فبركة التصريحات: عن زيدان وخشبات السير أليكس فيرجسون العشر
مع الحاجة المُلحة لكسب المزيد من القُراء والمتابعين في فضاء الشبكة العنكبوتية ووسائل تواصلها الاجتماعية، أضحت الأخبار المُفبرَكة أو العناوين المُضلِلَة وسيلة تُمهد الطريق لهذه الغاية المرجُوة، والبعض يعتبر أن هذه الوسيلة تنم عن فطنة وذكاء في اختيار العناوين أو تعبر عن قدرة كبيرة في ترويج الخبر بمحتوى جذّاب يهدف لانتشار أوسع، وآخرون يعتبرون أنها وسيلة غير مشروعة وتستخدم من أجل التحايل على القارئ الذي يبتلع الطعم تارة، ويتجاهله تارة أخرى، وربما لوقوعه في ذات الفخ سابقًا وتعلمه الدرس جيدًا.
وفي عصرنا الحالي كما في العصر السابق، لا تُعد الأخبار المُفبركة دخيلاً جديدًا على كرة القدم، لكن في الآونة الحالية أصبحت عملية كشف الأمر أسهل وأبسط، ويتبين معها بالفعل أن «حبل الكذب قصير» كما يُقال، لكن سابقًا كانت العملية أشبه بالمهمة المستحيلة بسبب عدم توفر أدوات البحث المناسبة، وكان الخبر ينتشر كالنار في الهشيم حتى قبل التأكد من حدوثه، ومجرد الشك في الخبر سيجعلك تشعر بالعجز ريثما يتم تبيان صحة الخبر من عدمه.
مع استخدام الإنترنت وقدرة الكل على التعبير وطرح الآراء على وسائل التواصل الاجتماعية، أصبح بإمكان الجميع ممارسة العمل الإعلامي سواءً كان بمضمون هادف أم تجاري، فمن الممكن أن تقرأ خبرًا مفبركًا عن تعرض لويس سواريز لنوبة قلبية مع صورة مرفقة لبيان مُزور من نادي برشلونة بهدف الإقناع، وأيضا الأمر نفسه في أخبار الانتقالات، حيث يتم نشر صور اللاعبين بقمصان الفرق التي يُشاع الانتقال إليها وآخرها خوان ماتا، حيث انتشرت إشاعة انتقاله إلى إيفرتون بعد وصول جوزيه مورينيو إلى مانشستر يونايتد وتم تركيب صورته وهو يرتدي قميصًا لإيفرتون. فغاية هذه الأخبار خلق البروباغندا وكسب قاعدة مزيفة خلال يوم واحد. ومع هذا أصبحت مسئولية القارئ التأكد من الخبر قبل تصديقه، رغم أن العمل الإعلامي يضع مسئولية التحقق من مصداقية الخبر على الكاتب أو الناشر وليس العكس.
خشبات السير أليكس فيرجسون
تتحدث خرافتنا المتداولة عن أساطير الأقدمين أن مدرب حكيم يدعى أليكس فيرجسون قال في إحدى المرات إنه لو أعطيته لاعبًا يسمى زيدان و10 قطع من الخشب، فسيتمكن بسهولة من تحقيق لقب دوري أبطال أوروبا.
أي مدرب مهما كان اسمه وتاريخه وإنجازاته فلن يتحدث بهذه الطريقة السطحية عن أي لاعب مهما كبر اسمه وعظم شأنه، فكرة القدم في المقام الأول لعبة جماعية ولا تعتمد على أداء الفرد بصورة إجمالية إلا في بعض التجليات التي تبهرنا بين الفينة والأخرى، وهذا القول الساذج لن يخرج من فم رجل بنى بعمله الأسطوري عرشًا نصبه ملكًا على كرة القدم الإنجليزية، وللتحقق من سذاجة هذا التصريح علينا أن نعود إلى كلمات السير فيرجسون نفسه عندما واجه ريال مدريد عام 2003.
لويس فيجو وصراع الكذب والكذب المضاد
تعد تبعات الكلاسيكو من أسوأ مُفرزات السجال الكروي في العصر الحديث، فجودة الصراع الرياضي والفني لا تعكس قيمتها عندما يتم التطرق للصراع بين إعلام وجماهير الفريقين على وسائل التواصل، فالنزاع الجماهيري والإعلامي بين قطبيه وصل لحالة متدنية من المهاترات والمناكفات بين أخذ ورد دائم. وهذا الأمر ليس محصورًا بالكلاسيكو وحده، بل هو مرتبط بالمكان والزمان، حيث يتواجد الفريقان في أي مسابقة وضمن أي ظرف كان.
هذا التصريح المتداول على أنه من المؤتمر الصحفي لتقديم فيجو كلاعب لريال مدريد خاطئ تمامًا، لأن فيجو قال هذه الكلمات في نهاية مشواره مع الريال وليس في بدايته، وهذا التصريح متداول بكثرة بين مشجعي برشلونة بهدف سكب المزيد من الزيت على النار، ومن أجل تأجيج مشاعر الكراهية اتجاهه.
