فانتازيا: ليفربول يفوز بالدوري على أرض ستاد القاهرة
توقفت الدوريات في بلاد العالم أجمع بعد هجمات كوفيد 19 الشرسة، وما إن قلت تلك الشراسة قليلًا بدأت تتعالى الأصوات الداعية لاستكمال تلك الدوريات مرة أخرى.
في لندن قامت عاصفة من الاقتراحات والتصريحات المختلفة بشأن استكمال الدوري الإنجليزي، كان لزامًا على المسئولين أخذ كل الاقتراحات بعين الاعتبار. أحد تلك الاقتراحات كان استكمال البطولة في دولة أخرى. هذا التصريح الذي أطلقه الدولي الإنجليزي السابق «جاري نيفيل».
تداعت الاقتراحات واحدًا تلو الآخر إلا اقتراح «نيفيل» الذي لم يملك المسؤولون الحكوميون في لندن حق تقويضه. الأمر ببساطة أن العملية برمتها ستجرى خارج إنجلترا لذا لن يتعرض أحد لخطر العدوى لكن أي الدول التي ستقبل بهذا الخطر.
بدأت الاتصالات ببعض الدول وهذا ما حدث.
ادخلوها آمنين ادخلوها سالمين
لم يوافق أي بلد أوروبي على هذا المقترح، حتى تلك الدول التي لم تجب بالرفض في البداية اضطرت للرفض بعنف بعد أن ثار الرأي العام العالمي تحت عنوان: «الإنجليز يخافون على أنفسهم فقط»، لكن لاحت بوادر الأمل مرة أخرى.
قررت بعض الدول أن تعرض خدماتها لاستضافة ما تبقى من أسابيع البريميرليج. وجدت تلك الدول فرصة لإنعاش الاقتصاد الذي كان عليلًا في الأساس فأصبح على شفا الاحتضار، كما أن تلك الدول كانت أكثر تساهلًا مع فكرة الإصابات والوفيات والتوعية والوعي بخطورة الأمر.
من بين عدد من الدول كانت الدولة الأكثر إقناعًا هي مصر. وفرت مصر عددًا جيدًا من الفنادق وحظرًا كاملاً للفرق الرياضية داخل المنتجعات السياحية، كما عهدت للمسئولين بتجديد وصيانة الملاعب خلال شهر واحد.
حسنًا، لقد تم الاتفاق بالفعل. سيتم استكمال الجولات التسعة المتبقية من الدوري الإنجليزي داخل مصر.
سيتم توزيع الفرق على عدد من الأماكن لتحقيق ما يشبه ميزة اللعب داخل وخارج الأرض. ستبقى فرق ليفربول والسيتي داخل القاهرة من أجل إجراءات أمنية مشددة. كذلك سيتم البث والتعليق والإخراج والإستوديوهات بطابع مصري خالص حيث سيتعذر استضافة هذا الكم من الإعلاميين.
هكذا أعلن المسئولون الإنجليز عودة الدوري الإنجليزي لتتجه أنظار العالم للقنوات المصرية، التي أعلنت بدورها تخصيص عشر قنوات لهذا الحدث الضخم وانطلاق ما تبقى من البطولة من أرض الكنانة تحت شعار: «البريمييرليج عندنا .. ادخلوها بسلام آمنين».
أينما كنتم أصدقائي فأهلًا بكم
بدأ الإستوديو المخصص لنقل الأسبوع الثلاثين من الدوري الإنجليزي قبل بداية المباريات بست ساعات كاملة. يمكننا أن نرى أسطول مصر الإعلامي متواجدًا في مكان واحد لأول مرة. فقرات متتالية بقيادة أحمد شوبير ومدحت شلبي وسيف زاهر و ضيافة الكباتن طه إسماعيل وأيمن يونس وفاروق جعفر والكثيرون من الوجوه المألوفة.
المباراة الأولى ستبدأ بعد لحظات، ليفربول في مواجهة الأرسنال على إستاد القاهرة. يورجن كلوب يلقي المحاضرة الأخيرة على لاعبيه داخل الغرفة المخصصة للفريق لكن ثمة جلبة تعيقه عن استكمال الحديث.
إنه الوجه المحبب صديق اللاعبين كابتن مهيب عبد الهادي ترافقه بعض الكاميرات خارج باب الغرفة و ملاصق له تحديدًا ينتظر خروج الفريق. أكمل كلوب محاضرته على مضض وخرج رفقة اللاعبين نحو الملعب لكن السيد مهيب كان لهم بالمرصاد.
