مصر اتعرت: من ست البنات إلى سيدة المنيا
بعد ٤٨ ساعة فقط من زيارة شيخ الأزهر أحمد الطيِّب إلى الفاتيكان، ولقائه مع بابا الفاتيكان فرانسيس للتقارب بين الإسلام والمسيحية وخاصةً المذهب الكاثوليكي، الزيارة التي رأى فيها الأزهر الدَّعم الكبير لجهود نشر السَّلام والتَّعايش المشترك. انكشفت شائعة عن علاقة عاطفية بين شاب مسيحي وفتاة مسلمة، بمركز أبوقرقاص بالمنيا، الأمر الذي كرَّس لعودة الانقسام والطَّائفية بصعيد مصر بل وحدوث كارثة على حدٍ وصف الجمهور؛ إذ تناولت مواقع التواصل الإجتماعي خبر يفيد بتعرض سيدة مسيحية مسنة لاعتداء جسدي بعد قيام البعض بتعريتها أمام العامة. الأمر الذي يثير التساؤل من أين أتت مظاهر الاعتداء على المرأة المصرية في الشارع المصري؟
وفقًا لبيان أصدرته مُطرانيَّة المنيا، أنَّه في قرية الكرم والتي تبعد مسافة أربعة كيلومترات من مدينة الفكريَّة، مركز أبوقرقاص، انكشفت شائعة تفيد بوجود علاقة عاطفية بين شاب مسيحي وفتاة مسلمة، وعلى إثر ذلك تعرض الشاب المسيحي ويدعى أشرف عبده عطية للتهديد مما دفعه لترك القرية، بينما قام والد ووالدة المذكور يوم الخميس 19 مايو بعمل محضر بمركز شرطة أبوقرقاص، يبلغان فيه بتلقيهما تهديدات، وبأنه من المتوقع أن تنفَّذ تلك التهديدات في اليوم التَّالي.
وأفاد البيان الصَّادر بخروج مجموعة من الأفراد في الثامنة من مساء اليوم التالي الجمعة 20 مايو يحملون أسلحة متنوعة، كما أكَّد البيان على قيامهم بالاعتداء على سبعة من منازل الأقباط، حيث قاموا بسلبها وتحطيم محتوياتها وإضرام النار في بعضها، بالإضافة إلى تجريد سيدة مسيحية مسنة من ثيابها هاتفين ومشهِّرين بها أمام الحشد الكبير بالشارع.
مصر اتعرت
انتقد مستخدمو موقع التواصل الاجتماعى «تويتر» تعرية سيدة المنيا، ودشَّنوا هاشتاج «#مصر_اتعرت»، والذي تصدَّر الأكثر تدوالًا عبر مواقع التواصل الاجتماعي فى مصر، ولكن هل هذه المرة الأولى في تعرية مرأة مصريَّة في الشارع؟
الزمان 21 ديسمبر 2011م، المكان بالقرب من مجلس الوزراء: أظهرت كاميرا وكالة رويترز فتاة مصريَّة يتم سحلها من قبل جنود مصريين بعد تعريتها من الجزء العلوي من ملابسها في شارع مجلس الشعب الأمر الذي أثار ردود فعل غاضبة محليًا ودوليًا، ونشرت صحيفة الــ «نيويورك تايمز» صورة الفتاة على صدر صفحتها الأولى، ووصفتها بعض الصحف الغربية بأنها أشجع امرأة في الشَّرق الأوسط، وانتقدته بشدة وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كيلنتون ووصفته بالعار.
الزمان يناير 2014م، المكان جامعة الأزهر فرع البنات: إذ قامت قوات الدَّاخلية المصريَّة باقتحام الحرم الجامعي لإنهاء وقفة معارضة للسِّيسي باستخدام قنابل الغاز المسيِّل للدموع ورصاصات الخرطوش والتي على أثرها وقعت إصابات في صفوف البنات كان أغلبها إغماءات، وانتهى المشهد باعتقال الفتيات بطريقة وصفها البعض بغير اللائقة.
انتهاءً بمقتل شيماء الصبَّاغ، أمين العمل الجماهيري لحزب التحالف الاشتراكي، بمحافظة الإسكندرية؛ خلال فض المظاهرة التي نظمها الحزب في ميدان طلعت حرب.
