خمس ظواهر محبطة وخمس مرضية من سينما 2015
اعتادت المواقع والمنتديات أن تتسابق من أجل نشر قوائم الأفضل والأسوأ في كل المجالات، لا سيما السينما، بنهاية كل عام. ومع انطلاق موقع “إضاءات” اخترنا أن نقدم حصادنا بصورة عامة وشاملة للأكثر إرضاءً والأكثر إحباطًا في كل نواحي السينما بدون تركيز على نطاق معين؛ سواء جغرافي أو مجتمعي. فكل فيلم، وأي فيلم، شاهدته من مقعدي في دور العرض السينمائي يشكل إحدى المعطيات التي استندتُ لها وأنا أُعِد قائمتي، وكل آمالي العريضة التي عقدتها مع نهاية ٢٠١٤ هي المقياس الأساسي الذي أستعيده اليوم لأقرر موقفي الرسمي من عامنا السينمائي في ساعاته الأخيرة.
1. ظاهرة مرضية: عودة عمالقة الصناع
حضور كبار المخرجين وكتاب السيناريو في ٢٠١٥ كان أقوى من مثيله في ٢٠١٤ في تقديري. فهذا العام شهد عودة لكوينتن تارانتينو مخرجًا وكاتبًا لـThe Hateful Eight كما شهد شراكة بين آرون سوركين وداني بويل في Steve Jobs. رون هاورد كان من العائدين أيضا بـIn the Heart of the Sea وانضم له Sam Mendes الذي انتظر ثلاثة أعوام ليظهر من جديد مع سلسلة جيمس بوند وفيلمها الأحدث Spectre. قائمة العائدين تضمنت أيضًا ستيفن سبيلبرج بـBridge of Spies، وانضم للقائمة بعض المثابرين الذين لم يجدوا وقتًا للراحة فبقوا داخل دائرة الاهتمام للعام الثاني على التوالي مثل ريدلي سكوت وآليخاندرو إينياريتو بأفلام The Martian وThe Revenant على التوالي.
ربما نكون قد خسرنا بابتعاد نولان وسكورسيزي وفينشر، لكن نطاق الترقب على صعيد الصناع من أهل الثقة كان في أعلى مستوياته. وأغلبهم كانوا عند حسن ظن جمهورهم.
2. ظاهرة محبطة: تراجع الأدوار النسائية
بدأ العام بـ Mad Max: Fury Road لنتفاجأ بتراجع دور ماكس روكاتانسكي شخصيًا أمام دور فيريوزا الذي جسدته تشارليز ثيرون، مما رفع درجة التأهب انتظارا لعام قد ينصف المرأة وأدوارها. لكننا انتظرنا حتى نهاية العام لتظهر أفلام مثل Room وCarol ليعيدوا الحياة قليلًا للتواجد النسائي في أدوار البطولة، ويتم تسجيل ظهور مميز أخير من خلال أحدث حلقات Star Wars والتأثير الملحوظ لدور راي الذي جسدته ديزي ريدلي.
ومع ذلك يظل العام من الأفقر على مستوى الأدوار النسائية والذي اكتفت فيه أغلب الأفلام بجعل المرأة مجرد ظل للبطل الرجل. ولعل السينما المصرية كانت أشد قسوة على النساء، لدرجة أننا شهدنا أفلاما مصرية خالية من أي دور نسائي يستحق الذكر مثل “ولاد رزق” و”كابتن مصر” و”شد أجزاء” و”الجيل الرابع”.
3. ظاهرة مرضية: إحياء الجواهر
Jurassic Park و Mad Max و Star Wars، ثلاث سلاسل تاريخية بدأت بدايات مبهرة وقت عرضها ثم علاها بعض الصدأ بسبب التكرار ومحاولات اعتصارها حتى آخر دولار في شباك التذاكر. محاولات إحياء السلاسل الكلاسيكية العملاقة تشكل تيارا مستمرا عبر السنوات، لكن ربما تكون ٢٠١٥ من الأكثر توفيقا بسبب تحقيق المحاولات الثلاثة لنجاح مقبول في الحالة الأولى، ومبهر في الحالة الثانية والثالثة.
السر في نجاح المحاولات الثلاثة واحد وهو العودة للمكونات الأساسية لنجاح أوائل الأفلام في كل سلسلة. حتى أن فيلم Fury Road أهمل الكثير من التقنيات المتقدمة متعمدا، من أجل استدعاء الروح الواقعية للأفلام الأولى.
