العودة للقمر أم الذهاب للمريخ؟ 5 أسباب تعطي أفضلية للقمر
محتوى مترجم | ||
المصدر | ||
التاريخ | ||
الكاتب |
ترتكز آمال استعمار المريخ على افتراضية مفادها أن بإمكاننا إعادة تهيئة الكوكب الأحمر وجعله صالحًا للعيش؛ غلاف جوي صالح للتنفس ودرجة حرارة لطيفة، إلا أن دراسة حديثة تشكك في هذه الفكرة حيث تجادل بأن تطويع الكوكب الأحمر مستحيل بالتقنيات التي بين أيدينا الآن.
من هنا فقد حان الوقت لعملية إعادة تقييم لعلاقتنا بجارنا الكوني الأقرب؛ كان أول هبوط ناجح على سطح القمر لمركبة الفضاء الروسية لونا 9 في عام 1966 حيث وضحت البعثة ولأول مرة التفاصيل الدقيقة للسطح القمري المجدب.
منذ فجر العصر الفضائي كان هنالك أكثر من 60 مهمة ناجحة إلى القمر تضمنت ثماني رحلات بشرية، أكثرهم شهرة أبوللو 11 في يوليو/تموز 1969 وبها كان أول تواجد بشري على سطح القمر. عمقت هذه التجارب الرائدة فهمنا للأرض وللكون، فعلى سبيل المثال كشفت رحلة أبوللو 15 أن ما يسمى بصخرة التكوين – إحدى أقدم عينات الصخور – قد أتت من فوهة بركان على سطح القمر، كما دعم تحليل عينات أخرى على سطح القمر فرضية «الاصطدام العملاق»، وهي الفكرة الأكثر شيوعًا عن نشأة القمر نتيجة لاصطدام عملاق للأرض وقع منذ 4.5 مليار سنة.
من هذا الوقت وبالرغم من تحول رؤيتنا بعيدًا عن القمر إلى المريخ، إلا أنه في التسعينات وبعد سلسلة من الفشل قامت مهمة مارس باث فايندر بأول جولة على سطح المريخ. كان هذا أول هبوط ناجح على سطح المريخ منذ برنامج «فايكينج» في نهاية السبعينات، حيث أعاد البرنامج الغواية للمخيلة العامة المتقدة، شاحذًا الهمم حول بعثة جديدة للكوكب الأحمر.
لكن بدلًا من التباكي على رؤيتنا الحالية للمهام البشرية على المريخ، سنقدم خمسة أسباب نشرح بها لماذا يستحق القمر نظرة أخرى أكثر من مجرد زيارة خاطفة.
نقطة انطلاق نحو الفضاء
للتغلب على قوة الجاذبية والوصول إلى جسم آخر في الفضاء علينا بلوغ سرعة معينة، فالرحلة من الأرض إلى المريخ تستلزم حدًا أدنى من سرعة كلية مقدارها 30000 ميل في الساعة (حوالي 13.1 كم/ث)، يتطلب الأمر صواريخ عملاقة وأطنانًا من الوقود ومناورات مدارية معقدة، ونظرًا للمجال الضعيف للجاذبية القمرية فإن نفس الرحلة من القمر يلزمها فقط سرعة مقدارها 6500 ميل/ساعة (2.9 كم/ثانية)؛ أي ثلث السرعة اللازمة للوصول لمحطة الفضاء الدولية من الأرض تقريبًا.
كما يمتلك القمر ثروة من الموارد المعدنية، منها معادن قيمة تتضمن مكونات وقود الصواريخ الناتج من تكسير الثلج والذي تأكد وجوده الآن على سطح القمر، إلى وقود هيدروجيني ومؤكسدات. تحتوي القشرة القمرية أيضًا على مركب الترويلايت المعدني وهو أحد مركبات كبريت الحديد النادر وجوده على الأرض، والذي يمكن استخراجه وتركيبه من التربة القمرية لإنتاج مواد للبناء أكثر قوة من الإسمنت البورتلاندي، وهو ما يعني إمكانية إقامة مستوطنات على سطح القمر باستخدام مواد قمرية محلية.
