لأول مرة: «داعش» يضرب في قلب طهران
رغم الخطاب التعبوي المتراكم منذ عقد ونيف بين تنظيم القاعدة في العراق ومن بعده تنظيم الدولة الإسلامية في العراق و الشام، لم تشهد إيران خلال السنوات الماضية عملية واحدة من عمليات التنظيم الدموية التي شهدتها العواصم العربية والعالمية على أرضها.
استمر ذلك النهج المزدوج بين الخطاب المعلن وبين ممارسات التنظيم على أرض الواقع لسنوات، إلى أن تم خرقه اليوم بعد تبني تنظيم الدولة الإسلامية ظهيرة اليوم الهجوم المسلح على البرلمان الإيراني ومرقد آيه الله الخميني.
يثير حدث اليوم الكثير من علامات الاستفهام، لاسيما بعد مجيئه بعد عمليات لندن التي سلط تنظيم الدولة أيضًا تركيز هجماته عليها مؤخرًا، رغم نأي التنظيم بنفسه لفترة عن تنفيذ عمليات داخل أرضيها.
كما تطرح العمليات الأخيرة للتنظيم في لندن وطهران العديد من التساؤلات حول وجود نهج و إستراتيجية يتبناها التنظيم من وراء قائمة البلدان التي دخلت في دائرة استهدافه الأخيرة من عدمه.
هذا لاسيما بعد قمة ترامب الأخيرة في الرياض التي تزامنت مع تفجير مانشيستر، والتي تلاها تحولات لافتة في نهج تنظيم الدولة، كاستهداف التنظيم اليوم العاصمة الإيرانية طهران لأول مرة منذ نشأته.
داعش يتبنى الهجوم على البرلمان وضريح الخميني في طهران
ضريح الخميني (مصدر الصورة: wikimedia)
عقب الهجمات المسلحة التي صاحبها تفجيرات انتحارية استهدفت مقر البرلمان وضريح مؤسس الجمهورية الإسلامية بطهران روح الله الخميني، والتي أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 12 شخصًا وإصابة العشرات، أصدر تنظيم الدولة الإسلامية بيانًا سريعًا عبر وكالة أعماق التابعة له يتبنى الهجوم.
وفقًا لتقارير إيرانية فجرت امرأة نفسها باستخدام حزام ناسف داخل ضريح آيه الله الخميني، حيث وقع الهجوم على الضريح بعد فترة قصيرة من مهاجمة البرلمان، ويبعد الضريح بمسافة 19 كم تقريبًا عن مبنى البرلمان.
يقول مدير الضريح محمد أنصاري لوكالة أنباء الطلبة (اسنا) إن انتحاريين دخلا المرقد من الجانب الجنوبي وشرعا في إطلاق النار بصورة عشوائية ما أسفر عن مقتل شخص وجرح ثلاثة آخرين.
وبحسب شهادة أنصاري بدأت قوات أمنية في التعامل على الفور مع المهاجمين وقتلت أحدهما فيما فجر الثاني نفسه، وكان بحوزة الانتحاريين كمية كبيرة من المتفجرات والعبوات اليدوية الناسفة.
بحسب وسائل إعلام إيرانية فقد أغلقت كل الطرق المحيطة بـ مجلس الشورى الإيراني، بينما اقتحمت قوات خاصة المبنى، وسط استمرار إطلاق النار وحديث عن تفجير أحد المسلحين نفسه بالطابق الرابع بالبرلمان.
عقب الأحداث نقلت وكالة رويترز عن بيان للحرس الثوري الإيراني اتهامات لأميركا والسعودية بلعب دور في هجوم طهران، وهو ما رد عليه بالمقابل وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، أنه: لا يوجد دليل على أن متطرفين سعوديين مسئولون عن هجومي طهران، مضيفًا أنه لا يعلم من المسئول.
من جهة أخرى بث تنظيم الدولة الإسلامية اليوم مقطعًا مصورًا مدته 24 ثانية يظهر أحد المهاجمين وهو يطلق النار مرتين على شخص طريح الأرض داخل البرلمان.
الخلاف بين القاعدة وتنظيم الدولة حول استهداف إيران
كما أشرنا رغم لغة العداء الواضحة لإيران من قبل تنظيم القاعدة في العراق الذي انبثق منه بعد ذلك تنظيم الدولة، إلا أن التنظيم لم يقم طيلة الأعوام الماضية بأي عملية على أرضها على الأطلاق، رغم كل العمليات الدموية التي قام بها ضد شيعة العراق خلال العقدين الماضي والحالي.
في هذا السياق يشير سيد إمام الشريف، المنظر الجهادي الشهير صاحب كتاب «العمدة في إعداد العدة»، أن إيران ألزمت القاعدة سرًا منذ سنوات باتفاق رسمي حضره مسئول اللجنة الشرعية في تنظيم القاعدة من جهة والمخابرات الإيرانية من جهة أخرى، في مدينة زهدان الإيرانية الواقعة على الحدود ما بين أفغانستان وباكستان وإيران، يلزم القاعدة بعدم القيام بأي عملية ضد إيران أو حتى مجرد تهديد.
وقد كشف محمد العدناني، المتحدث باسم الدولة الإسلامية في هذا السياق، بعدما بلغت الخلافات بين تنظيم الدولة والقاعدة مداها، خلال خطابه الصوتي الشهير «عذرًا أمير القاعدة» جانبًا من علاقات القاعدة و إيران، يتصل تحديدًا بتلك الاتفاقات المشار إليها:
و قد التزم أسامة بن لادن شخصيًا بهذا النهج المسالم في التعامل مع إيران، ويظهر هذا بوضوح في خطاب من عام 2007 هو جزء من وثائق أبوت أباد التي عثر عليها في منزله بعنوان «خطاب إلى كارم»، يقدم بن لادن المبررات التي تستوجب عدم الهجوم على إيران، يقول فيه إلى المدعو كارم: «إيران هي شرياننا الرئيس الذي يمدنا بالأموال والرجال وقنوات الاتصال، إضافة إلى مسألة الرهائن. لا يوجد ما يستوجب الحرب مع إيران إلا إذا اضطررت إلى ذلك».
و يقصد هنا ابن لادن بتعبير «شرياننا» أي المعبر الذي يمر منه الأموال والرجال، ولا يعني بالضرورة مصدر الأموال والرجال، كما يمكننا أن نفهم ضمنيًا من فحوى الحديث.