استطاع مهيب بخفته المعهودة القبض على محمد صلاح من بين اللاعبين ليجري معه مداخلة سريعة حول شعوره باللعب بقميص فريق ليفربول فوق تراب الوطن وكم أن هذا فخر كبير. القليل من الأسئلة التي تحتوي على الإجابات البديهية أطلقها مهيب ثم فجأة انقطع الإرسال لنشاهد سيلًا من الإعلانات. وبعد مرور خمس دقائق كاملة من عمر المباراة بدأ البث أخيرًا رفقة الصوت الذهبي أيمن الكاشف.
انتهى الشوط الأول بهدف وحيد أحرزه «ساديو ماني راقص الباليه» على حسب تعليق أيمن الكاشف. فطن دائم الإبداع لخطأ الشوط الأول ولذا بدأ البث قبل بداية الشوط الثاني بدقائق شاهد خلالها العالم روعة وجمال القمر المصري المكتمل في سماء المحروسة.
قبل نهاية المباراة بدقائق استطاع ماستر أوف ساسبينس مسعود أوزيل إحراز هدف التعادل، إلا أن الحكم أشار بعدم صحة الهدف لوجود تسلل. انتظر الجميع تدخل الفار إلا أنه وللأسف تم اكتشاف تعطل الفار قبل بداية المباراة وقد نوه المسئولون المصريون لهذا العطل وأخلوا كامل مسئوليتهم قبل بدء المباراة بأربع دقائق كاملة. ولأنهم محترفون للغاية قدموا البديل والذي تم الاستعانة به بالفعل.
إنه الخبير التحكيمي العالمي الكابتن الشناوي. توقفت المباراة لخمس دقائق كاملة حيث تشاور العالمي مع كل الموجودين في الإستوديو حول صحة الهدف. حسم الجدل أخيرًا كابتن أيمن يونس الذي أكد على أن الوضع التشريحي لأوزيل يؤكد على أنه متسلل ثم أنهى الجدل تمامًا سيد الهدافين عماد متعب وأكد أنه أحرز هدفًا من تسلل مشابه إبان الفترة التي ظلمه خلالها كابتن حسام البدري.
صلاح: ابننا الغالي
أصبح ليفربول على بعد انتصار وحيد لتحقيق لقب الدوري الإنجليزي لتعود احتفالات غابت منذ 30 عامًا، لكن الاحتفالات كانت قد بدأت في القاهرة بالفعل.
قرر المصريون الاحتفال بابنهم محمد صلاح الذي استطاع وحده انتزاع لقب الدوري أخيرًا. عرف المصريون مكان الفندق المخصص لإقامة فريق ليفربول ثم بدأت الاحتفالات.
تم كسر الحظر المفروض بمباركة الجميع احتفالًا بالفرعون المصري، حيث تراكمت السيارات أسفل الفندق وبدأت احتفالات لم تحدث في مصر منذ التأهل لكأس العالم.
في حقيقة الأمر كان الناس قد سئموا المنازل منذ أن خضعوا للحظر المزعوم. لذلك وببساطة لم يكتف المصريون بيوم واحد من الاحتفالات بل ثلاثة أيام متواصلة كان يظهر خلالها كلوب في قنوات العالم يتضرع للجميع إيقاف تلك المهزلة. لم يستجب أحد فكل ما يهم أن تنتهي تلك التجربة وبشكل سريع.
خرج ليفربول إلى ستاد الجونة الرياضي لملاقاة فريق برايتون المباراة التالية. كان الملعب أشبه بالأسفلت ولم يكن برايتون ينوي الاعتراض فهو يريد الهروب من القاع بنقطة أو أكثر.
بسبب أرضية الملعب وانعدام الراحة وقلة التدريبات، خسر ليفربول تلك المباراة بهدف نظيف بينما فاز السيتي بالمباريات الثلاثة التي لعبها على أرض الكنانة.
صلاح: ليس ابننا وليس غاليًا
بدأت الأمور تنقلب رأسًا على عقب بعد خسارة ليفربول الأخيرة. ظهر محمد صلاح منتقدًا الوضع بأكمله. بدا على صلاح الغضب الشديد ثم صرح صلاح أخيرًا أمام كاميرات العالم أنه يشعر بالإحراج الكبير بسبب ما يحدث له منذ أن وطأت قدماه أرض هبة النيل.
