضلًا عن تكوينها. فهذه الدائرة الطبيعية للثراء وفرص تنمية الثروات تقف عن الدوران عند الفرع الأنثوي للأسرة لتكمل صب خيراتها في الفروع الأخرى حارمة النساء من الحق الإنساني للتطلع الطبقي دون الاعتماد على المعيلين. وإن حنّ بعض الأقارب على نساء الأسرة فيعطوهن «الرضوى» وهي أموال سائلة بحسب تقديرهم هم لا بحسب قيمة الأصول المستحقة، لتكرس لفكرة حرمان النساء من التملك.[10]
ولا أعرف لماذا أتذكر هنا نصًا من كتاب فيرحينيا وولف البديع «غرفة تخص المرء وحده» تتساءل فيه لماذا لم تورث الأمهات لبناتهن سوى الفقر؟ ماذا لو كانت الأمهات قد تركن لبناتهن إرثًا أو تبرعات لكليات البنات؟ كانت حينها ستتاح الفرصة لوولف ورفيقاتها ليستكشفن ويكتبن ويسحن في الأماكن الجليلة في العالم ويتأملن على سلالم المكتبات، وكن سيصبحن كاتبات مرموقات كأقرانهن الذكور.
وعلى نفس النمط، ماذا لو كان للنساء نفس فرص الوصول للثروة كالرجال؟ ماذا لو حصلت أجيال وأجيال من الصعيديات على أموالهن المنهوبة وارتوى الفرع الأنثوي للأسر لمئات السنين بحقه المشروع؟ كيف كان سيزهر هذا الفرع فرصًا وتعليمًا وصحة وعطاء؟ كيف كان سيتغير وجه الصعيد بل وجه مصر كلها إذا توزعت ثرواته بين رجاله ونسائه بدلًا من تمركزها في يد الرجال؟
تساؤلات مشروعة
هل نبحث عن المساواة الاقتصادية؟ نعم نبحث عنها. ولكن هل يمكن أن تبدأ هذه المساواة بإعفاء الرجال من المسؤوليات المادية التقليدية تجاه أسرهم؟ لا، لا يمكن.
لا نستطيع أن نفكر في إعفاء الرجال من المسؤولية الأدبية في الإنفاق على الأسرة قبل التغير التدريجي في ثقافة المجتمع الذي قد يستغرق عشرات السنين. الأدهى هو أن النساء أسهمن وتسهمن بالفعل بنسب معتبرة في إعالة الأسر المصرية سواء بمفردها أو مع رجال الأسرة، لكن من الضروري أن تبقى هناك مسؤولية أدبية على الرجال في الإنفاق، وأن يبدؤوا في ذات الوقت تعلم مهارات تقديم الرعاية ومهارات المجال الخاص ونقل هذه المهارات للفتيان من جيل لجيل.
فلا تصح محاولة تعديل ميزان الواجبات المادية دون الأخذ في الاعتبار لتاريخ قديم من عدم تساوي الفرص، الذي قد ينتج عنه تجريد النساء من مصادر دخلهن البسيطة وفرصهن القليلة الحالية بحجة المساواة الآنية. فكيف يمكن لشاب وشابة لم يتساووا في فرص حرية الحركة وحرية المبادرة العملية وحرية التعامل بأمان مع الشارع والطبقات المختلفة، وبالتالي فرص العمل الحقيقية وفرص الغنى وتراكم الثروة، أن يطالبوا بنفس المسؤوليات المادية تجاه أسرهم؟
هناك طرح له شيء من الوجاهة في ما يتعلق بالتأمين المادي، وهو أن المرأة بالفعل مؤمنة ماديًا في المجال الخاص بحكم المسؤولية الاجتماعية على الأب أو الزوج أو الأخ، وإذا تغاضينا عن فكرة أن هذه المسؤولية غير مفعلة في كثير من الأحيان، يظل هذا غير كاف. لأن ما نريده هو أن نتزحزح عن حافة الكفاية إلى أرض الله الواسعة. نريد الطموح للترقي الطبقي والحق المشروع في الكسب والادخار وتكوين الثروات صغرت أم كبرت والاستفادة من الثروة العابرة للأجيال.
خلف الأبواب المغلقة
تظن ربات البيوت أن العمل في المجال العام فوق قدراتهن وأنهن لا يمتلكن المهارات اللازمة ولا الخبرة الإنسانية الكافية للقيام به وعادة ما ينظرن لأنفسهن بعين التقليل بسبب بقائهن في المنزل. هن ببساطة غير مدركات لكون عملهن في المجال الخاص يتطلب ذكاء ومهارة ومجهودًا بدنيًا وذهنيًا وعاطفيًا ضخمًا يعادل وأحيانًا يفوق العمل في المجال العام. ليس هذا فحسب، بل يقمن به دون تفاعل إنساني مع زملاء عمل وأقران وبإحساس مستمر بالاغتراب وأن هذا العمل غير مرئي لأحد ولن ينتهي أبدًا. أما ربة البيت العاملة فتعيش بإحساس دائم بالاستنزاف، وأنها تقدم مالًا ووقتًا ومجهودًا وصحة، فتشعر بمرارة الاستغلال حتى من أقرب الناس.
ليس من المفترض أن يشتغل الجميع في سوق العمل، فهناك من دورهم في الحياة هو حفظ الروابط الاجتماعية، وهو دور لا يقل أهمية إن لم يفق باقي الأعمال. المشكلة أن يظل هذا الدور حكرًا على النساء دون الرجال، والمشكلة الأكبر هي أن يبقى القائم بهذا الدور في حاجة مادية دائمة للإعالة وعدم قدرته/ا على النفاذ لحقه/ا الطبيعي والمشروع لتكوين الثروات الشخصية وإن كانت بسيطة.
- «المسح الديموغرافي والصحي لمصر، 2014» وزارة الصحة والسكان، 2015.
- «عدد الأسر المصرية والأفراد طبقًا لنوع حيازة المسكن: الظروف السكنية.» (CAPMAS, 2017)
- حقوق النساء في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا – مصر.
- قاعدة بيانات حقوق الأرض والجند، (FAO, 2000).
- مسح التكلفة الاقتصادية للعنف القائم على أساس النوع الاجتماعي, 2015) الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، وصندوق الأمم المتحدة للسكان والمركز القومي للمرأة، 2016.
- «أثر الثورة الصناعية الرابعة على النساء في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات: تحليل متعمق بشأن مستقبل العمل» مجموعة البنك الدولي، بصيرة – المركز المصري لبحوث الرأى العام، المجلس القومي للمرأة.2021
- Coffey, C., Espinoza Revollo, P., Harvey, R., Lawson, M., Parvez Butt, A., Piaget, K., … & Thekkudan, J. (2020). Time to Care: Unpaid and underpaid care work and the global inequality crisis. Oxfam
- Charmes, J. (2019). The Unpaid Care Work and the Labour Market. An analysis of time use data based on the latest World Compilation of Time-use Surveys. Geneva: ILO.
- سلوى العنتري،٢٠١٤. تقدير قيمة العمل المنزلي غير المدفوع للنساء في مصر، مؤسسة المرأة الجديدة.
- عبدالرحمن، سلوى محمد المهدى أحمد. (2006). ميراث المرأة في صعيد مصر بين الواقع و المأمول: دراسة سوسيو أنثروبولوجية في محافظتي سوهاج و قنا. المجلة العلمية لكلية الآداب، ع 20 ، 284 – 335.