القصة الكاملة لرفض «حمدالله» الدائم لمنتخب المغرب
عدة أسئلة تجول بخاطرك في كل مرة كنت تقوم فيها بمطالعة قائمة المنتخب المغربي ولا تجد اسمه. لماذا لا يتم استدعاؤه؟ ماذا ينقصه لكي ينضم لمنتخب بلاده؟ بالطبع المدرب «هيرفي رينارد» مخطئ، هل لا يمتلك في منزله تلفازًا ينقل له مباريات الدوري السعودي ليشاهد ما يفعله «عبدالرزاق حمدالله» مع ناديه النصر؟ يا الله إذا كنا نمتلك مهاجمًا مثله في المنتخب الوطني لبلادي، أقسم بأننا سوف نغزو أفريقيا.
بعد ذلك بقليل تظهر أخبار عكس ذلك. غياب عبدالرزاق حمدالله عن قائمة بلاده ليس لسبب فني بل هو من يرفض ذلك، لتأتي أسئلة أخرى تسيطر عليك مرة أخرى، هل هو مجنون لكي يرفض فرصة تمثيل منتخب بلاده؟ ما السبب وراء ذلك؟
حاول الكثير دائماً تفسير أسباب إصرار عبد الرزاق حمدالله على عدم تلبية دعوة – هيرفي رينارد – بتمثيل المنتخب المغربي ووفقاً لبعض التقارير الصحفية أن حمدالله ما زال غير راضٍ على استبعاده من قائمة المنتخب الأولمبي المغربي في أولمبياد لندن، حيث كان هدافاً للمنتخب الأولمبي وكان سببًا مباشراً في تأهل المنتخب للعرس الأولمبي، كذلك استبعاده من قائمة كأس العالم روسيا 2018 لسبب غير واضح.
لا يشرفني أن أكون مع مجموعة متخاذلة
في البداية دعنا نقرّ أن ما حدث ليس جديداً على عبدالرزاق. فأثناء تواجده مع نادي أليسوندز النرويجي عام 2015 وفي إحدى مباريات الفريق بالدوري النرويجي طلب حمدالله تسديد ركلة حرة لفريقه لكن صديقه في الفريق المسئول عن تسديد الركلات الحرة رفض ذلك مما أدى لمغادرته ملعب المباراة غاضباً!
أما في مارس/آذار من العام الماضي نشرت قناة الكأس القطرية لقطة مغادرة عبد الرزاق حمدالله لملعب مباراة الريان والغرافة بالدوري القطري قبل نهاية اللقاء بـعشر دقائق اعتراضاً على قيام المدرب بتغييره. لم يغادر عبدالرزاق أرضية الملعب ليذهب لغرفة الملابس بل غادر الملعب بأكمله.
ذكر مقدم البرنامج الرياضي بقناة الكأس القطرية أن حمدالله أثناء خروجه من المباراة ردد: «لا يشرفني أن أكون مع مجموعة متخاذلة» في إشارة لنتيجة المباراة وخسارة الريان بسداسية من الغرافة.
نفى الريان توقيع عقوبة وقتها على اللاعب، ومع نهاية الموسم تم فسخ التعاقد معه بالتراضي. تم تفسير ذلك لمعاناة اللاعب بإصابة مزمنة وهو الذي نفاه عبدالرزاق حمدالله مطلع هذا العام في تصريح إذاعي.
يخبرك المشهد السابق بالكثير عن طبيعة شخصية حمدالله. هو لاعب يحتاج إلى معاملة من نوع خاص، لا يرضى باللعب مع أي فريق ينضم له، فلا بد أن يقنعه زملاؤه بالفريق أولًا قبل أن يقنعوا المدير الفني. تكوين غريب كان من الواضح أنه سيجلب له المشكلات مستقبلًا وهو ما حدث بالفعل.
