فانتازيا: ميسي ينضم رسميًا إلى صفوف مصر المقاصة
قليلة هي تلك الأحداث التي تفرض الصمت والترقب على العالم بأكمله. لكن الحدث كان يستحق، ميسي قرر الرحيل عن برشلونة. تابعت جماهير الكرة أخبار ميسي وبرشلونة عن كثب وتورات أخبار كرة القدم الأخرى بطبيعة الحال، فلا أحد يهتم بصفقة جديدة لناد ما أو بطولة أوروبية على مشارف البدء.
في مصر وكالعادة كان الوضع مختلفًا، تابعت الجماهير أزمة نشبت بين عدد من أندية الدوري المصري التي تصارع على الهبوط واتحاد كرة القدم المصري. هددت تلك الأندية بإيقاف النشاط الرياضي تمامًا معللة الأمر بكثرة الإصابات والحرمان من بعض اللاعبين بسبب ظروف الكورونا.
رضخ اتحاد كرة القدم وقرر فتح باب القيد لخمسة أندية تصارع على الهبوط وذلك لمدة ثلاثة أسابيع هي كل ما تبقى من عمر الدوري المصري الممتاز.
لم يكن يتخيل أحد أن قصة ميسي وبرشلونة قد ترتبط بقصة الدوري المصري بأي شكل، إلا أن شخصًا بعينه هو من استطاع أن يربط طرفي الخيط لمصلحته تمامًا أو هكذا كان يظن.
بينما كانت قصة ميسي توشك على النهاية ببقاء الأرجنتيني سنة أخيرة في كتالونيا، ظهر بطل القصة الأول وهو محامي ميسي الذي التقط قرار الجبلاية ليضعه على طاولة ميسي مقدمًا حلًا جذريًا لجميع مشاكله ومانحًا القصة فصلًا أخيرًا سعيدًا للأرجنتيني.
كان الحل ببساطة هو أن ينتقل ميسي ببطاقة مؤقتة إلى دوري لم ينته بعد واضعًا إدارة برشلونة أمام الأمر الواقع ولا يوجد دوري ينطبق عليه تلك المواصفات إلا الدوري المصري. لا يملك ميسي الآن إلا حلًا وحيدًا، أن ينتقل للدوري المصري تحديدًا لصالح فرقة من ضمن خمس فرق مصرية تصارع للهبوط واللعب ثلاث مباريات فقط ثم ينال حريته المنشودة.
رفض ميسي في البداية وجرت مناقشات لإقناعه تتضمن وعودًا بكونه لم يلعب أي مباراة على الإطلاق، فقط ربما يجلس على دكة البدلاء في مباراة وحيدة ثم العديد من الوعود لجعله مطمئنًا قدر الإمكان.
رضخ ميسي في الأخير معتقدًا أنه لن يرى إسبانيا مرة أخرى، لكن ما حدث كان مغايرًا لكل المعتقدات.
أبو ريدة في مواجهة محمد فضل
هكذا بدأ الإعلامي البديهي «سيف زاهر» حديثه للملايين مؤكدًا الأخبار التي تناقلتها بالفعل كبرى الصحف والمواقع الأجنبية. استطاع سيف زاهر أن يعيد الثلاث جمل بكل الأشكال الممكنة لمدة نصف ساعة كاملة ثم بدأ في بث كواليس الحدث مستعينًا بمصدر المعلومة مباشرة.
لم يكن مصدر المعلومة ميسي كما توقعت الجماهير خلال الفاصل الإعلاني الذي امتد لساعة كاملة، ولا حتى محامي ميسي بل كان الأستاذ «أحمد مجاهد» عضو مجلس اتحاد الكرة السابق.