4. ظاهرة محبطة: لا تنسَ النظارة!
مع التطور التقني الذي تزامن مع تفنن القراصنة في اقتناص الأفلام وطرحها على شبكة الإنترنت، أصبح العرض ثلاثي الأبعاد هو الحل الأمثل لكل من يريد حماية فيلمه من أن يتم تصويره أثناء عرضه على شاشة السينما. رغم أن الدافع مفهوم وأن السبب وجيه، لكن النتيجة كانت مثيرة للضيق. فلقد اضطررنا كمشاهدين لارتداء النظارة، ومعاناة ما يتبع ذلك من صداع وعدم راحة، لمشاهدة أفلام ليس بها ما يستدعي العرض ثلاثي الأبعاد!
البعض فوجئ أمام شباك التذاكر بأن أفلام مثل The Hunger Games: Mockingjay Part 2 وThe Martian ستعرض بالتقنية ثلاثية الأبعاد، وأصبحوا مضطرين لشراء النظارة رغم ازدحام أدراجهم بالكثير من النظارات التي تورطوا بشراءها، الواحدة تلو الأخرى، بنفس الأسلوب.
5. ظاهرة مرضية: الرسوم المتحركة إلى الأمام
ليس هناك جديد في كثافة أفلام الرسوم المتحركة التي عرضت في ٢٠١٥، وربما تكون الجودة قد تراجعت قليلا، لكن يبدو أن ٢٠١٤ كان من الأعوام المشجعة للستوديوهات الكبرى لدخول ٢٠١٥ بكل ما لديهم من قوة، فلأول مرة تظهر ستوديوهات بيكسار بفيلمين في نفس العام تحت مظلة ديزني وهما Inside Out وThe Good Dinosaur. كما شجعت الموجة على تقديم أفلام جديدة لشخصيات محببة مثل أفلام The SpongeBob Movie: Sponge Out of Water وThe Peanuts Movie.
باقي الستوديوهات الكبرى كان لها تواجد كذلك، مثل دريم ووركس التي افتتحت العام بفيلم Home ومثل سوني التي عقدت آمالا كبيرة على الجزء الثاني من فيلم Hotel Transylvania، وهو ما يمهد لموسم جوائز ساخن وتنافس شديد بين الستوديوهات الكبرى على كعكة الكؤوس الذهبية.
6. ظاهرة محبطة: مازال البحث مستمرا
عندما يسقط النجم في فخ الأدوار المتواضعة يتطلب الأمر الكثير والكثير من المحاولات حتى يستعيد توازنه وثقة محبيه. توقع الكثيرون أن يكون ٢٠١٥ هو عام العودة للتألق لبعض النجوم المحبوبين مثل جوني ديب وأنجيلينا جولي وجورج كلوني والكثيرين الآخرين. ولكن للأسف مرت أفلامهم في العام الجديد بدون تحقيق المأمول.
قد يكون جوني ديب هو الأفضل حالا بسبب اعتراف الجميع بتقديمه لمجهود أفضل في تجسيد شخصية جيمس وايتي بولجر في فيلم Black Mass، لكن أفلام Tomorrowland وBy the Sea لم يحملا أي جديد يذكر عن مكانة جورج كلوني وأنجيلينا جولي على الترتيب.
7. ظاهرة مرضية: مارفيل تسيطر
في ظل استغراق شركة دي سي كوميكس لوقت طويل حتى تستقر على إستراتيجيتها وتصميم أبعاد خريطتها، كانت مارفيل تنطلق بخطوات رشيقة وواثقة لتختتم المرحلة الثانية من أفلام عالمها السينمائي بنجاحين متتاليين من خلال أفلام Avengers: Age of Ultron وAnt-Man.
النجاح المتواصل لمارفيل يضعها في مقدمة السباق المحتدم لأفلام الأبطال الخارقين في ٢٠١٦. فعلى الرغم من وصول دي سي أخيرا لخط البداية بفيلمي Dawn of Justice وSuicide Squad؛ فإن مارفيل أعدت فيلمين من عالمها السينمائي، حيث تفتتح المرحلة الثالثة بـCaptain America: Civil War وDoctor Strange، وكذلك تتواجد بفيلمين من إنتاج إستوديوهات أخرى وهما X-Men: Apocalypse وDeadpool.