منذ شهور قليلة تم استدعاء عبدالرزاق حمدالله لمعسكر المنتخب المغربي الذي سيلاقي مالاوي في نهاية تصفيات أمم أفريقيا بمصر، وسيلاقي المنتخب الأرجنتيني ودياً. رفض عبدالرزاق الانضمام للمنتخب ونشرت بعض التقارير الصحفية المغربية بأنه تم إخباره بأنه سيشارك في مباراة مالاوي بصحبة لاعبي المنتخب من الصف الثاني بينما لن يشارك مع الأساسيين في ودية الأرجنتين.
أين حمدالله من طريقة هيرفي رينارد؟
تفاجأ الجميع صباح يوم الخميس 13 يونيو/حزيران بأخبار مغادرة عبد الرزاق حمدالله لمعسكر المنتخب المغربي، في البداية ذكر الاتحاد المغربي أن السبب هو إصابة في الظهر، لكن سريعًا ما نفى عبد الرزاق ذلك بفيديو نشره وهو يتدرب مما يؤكد عدم إصابته.
قد تكون واقعة رفض فيصل فجر مدافع المنتخب المغربي ترك عبد الرزاق يسدد ركلة الجزاء التي منحت لأسود الأطلس في المباراة الودية ضد منتخب جامبيا يوم الأربعاء الماضي لستعداداً للكان هي السبب الحقيقي، أو أن هناك أسبابًا أخرى جاءت تلك الواقعة بعدها كـالفتيل الذي أشعل موجة الغضب.
وقد يكون أيضًا هناك خلاف بين اللاعب و المدرب الفرنسي نظرًا لأن أسلوب رينارد لا يناسب عبد الرزاق بشكل جيد وليس الطريقة التي يحب أن يلعب بها.
يعتمد المدرب الفرنسي في أسلوبه على تواجد مهاجم يستطيع التعامل مع الكرات العالية المرسلة من خط الدفاع وأن يصبح محطة للأطراف وللقادمين من الخلف، هذا ما يفسر لجوء المدرب دائماً لـخالد بوطيب مهاجم الزمالك رغم الجودة التي يفتقدها في إنهاء الهجمات.
بوطيب لديه هذه الميزة نظراً للطول الذي يتميز به وقدرته على اللعب بقدميه يساعد ذلك في الربط مع اطراف المنتخب. على النقيض فـعبد الرزاق يجيد بعض الرأسيات، لكن ليست عند اللعب من الخلف للأمام هو يعرفها جيداً عندما يريد تسجيل هدف من عرضية لكن عندما يطلب منه أدوارًا أخرى إضافية تواجهه بعد المشكلات.
السؤال الآن: هل يفتقد المنتخب المغربي لبعض العناصر التي تستطيع أن تنفذ ما يطلب إضافياً من المهاجم؟ الإجابة لا. يعتمد هيرفي رينارد على طريقة 4-2-3-1، ولدى المنتخب المغربي أطراف ولاعبي وسط تستطيع أن تغني عن اللجوء لمهاجم بمقدوره الوقوف على الكرة والربط بين لاعبي الهجوم.
يستطيع حكيم زياش أن يقود المنتخب من العمق أو الطرف، ويمتلك سفيان بوفال قدرات على صناعة الفرص من الطرف الأيسر، كما يتميز يونس بلهنده كصانع ألعاب، ولديه نور الدين أمرابط على الطرف الأيمن بقدرات عالية على الاختراق وصناعة اللعب مقابل تواجد حكيم زياش في مركز صانع الألعاب. كل هذه الخيارات ستمكن المنتخب من تنويع أسلوبه ما بين اللعب للأطراف أو لعمق الملعب، وبالتالي ما يطلب من المهاجم سيكون أقل أو ستكون مهمته الأولى والأخيرة فقط هى تحويل الفرص لأهداف، وهذا تحديدًا ما يميز عبدالرزاق حمدالله.
