مقتطفات من تاريخ جائزة نوبل المثير للجدل
هل كل الحاصلين على جائزة نوبل يستحقونها؟ أليس هناك من كان أولى بالحصول عليها لكن لم يوضع اسمه ضمن تاريخ الشرف؟
أمر غريب.. لماذا رفض البعض الجائزة الثمينة؟ من هذا النابغة الذي يمكنه الحصول على أكثر من نوبل؟ ولما الجدل دائماً حول نوبل للسلام؟
هؤلاء لا يستحقون نوبل!
ذكرت صحيفة لوموند الفرنسية أن بعض الذين حصلوا على جائزة نوبل لم يكونوا يستحقونها؛ لأن اكتشافاتهم ونظرياتهم أثبتت فشلها وتسببت في كوارث. ومن هؤلاء:
الدنماركي «يوهانس فيبيجر»
حصل على نوبل في الطب عام 1926؛ لاكتشافه أن دودة (سبيروبتيرا كارسينوما) هي المتسببة في حدوث السرطان، فقد أظهرت تجاربه أن الفئران التي تناولت يرقات الديدان أُصيبت بالسرطان. ثم تبين بعدها أن الفئران أصيبت بالسرطان بسبب نقص فيتامين أ.
النمساوي «يوليوس جوريج»
حصل على نوبل في الطب عام 1927؛ لجهوده في علاج مرض الزهري (مرض بكتيري ينتقل عبر الاتصال الجنسي)، فقد اكتشف أن طفيل الملاريا يمكنه القضاء على الزهري. لكنه بالطبع يُصيب المريض بمرض آخر قاتل وهو الملاريا.
السويسري «بول مولر»
حصل على نوبل في الطب عام 1948؛ لتجاربه على الـ DDT (مادة كيميائية حارقة تم حظر استخدامها في 2001 بمعاهدة دولية)، فقد اكتشف أنه يمكن استخدامها كمبيد قوي للذباب والبعوض، وذلك لحماية المحاصيل الزراعية، ومكافحة الأمراض المنقولة بالحشرات مثل التيفوس والملاريا، وقد ساعد اكتشافه في القضاء على الملاريا في جنوب أوروبا. وفيما بعد وجد العلماء أن هذه المادة تسمم البيئة والحياة البرية.
البرتغالي «إيجاس مونيز»
حصل على نوبل في الطب عام 1949؛ لقيامه بعملية جراحية لإزالة الفص الجبهي من المخ؛ وذلك لعلاج مرض نفسي، وأصبحت العملية شائعة لعلاج الشيزوفرينيا وأمراض عصبية أخرى، لكن هذه العملية سببت آثارا جانبية خطيرة، فقد توفي بعض المرضى، وعاش بعض منهم بأضرار شديدة في الدماغ، والبعض أصبح مخدراً عاطفيا وبلا استجابة حسية.
الأمريكيان «مايرون سكولس» و«روبرت ميرتون»
حصلا على نوبل في الاقتصاد عام 1997؛ لوضعهما منهجية لتقييم خيارات الأسهم مهدت الطريق للتقييمات الاقتصادية في العديد من المجالات. كما أنتجت أنواعا جديدة من الأدوات المالية، وسهلت إدارة المخاطر بمزيد من الكفاءة. لكن الكارثة ظهرت عند تحويل نظريتهما إلى واقع عملي، فقد تسببت في خسائر للشركة قُدرت بحوالي 4 مليارات دولار.
هؤلاء يستحقون نوبل
هناك العديد من الاختراعات والاكتشافات التي غيرت وجه البشرية، ولم يحظ مخترعوها بجائزة نوبل، ومنها:
الإنترنت
لم يحصل على نوبل البريطاني (تيم بيرنرز لي)، مؤسس شبكة الإنترنت التي أدت إلى تغيير شامل في الحياة البشرية، بتوفير كميات هائلة من المعلومات، وساهمت في إنشاء ملايين المشروعات الصغيرة والعملاقة.
الجينوم
الجينوم البشري أو الـ DNA هو كامل المادة الوراثية للإنسان. تم الانتهاء من النسخة الأولية من مشروع الجينوم البشري عام 2001، بعد أبحاث العالم (كريج فنتر) وفريقه، ولم يمنح أحد من فريق العمل جائزة نوبل، رغم ما أحدثه هذا المشروع الهندسي المتكامل من تطور وتغير في الطب والدواء وعلوم الوراثة.
الكهرباء
توماس أديسون مخترع المصباح الكهربائي لم يحصل على نوبل، رغم الأثر الكبير لاختراعه في تطوير الحياة، حيث جعل الكهرباء أحد أهم أسس حياة البشر.
جدير بالذكر أنه عام 1916 مُنح (أديسون) و(نيكول تيسلا) جائزة نوبل للفيزياء؛ لجهودهما في مجال الفيزياء التجريبية، وبسبب خلافهما رفضا تقاسم الجائزة، فحُجبت عنهما.