أكد أحمد مجاهد أن «هاني أبو ريدة» هو المهندس الحقيقي لهذا الحدث الضخم، ومن غير أبو ريدة قادرًا على وضع اسم مصر في مصاف عظماء كرة القدم في العالم؟
صحيح أن أحمد مجاهد نفسه هاجم قرار اللجنة الخماسية بفتح القيد، لكن هذا لا يمنع أن كل مشكلة أو قرار خاطئ لتلك اللجنة حلها الوحيد هو وجود أبو ريدة وصحبته. أكد مجاهد وأقر حديثه زاهر أن أبو ريدة أنهى كل تلك الأمور في إسبانيا وطمأن ميسي وعائلته أن الوضع في مصر مستقر وعظيم فأردف زاهر «طبعًا مصر عظيمة وميسي عظيم».
لم يمر الأمر من أمام أعين أحمد شوبير دون توضيح بالطبع. أكد أحمد شوبير أن الحديث الدائر حول دور مجلس اتحاد الكرة السابق مجرد هراء وأن كل هذا لم يحدث بالطبع. شعرت الجماهير أن المنطق سينتصر أخيرًا إلا أن كابتن شوبير ألقاها في وجه الجميع محمد فضل هو الدينامو الرئيسي لكل ما حدث.
تحدث فضل هو الآخر مؤكدًا على أن اللجنة الخماسية تعمل في صمت وجهد وتفانٍ دون البحث عن مصالح شخصية، ثم عرض شوبير أمام الجميع صورة لفضل رفقة ميسي لتأكيد أن الأمر تم تخطيطه منذ فترة. صحيح أن الصورة تخص زيارة ميسي عام 2017 لكن فضل لم يعلق على الصورة واكتفى بتلقي الثناء من شوبير فقط.
بعد ساعات كانت المواقع الأجنبية تفرد تفاصيل المخاطرة التي قام بها محامي ميسي للهروب من برشلونة موضحة للعالم حقيقة ما حدث. تلقى زاهر وشوبير تلك الأخبار مؤكدين على كذب رواية البرنامج الآخر كما توضح الأخبار العالمية الموثوقة.
رحلات اليوم الواحد
وصل ميسي أخيرًا. توقع الرجل بالطبع أن يجد تلك العاصفة الإعلامية في انتظاره، لكن ما لم يتوقعه هو البرنامج الذي فرض عليه أمنيًا للتحرك من خلاله.
كانت خطة الأمن ببساطة هو ألا يتحرك ميسي حتى لا تعم الفوضى البلاد. اتجه ميسي مباشرة نحو اتحاد الكرة المصري الذي أصبح ثكنة عسكرية وغرفة عمليات وكل شيء.
تعامل اتحاد كرة القدم مع ميسي مثل تعامله مع أثر نادر. نظم الاتحاد رحلات محددة المدة لمسئولي الأندية وكبار رجال الدولة وأبناء كبار رجال الدولة لالتقاط الصور التذكارية رفقة ميسي الذي ظهر في الصور كلها حزينًا بوجه شاحب.
تستطيع أن تدرك مدى فداحة الأمر إذا قمت بفتح تطبيق الانستجرام محددًا مكان الجبلاية لتجد ما يقارب من ألف صورة ذات ملامح ثابتة، ميسي على اليسار وألف شخص بألف صورة على اليمين.
كانت أكثر تلك الصور غرابة هي صورة مرتضي منصور بجوار ميسي حاملًا بين أحضانه ماتيو ابن ميسي مرتديًا قميص الزمالك. أكد مرتضى لقناة الفريق مساءً أن تياجو أصر على ارتداء قميص الزمالك الذي يعرفه جيدًا، وهي الرسالة الذي يوجهها لبيبو ومفادها أن الزمالك كبير ورئيسه «دكر».
بعد يوم كامل من الفلاش الذي لا ينتهي قرر ميسي أنه سيعود إلى برشلونة ولن يكمل هذا الهراء أبدًا. لكن المحامي الخاص به تدخل بحزم ناهيًا تلك الصور بلا رجعة ليبدأ الحديث حول الأمر الأكثر أهمية: أين سيلعب ميسي؟
الفيوم في انتظارك يا ليو
لم يملك ميسي رفاهية الاختيار حيث إن القيد لم يفتح إلا لأندية «طنطا وإف سي مصر وأسوان والمقاصة وحرس الحدود». بعد ساعات أخرى من النقاش كان الرأي الأمني ينحصر بين أندية مصر ومصر المقاصة.
