إيلون ماسك: عثرات على طريق النجاح
شهد إيلون ماسك لحظات سُجلت في صفحات التاريخ الناجحة، لحظات أثارت الانبهار لدى العامة والأمل والحماس لدى المتخصصين. شهد الـ21 من شهر ديسمبر/ كانون الأول لعام 2015 إحدى هذه اللحظات عندما نفذت شركة SpaceX -إحدى شركات إيلون ماسك – أول عملية هبوط لصاروخ «فالكون 9»، والتي تمكنت من خلالها أن تثبت إمكانية نجاح تقنياتها لهبوط الصواريخ، وتحقيق عامل جديد يحد من تكلفة السفر والإنتاج.
وثقت ناشيونال جيوغرافيك هذه اللحظات من خلف الستار لتكشف لنا الكواليس على العاملين بالشركة أثناء إطلاق وعودة الصاروخ «فالكون 9»، وبالتأكيد ردود فعل وانطباعات إيلون ماسك عند حدوث ذلك.
لكن، الأمر ليس كذلك دائمًا بالنسبة لماسك.
حياة مليئة بالعثرات
في إحدى المقابلات مع إيلون حول شركة SpaceX قال:
يرى الكثير من الجمهور أن حياة أشخاص مثل إيلون ماسك خالية من مراحل مختلفة من الفشل، لا يدركون أن ما إن تصل إلى نجاح حقيقي لا بد لك أن تمر بمراحل فشل متعددة في توقيتها وفي شدتها. وبالتأكيد لم تخلُ حياة إيلون من هذه الصعاب التي أحيانًا كادت تكون كالضربة القاضية. لنستعرض سويًا مراحل مختلفة من الفشل في العشرين سنة الأخيرة من حياة إيلون.
شركة Zip2
أسس إيلون شركة Zip2 بالشراكة مع أخيه بعدما حصلا على 28 ألف دولار من والدهما ليؤسسا الشركة. كانت عبارة عن دليل للمواقع المحلية على شبكة الإنترنت وتقدم هذه الخدمة لبعض من الصحف الشهيرة كصحيفة نيويورك تايمز.
كان إيلون في بادئ انطلاقة شركته يسكن في المكتب توفيرًا للأموال، وكان يستحم في جمعية الشبان المسيحية المحلية كذلك، كانت الأمور صعبة بعض الشيء عليه. عندما بدأت الشركة في جذب عدد من المستثمرين لها، رفضوا أن يصبح إيلون المدير التنفيذي للشركة وبدلًا من ذلك أصبح المدير التنفيذي للتقنية بالشركة والذي لم يكن بدوره يستطيع أن يتحكم في مجريات العمل داخل الشركة.
حدث انفراجة في عام 1999 عندما استحوذت شركة كومباك على شركته وحصل إيلون نتيجة لذلك على 22 مليون دولار مقابل نسبة أسهمه بالشركة.
شركة PayPal
بجزء من المال الذي حصل عليه من بيع شركة Zip2، قرر أن يؤسس شركة جديدة تُسمى X.com التي كانت بمثابة النسخة الأولية من شركة PayPal قبل اندماجها مع شركة Confinity، تم تصنيف هذه الفكرة الأولية كواحدة من أسوأ عشر أفكار لعام 1999.
أصبح إيلون المدير التنفيذي لشركة PayPal، لكن سرعان ما افتعل مع شركائه المؤسسين في الشركة مشكلة حيث كان يدفعهم لتغيير نظام التشغيل الذي كانوا يعملون به من Free Unix Operating System إلى Microsoft Windows، لكن شركاءه رفضوا ذلك الأمر بشدة. حينما كان إيلون في طريقه ليقضي إجازة في أستراليا، قرر مجلس إدارة الشركة إقالته من منصبه وتعيين شخص آخر بديلًا عنه.
في النهاية، حصل إيلون على 165 مليون دولار مقابلًا لنسبته في الشركة بعدما استحوذت عليها شركة eBay في آواخر عام 2002.