بالإضافة إلى ذلك فإنشاء قاعدة قمرية لإطلاق بعثات فضائية بعيدة ستجعلنا نقارن القوة الانفجارية الهائلة اللازمة للإطلاق مع معدل الوقود الضئيل اللازم، وهو ما سيمكننا من استكشاف المجموعة الشمسية بقليل من الجهد والتكلفة مقارنة بالوضع الحالي.
2. طاقة المستقبل
قد يوفر الاندماج النووي –العملية التي تمد النجوم بالطاقة – لمستقبلنا التغذية بالطاقة. ففي المستقبل ستستخدم المفاعلات الاندماجية النظير غير المشع هيليوم-3، أخف وزنًا من الهيليوم الذي يستخدم في بالونات الحفلات. هذا النظير نادر على الأرض لكنه وفير على القمر ويمكن التنقيب عنه، وهو بالفعل ما جذب انتباه العديد من الصناعات والحكومات التي تريد شحنه إلى الأرض. هذه الانطلاقة الأولية للمصالح التجارية قد توفر الدافع والتمويل اللازم لأولى حملاتنا لتدشين حضور بشري مستدام على القمر.
3. السجل الجيولوجي
يعد القمر عالمًا غير نشط جيولوجيًا؛ فلم يحدث أي تغير منذ ثلاثة مليارات سنة، فبينما تأثرت معالم سطح الأرض بالأمطار والمد والجزر والرياح ونمو النباتات. تُظهر صفحة القمر بفخر توثيقًا للماضي العنيف المتمثل في معالم الاصطدام والذي يعرض تاريخًا مقتضبًا للمجموعة الشمسية التي أضحت جاهزة للاستكشاف.
4. رصد الكون
تقل كثافة الغلاف الجوي للقمر عن نظيرتها الأرضية بنسبة واحد إلى تريليون، الأمر الذي يوفر الشروط المثالية للراصدات الفضائية على امتداد الطيف الكهرومغناطيسي بأكمله، فالمرصد الراديوي سيكون على الجانب الأبعد من القمر محصنًا ضد الشوشرة الراديوية الصادرة من الأرض.
فالغلاف الجوي قليل الكثافة يجعل من تلسكوب أشعة إكس أو جاما مبني على السطح مباشرة أمرًا ممكنًا، على العكس بالنسبة للأرض حيث تُحجب الأشعة ذات الموجات القصيرة. بالإضافة إلى ذلك يمكن صيانة تلك الراصدات وتحديثها بوجود عامل بشري على القمر، وهي العملية التي تُعد أكثر سهولة من نظيرتها في الراصدات المدارية.
يمكن للراصدات القمرية أن تبحث في الفضاء بعمق أكثر من نظيراتها على الأرض
5. بشر في الفضاء
أحد المعوقات الكبرى أمام البعثات المريخية هو إدراك مدى تأثر صحة الإنسان بالرحلات الطويلة في الفضاء، فعند حدوث أمر غير متوقع يستلزم إعاد التغذية أو الإنقاذ فإن ذلك الأمر يتطلب عامين. لذا علينا قياس قدرة التحمل البشرية على القمر أولًا وتطوير تقنيات وخبرات أكثر عن المريخ وما وراءه، هكذا سيكون الأمر أكثر عملية، فإذا حدث أي طارئ على القاعدة القمرية فالأرض تبعد ثلاثة أيام فحسب.
كما يوجد أمر آخر هام متعلق بالذهاب للمريخ وهو التلوث غير المقصود للبيئة البكر للكوكب من خلال الكائنات الأرضية، على عكس القمر الذي يعد تقريبًا منطقة معقمة، لذا فإن قضية كتلك لن تكون محل نقاش.
على كل حال بينما تم إجراء أول بحث علمي على القمر في نهاية الستينات، إلا أنه ولنصف قرن من هذا التاريخ لم نقترب من تحقيق وجود بشري مستديم هناك، على الرغم من القدرات التكنولوجية المتزايدة التي كانت تفوق ما كانت تملكه بعثات أبوللو.
فبدلًا من الحديث عن وثبة عملاقة نحو الفضاء قد يكون من الأجدى قطع خطوات أخرى أصغر وأكثر قربًا من موطننا.