4 مظاهر لعداوة «ساديو ماني» لـ «محمد صلاح»: الثالثة ستدهشك
هذه المرة أنت تعرف القصة برمتها عزيزي القارئ؛ ولعلك سمعت تفاصيلها من صديق عملك، أو من أحد أفراد أسرتك، أو فوجئت أنها تحولت تارة لنقاش حاد على المقاهي الشعبية، وتارة أخرى لمادة جدلية على مواقع التواصل الاجتماعي؛ المهم أن ثمة من يتهم بوضوح اللاعب «ساديو ماني» بمعاداة لاعبنا «محمد صلاح»، وبالتالي يشرع في تفسير كثير من تصرفات السنغالي داخل الملعب على أنها محاولات دءوبة لعرقلة مسيرة المصري المشتعلة هذا الموسم.
والحق أن اللاعب الذي يتصدر قائمة هدافي البريمرليج، ويكسر أو يعادل أرقام أساطير ليفربول في طريقه لهدفه رقم 29، ويحصل أيضًا على جائزة لاعب الشهر بالدوري لثالث مرة بالموسم، ثم يقود فريقه لنصف نهائي التشامبيونزليج، مستبعد أن يكون تعرض لمؤامرة من زميله تستهدف توقيفه، بل إن النقيض من ذلك هو الأقرب للتصديق!
فلا يُعقل أن ينال النجم الأول لأي فريق إلا كل دعم ومساندة من رفاقه، خصوصًا في حالة صلاح، الذي حصد كل هذا القدر من الجوائز الفردية نتيجة لأرقامه المدهشة هذا الموسم. وقد برز عدد من المظاهر، التي تخص الثنائي، ولا تشير أبدًا لوجود عداوة تولدت في نفس السنغالي نحو المصري، سواء داخل الملعب تحت أنظار الجماهير، أو خارجه بمواجهة كاميرات الصحفيين.
في هذا المقال نستعرض أربعة من المظاهر التي جمعت محمد صلاح وساديو ماني خلال الموسم، ونجيب عن سؤال: هل ما يجمع الثنائي هو العداوة والغيرة حقًا كما قرأت لتوّك بالعنوان عزيزي القارئ؟ أم هو التعاون والانسجام الذي ساهم في أن يكون ليفربول بتلك القوة الهجومية المرعبة؟
1. ليفربول الجديد
دائمًا ما تحدث «يورجن كلوب» عن ضرورة التغيير داخل ليفربول، فالألماني يعرف تمامًا حجم التركة الثقيلة التي أوكِلت إليه بعد سنوات طويلة من تراجع الفريق الأحمر محليًا وأوروبيًا، وبالتالي فإن أولوية كلوب تمثلت في إعادة صياغة شخصية ليفربول داخل وخارج الملعب.
من بين تلك الأمور التي اعتنى بها المدرب صاحب الخمسين عامًا هو جماعية الفريق. وقد بدا الريدز تحت قيادة هذا الأخير فريقًا يلعب ككتلة واحدة. فيتحرك لاعبوه بسلاسة بين الخطوط، يتقاسمون كل المهام بداية من الضغط والدفاع والرقابة، وحتى التسجيل وصناعة الأهداف، صحيح أن كل مهمة يقوم بها لاعب أكثر من الآخر لطبيعة مركزه وظروف إمكانياته، لكن المقصود أنه لا وجود لاستثناءات في ليفربول كلوب، لا يوجد لاعب يتم إعفاؤه من أدوار معينة فقط لأنه يظن أنها لا تلائمه، ولا آخر يرفض الانصياع لتعليمات كلوب، وبالتأكيد لا يوجد نجم يتم الدفع به على حساب مصلحة الفريق.
وإذا شعر الألماني أن أحد لاعبيه لا يخدم أسلوب لعبه، أو لا يبدي الاحترام الكافي لسطوته على الفريق، أو يتصرف بشكل فردي دون المصلحة الجماعية، فإنه لن يتوانى عن ركله خارج ليفربول، وقد فعل ذلك من قبل مع قائمة تبدأ من «سكيرتل، بالوتيلي، جو ألين»، وتنتهي عند «كرستيان بنتيكي، ودانيال ستوريدج»، وتذكر دومًا أن كلوب قد ضحى بمجهودات «مامادو ساخو»، وقبِل أن يلعب بالثنائي «ماتيب، لوفرين» في أسوأ مستوياتهما على الإطلاق، وهذا كله لأن ساخو تحايل على فطنة الألماني!
إذن هي منظومة تسير عليها كتيبة كلوب. واللاعبان الأفريقيان: صلاح وماني جزء من هذه المنظومة. كل منهما يقوم بعدد من الأدوار لأجل خدمة الفريق وفقًا لنظرة وخيارات كلوب، ثم يأتي في المرتبة الثانية الأهداف والطموحات الشخصية لكل لاعب.
