القصة الكاملة لصراع «حبيب نور محمدوف» و«ماكجريجور»
حبيب نور محمدوف وكونور ماكجريجور، اسمان فرضا نفسيهما على كل متابعي الرياضة بشكل خاص والسوشيال ميديا بشكل عام. القتال العنيف الذي شاهده الجميع بين الطرفين والتراشق اللفظي الذي اعتبره الكثيرون قتالاً في حد ذاته لم يكونا العاملين المؤثرين في تشوق الناس لمتابعة تلك المواجهة فقط ولكن الدوافع خلف المواجهة هي السر واللغز.
فنون القتال المختلطة
بشكل مبسط تعتبر تلك الرياضة تجميعة لمعظم الألعاب القتالية، خليط من الجودو والملاكمة والمصارعة وغيرهم. لها اتحاد يُعرف بـ UFC ينظم أحداثًا رياضية ضخمة تشهد نزلات قوية وعنيفة وأكثر إثارة مما قد يكون في خيال الكثيرين داخل القفص وخارجه. رياضة بسيطة القوانين فأوزانها ريشة وخفيف ومتوسط والفوز في تلك الرياضة بـ4 طرق: إما الضربة القاضية، أو استسلام الخصم، أو إعلان الحكم عدم التكافؤ، أو تدخل الطبيب لإنهاء المباراة خوفًا على حياة أحد اللاعبين.
قبل تلك المواجهة كان محمدوف يمتلك سجلًا خاليًا من الهزائم، حيث لعب 26 مباراة لم يخسر قط، في حين أن ماكجريجور لعب 24 مباراة خسر في 3 وفاز في 21، المثير ليس براعة كليهما وانتظار الجميع لقاءً ناريًا بل هو بدء اللقاء خارج الحلبة أو القفص بشهور كثيرة وعلى أصعدة مختلفة.
قتال في قتال
https://www.youtube.com/watch?v=HissECw82s4
لم تختلف نشأة كلا اللاعبين كثيرًا من حيث الشغف بالرياضة، ولو أن حبيب كان مُغرمًا بالألعاب القتالية بشكل خاص، أما ماكجريجور لعب رياضات أخرى مثل كُرة القدم.
ولد حبيب في داغستان التابعة لروسيا، مُسلم شغوف بالألعاب القتالية من صغره حيث لعب الجودو والسامبو ويمتلك أحزمة فيهما، حتى أن والده هو مدرب داغستان لرياضة السامبو وكان يُريد لولده أن يلعب ال كي كوجي -وهي رياضة تُشبه الجودو.
انضم حبيب لاتحاد الـ UFC بعد دعوته الرسمية لهم في 2011 بعد سلسلة لا هزيمة تضمنت 16 مباراة في نطاق روسيا وأوكرانيا ليُكمل مسيرة خرافية بعد ذلك حتى الآن.
أما ماكجريجور الأيرلندي فقد ولد في كرملين في دوبلين بأيرلندا، لعب كرة القدم والملاكمة حتى قابل توم إيجان أحد مقاتلي الـ UFC ليُقنعه بالانضمام له وبالفعل احترف فنون القتال المختلطة حتى انضم لــ UFC في عام 2013.
المُباراة: قتال أم عنصرية أم شيء آخر؟
ترجع بداية العداء إلى تلك الفترة التي كان يحلم حينها محمدوف بالتتويج الرسمي لأحد أكبر بطولات الـ UFC، فوقّع على مواجهة إيدى ألفاريز على لقب الوزن الخفيف ولكن الاتحاد قرر بشكل مفاجئ اختيار ماكجريجور بدلًا من محمدوف، ليعلن الأخير استياءه على السوشيال ميديا لدرجة وصلت به إلى سب ألفاريز.
تجدد العداء مرة أُخرى حين تشاجر خبيب ولوبوف- أحد أصدقاء ماكجريجور- لفظيًا. بعدها بيومين فقط وفي الخامس من إبريل الماضي هاجم ماكجريجور الباص الخاص بحبيب وآخرين، وقذف بداخله أشياء معدنية أصابت شخصين نُقلا إلى المستشفى وتم إلقاء القبض على ماكجريجور لكنه خرج بـ 50 ألف دولار كفالة، ومن هنا بدأ الأمر في أخذ منحى آخر.
