فورين أفيرز: لماذا ترغب الدول الأوروبية في انتصار سيريزا؟
محتوى مترجم | ||
المصدر | ||
التاريخ | ||
الكاتب |
وعلى الرغم من أن نتائج الانتخابات غير مؤكدة، فإن جميع السيناريوهات الأكثر احتمالًا تشتمل على عودة تسيبراس إلى السلطة. وبصرف النظر عن أنه قد رضخ لمطالب الدائنين ونكث بوعوده لإنهاء التقشف، لا يزال لتسيبراس شعبية هائلة في اليونان. فاليوم، الشيوعي السابق المثير للجدل هو الشخصية السياسية الوحيدة التي تبدو قادرة على جمع حكومة أغلبية، والدفع قدمًا بتدابير التقشف والإصلاحات الهيكلية التي يطالب بها الاتحاد الأوروبي.
لقد قضى الدائنون الأوروبيون لليونان العام الماضي في صراع مع تسيبراس، ولكنهم الآن، في مفارقة لذيذة لأزمة منطقة اليورو، لديهم كل المصلحة في رؤيته منتصرًا في صناديق الاقتراع.
بحل الحكومة الحالية، يحاول تسيبراس استعادة السيطرة على حزبه المنقسم، سيريزا، وربما حتى لإعادة الترويج نفسه على أنه زعيم يسار الوسط. عندما قبل تسيبراس شروط الدائنين الأوروبيين لحزمة الإنقاذ الثالثة؛ خسر الجناح الأيسر من حزب سيريزا، ومعه الأغلبية البرلمانية.
وكان هذا التمزق واضحًا في وقت مبكر لـ 14 أغسطس، عندما قام 42 من أصل 149 عضوًا لسيريزا في البرلمان برفض دعم اتفاق الإنقاذ الأوروبي، مما اضطر الحكومة إلى الاعتماد على أحزاب المعارضة لتمرير التدابير. وقد حصل الانشقاق في سيريزا رسميًا في 21 أغسطس عندما انشق 25 برلمانيًا من الجناح اليساري في سيريزا وشكلوا حزبًا جديدًا، باسم الوحدة الشعبية، تحت قيادة باناجيوتيس لافازينز، وزير الطاقة الماركسي السابق.
يظل الوحدة الشعبية، الذي يعد الآن ثالث أكبر حزب في البلاد، معاديًا جريئًا للاتحاد الأوروبي، بموقفه المناهض للإنقاذ ودعوته إلى العودة إلى الدراخما. ويدعي الحزب الجديد تمثيل غالبية اليونانيين الذين صوتوا بالرفض في الاستفتاء الأخير المضاد للإنقاذ الأوروبي لليونان، ويجادل على نحو علني بأن تسيبراس قد خانهم. وعن طريق فض حكومته، نجح تسيبراس في تطهير حزبه من هؤلاء المتمردين.
وهو يقامر بأن الناخبين لن يتبعوا لافازينز في الخروج على الحزب، وأنه لن ينشق المزيد من أعضاء سيريزا الرئيسين، وأن الانتخابات الجديدة ستعود به إلى السلطة، بدعم من حزب أكثر تماسكًا تحت سيطرته بشكل قوي.
توقيت جيد
تأتي الانتخابات المبكرة في سبتمبر في توقيت جيد بالنسبة إلى تسيبراس. وهو لا يزال حتى الآن السياسي الأكثر شعبية في اليونان؛ أظهر استطلاع للرأي في يوليو أن 61 في المئة من اليونانيين لديهم وجهة نظر إيجابية نحوه. كما يحظى تسيبراس بدعم كبير حتى بين ناخبي أحزاب المعارضة: 45 في المئة من مؤيدي حزب الديمقراطية الجديدة، و49 في المئة من مؤيدي حزب بوتامي، و65 في المئة من مؤيدي حزب باسوك يقولون إن لديهم وجهة نظر إيجابية تجاه الطريقة التي يتعامل بها مع مسؤولياته كرئيس للوزراء.
ومن المرجح أن يعكس هذا التصنيف العالي في الأفضلية مزيجًا من المناشدة الشخصية لتسيبراس وراحة الناس بأن المواجهة مع الاتحاد الأوروبي قد انتهت دون العودة إلى الدراخما.