اقتنع ميسي أخيرًا بالانضمام إلى مصر المقاصة لمدة ثلاث مباريات فقط. كاد ميسي أن يقفز من النافذة عندما حاول «اللواء محمد عبد السلام» أن يلتقط صورة أخرى معه إلا أن الجميع طمأنه أن تلك هي الصورة الأخيرة.
خرج اللواء محمد عبد السلام ليؤكد للجميع أن ميسي اقتنع بالانضمام للفريق بعد أن عرف أن مدرب الفريق إيهاب جلال يطبق التيكي تاكا وأن شعب الفيوم سيكون على قدر الحدث.
منتخب نجوم مصر
تم فتح القيد للأندية الخمسة دون حد أقصى وهي ورقة التفاوض الأقوى في تاريخ مصر المقاصة على الإطلاق. أصبح مصر المقاصة بمثابة منتخب نجوم الدوري المصري حيث أراد كل لاعبي مصر أن يلعبوا رفقة ميسي أو حتى يشاهدوه عن كثب في حصة تدريبية.
بعد يوم واحد فقط استطاعت إدارة المقاصة ضم 29 لاعبًا هم الأفضل والأهم في مصر على الإطلاق. تكتم اللواء عبد السلام على حقيقة اتفاقه أن ميسي لن يظهر سوى مرة وحيدة على دكة البدلاء في المباراة الأخيرة لكي تنجح كل تلك المفاوضات بينما وافقت الأندية على رحيل اللاعبين لثلاث مباريات فقط.
ظهور ميسي الوحيد
كانت تلك هي مقدمة المعلق أيمن الكاشف للمباراة الأخيرة في الدوري حيث ظهر ميسي أخيرًا على مقاعد البدلاء. لا يعلم أحد كيف سارت المباراة حيث توقفت الكاميرا لمراقبة ميسي فقط، والأهم أن الكاشف استطاع أن يعلق على ميسي ذي الملامح الثابتة لساعة ونصف.
لم يجلس أي لاعب بجوار ميسي على مقاعد البدلاء؛ لأن تلك المقاعد كانت محجوزة لرئيس الوزراء ووزير الشباب رفقة أعضاء اتحاد كرة القدم، حيث لم يهتم أحد بتطبيق اللوائح لأن تلك المباراة هي مباراة في حب مصر كما نعرف جميعًا.
انتهى الأمر أخيرًا ليتنفس ميسي الصعداء حالمًا بنهاية هذا الكابوس وممنيًا نفسه باللعب رفقة مانشستر سيتي خلال الموسم القادم، إلا أن القصة لم تنته عند ذلك أبدًا.
لأن اللواء أكثر دهاءً
خرج رئيس نادي برشلونة السيد بارتوميو مساء هذا اليوم في مؤتمر صحفي رفقة أحد الأشخاص غير المعروفين لوسائل الإعلام في العالم، إنه اللواء محمد عبد السلام نفسه.
لقد باع اللواء محمد عبدالسلام ميسي إلى برشلونة من خلال عقد جديد لمدة خمس سنوات بعقود وقعها ميسي ومحاميه وعائلته بالكامل. وحده سيادة اللواء يعلم أن تلك العقود كانت مكتوبة بالعربية وتم توقيعها في مكتب الجبلاية بعد أن اقتنع ميسي وممثلوه أنها فقط النسخة العربية من عقد ميسي رفقة المقاصة لثلاثة شهور.
اعتقد محامي ميسي أنه الرجل الأكثر دهاء في العالم كله، لكنه لم يعلم أن اللواء محمد عبد السلام هو الذئب بذات نفسه، الآن عاد ميسي لاعبًا في برشلونة أما باقي لاعبي مصر فقرروا الاستمرار رفقة المقاصة لا من أجل الأموال التي جناها اللواء عبد السلام بدهائه وذكائه، لكن لأنهم اقتنعوا بمشروع المقاصة العالمي الذي يناسب طموحهم بالطبع فالأمر بعيد تمامًا عن الماديات.