كثيرون قد صوروا أن هذا السبب الأكبر في العداء الذي كان واضحًا في المؤتمر الصحفي قبل وبعد اللقاء، لكن بتحليل شخصية ماكجريجور يمكن الوصول بسهولة إلى أنه دائمًا ما يسعى لاستفزاز الخصوم بشتى الطرق دون داعٍ. وليس هناك دليل أكثر من تحديه لبطل الملاكمة الأسطوري فلويد مايويثر للقاء ملاكمة واصفًا طاقمه بالقرود لأنهم جميعًا من أصول أفريقية.
جاء الدور على حبيب ولكن للأسف أصوله ليست أفريقية، فقام ماكجريجور باستفزازه وتقديم الخمر له في المؤتمر الصحفي الذي سبق المباراة وتحديدًا في 20 سبتمبر الماضي. رفض حبيب الخمر لأنه مسلم فقام ماكجريجور باستفزازه مرة أُخرى ووصف أحد مُساعديه بالفأر الداغستاني والسخرية من أبيه ليقوم حبيب بالتعدي على الطاقم المساعد لماكجريجور بعد المؤتمر.
قبل المباراة كل منهما توعد الآخر بكافة سبل التهديد إلا أن التوقعات كانت تصب في مصلحة حبيب، حتى أن زلاتان إبراهيموفيتش كان قد توقع فوز محمدوف؛ لأنه كان أكثر ثباتًا من ماكجريجور المنقطع منذ فترة عن اللعب والذي بدا مهرجًا في المؤتمر الصحفي، وبالفعل فاز حبيب في الجولة الرابعة في اللقاء عندما استسلم ماكجريجور، يسمى هذا الفوز بالانصياع!
الأمر برمته تعدى الحلبة وأخذ منحى دينيًا من قبل المباراة، فمدير المؤتمر الصحفي نفسه قام بالسخرية من الإسلام حين ألقى التحية «السلام عليكم» على محمدوف في المؤتمر الصحفي وهنأه بالخمر الذي قدمه له ماكجريجور، ليغضب نور محمدوف ويهاجم كليهما ويتوعد خبيب ماكجريجور بادئًا حديثه بـ: «الحمد لله الذي أعطاني كل شيء، سأحطم ولدكم هذا»، وقد فعلها!
بالطبع لم يستسلم ماكجريجور كما كان في الحلبة بل نعت أحد مُساعدي خبيب بالإرهابي، كل هذا ألقى بظلاله بمباراة بين فريقين كبيرين جدًا وعلى نطاق أوسع بكثير من مجرد شخصين يبغضان بعضهما.
بعد المُباراة : اتضح كل شيء
اتضح بعد المباراة أن ماكجريجور ليس عنصريًا بقدر ما هو يستخدم العنصرية لاستفزاز الخصوم والفوز عليهم وإن كان نجح في نصف المهمة فقط مع حبيب ولكنه انهزم في النهاية، والدليل على ذلك أنه توعد خبيب بمباراة أخرى لينتقم منه على تويتر!
اتضح أن هناك نجمًا قادمًا وبقوة في هذا المجال يدعى حبيب نور محمدوف، حبيب الذي لا يُهزم، والذي أشاد النقاد بمستواه وطريقة فوزه دائمًا. اتضح أن خبيب ندم على تعديه على الطاقم المساعد لماكجريجور بعد اللقاء وظهر ذلك في حديثه بأنه بشر وليس ملاك وأنه كان مستفَزًا للتعدي على دينه ووطنه وأبيه. أثبت حبيب أيضًا أن المنتصر غالبًا ما يكون من قد ركز جيدًا واستعد جيدًا وليس من شتم جيدًا، رسالته كانت واضحة للإعلام.
الأمر الأكثر وضوحًا هنا في عالمنا العربي أنه ما زال هناك من يعتقدون أن خبيب فاز لأنه مسلم وليس لأنه يتدرب جيدًا ويسعى للنصر بجانب توفيق الله، رحم الله د/ مصطفى محمود حين قال إنه عندما يتعرض مؤمن وغير مؤمن للغرق سينجو من تعلم السباحة!