شجرة الحياة
كان العلماء يصنفون الميكروبات على أساس أشكالها، إلى أن اكتشف (كارل ووز) ما تم تسميته «مملكة الأصليات»، حيث قام بتصنيف وتحديد العلاقات بين الميكروبات عن طريق مقارنة جيناتها، مما مكن العلماء من رسم آليات العلاقات بين الكائنات بمختلف أنواعها، وبفضل أبحاثه امتدت شجرة الحياة لتضم كائنات عديدة، مما أسهم في كشف العلاقات التي تربط الكائنات الحية بأكملها، لكنه لم ينل الجائزة.
النسبية
غيّر أينشتاين مفهوم الكون والفضاء والفيزياء عبر نظريتيه: النسبية الخاصة والنسبية العامة، لكنه لم يحصل على جائزة نوبل تقديرا لأي منهما، بل حصل عليها عام 1921؛ لإنجازاته في مجال الفيزياء النظرية، واكتشافه قانون الظاهرة الكهروضوئية.
نوبل للسلام تثير الجدل دائماً
رغم حصولها على نوبل للسلام عام 1991، فإن زعيمة ميانمار «أون سان سو تشي» لم تقم بجهود سلمية لوقف الإبادة الجماعية ضد مسلمي الروهينجا، والتي أجبرت أكثر من نصف مليون شخص من أقلية الروهينجا المسلمة على ترك منازلهم، وأودت بحياة أكثر من 3000 شخص. وقد رفضت «سو تشي» إدانة أعمال العنف، بل أدانت التغطية الدولية للمجازر واصفة إياها بأنها «أخبار مزيفة»، مؤكدة أن الروهينجا مهاجرون غير شرعيين.
لم تكن واقعة «سو تشي» هي الأولى من نوعها، فهناك وقائع مماثلة متعلقة بجائزة نوبل للسلام التي تثير العديد من الشكوك دائما. حيث ذكر المؤرخ البريطاني «ريتشارد إيفانس»، في مقاله أن الجدل يبدأ من «ألفريد نوبل» مؤسس الجائزة، الذي اخترع الديناميت، واخترع مادة متفجرة أخرى وهي الجلجنيت، علاوة على امتلاكه شركة للأسلحة، ومن المرجح أن نوبل قرر تخصيص ثروته لجوائز منها جائزة للسلام؛ لاعتقاده أن ذلك قد يجعل العالم يتغاضى عن الدمار الذي تسببت فيه اختراعاته، على حد قول إيفانس.
ويضيف إيفانس أن مما يثير الجدل حول الجائزة هو منحها للناشطين في ميدان السلام، والمفاوضين الرئيسيين في المعاهدات الدولية، والدبلوماسيين، والسياسيين الساعين للسلام، ما يشير إلى تسييس الجائزة.
كذلك مُنحت الجائزة عددا من الناشطين في مجال حقوق الإنسان، مثل: مارتن لوثر كينغ، والناشط المناهض للفصل العنصري ديزموند توتو، والعالم السوفييتي والناشط الديمقراطي أندريه ساخاروف، والناشطة الإيرانية شيرين عبادي، والراهبة الأم تريزا، والناجي من المحرقة إيلي ويزيل، والزعيم البولندي ليخ فاونسا، وكل هؤلاء لم يلعبوا دورا في تحقيق السلام بين الأمم، كما يرى إيفانس.
فيما مُنحت نوبل للسلام لثلاثة قادة إسرائيليين؛ هم مناحم بيجن وإسحاق رابين وشيمون بيريز، رغم تورطهم في مذابح ضد الفلسطينيين، ودورهم في التطهير العرقي للقدس، وزيادة رقعة الاستيطان في الأراضي المحتلة، علاوة على فشل مفاوضات السلام.
بينما لم تُمنح الجائزة ثائراً ضد الاستعمار الأوروبي، في مقابل منحها لمعارضين لأنظمة معادية للولايات المتحدة؛ بغرض تشويه صورة هذه الأنظمة.
هؤلاء رفضوا الجائزة
الأيرلندي «برنارد شو»
رفض نوبل في الأدب عام 1925، قائلا: «لم يعد لي حاجة إلى تلك الجائزة»، مضيفاً: «إنني أَغفر لنوبل أنه اخترع الديناميت لكنني لا أغفر له أنه اخترع جائزة نوبل، إنني أكتب لمن يقرأ لا لأنال جائزة».
الفرنسي «جان بول سارتر»
رفض نوبل في الأدب عام 1964، ووصفها بأنها «جائزة سياسية»، مضيفاً: «رفضي ذلك الأمر أنقذ حياتي؛ فأنا أرفض صكوك الغفران الجديدة التي تمنحها جائزة نوبل».