فمثلًا، كان ساديو ماني هو نجم ليفربول الأول نهاية الموسم الماضي ومطلع ذلك الحالي، فالسنغالي قام بعمل رائع أمام المرمي، وحسم لفريقه كثيرًا من نقاط الدوري، لكن ذلك تبدل تمامًا بعد مرور الجولات الأولي من الدوري، فقد أدخل كلوب تعديلًا تكتيكيًا يقوم على منح صلاح أدوارًا أكثر أمام المرمى على حساب السنغالي تحديدًا.
نجحت تعديلات كلوب، وصار صلاح هدافًا للدوري، ثم تحوّل بطبيعة الحال ليكون هو نجم الفريق بلا منازع، وهو ما قِبله ساديو ماني ولم يبدِ أي اعتراض، أو يخالف تلك التعليمات، بل على العكس تراه أول من يحتفل عند تسجيل الأهداف، خصوصًا تلك التي يحرزها أبو مكة!
ليفربول الجديد لا يمتلك نجمًا أوحد. في السابق كان كوتينهو هو اللاعب الأهم، ثم أصبح ماني، والآن بالتأكيد صلاح، كل تلك الأسماء شهدت تطورًا هائلًا تحت القيادة الفنية لكلوب، وكُل منهم يتم توظيفه وفقًا لمصلحة الفريق.
مو صلاح ومدربه يورجن كلوب
2. في الميدان
لاعبو كرة القدم مثلنا بشر، ليسوا ملائكة يتصرفون بشكل مثالي طوال الوقت. جميعهم يخطئ. وجميعهم يحب أن يمتلك حظوظًا أوفر من زملائه. هذه مقدمة مملة، لكن التذكير بها مهم، حيث يتم تغافلها كثيرًا.
في ديسمبر/كانون الأول الماضي، كان ليفربول متقدمًا على خصمه اللدود إيفرتون بنتيجة واحد صفر، عندما تمكن لاعبو ليفربول من قيادة هجمة مرتدة كادت تقتل اللقاء. وصلت الكرة لماني الذي توغّل لعمق منطقة الجزاء، كان أمامه لاعب واحد من الخصم قبل المرمى، وإلى جواره ثلاثة من زملائه من بينهم بالتأكيد كان صلاح، لم يختر السنغالي التمرير لأي من رفاقه، وقام بتسديد الكرة التي أخطأت طريقها للمرمى!
بالتأكيد لام صلاح السنغالي، واستشاط كلوب غضبًا على خط الملعب، وتذمرت جموع جماهير ليفربول الحاضرة، خصوصًا أن إيفرتون نجح في قلب الطاولة وحقق التعادل.صحيفة الميرور كشفت أن نقاشًا حادًا دار بين صلاح وماني بممر الأنفيلد عقب نهاية المباراة، انتهى ذلك النقاش باعتذار الأخير من دون شك.
عند تلك اللحظة، ومع اقتراب حفل جائزة أفضل لاعب أفريقي بالموسم، تسرّب إلى البعض شعور أن ماني يستهدف تعطيل صلاح لمصلحته، وهنا ينبغي علينا مراجعة بعض الأرقام التي تخص أداء الثنائي في الملعب، ورسم صورة أوضح عن حقيقة الأمر.
أولًا: ساديو ماني صنع 7 أهداف لفريقه هذا الموسم بالدوري، حاول تخمين كم منها كان من نصيب صلاح… ليس هدفًا، أو اثنين، ولا حتى ثلاثة، بل 6 أهداف كاملة سجلها صلاح بعد أن مرر له ماني، أحد تلك الأهداف بالمناسبة كان نسخة من فرصة إيفرتون، وقد سجله المصري في شباك ويست هام، وهنا يُطرح السؤال: إذا كان ساديو فعلًا يود عرقلة صلاح فلماذا صنع له أهدافًا قبل وبعد تلك الفرصة؟
ثانيًا: الحصيلة التهديفية لـماني قُبيِل مباراة إيفرتون كانت تساوي 4 أهداف فقط، في مقابل 19 هدفًا لـصلاح، بمعنى أن ذلك الأخير سجّل ما يزيد على أربعة أضعاف ما سجله الأول حينها، فحتى لو كانت فرصة مباراة إيفرتون انتهت بهدف لكان تفوق صلاح الرقمي لايزال هائلًا بلا شك!
ثالثًا وهو الأهم: التعديل التكتيكي الذي قام عليه كلوب، والمذكور في الفقرة السابقة، ارتكز على مضاعفة العبء الهجومي لصلاح، فقد طلب منه المدرب الألماني التوغل والتمركز بعمق منطقة جزاء الخصوم بهدف التسديد ومتابعة العرضيات، في المقابل طلب الألماني من ساديو الهبوط من وسط الملعب في أوقات كثيرة لاستغلال قدراته في الضغط على الخصوم، والتمرير السريع لأي من المتقدمين: صلاح وفيرمينو. هذا التعديل التزم به ماني، تمامًا كما التزم صلاح، على الرغم من أنه يحرم السنغالي من اللمسة الأخيرة وتسجيل الأهداف!