على خلفية مقطع «بقي هي الدنيا كده، بقي همه الناس كده، يا خسااارة فرحتي»، شعر المصريون بالحزن الشديد، شعروا وكأنهم فقدوا أحد أبنائهم. لقد تغير محمد صلاح ونسي نفسه بل ونسي أن هؤلاء الذين يشعر بالإحراج بسببهم هم أهله وناسه.
استغل أبو ريدة الموقف وبدأ الحديث عن غرور صلاح وتعاليه على المصريين، أما شوبير فانتقد على استحياء لأنه كما ذكر لن ينسى مكالمة صلاح لابنه مصطفى شوبير لدعمه طوال حياته.
اتفق معهم المذيع المصري أحمد موسى لا لهدف سوى الحفاظ على عادة ما لديه لا وقت لشرح تفاصيلها وبدأت حملة متكاملة الأطراف ضد محمد صلاح وفريق ليفربول.
كلمة السر: غضب المصريين
لم يكن يعرف المصريون أنهم مباركون لهذه الدرجة. بدأ ليفربول في سلسلة خسائر متتالية دون هوادة. ست مباريات كاملة كان آخرها المباراة التي جمعتهم بالغريم مانشستر سيتي.
رغم أن أحد صبية الملعب رمى بكرة ثانية داخل الملعب أثناء انفراد محمد صلاح الكامل بالحارس إديرسون، إلا أن هذا كان من قبيل الصدفة. كما أن الفار عاد للعمل أخيرًا وأقر من خلاله حكام الفيديو إبراهيم نور الدين ومحمود البنا إلغاء بعض الأهداف لفريق ليفربول، لكن كل تلك الأخطاء هي صدفة بحتة لأن المصريين غاضبون.
بدأ كلوب في الصراخ و الوعيد والتهديد لكن تصريحات كلوب عادة عقب الهزيمة لا يحاول أحد الالتفات إليها، بينما على الجانب الآخر أكد بيب جوارديولا بأن روح الفراعنة ألهمت لاعبيه بالأصالة الناتجة عن التقارب اللازم للتمرير الدقيق ومن ثم تحقيق الهدف.
وبين هذا وذاك شعر محمد صلاح بالضياع التام. إنه على شفا الانهيار بعد أن تحول حلمه الجميل إلى كابوس لا يصدق. التقطت الكاميرا محمد صلاح بعد المباراة يبكي بحرقة. هنا رق قلب المصريين أخيرًا وعادت الأمور إلى مجاريها.
ليلة الحسم: عملوها المصريين
نحن الآن على بعد دقائق من بداية مباريات الأسبوع الأخير من الدوري الإنجليزي. ليفربول يقابل نيوكاسل على أرض ستاد القاهرة بينما يواجه مانشستر سيتي فريق واتفورد على أرض ستاد أسوان. في حقيقة الأمر لم يكن ستاد أسوان ضمن الملاعب المقترحة لكنها تعديلات أمنية جاءت في اللحظات الأخيرة.
ملعب القاهرة يمتلئ عن آخره. لقد اقتحم المصريون الملعب عنوة من أجل الهتاف لفريق ليفربول ومحمد صلاح بينما كان أهل أسوان ببشرتهم السمراء الجميلة والقمصان والجلاليب البيضاء خير معين لفريق نيوكاسل في الجنوب.
بدأت المباراة التي يجب أن تنتهي بفوز فريق ليفربول خاصة أن السيتي كان يمر بأوقات صعبة للغاية. سيطر التعادل على المباراتين مع أفضلية السيتي الذي يملك عدد أهداف أكثر من ليفربول، ثم كانت اللحظة الأخيرة.
«محمد صلااااح الفنااااااان وشنطة الأجوان بتظهر في الدقيقة 90». أحرز محمد صلاح أخيرًا هدف الفوز ببطولة الدوري لتغزو الجماهير أرض الملعب ويحملوا صلاح وماني وكلوب فوق الأعناق.
ها هم أبطال الدوري يحتفلون رفقة المصريين على أنغام الفنانة شادية والفنان حمادة هلال. تنقل الكاميرا كلوب وهو يركض ليحتضن كل من حوله ثم صورة لصلاح فوق أكتاف أحد المصريين، ثم تبدأ الشاشة في الخفوت ويظهر بالبنط العريض نقلها لكم المخرج محمد نصر الدين والوحدة الثانية عشر.