وبحسب دارسي فلسفته يمكن أن يعود الرفض إلى أنه بنى أفكاره على نقد كل أشكال المؤسسات التي كان يصفها بالـ «مميتة»، كما كان يعتبر هذه الجائزة «قبلة الموت»؛ حيث كان يخشى أن يتم تكريسه من قبل الجائزة فلا يستطيع أن يتم مشروعه بسبب فوزه بها.
الفيتنامي «لي دوك ثو»
في عام 1973، مُنحت نوبل للسلام وزير الخارجية الأمريكي (هنري كيسنجر) ونظيره الفيتنامي (لي دوك ثو)؛ لدورهما في اتفاقيات باريس التي أنهت رسميا حرب الفيتنام، وقد رفض (ثو) الجائزة؛ لأن المحادثات لم تؤدِ إلى إنهاء القتل، فقد استمرت الحرب لمدة سنتين بعد المحادثات، كما قرر كيسنجر عدم حضور حفل استلام الجوائز، وتبرع بالجائزة المالية للجمعيات الخيرية.
الروسي «بوريس باسترناك»
حصل على نوبل في الأدب عام 1958 عن روايته «الدكتور زيفاجو»، التي حملت انتقادا للنظام الشيوعي في روسيا، لكنه اضطر إلى رفض الجائزة بإجبار من سلطات الاتحاد السوفييتي.
وقد مُنعت الرواية من النشر في الاتحاد السوفييتي، ولم تنشر إلا عام 1988. وذكر مورخون أن المخابرات البريطانية والأمريكية تدخلت لمنحه الجائزة؛ لاستخدامها في الدعاية ضد الاتحاد السوفييتي.
نوبل أكثر من مرة
اللجنة الدولية للصليب الأحمر
هي أكثر من فاز بالجائزة، حيث فازت بنوبل للسلام 3 مرات، الأولى عام 1917؛ لجهودها في حماية أسرى الحرب العالمية الأولى، والثانية عام 1944؛ لجهودها في حماية أسرى الحرب العالمية الثانية، والثالثة عام 1963؛ لجهودها خلال الصراعات في المجر والجزائر والكونغو والتبت.
جدير بالذكر أنه في عام 1901، حصل مؤسسها السويسري (هنري دونان) مع الفرنسي (فريديريك باسي) على أول جائزة نوبل للسلام.
ماري كوري
حصلت على نوبل في الفيزياء مع زوجها عام 1903؛ لأبحاثهما في دراسة ظاهرة الإشعاع المؤين، وحصلت على نوبل في الكيمياء منفردة عام 1911؛ لاكتشافها عنصري الراديوم والبولونيوم. وتعد أول امرأة تفوز بجائزة نوبل، وأول شخص يفوز بالجائزة مرتين، وهي أحد شخصين فازا بالجائزة في مجالين علميين مختلفين.
جدير بالذكر أن ابنتها (أيرين) وزوجها (فريدريك جوليو) فازا بجائزة نوبل في الكيمياء عام 1935، كما أن زوج ابنتها الصغرى (هنري لابويس) تولى قيادة اليونيسف، وحصل على نوبل للسلام عام 1965.
لينوس باولنج
حصل على نوبل في الكيمياء عام 1954؛ لأبحاثه عن طبيعة الروابط الكيميائية ودورها في توضيح تركيب المواد المعقدة، وحصل على نوبل للسلام عام 1962؛ لحملته ضد التجارب النووية، حيث ساعد الحكومة الأمريكية على تطوير الأسلحة والمتفجرات خلال الحرب العالمية الثانية، وعندما أُسقطت القنبلة الذرية على هيروشيما أنشأ عريضة تدعو إلى إنهاء التجارب النووية وقع عليها أكثر من 11 ألف عالم، فحصل على نوبل للسلام، وبعدها بعام تم التوقيع على أول معاهدة لحظر التجارب النووية.
المفوضية السامية لشئون اللاجئين
حصلت على جائزة نوبل للسلام عام 1954؛ لجهودها في العمل الإنساني،ولمناشدة حكومات العالم لتقديم المزيد من الدعم المالي للمفوضية، وحصلت على نوبل للسلام عام 1981؛ لجهودها في العمل الإنساني أيضاً.
جون باردين
الوحيد الذي حصل على نوبل في الفيزياء مرتين، الأولى عام 1956 مشاركة مع (ويليام شوكلي) و(والتر براين)؛ لأبحاثهم عن أشباه الموصلات واكتشافهم لتأثير الترانزستور، والثانية عام 1972 مشاركة مع (ليون كوبر) و(روبرت شريفر)؛ لأبحاثهم عن المواد فائقة التوصيل، والتي تسمى «نظرية باردين- كوبر».
فريدريك سانجر
رابع شخص يُمنح الجائزة مرتين، والوحيد الحاصل على جائزتي نوبل في الكيمياء، الأولى عام 1958؛ لعمله على بنية البروتينات، وعلى الأخص الأنسولين، والثانية عام 1980 بمشاركة (بول بيرج) و(والتر جيلبرت)؛ لمساهماتهم في تحديد تتابع قواعد الأحماض النووية.