يقودنا كل ذلك لفهم أن فرصة إيفرتون لم تكن سوى خطأ فردي، يرتكبه أي لاعب حول العالم، وهو ليس سمة أساسية في خط ليفربول الهجومي.
3. اسأل ساديو ماني
يقول من يتهم ساديو ماني بالأنانية إنه لا يرى صلاح أحق منه فيما وصل إليه، والحقيقة أنه اتهام آخر مبنى على غير حقائق. إذ إن اللاعب السنغالي لم يسبق أبدًا أن صرّح أو لمّح لأمر كهذا، ناهيك بالطبع عن أنه لم يرفض بتاتًا أن تنحسر أدواره على المرمى لمصلحة تلك الخاصة برفيقه المصري، بل على العكس، فإن كل ما نُشِر على لسان السنغالي يصب بشكل مباشر في مصلحة محمد صلاح.
في منتصف فبراير/شباط الماضي، سُئل الجناح السنغالي بشكل مباشر: من منكما الأسرع؟ أنت أم صلاح؟ وعلى الرغم من أن السؤال كان محرجًا، إذ يتعرض لميزة مشتركة بين الثنائي، فإن إجابة السنغالي جاءت سريعة:
أعتقد أن صلاح هو الأسرع! أعاد المحرر السؤال بصيغة مختلفة على ساديو: هل يسبب لك ذلك أي إحراج؟ ليجيب الأخير: أبدًا، أنا سعيد للغاية لكوني جزءًا من هذا الخط الهجومي، وينبغي علينا بذل مجهود أكبر لمساعدة صلاح في تسجيل المزيد من الأهداف.
هذه بالتأكيد ليست المرة الأولى ولا الأخيرة التي يثني فيها ماني على أداء رفيقه، للجناح السنغالي تصريح آخر ذو دلالة كبيرة، كان ذلك قبل مباراة السيتي بجولة ذهاب دور الـ8 بدوري الأبطال، عندما سُئل عن استعداداته وزملائه للمباراة الصعبة، فأجاب: سنبذل قصارى جهدنا، وسنستغل حالة صلاح في حسم تلك المواجهات الكبيرة!
واقعة أخرى جديرة بالإشارة شهدها حفل توزيع جوائز أفضل لاعب أفريقي بالموسم، والتي تنافس عليها كل من ثنائي ليفربول بالإضافة إلى «أوباميانج»، كان واضحًا للعيان مدى قوة العلاقة بين الثنائي، فقد سافرا إلى مقر الحفل سويًا، وحضرا عددًا من المؤتمرات الصحفية معًا، واحتفلا بشكل صادق وحقيقي عندما تم إعلان اسم صلاح.
الشاهد من كل تلك المواقف المذكورة هو التدليل على أن ماني لا يتعرض لصلاح في تصريحاته إلا بكل تقدير ومحبة، بل يختاره عندما تكون هناك مقارنات، ويؤكد أن دوره كلاعب يحتم عليه مساعدة صلاح في الظفر بلقب هدّاف البطولة، فكيف لنا أن نستنتج من كل ذلك أن ساديو لا يريد لصلاح التألق؟
4. اسأل محمد صلاح
الأيام أثبتت أن صلاح لاعب ذكي. يجيد اختيار خطوات مسيرته، ويبرع في تحركاته في الملعب، ولا تخلو تصريحاته من نباهة واتزان، لذلك فإن متابعة ماذا يقول وكيف يتصرف الجناح المصري عندما يتعرض لعلاقته مع ماني تبدو أمرًا كاشفًا ومهمًا.
بداية، ينبغي التدليل على ما نعرفه جيدًا، وهو أن صلاح يعيش أفضل أيامه على المستوى الفردي والجماعي، ولا يبدو هناك أي عامل مزعج له داخل أروقة النادي الإنجليزي الكبير، خصوصًا علاقته بالثنائي الهجومي الآخر: ماني، وفيرمينو.
منذ وقت قريب،سأل أحدهم صلاح: من هو أقرب لاعب لك في ليفربول؟ ليجيب: الثنائي ماني وفيرمينو هما الأقرب، لقد ساعداني كثيرًا داخل الملعب، وفي التأقلم على الأجواء بالمدينة.
ثم كان له أن يجيب عن سؤال آخر يخص أهدافه بالبريمرليج والتشامبيونزليج، فكان رده هو أن ماني وفيرمينو يريدان منه تسجيل كل الأهداف، دائمًا ما يسعيان للتمرير له في وضعية تؤهله للتسديد، ويمنحانه أولوية تسديد ضربات الجزاء والكرات الثابتة الخطيرة.
ببساطة لو أراد صلاح أن يشير إلى وجود مشكلة مع ماني لكان تفادي الرد على كثير من تلك الأسئلة، أو جاءت إجاباته عليها متحفظة، لكنه يختار أن يؤكد دومًا أن ماني كان عاملًا مساعدًا له، وهو سعيد بالوجود معه تحت قيادة كلوب الذي أحسن في اختيار خطه الهجومي، ثم نجح في تحقيق نقلة فنية لكل لاعب في ذلك الخط.