8. ظاهرة محبطة: لا وقت للكوارث
أفلام الكوارث عادةً ما تحظى بنصيب كبير من الاهتمام ومن العوائد في شباك التذاكر، وذلك لأنها تجمع بين المؤثرات الضخمة وبين عنصر الرعب من سهولة تخيل المشاهد لنفسه في مثل مواقف معاناة الأبطال. ٢٠١٥ شهد تراجعا كميا وكيفيا في أفلام الكوارث، ففيلم الكوارث الأضخم في ٢٠١٥ كان San Andreas ولكنه افتقد لكثير من المقومات التي وصلت بالنوعية نفسها لهذه الدرجة من الاهتمام والاقبال.
ومع انتصاف العام ظهر فيلم Everest مع كوكبة من النجوم، وتبعه فيلم In the Heart of the Sea مع مخرج كبير وبطل من الطبقة الرفيعة، ولكن الفيلمين فشلا في جذب وإلهام المشاهدين، مما تسبب في سحب البساط قليلا من نوعية أفلام الكوارث، ورفع مستوى التحدي على أفلام الكوارث المرتقبة في ٢٠١٦ وعلي رأسها الجزء الثاني من فيلم Independence Day.
9. ظاهرة مرضية: وجوه منعشة
حافظت ٢٠١٥ على أحد أهم التقاليد السينمائية، وقدمت وجوها جديدة، بعضهم نراهم لأول مرة، وبعضهم يأخذون فرصهم الكبرى لأول مرة ليخترقوا مكانهم وسط النجوم الكبار. وأهم ما يميز ٢٠١٥ هو مخاطرة كبار المخرجين بتقديم تلك الأسماء الجديد، ففي فيلم Bridge of Spies المخرج الكبير ستيفن سبيلبيرج عُهد للممثل البريطاني مارك رايلانس بثاني أهم أدوار الفيلم رغم أن تاريخه السينمائي غير مبهر، ونجح رايلانس، وهو في عمر ٥٥، في أن يسرق الأضواء من النجم توم هانكس، ويحجز لنفسه مكانا في نطاق.
المخرج جي جي آبرامز حذا حذو سبيلبيرج وخاطر كثيرا بإسناد دوري البطولة للفيم المرتقب Star Wars: The Force Awakens لوجهين غير معروفين بالقدر الكافي وهما جون بوييجا وديزي ريدلي، والإثنان كانا عند حسن ظنه وظن الجمهور، ونجحا في حمل قدر كبير من أوزان الفيلم العملاق.
10. ظاهرة محبطة: جري الوحوش
بدأ عرض فيلم The Grand Budapest Hotel للمخرج الكبير ويس أندرسون في شهر مارس من عام ٢٠١٤، وبعد عام كامل تقريبا نجح في تأمين ٤ جوائز للأوسكار من ضمن ٨ ترشيحات. لا يبدو أن الكثيرين لديهم الاستعداد لخوض نفس المغامرة، لذلك آثر كبار المنتجين والمخرجين أن يعرضوا أفلامهم في شهور العام الأخيرة. لذلك نشهد في الوقت الحالي إصدار أكثر من فيلم مرتقب في غضون أسابيع قليلة مثل The Revenant وThe Hateful Eight وThe Big Short.
اللهث وراء الجوائز حرم شهورا عديدة خلال العام من أي إصدار مميز مما أثر على التوزيع المتكافئ للمتعة السينمائية. وأثر سلبا على تسويق تلك الأفلام المميزة، فإقدام الإستديوهات على إهداء نسخ من أفلامهم للنقاد والمصوتين في جوائز الأكاديمية نتج عنه تسريب لتلك النسخ، وعرض للعديد من هذه الأفلام بشكل مقرصن حتى قبل بدأ عرض الفيلم في السينمات في بعض الدول.
نترك ٢٠١٥ بانتصاراتها وانكساراتها، ونودع في بنك خيالنا السينمائي العديد من لحظاتها ومشاهدها وأدوارها، لنتحرك للأمام ونستقبل ٢٠١٦ بآمال عريضة جديدة، وتوقعات بعام سينمائي حافل، يعود له بعض الغائبين ويستمر فيه بعض أصحاب النفس الطويل. نترقب الإبداع والتجديد، ونتشوق لزيارات الماضي وإعادة بعث العلامات ببصمات منعشة ورؤى متطورة. والآن وقد عرضت قائمتي، في رأيكم، ما هو أكثر من أرضاكم في أفلام ٢٠١٥، وما هو أكثر ما أحبطكم؟ نتطلع لمساهماتكم الكريمة في التعليقات.