دليلك لاستكشاف سماء ليل الوطن العربي — مايو/آيار 2019

خلال الأيام الأولى من شهر مايو ارتفعت درجات الحرارة بشكل يعلن رسميًا عن قدوم الصيف الحار، أما السماء فقد أعلنت ذلك بداية من أبريل، فالجبّار قد تنحّى تمامًا عن المشهد تاركًا السماء تحت سيطرة ثلاثة من العمالقة، مثلث الصيف، الدب الأكبر، والعقرب، سماء الصيف المميزة قد وصلت إلى قواعدها بسلام.

أهم الأحداث

2 مايو

فجرًا، قبيل شروق الشمس بدقائق، يمكن لك مع بعض التركيز أن ترى الهلال، بإضاءة 8%، واقفًا على مسافة قريبة من ألمع أجرام السماء في تلك الفترة، وهو كوكب الزهرة، الذي يلمع أعلى الأفق.

3 مايو

قبيل شروق الشمس بدقائق، يمكن أن تلمح الهلال الأخير لشعبان، بإضاءة 3% فقط، يقف إلى جوار نقطة صفراء لامعة، إنه كوكب عطارد، ليس من السهل أن تنجح في تلك المهمة لأن كليهما سيكونان فوق الأفق تمامًا، لكن مع نظارة معظمة سيكون المشهد بديعًا.

5 مايو

يولد الهلال الجديد في تمام الساعة 00:45 دقيقة بتوقيت مصر، ذلك هو يوم الرؤية، وميلاد الهلال مبكرًا للغاية – بعد منتصف ليل الرابع من مايو – يعني فرصة واسعة لإيجاد الهلال. في القاهرة، يغيب القمر بعد 28 دقيقة من غروب شمس الخامس من مايو، ويكون عمره 17 ساعة و49 دقيقة، ويعني ذلك أن الإثنين 6 مايو هو أول أيّام رمضان.

5 مايو أيضًا

في تمام الساعة الثالثة عصرًا بتوقيت مصر، أوج زخة شهب «ايتا الدلويات»، لا يمكن رؤية الكثير خلالها في الوطن العربي مساء ذلك اليوم أو فجر الذي قبله.

6 مايو

هل يمكنك التقاط أول أهلة شهر رمضان؟ ارفع رأسك للسماء قبيل بعيد الغروب مباشرة وتأملها قليلًا، هناك في الأفق الغربي سترى الهلال الرفيع، بإضاءة 3% فقط، واقفًا إلى جوار الدبران Aldebaran ألمع نجوم برج الثور Taurus.

7 مايو

هلال رمضان يتقدم خطوة إلى الأمام، هذه المرة يقف إلى جوار المريخ الأحمر اللامع داخل سداسي الشتاء، إنها آخر مرة هذا العام يقف القمر فيها داخل هذا المشهد، خلال مايو سيختفي الجبار ورفاقه، وكذلك المريخ، خلف الأفق.

9 مايو

في تمام الساعة 08:50 دقيقة مساءً بتوقيت مصر، القمر في العقدة النازلة، يعني ذلك أنه يقع تمامًا في مستوى دوران الأرض مع الشمس.

10 مايو

القمر، بإضاءة 35%، يقف إلى جوار رأسي التوأم، المقدم Castor والمؤخر Pollux، ألمع نجمين في برج التوأم، الرأس المؤخر يبدو أكبر، ويمكن تمييزه بسهولة لأنه مائل للون الأحمر.

12 مايو

في الساعة 03:12 صباحًا بتوقيت مصر، ينقسم قمر رمضان نصفين متساويين تمامًا، نحن الآن في مرحلة التربيع الأول. قمر التربيع الأول يقف مباشرة إلى جوار قلب الأسد أو المليك Regulus ألمع نجوم برج الأسد Leo، قلب الأسد يبتعد عنّا حوالي 80 سنة ضوئية، يعني ذلك أن ما تراه الآن هو قلب الأسد قبل 80 سنة !

13 مايو

في تمام الساعة 11:53 مساءً بتوقيت مصر، يكون القمر في أقرب نقطة له من الأرض أثناء دورانه حولها، على مسافة 369017 كيلومتر، تسمى «الحضيض Perigee».

16 مايو

18 مايو

في تمام الساعة 11:11 بتوقيت مصر، ينتصف شهر رمضان، حيث يملأ البدر السماء بإضاءة كاملة، الأيام تمر بسرعة.