سيستفيد تسيبراس أيضًا من حقيقة أن بعض فوائد الخطة الإنقاذية الجديدة يمكن الإحساس بها بالفعل. ذلك أن قد تراجعت حدود الانسحاب وضوابط رأس المال التي خنقت الاقتصاد اليوناني مع عمل أول دفعة نقدية لحزمة الإنقاذ على إعادة رسملة البنوك اليونانية.
معظم تكاليف حزمة الإنقاذ الجديدة، في الوقت نفسه، لن يُحَس بها إلا بعد انتخابات 20 سبتمبر.
وباستثناء الزيادة الحادة في معدلات ضريبة القيمة المضافة في الشهر الماضي، فإن معظم التغيرات السياسية المؤلمة – إصلاح نظام التقاعد وفتح الأسواق المغلقة وزيادة الضرائب على المزارعين وإصلاح قوانين العمل بما يجعل من السهل تسريح العمال والحد من قدرة النقابات على الإضراب – قد تركت للحكومة الجديدة كي تقننها وتنفذها.
وأخيرًا، أغسطس هو الشهر الذي يقوم فيه اليونانيون، بما في ذلك الطبقة السياسية، بترك السياسة خلفهم من أجل الشاطيء.
وقد وجدت الاستقالة المفاجئة لتسيبراس نصف البرلمان وكثير من الناخبين في البلاد في عطلة الصيف. وهذا يعني أنه يجب على حزب الوحدة الشعبية الجديد، وأحزاب المعارضة التقليدية، إطلاق حملاتهم الانتخابية مع قطاعات واسعة من السكان الموجودين بعيدًا عن السياسة.
مقامرة تسيبراس
يفضل المناخ السياسي في اليونان الآن سيريزا بكل وضوح، ولكن من غير المرجح أن يحصل الحزب على فوز انتخابي صريح.
مقامرة تسيبراس الرئيسة هي أن الانتخابات ستجلب أغلبية واضحة لسيريزا. يتعين على زعماء الاتحاد الأوروبي الترحيب بهذه النتيجة لأنه ستجلب الاستقرار السياسي في اليونان، وتربط تسيبراس بالوسط السياسي، وتزيد من احتمالية تنفيذ الإصلاحات. وإذا كان سيريزا قادرًا على الحفاظ على بعض النقابات بجانبه، فإنه يمكن أن تسن الإصلاحات مع وجود اضطراب اجتماعي أقل مما يصاحب تقليديًا مثل هذه الجهود.
يانيس فاروفاكيس، وزير المالية السابق، كان معروفًا بنزعته الصارخة، وتصادميته، لكن فريق تسيبراس ما بعد فاروفاكيس لديه علاقة عمل ممتازة مع المؤسسات الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي والمفوضية الأوروبية وآلية الاستقرار الأوروبية وصندوق النقد الدولي. وهو ما يزيد من احتمالات قيام اليونان باستخلاص نوع من تخفيف الديون في الأشهر المقبلة.
هل يمكن أن يفوز سيريزا بأغلبية مطلقة؟ منذ أن كان النظام الانتخابي اليوناني يكافيء بخمسين مقعدًا أكبر حزب، فإن سيريزا يحتاج ما يقرب من 39 في المئة من الأصوات لتأمين الأغلبية المطلقة في البرلمان. ويظهر استطلاعان متعلقان بالانتخابات الوطنية، تم إجرئهما في منتصف يوليو، بعد أيام من توقيع تسيبراس للاتفاقية الثالثة للإنقاذ، أن دعم سيريزا يتراوح بين 33.6 في المئة و42.5 في المئة، ولكن أظهر استطلاع في 23 أغسطس الحزب عند نسبة الـ 28 في المئة.
ونهاية هذا الأسبوع تضع الاستطلاعات سيريزا بين 22 و 25 في المئة – ما يمثل انخفاضًا ملحوظًا. يعول تسيبراس على شعبيته الشخصية للارتفاع بسيريزا في انتخابات سبتمبر. وفي الواقع، بين 56 و60 في المئة من اليونانيين يتوقعون فوز سيريزا في سبتمبر.