سلسلة متتالية من الانفجارات
في بدايات عام 2002، أسس إيلون ماسك شركة SpaceX التي تعنى بأمور الفضاء وأحد أهدافها الرئيسية أن تخفض تكلفة السفر للفضاء إلى العُشر.
كان أول إطلاق من نصيب صاروخ فالكون 1 في عام 2006 بعد سنوات من التطوير والاختبار، لكنه تحطم بعد وقت قليل من إقلاعه من موقع اختبار الصواريخ البالستية التابع للجيش الأمريكي بالمحيط الهاديء. لحقه في عام 2007 كذلك انفجار صاروخ «فالكون 1» النسخة الثانية ثم انفجار آخر لصاروخ يحمل قمرًا اصطناعيًا في عام 2008 للرحلة الثالثة لفئة فالكون 1.
هذه المجموعة من الانفجارات هزت الثقة بشركة SpaceX في قدرتها على إطلاق صواريخ للفضاء، حتى أتت المحاولة الناجحة الأولى في 28 يوليو/ تموز من عام 2009، والمحاولة الخامسة لنفس الفئة من الصاروخ حاملًا شحنة تجارية للفضاء.
توالت النجاحات حتى السادس من شهر فبراير/ شباط الحالي الذي شهد إطلاق صاروخ Falcon Heavy أقوى صاروخ فضاء في العالم، حيث يتكون من ثلاثة صواريخ من فئة فالكون 9 يعمل كل منها بتسعة محركات تشغيل بإجمالي 27 محرك تشغيل.
تعادل قوة انطلاق الصاروخ أثناء إقلاعه قوة 18 طائرة من فئة 747، ولم تكن هناك خسارة إلا حدوث خلل بمحركي من الصاورخ الأوسط الذي أدى إلى سقوطه بالماء وعدم هبوطه بنجاح على سفينة SpaceX كما كان مخطط له؛ لكنه ما زالت هذه الخطوة نجاحًا قويًا وكبيرًا في حاضر عالم الفضاء ومستقبله.
عام 2008 الأسود
لم يكن الانفجار الثالث لصاروخ فالكون1 هو الفشل الوحيد لإحدى شركات إيلون في عام 2008، فقد كانت شركته Tesla التي كان قد أسسها لإنتاج سيارات كهربائية تعاني أيضًا منذ عام 2007 حيث كانت تمتص الكثير من الأموال دون أي إنتاجية واضحة لها عندما كان إبراهارد المدير التنفيذي لها، قرر إيلون أن يطيح بإبراهارد من منصبه كمدير تنفيذي ثم استكمل خطواته بإطاحته تمامًا من مجلس إدارة الشركة.
وكنتيجة للأزمة المالية العالمية 2008 ومع الظروف التي مرت بها شركة Tesla في عامها السابق، أوشكت الشركة على الإفلاس. وعلى الرغم من أن شركتي General Motors وChrysler تلقتا دعمًا ماليًا بمليارات الدولارات من الحكومة الأمريكية فإن Tesla لم تتلق شيئًا، فاضطر إيلون إلى أن يضخ من أمواله الخاصة 40 مليون دولار مع إقراضها 40 أخرى، وبعدها أصبح المدير التنفيذي للشركة في محاولة لإنعاشها وإنقاذها من كبوتها.
اتبع هذه السلسلة من العثرات في السنوات التالية بعض من المشكلات في شركاته المختلفة، ففي عام 2013 تعرض صاروخ فالكون 9 لفشل في الهبوط على قاعدة بحرية بالمحيط، كما تعرضت إحدى سيارات تسلا للاحتراق الذاتي عامي 2013 و2014.
لم تكن حياة إيلون خالية من العثرات كما يتصور البعض، أو أن نجاحه جاء محض التجربة الأولى أو الصدفة، إنما تؤكد تجربته الخاصة على أن مراحل الفشل ستمر بك لا محالة مادمت تريد أن تسعى على طريق النجاح.
كما رأينا، فهناك مراحل من التعثر قد تنهيك تمامًا وتقضي على آمالك كما كان الحال في عام 2008 بالنسبة لإيلون ماسك، فإن كنت تحلم بأن تصبح على شاكلة إيلون، يجب أن تكون مستعدًا للفشل.