19 مايو

يبدأ القمر برقصته الشهرية المتأخرة بين الكواكب والنجوم، هذه المرة يقف إلى جوار ألمع نجوم برج العقرب، يسمى «قلب العقرب» وسمي كذلك Antares نسبة إلى «آريس» اله الحرب والدماء في الأساطير القديمة، وكأنه Anti – Ares، لأنه أحمر مثل كوكب المريخ الممثل لهذا الإله.

20 مايو

يقف القمر على مسافة قريبة للغاية من كوكب المشتري، إنه واحد من أفضل مشاهد هذا العام، في تلسكوب صغير يمكن أن ترى أقمار المشتري.

22 مايو

يقف القمر قريبًا جدًا من جرم أصفر لامع، هذا هو كوكب زحل، في تلسكوب صغير يمكن أن تلاحظ حلقاته البديعة. وفي تمام الساعة 09:12 مساءً يقف القمر تمامًا على نفس المستوى مع الأرض والشمس، يقال هنا إن القمر في «العقدة النازلة»

26 مايو

في تمام الساعة 03:27 ظهرًا بتوقيت مصر، القمر في الأوج Apogee ، يعني ذلك أنه في أبعد مسافه له عن الأرض أثناء دورانه حولها، حيث يقع منها على مسافة 404134 كيلومتراً. وفي تمام الساعة 06:33 دقيقة مساءً، القمر في التربيع الثاني، بقي أسبوع واحد فقط ويأتي العيد.

ألمع نجوم الشهر

علامات رصدية

كيف نمسك هلال شهر رمضان؟

يولد الشهر القمري الجديد، ويسمى القمر (قمراً جديداً New Moon)، حينما يكون القمر واقفًا تمامًا بجوار الشمس، فلا نتمكن من رؤيته لأنه سيغرب معها بالتأكيد، ثم في اليوم التالي يكون القمر قد تحرك في دورته قليلًا مبتعدًا عن الشمس، بينما تظل الشمس ثابتة (لنفترض الآن فقط أنها كذلك، سنلغي حركة الأرض للتبسيط).

بالنسبة إلينا، يعني ذلك أن القمر سيغرب بعد الشمس بنحو 50 دقيقة، وفي كل يوم يبتعد القمر ويزداد الفارق بين موعد غروبه وموعد غروب الشمس 50 دقيقة إضافية، فإذا غربت الشمس، مثلًا، في السادسة مساء يغرب القمر معها يوم ميلاده، ثم بعدها بيوم يغرب في 06:50، ثم نضيف جرعة إضافية في اليوم التالي فيغرب القمر في 07:40، ثم 50 دقيقة إضافية فتغرب الشمس في السادسة والقمر في 08:30 مساء، وهكذا نستمر في إضافة 50 دقيقة كل يوم، ويستمر القمر موجودًا في السماء لفترة أطول ومسافة أكبر بينه وبين الشمس.

يعني ذلك أنه في يوم البدر، بعد نحو 14 يومًا، سيكون قد مر عدد من الدقائق يسمح أن يشرق القمر (من الشرق) في اللحظة التي تغرب فيها الشمس من الجهة الأخرى، ويظل القمر يتباعد في غروبه عن الشمس يومًا بعد يوم حتى يصل إليها من الجهة الأخرى فيتقابلان من جديد ويبدأ شهر آخر، بالطبع لا حاجة لنا أن نوضح أن كل هذه هي أمثلة للتقريب فقط، بينما في الحقيقة يحتاج بالطبع الأمر إلى حسابات فلكية أكثر تعقيدًا من ذلك، لكن الفكرة واحدة.

يتحدد الشهر الهجري بالرؤية، والرؤية هي أن تخرج لتبحث عن القمر في السماء.

لكن متى نبحث عنه؟

في الغروب التالي لميلاد القمر. إذا كان قد ابتعد عنها بما فيه الكفاية، بحلول الغروب، يمكن لنا رصده ونقول إن غدًا هو أول أيام رمضان، وإن لم يحدث فيقال إن غدًا هو المتمم لشعبان، وبعد غد هو أول يوم في رمضان.

