الأيام الأولى: أبرز محطات المقاومة في طوفان الأقصى
في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول عام 2023 أعلنت المقاومة الفلسطينية عمليةً كبرى تحت مسمى طوفان الأقصى. تستمر العملية حتى اليوم، الثاني عشر من نفس الشهر، لكن يتخللها العديد من العمليات النوعية الكبرى بذاتها، لكنها تنضوي تحت لواء العملية الأم.
فبدأ اليوم الأول برشقة صاروخية ضخمة، وتتابع عمليات قتل الجنود الإسرائيلين، وأسر العديد منهم وإعادتهم لقطاع غزة، ووضعهم في أماكن آمنة وفي أنفاق المقاومة. وأخذت وتيرة القتلى الإسرائيلين في الارتفاع، وسط ذهول وصدمة الجانب الإسرائيلي الذي اكتفى تقريبًا طوال ساعات اليوم الأول بمحاولة استيعاب ما يحدث.
لاحقًا نشرت كتائب القسام مقاطع مصورة لاقتحام المستوطنات الإسرائيلية، مغتصبات العدو على حد تعبير كتائب المقاومة. ويبدو أن بيان الناطق باسم الكتائب، الملثم المعروف بأبي عبيدة، كان نبوءةً صادقة. فقد صرّح أن الجانب الإسرائيلي سوف يصاب بالذهول من نتائج المعركة حين يبدأ في إحصاءها.
لتضيف المقاومة أسبابًا جديدة للذهول نشرت مقاطع لسرب صقر، القوات المظلية التي استطاعت التسلل تحت الغطاء الصاروخي والقيام بعمليات نوعية داخل العمق المُحتل. واستطاعت كتائب القسام تدمير العديد من الآليات الإسرائيلية، وأسر من كانوا فيها.
كذلك شهد اليوم الأول للعملية بروز منظومة الصواريخ القسامية قصيرة المدى التي أطلقوا عليها اسم رجوم. وفي نفس اليوم اقتحم المقاومون موقع إيرز وقتلوا وأسروا من فيه. كما اقتحموا موقع كفار عزة، واستطاعوا السيطرة الكاملة عليه بعد قتل وأسر من كانوا فيه. كذلك فعل مقاتلو القسام بموقع بئيري.
اليوم الثاني
أما اليوم الثاني فقد بدأ بإعلان الجهات الإسرائيلية ارتفاع قتلاها إلى 300 كحد أدني، وقرابة 1500 مصاب. لكنها لم تعلن عن عدد الأسرى، فبادرتها القسام بإعلان أن أعداد الأسرى أضعاف مضاعفة لأي رقم تتخيله إسرائيل. وبدأت إسرائيل إجلاء كامل لسكان غلاف غزة. وأمرت الولايات المتحدة بتحريك حاملة الطائرات جيرالد فورد نحو شرق المتوسط في خطوة قيل أنها لتعزيز الردع في المنطقة.
لم تفرغ جعبة المقاومة بعد. ففي اليوم الثاني قامت بإطلاق رشقة صاروخية على المناطق المحتلة. كما نشرت مقطعًا لعملية اقتحام قاعدة رعيم مقر قيادة فرقة غزة. كما نشرت كذلك مقطعًا لإطلاق مسيرّات انتحارية نحو العديد من الأهداف المعادية. تلك الطائرات التي تحمل اسم المهندس الذى جرى اغتياله سابقًا محمد الزوّاري.
وواصل القسّاميون اقتحام خطوط العدو، وتجاوز العديد من الحواجز، ففتحوا عددًا جديدًا من جبهات القتال عليه. فقد اقتحموا موقع إيرز، وقتلوا وأسروا من فيه. كما نشرت الكتائب مقطعًا لاقتحام كوماندوز القسام لقاعدة زيكيم وقتل عدد من الجنود فيه.
فاستطاعت المقاومة في نهاية اليوم أن تزيدها رصيدها الاستراتيجي من الأسرى الإسرائيلين. خصوصًا مع تدفق العديد من سكان قطاع غزة إلى المستوطنات التي سيطرت عليها المقاومة، وقيام بتدمير الآليات واقتياد العديد من الأسرى إلى غزة.
اليوم الثالث
أما اليوم الثالث فبدأته المقاومة بدّك المواقع القريبة من قطاع غزة بقذائف الهاون. ثم أردفتها برشقات صاروخية كبيرة تجاه عسقلان وتل أبيب. كما كانت صواريخ أرض- جو بانتظار طائرات العدو المغيرة على قطاع غزة. كذلك دخلت منظومة جديدة للصواريخ في حسابات المقاومة، منظومة مُتبر 1 .
واستمرت المقاومة في تقدمها نحو العمق الإسرائيلي واقتحمت العديد من المواقع الإسرائيلية. واستطاعت تدمير الآليات وأنظمة المراقبة. كذلك شهد اليوم الثالث، الاثنين 9 أكتوبر/ تشرين الأول، مقتل 4 من الأسرى الإسرائيلين جراء القصف الإسرائيلي العشوائي على قطاع غزة.