علما أن فيجو ليس أول من ينتقل إلى ريال مدريد قادمًا من برشلونة، فسبقه عديد اللاعبين وآخرهم مايكل لاودروب عام 1995، لكن لاودروب لم يتعرض لأمر مشابه بسبب عدم استغلال انتقاله والتركيز عليه من قبل الإعلام في عصر الإعلام والإنترنت.
جاري نيفيل وكأن الخسارة وحدها لا تكفي
أحد التصريحات المفبركة التي انتشرت في الآونة الأخيرة تتعلق بغاري نيفيل عندما كان مدربًا لفالنسيا، حيث تعرض للهزيمة بسباعية أمام برشلونة، وبعد المباراة ظهر تصريح من العدم ولا أساس له من الصحة وتم نسبه لغاري عندما كان محللًا على شاشة سكاي سبورت الإنجليزية.
وقامت صحيفة الإنديبندنت الإنجليزية بإجراء مراجعة لتصريحات نيفيل في تلك الفترة عن برشلونة، وتبين أن نيفيل لم يظهر كمحلل ضمن ليالي دوري الأبطال وكان معلقًا مساعدًا، ولا يوجد أي مقطع فيديو يُثبت قوله لهذا التصريح.
ديفيد بيكهام ضحية الأخبار التسويقية المُضلِلة
في مقابلة لديفيد بيكهام على شبكة سكاي سبورت الإنجليزية بعد اعتزاله، سأله زميله في مان يونايتد جاري نيفيل عن اللحظة التي فكر فيها جديًا بالاعتزال.
لكن الخبر تم تناقله على أساس جدي دون الإشارة إلى تكملة تصريح بيكهام الذي أضاف أنه لم يفكر كثيرًا في الأمر، وشعر بأن الوقت حان للخروج بعد هذه المسيرة الطويلة، والأمر الأكثر أهمية والذي لم يفهمه البعض، أن ميسي ليس بحاجة لهذا النوع السيئ من التسويق، فقيمته وموهبته أكبر من هذه التلفيقات.
فقط في خيالات العرب، لاجازيتا تقبل التحدي وتكسبه
خرافة أخرى يتناقلها الجمهور العربي الرياضي وخاصة جماهير يوفنتوس والدوري الإيطالي بشكل عام، والقصة تتحدث عن استعراض للعضلات بين أكبر صحف إسبانيا وإيطاليا بطريقة طفولية وهزلية للغاية، وبحسب الخرافة قامت صحيفة ماركا الإسبانية بإطلاق تحدٍ أعلنت فيه إغلاقها وتوقفها عن النشر لمدة أسبوع كامل إن خسر ريال مدريد في مواجهة نصف نهائي دوري أبطال أوروبا أمام يوفنتوس عام 2003.
لكن الرد كان قاسيًا من لاجازيتا ديلو سبورت التي أعلنت قبولها للتحدي مع التصعيد وإعلانها عن إغلاق الصحيفة إلى الأبد إن خسر يوفنتوس، في إشارة واضحة لقوة الفريق الإيطالي وثقة الصحافة بقدراته، وهذا كله ضمن تخيلات المشجع الرياضي العربي.
رسالة تشيشاريتو، فخٌ مُحكَم وصَيدٌ سهل
بعد انتقال خافيير هيرنانديز « تشيشاريتو » إلى ليفركوزن بعد قضائه 5 أعوام في إنجلترا، قام المكسيكي بنشر رسالة على وسائل التواصل وجه فيها الشكر للنادي والسير وبعض المسئوليين داخل الفريق، لكن تم الترويج لرسالة أُخرى تم فبركتها بشكل مُتقن، حيث تقول الرسالة:
وقال لي فان جال بعد اللقاء:
هذه الرواية مصممة بإحكام بهدف اللعب على التفاصيل واستجداء عاطفة القارئ بعد رحيل تشيشاريتو عن مانشستر يونايتد، وقد وقعت بعض وسائل الإعلام في هذا الفخ بسهولة شديدة.
جاك كولباك، ضريبة الانتقال والهبوط
بعد انتقال اللاعب الإنجليزي جاك كولباك من ناديه الأم سندرلاند إلى نيوكاسل يونايتد، قام أحد جماهير سندرلاند بنشر صورة مرسوم عليها كولباك وحول عنقه حبل في إشارة لشنقه بعد أن وقع للغريم التقليدي، لكن بعد هبوط نيوكاسل إلى الشامبيونشيب قام أحدهم بفبركة تصريح ونسبه لجاك.
وانتشر هذا التصريح المنسوب للفتي الأشقر كالنار في الهشيم على مواقع التواصل الاجتماعي وبين مشاهير إنجلترا حتى قام نادي نيوكاسل بنفي تلك التصريحات جملة وتفصيلًا بعد ذلك.