وهذا شيء يمكن توقعه وحسابه عبر طرق عدة لكننا سنختار أبسطها، وهي أنه يمكن لنا رؤية القمر بعد الغروب – فقط – إن كان الفارق بين لحظة ميلاد القمر ولحظة الغروب التالي أكبر من 14 ساعة، فإذا ولد القمر مثلًا فجر الأربعاء في الساعة 03:00 فمن الممكن بسهولة رؤيته بعد غروب شمس الخميس الساعة 06:00 مثلًا، لأن الفارق هنا هو 15 ساعة كاملة.

هذا العام سيولد القمر في تمام الساعة 00:45 بعد منتصف ليل يوم 4 مايو، بالتالي سنحاول رصد القمر بعيد الغروب التالي يوم 5 مايو، يعني ذلك فارقًا قدره أكثر من 17 ساعة، وبالتالي من المفترض أن نتمكن من رؤية الهلال وإعلان أن رمضان يوم 6 مايو.

يمكن لك كذلك التعرف على أدق النتائج حول رؤية الهلال من المشروع الاسلامي لرصد الأهلة.

علامات تلسكوبية

هناك الكثير من المتعة التي تنتظرنا في شهر مايو، بتلسكوب صغير يمكن لك رصد عدد من أجرام مسييه السهلة، اخترنا لك الأجرام التي يمكن بسهولة أن تراها بعد منتصف الليل، لأن رمضان هو شهر السهر كلما جاء والطقس حار:

التجمعات العنقودية Globular clusters تضم عددًا مهولًا من النجوم المكدسة، تبدأ من عشرات وقد تصل إلى مئات الآلاف من النجوم في التجمع الواحد، ربما يصل قطر التجمع الواحد إلى 160 سنة ضوئية، أي أنه بعرض 150 مجموعة شمسية!

لا تقع تلك التجمعات ضمن المجرة نفسها لكنها تنتشر في هالة المجرة، وتدور في مدارات بيضاوية حول مركز المجرة. التجمعات العنقودية من أقدم الأجرام في الكون، ربما أقدم من بعض المجرات، قد تصل أعمار بعضها إلى 15 – 17 مليار سنة كالتجمع NGC 5286 في كوكبة قنطورس، ذلك بالتحديد مما يجعلها مثيرة للأهمية بالنسبة لي، حينما تلقي نظرة على تجمع عنقودي خلال تلسكوب ما فأنت تنظر الآن لشيء قدمه من قدم الكون نفسه، ألا يدعو ذلك للفضول؟

التجمع العنقودي مسيية 18

حكايات النجوم

قديمًا رفع البشر رءوسهم لسماء الليل، استخدموا نجومها لتحديد الوقت، ولاستشراف مواسم الحر والمطر، فربطوا الزراعة والحصاد وتبرعم الأزهار بالنجوم وحركاتها بالنسبة للشمس والقمر. ثم كان النهار حارًا على أهل الصحراء فسافروا ليلًا، ولمعرفة الاتجاهات استخدموا النجوم.

لذلك كانت النجوم جزءًا من حياة البشر اليومية، جزءًا من محتواهم المجتمعي الدارج، ربطوها بأساطيرهم ودياناتهم وتأملوها أملاً في حياة سعيدة ومستقبل مسكون بالفرحة. في الحقيقة لا يمكن لنا الآن تخيل كيف تكون سماء الليل جزءًا أساسيًا من حياة شخص ما، فنحن في مدننا المعاصرة مغرقين بالمصابح.

بالنسبة للعرب، فإن كل شيء في حياتهم تقريبًا كان مبنيًا على منازل القمر، حيث يقفز القمر في السماء كل ليلة، ويقف بين مجموعة من النجوم، سميت تلك المجموعات من النجوم بمنازل القمر، وفيها كذلك تقف الشمس، لكن الشمس تقفز من منزلة إلى منزلة مرة كل 13 يومًا، مما يجعل السنة كلها 28 منزلة، تسمى الأنواء.

على سبيل المثال، حينما تقف الشمس في إلى جوار منزلة تدعى «الشرطين» عند الشروق، وهما نجمان من كوكبة الحمل، يعني ذلك بداية اعتدال الحرارة، وهكذا استخدم العرب تلك المنازل من أجل توقع الطقس، وبالتالي الزراعة، كذلك ربطوها بمصائرهم وعلاقاتهم مع الاخرين.

خلال شهر رمضان، تابعونا على صفحة «السماء الليلة» سنتحدث كل يوم عن منزلة قمرية محددة