لهذه الأسباب تُعد كلمة «صهيوني» اتهامًا
محتوى مترجم | ||
المصدر | ||
التاريخ | ||
الكاتب |
كانت الصهيونية محل هجوم الكاتب الصحفي البريطاني آسا وينستانلي في مقاله بموقع ميدل إيست مونيتور، الذي أشار فيه إلى عدة أسباب تجعل ذكر كلمة صهيوني اتهامًا لصاحبها.
وفي تناوله لهذه الأسباب، قال وينستانلي إن الصهيونية «أيديولوجية استعمارية عنصرية لا تعترف بحقوق الآخرين، وتُنقِص من قدر المواطنين غير اليهود الذين يعيشون داخل إسرائيل، وتقيم المستوطنات بشكل شرعي على أراضٍ استولت عليها وصادرتها بشكل غير قانوني».
وأشار وينستانلي إلى تقرير لإحدى اللجان بمجلس العموم البريطاني نُشِر في شهر أكتوبر/تشرين الأول 2016، احتوى على هجوم غير مسبوق على حرية التعبير داخل بريطانيا. وبالرغم من ذلك، فإن وسائل الإعلام استغلته لتعزيز حملتها المستمرة ضد زعيم حزب العمل جيريمي كوربين، إلا أن الشيء الأكثر قلقًا هو أنه تم إخفاء ذلك التقرير.
استمرت القصة المفتعلة عن أزمة معاداة السامية بحزب العمال؛ لأنها كانت بمثابة أداة مفيدة تستخدم لهزيمة القيادة اليسارية للحزب. وينطبق ذلك على اليمينيين بحزب العمل واللوبي الموالي لإسرائيل وكذلك حلفائهما في المؤسسة الإعلامية.
وفي خضم ذلك، لا يزال هناك بعض الجدل حول الصهيونية وحول المعنى الدقيق لها والفارق بين معاداة الصهوينية ومعاداة السامية، وحتى الشخصيات اليسارية صاحبة النفوذ الموالية لكوربين سقطت في فخ التصريح بوجوب عدم الحديث عن الصهيونية.
على النقيض، اعتبر وينستانلي أنه من أجل تعريف مشكلة الظلم في فلسطين بشكل صحيح، ينبغي أن نشير إلى مصدر ذلك الظلم؛ ألا وهو أيديولوجية وجود الدولة الإسرائيلية: الصهيونية.
يقرّ معدو التحقيق بضرورة انتقاد الحكومة الإسرائيلية بدلاً من انتقاد الصهيونية، لكن ذلك لا يراعي المشكلات الأعمق داخل فلسطين المحتلة، ويشير أيضًا إلى أن المشكلة تمتد فقط لتصل إلى الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتشددة الحالية.
في حقيقة الأمر، كانت الحكومات الإسرائيلية المنتمية لليسار معادية لحقوق الشعب الفلسطيني شأنها شأن الحكومة الحالية إن لم تكن تمارس ذلك بشكل أكبر. الدليل على ذلك أن أحداث النكبة عام 1948، واحتلال الضفة الغربية وقطاع غزة عام 1967، والزيادة الكبيرة في إنشاء المستعمرات غير القانونية، جميعها أشياء تمت تحت قيادة الصهاينة اليساريين (حزب العمل الإسرائيلي).
وكما كتب الصحفي البريطاني بين وايت في إبريل الماضي 2016 «إن الشيء الغائب عن ذلك الجدال هو الواقع المعاصر والتاريخي لما تعنيه كلمة صهيونية للفلسطينيين، الذين هم الضحية الأساسية لجرائم الحرب والقمع الإسرائيلي».
إن الصهيونية هي الأيديولوجية المؤسسة لدولة إسرائيل، وكما أوضح جوناثان روزينهيد الناشط والأستاذ بكلية لندن للاقتصاد مؤخرًا، أن الصهيونية تعني مظالم كبيرة للشعب الفلسطيني، لذا فإن استخدام كلمة صهيوني يعد اتهامًا.
إن الصهيونية هي أيديولوجية عنيفة خطط ونفذ تابعوها (الصهاينة) تطهيرًا عرقيًا لقرابة 750 ألف فلسطيني، كحقيقة أساسية لإنشاء دولة إسرائيل بين عامي 1947 و1948.
الصهيونية أيضًا هي أيديولوجية عنصرية لا تعترف بحقوق الإنسان والحقوق القانونية الأساسية للاجئين الفلسطينيين بالعودة إلى منازلهم فقط لأنهم ليسوا يهودًا.
الصهيونية أيضًا أيديولوجية استعمارية لا تزال تقوم ببناء المستوطنات اليهودية على الأراضي الفلسطينية المُصادرة في الضفة الغربية المحتلة.
الصهيونية أيضًا هي أيديولوجية فصل عنصري لا تعترف بحق الانتخاب وحقوق الإنسان الأساسية لأكثر من 4 ملايين فلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة، وتعامل الفلسطينيين الموجودين داخل إسرائيل (والبالغ نسبتهم 20% من السكان) كمواطنين درجة ثانية أو درجة ثالثة، لا يحظون بحقوق مماثلة في السياسات والممارسات داخل القانون الإسرائيلي.
ويؤكد وينستانلي إن المحاولات الوحشية من أمثال تلك اللجنة الخاصة بمجلس العموم لتجريم أي انتقاد لإسرائيل لن تؤتي ثمارها على الإطلاق، فلا يمكن قمع الانتقادات ضد أيديولوجية سياسية غير عادلة.
فعليًا تستخدم بعض من الأحزاب اليمينية المتشددة في بعض الأوقات كلمة «صهيوني» كدلالة على «اليهود» وذلك لإخفاء معاداتها للسامية، غير أن هذا يجعل الأمر أكثر أهمية لتوضيح الفارق بشكل كبير، وهو أن اليهودية هي ديانة نتج عنها الهوية اليهودية العرقية، أما الصهيونية فهي أيديولوجية سياسية استيطانية استعمارية؛ ما يعني أن ليس جميع اليهود صهاينة والعكس صحيح.
إن تقرير شامي تشاكرابارتي من منظمة ليبرتي الحقوقية لديه العديد من التوصيات الرشيدة لحزب العمال حول قضية معاداة السامية، (لذلك فمن المؤسف أن اللجنة المختارة اختارت أيضًا الهجوم على التقرير ومؤلفه). ومن بين هذه التوصيات هي ضرورة أن يتم استخدام كلمة صهيوني بشكل حذر وروية وفي سياقه المناسب.
يبدو ذلك الأمر منطقيًا، لكن التخلي عن الكلمة بالكامل سيكون خطأ قاتلاً وسيكون بمثابة التنازل لصالح الجناح اليميني ولصالح الدولة الإسرائيلية وحلفائها (والتي تحشد من جميع أنحاء العالم لتشويه كل الانتقادات الموجهة لإسرائيل بأنها معادية للسامية والضغط من أجل إقرار تشريع محلي في ذلك الصدد).
تجدر الإشارة في ذلك الصدد إلى أن هناك طرفين مؤيدين بشكل رئيسي للمعادلة الخاطئة التي تشير إلى أن الصهيونية تساوي اليهودية، وهما الدولة الإسرائيلية، والفاشيون الجدد المناهضون للسامية.
وكما قال الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات في خطابه الشهير عام 1974 أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة:
بمعنى آخر، إن الصهيونية في حاجة لمعاداة السامية، والوقوف في وجه الأولى سيستتبعه طريق طويل نحو التخلص من الثانية.