من المسئول عن المشهد الطائفي بعد الثورة؟
من الجدير بالذكر أن غالبية الحوادث الطائفية في مصر، ترجع في أغلبها لأخطاء فردية لبعض الأشخاص أو نتيجة محاولة بناء كنائس أو تجديدها، لكن تزايدها في الفترة الأخيرة جاء نتيجة بعض الاحتقانات نتيجة الأوضاع السياسيِّة، بالإضافة إلى عدم تفعيل قانون لمواجهة هذه الأفعال والاكتفاء بالجلسات العُرفِية، بل وقد شاركت الدولة في بعضها.
الزمان مارس 2011م، المكان أطفيح: وقعت حادثة هدم لكنيسة في قرية صول مركز أطفيح بمحافظة القاهرة. الحادثة جاءت في أعقاب علاقة بين رجل مسيحي وامرأة مسلمة، لتصبح أول حادثة اشتباكات طائفيَّة في مصر بعد ثورة يناير 2011م.
الزمان أبريل 2011م المكان إمبابة: وقعت اشتباكات طائفية في منطقة إمبابة التابعة لمحافظة القاهرة أودت بحياة 13 شخصًا، بالإضافة لإصابة 240 آخرين.
الزمان أكتوبر 2011م، المكان أمام مبنى ماسبيرو: أحداث ماسبيرو الشهيرة التي تم فيها الاعتداء على تظاهرة لأقباط في منطقة ماسبيرو من قبل قوات الأمن والجيش. الاشتباكات أدت إلى مقتل 26 قتيلًا وإصابة حوالي 343 آخرين. وقد كانت مظاهرة الأقباط للاحتجاج على هدم بناية يصر المسيحيون على أنها كنيسة في أسوان، بينما تقول السلطات المصرية إنها دار للضيافة.
الزمان أبريل 2015م، المكان المنيا: شهدت قرية الجلاء بمركز سمالوط التابعة لمحافظة المنيا في صعيد مصر اشتباكات بين مسلمين ومسيحيين أسفرت عن سقوط 9 جرحى على الأقل. الاشتباكات جاءت نتيجة قيام عدد من الصِّبية برشق سيارة تقِل عددًا من الطالبات المسيحيات.
من يُشعِل الحرائق الطَّائفيَّة؟
أجاب عن هذا السؤال السيد «نادر موسافيديتش Nader Mousavizadeh»، وهو مسئول سابق رفيع المستوى في الأمم المتحدة وضمن مؤسسي شركة «Macro National Partners»، وهي شركة استشارات جيوسياسية. قائلًا: «ما تراه أمامك من حرائق طائفية هي حرائق متعمدة يُشعلها قادة سياسيون ليُنفذوا أهدافهم السياسية والأمنية والاقتصادية الضَّيقة والقصيرة المدى، في الغرب هنالك شعور بالإرهاق ممزوج بالإيمان المطلق بأنه لا جدوى من مناقشة مسار آخر مضاد لحتمية الصراع الطائفي. تاريخيًا هذا رأي خاطيء ويحرر قادة المنطقة السياسيين من مسئولياتهم في أن يتحكموا بالسلطة المتاحة أمامهم بطريقة مسئولة و شرعية».
ثم أكمل كلامه قائلًا: «المشير (عبد الفتاح السيسي) شنَّ حملة قمعية عنيفة دموية ضد جماعة الإخوان المسلمين، وقتل، وجرح و اعتقال المئات منهم، وبعدها قام بترشيح نفسه للرئاسة بصفته حامي الأمن القومي المصري من إرهاب جماعة الإخوان المسلمين، الأمر الذي ينذر بوجود شحناء بين المسلمين والمسيحيين خاصةً أن المسيحيين كانوا من أهم الداعميين للمشير السيسي».
ثم أتبع كلامه ليضع الحل لهذا المشهد الطائفي قائلًا: «هذه المجتمعات يجب أن تتحول من مجتمعات تُحكَم بالحديد و النار إلى مجتمعات تُحكَم عن طريق مؤسسات حديديَّة شرعيَّة، مؤسَّسات لا تستبعد أحداً ومعرَّضة لحساب الشعب إن أخطأت، ومؤسَّسات من القوة بحيث تستطيع أن تحافظ علي كيان المجتمع متماسك»