لكن طيلة فترة هيرفي رينارد حتى الآن مع المنتخب المغربي لم يجرب تغيير طريقته الهجومية حتى تخدم اللاعب هو لجأ لمهاجم يستطيع أن يخدم أسلوبه حتى وإن كان على حساب الغزارة التهديفيهة للمنتخب. وهنا قد يكون ذلك سببًا قويًا من أسباب عدم شعور عبدالرزاق حمدالله بالراحة عند تواجده في معسكر المنتخب المغربي لأنه لن يكون الرقم 1 في اختيارات المدرب.
النفوس غير صافية في معسكر المغرب
لن تستطيع مجموعة من البشر أن تحقق نجاحاً في عمل جماعي دون وجود ترابط غير مصطنع بين الجميع حتى وإن كانت الإمكانيات تفوق الخيال. في أفريقيا، يرشح الجميع المغرب للفوز بكأس الأمم الأفريقية في مصر، فهو منتخب لديه ما يحلم به أي منتخب يريد الفوز بالألقاب.
هناك مدرب يعرف أدغال أفريقيا جيدًا، حصد اللقب مرتين من قبل. كذلك قائمة من اللاعبين لديها الكثير من الجودة والخبرات التي تجعل قائمة المنتخب المغربي هى الأكثر تكاملاً في جميع الخطوط بين جميع منتخبات الكان، لكن بجانب كل هذا يفتقد المنتخب الشيء الأهم هو الروح والترابط بين المجموعة.
نشر فيصل فجر صاحب واقعة ركلة الجزاء مع حمدالله، فيديو يوم الجمعه 14 يونيو وهو يردد أغنية «bye bye» فيه إشارة لرحيل عبدالرزاق حمدالله، بينما قام أيوب الكعبي مهاجم المنتخب بنشر صورة من تدريبات المنتخب يظهر بها عبدالرزاق حمدالله و علق عليها قائلاً: «السعادة». أمور صبيانية تظهر غياب السيطرة على المعسكر المغربي قبل بداية العرس الأفريقي بأيام قليلة.
الدب الذي قتل صاحبه
هل تذكر تلك القصة التي كانت تُحكى لنا ونحن صغار عن دب حاول أن يطرد الذباب عن صاحبه أثناء نومه لكنه قتله؟ نحن أمام قصة شبيهة الآن. كان الجميع يعرف أن حمدالله دائم الرفض لمعسكر المنتخب. بالطبع لن ينضم، لكن المهاجم المغربي وافق هذه المرة على دعوة هيرفي رينارد له بالتواجد في قائمة كأس الأمم الأفريقية. حسناً الأزمة تم حلها. هداف الدوري السعودي بـ34 هدفاً يعرف بالطبع كيف ينهي الفرص جيدًا، بيده الحل وبكل تأكيد سيكون الاعتماد عليه.
صحيح وأن الرؤية لم تكن واضحة من سيكون المهاجم الأساسي هو أم خالد بوطيب أم الرائع يوسف النصيري، لكن الآمال كلها تعقد على عبدالرزاق حمدالله لجعل أسود الأطلس تصل لأبعد نقطة ممكنه لا بل للقب الأفريقي الغائب من أكثر من 40 عاماً.
لكن سريعاً ما عادت الأمور لما كانت عليه. غادر عبدالرزاق حمدالله معسكر المنتخب وكشفت أزمته عدة أمور غير سليمة ترتبت على رحيله في المنتخب المغربي؛ لذلك فـما حدث يشبه الدب الذي قتل صاحبه حتى قبل بداية الكان بل ما يحيط بمعسكر المنتخب ينذر بشيء غير جيد.
قد يكون ما حدث يكون ليس له أثر سلبي في نتائج المنتخب المغربي في الكان، والذي يقع في مجموعة قوية بجانب ساحل العاج، جنوب إفريقيا، ناميبيا. وعلى الرغم من أن منطق الكرة يقول غير ذلك لكن ننتظر ونرى ونترك لكم الحكم: هل عبدالرزاق حمدالله جاني أم مجني عليه؟