حتى إذا لم يحصل على الأغلبية المطلقة، من المحتمل جدًا أن يظل سيريزا أكبر حزب في البرلمان. وفي هذه الحالة، يظهر عدد قليل من السيناريوهات المحتملة. أحد الاحتمالات هو التحالف مع حزب اليونانيين المستقلين ليحصل على ما يكفي من الأصوات لدخول البرلمان ومن ثم استئناف موقفهم كشريك أصغر في ائتلاف سيريزا.
وعلى الرغم من خلافاتهم الأيديولوجية الواسعة، استطاع الطرفان تشكيل ائتلاف عمل. ومع وجود حزب سيريزا بدون معارضة داخلية، سيكون تسيبراس قادرًا على العودة إلى العمل على تنفيذ خطة الإنقاذ.
الإمكانية الثانية – وهي ما ترجحه استطلاعات الرأي الأخيرة – هي أن حزب اليونانيين المستقلين لن يحصل على الثلاثة في المئة اللازمة للانضمام إلى البرلمان، وبالتالي سيكون تسيبراس بحاجة إلى شركاء آخرين.
حزب الوحدة الشعبية الجديد، والحزب الشيوعي، وحزب الفجر الذهبي ليسوا شركاء ائتلاف عمليين لسيريزا بسبب الخلافات الأيديولوجية. وهذا يترك أحزاب المعارضة التقليدية – حزب الديمقراطية الجديدة، وحزب باسوك، وحزب بوتامي – بوصفهم الشركاء المحتملين الوحيدين الذين يحتمل أن تكون لديهم نسبة كبيرة بما يكفي لتشكيل أغلبية مع سيريزا. وإن التحالفات بين سيريزا وأي من هذه الأحزاب سيكون أمرًا من الصعب لكلا الجانبين ابتلاعه.
لقد صعد سيريزا إلى السلطة في يناير برفضه ما يسمَّى بالحرس القديم من السياسيين المرتبطين بهذه الأحزاب. ولكن على ما قد تكون عليه كراهية مثل هذا التحالف، فإن شركاء اليونان في الاتحاد الأوروبي يمكن أن يمارسوا ضغطًا هائلًا على أحزاب المعارضة اليونانية للانضمام إلى سيريزا في تشكيل حكومة ائتلافية واسعة.
وقد أشار تسيبراس إلى أنه لن يكون رئيس وزراء لهكذا تحالف، لكنه ترك الباب مفتوحًا أمام إمكانية أن يكون سيريزا جزءًا من مثل هذه الحكومة في ظل زعيم مختلف. إن التقييم الأول للإصلاحات اليونانية، التي ترتبط بتمويل إضافي من الاتحاد الأوروبي، سيكون في أواخر أكتوبر.
وقد يضع فشل المفاوضات الائتلافية وعدم اليقين السياسي المتجدد التمويل في خطر. وعلى الرغم من أن تحالف أحزاب الوسط وسيريزا قد يكون قادرًا على البقاء لمدة أربع سنوات كاملة، فإنه لا يزال عليه توفير ما يكفي من الاستقرار لتوجيه البلاد بعيدًا عن براثن الأزمة.
على الرغم من وجود مخاطر وشكوك كبيرة، فإن النتيجة الأكثر ترجيحًا لمقامرة تسيبراس هي أنه سيخرج من انتخابات سبتمبر بولاية جديدة. وفي الحقيقة، قد يفضل كثير من أشد منتقديه هذه النتيجة.
تعترف المعارضة المعتدلة بأنه أيًا كان من سيأتي إلى السلطة فإنه سيعاني من التكاليف السياسية الثقيلة المرتبطة بتنفيذ خطة الإنقاذ، وقد يفضل الكثيريون سرًا انتصارًا ساحقًا لتسيبراس حتى توضع هذه التكاليف بشكل مباشر على كتفيه. وكما ذكر زعماء المعارضة اليونانية المواطنين مرارًا في الأسابيع الأخيرة ، «إن الأمر هو إنقاذ تسيبراس، بعد كل شيء».