كما اقتحمت كتائب القسام موقع فجّة العسكري، وقتلت من فيه. لتُعلن بذلك الجهات الإسرائيلية ارتفاع قتلى المواجهات إلى 1000 إسرائيلي. وأن كتائب القسام تواصل الرشقات الصاروخية والاشتباكات. واصل كذلك تدمير العديد من دبابات العدو الإسرائيلي. وتحت وطأة القصف الإسرائيلي الوحشي للمدنيين في غزة أعلنت كتائب القسام أنه في حالة استهداف أي منزل دون سابق إنذار فإنها ستضطر لإعدام رهينة في المقابل. لكن يبدو أنها تراجعت عن هذا التهديد لاحقًا.
لكن لم تتراجع عن عزمها مواصلة الاقتحامات، فاقتحمت موقع أميتي، وقتلت كل من فيه. وأعلنت حركة الجهاد الإسلامي تبني عملية جنوب لبنان، التي أدت لإصابة 6 إسرائيلين. واستدعت إسرائيل قرابة 300 ألف جندي احتياط في أكبر عملية استدعاء لجنود الاحتياط على الإطلاق.
اليوم الرابع
أما الثلاثاء، اليوم الرابع، فقد شهد نزوح قرابة 187 ألف شخص للمناطق التابعة للأونرا. فقد حصلت إسرائيل على ضوء أخضر من الحليف الأمريكي بالمواصلة في عمليات الإبادة الجماعية لسكان غزة. كما نقل الإعلام الإسرائيلي أن سلاح الجو نقل مئات الجنود والضباط من مختلف دول العالم إلى إسرائيل للمشاركة في الجيش الإسرائيلي.
لكن ذلك لم يمنع الجانب الفلسطيني من مواصلة الطوفان الذي بدأه. فاستمرت الرشقات الصاروخية باتجاه العديد من المدن الإسرائيلة. ونشرت كتائب القسام مقطعًا مصورًا لسلاح الهندسة التابع لكتائب القسام، ونسبت إليه المقاومة الفضل في النجاح الذي حققته عملية الطوفان التي تمت بتنسيق وتخطيط مبهر.
في الساعة الخامسة مساءًا من اليوم الرابع شهد العالم على تنفيذ الوعيد الذي صرّح به الناطق باسم القسام، أبو عبيدة، حين أوضح أن استمرار القوات الإسرائيلية في تهجير أهل غزة سيكون ثمنه تهجير مقابل لسكان المستوطنات. وأمهل سكان عسقلان بضع ساعات للنزوح قبل أن تدكها المقاومة برشقة صاروخية ضخمة.
تزامن ذلك مع استهداف إسرائيل للعديد من المدنيين، بما فيهم الصحفيون، ما أدى لاستشهاد 3 صحفين في هجوم واحد. ومع بداية الهجوم على عسقلان تزامن إطلاق صواريخ من القليلة جنوبي لبنان. ودارت مناوشات بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله، حيث قال الحزب أنه هاجم مواقع إسرائيلية، فردت إسرائيل بمداهمة مصدر إطلاق النار بالدبابات، فرد الحزب مرة أخرى بقصف آليات إسرائيلية بصواريخ موجهة.
اليوم الخامس
أما في الأربعاء، خامس أيام العملية، فقد تواصل استهداف الطيران الحربي الإسرائيلي لقطاع غزة. وضرب الأجزاء الشرقية لأحياء الشجاعية والزيتون شرق غزة. لكن رغم تلك الهجمات استمرت كتائب القسام في تنفيذ وعيدها بتهجير سكان عسقلان، وواصلت الضربات الصاروخية المكثفة لها. كما نشرت كتائب القسام مقطعًا لاقتحام ناحل عوز وقتلها من فيه.
وأعلنت إسرائيل ارتفاع قتلاها رسميًا إلى 1200 قتيل. كما وجهت المقاومة رشقات صاروخية إلى تل أبيب ومطار ابن جوريون. واستطاعت المقاومة استبدال المقاومين من محاور زيكيم وعسقلان وصوفا، ومحاور أخرى. وفور دخول المقاتلين الجدد تواصلت المعارك الحامية.
وقصفت المقاومة مدينة حيفا بصاروخ من طراز آر 160. كما بثت مشاهد لاقتحام موقع إسناد مدرع تابع لكتيبة كيسوفيم. وهاجمت تجمعًا للآليات العسكرية شرق غزة بطائرتين انتحارتين. وقصفت أيضًا حشدًا عسكريًا في قاعدة زيكيم العسكرية. واستهدفت مسيرّة إسرائيلية من نوع هيرمز في سماء المحافظة الوسطى بـ 3 صواريخ متبر-1.
رغم أن تلك أبرز العمليات التي قامت بها المقاومة على مدار الأيام الماضية، إلا أنه من المؤكد أنها ليست كل العمليات. فسوف تكشف الأيام التالية عن المزيد. ليس المزيد من العمليات التي ستقوم بها المقاومة على مدار الأيام التالية فحسب، بل المزيد مما قامت به وستكشف إسرائيل حين تكتشفه بعد الإفاقة من صدمتها، أو تكشفه المقاومة في الوقت الذي تراه وفقًا لحساباتها مناسبًا.