إيلا كولينز: شقيقة مالكوم إكس والجندي المجهول في مسيرته
يعد «مالكوم إكس» أو الحاج «مالك الشباز» رمزًا من رموز مناهضة العنصرية في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية، والذي بنضاله واستمراره في دعوته نال الكثير من الأمريكان ذوي الأصل الأفريقي حريتهم وتحررهم من جحيم الفصل العنصري والاستغلال وعدم المساواة، كما أنه رمز من رموز الدعوة وله الفضل الكبير في دخول الكثير من ذوي الأصل الأمريكي في الإسلام.
ولد مالكوم إكس في 19 مايو/آيار 1925م بمدينة أوماها بولاية نبراسكا الأمريكية، وكان ترتيبه الرابع بين ثمانية إخوة، لأم من جزر الهند الغربية تُدعى «لويز»، وأب قسيس معمداني وناشط سياسي في أكبر منظمة للسود آنذاك، وهي «الجمعية العالمية لتقدم الزنوج»، وكانت لمالكوم عدة عوامل في تكوين شخصيته وتوجهاته، كان من أبرزها «إيلا»، أخته غير الشقيقة التي كانت تقيم في بوسطن، والتي حظيت بمديح نادر من مالكوم في سيرته الذاتية التي كتبها «أليكس هايلي»، والتي بمجرد انتهائك من قراءتها لا يسعك إلا أن تبدي إعجابك بتضحيات إيلا وشخصيتها الفريدة التي أثرت في كيان وعقل مالكوم وفي مسيرته الدعوية، والتي تشارك معها في كثير من الصفات.
كان أول لقاء بين مالكوم وإيلا عقب وفاة والده على يد عصابات «الكو كلوكس كلان» العنصرية بعدما ألقوه أمام حافلة كهربائية فارق على إثرها الحياة، فيروي مالكوم أول لقاء بينهما:
انتقل مالكوم إلى بوسطن بعد تركه المدرسة في المرحلة الثانوية ليعيش مع أخته إيلا، فاستقبلته وحرصت على إيجاد وظيفة له، كما كانت حريصة كذلك على توجيهه بشكل كبير خشية انحرافه الذي للأسف وقع فيه بعد فترة من دخوله بوسطن، فيروي قائلًا:
في فترة السجن التي تلت حقبة الجريمة وتزعمه تنظيمًا للسرقة بذلت إيلا جهدًا كبيرًا لنقل مالكوم إلى سجن «نورفولك» التربوي في مساشوسيت، والذي يتميز بالعقوبات المخففة وإعطاء السجين مساحة حرية أكثر، وقد شكل مالكوم أغلب ثقافته في هذا السجن التربوي الذي كان يحوي مكتبة ضخمة تبرع بها أحد الأثرياء لاهتمامه بالبرامج الإصلاحية في السجون[2].
اعتنقت إيلا الإسلام عام 1959م حين كانت تحضر خطبة من خطب أخيها مالكوم في مسجد من مساجد بوسطن التابع لتنظيم «أمة الإسلام»، فيروي مالكوم:
وقد صدقت فراسة مالكوم في أخته؛ لأنها بعد ذلك تركت إسلام «أمة الإسلام» الذي كان مُحرفًا واعتنقت المذهب السُني، ثم فتحت مدرسة لتعليم اللغة العربية «Sarah A. Little School of Preparatory Arts».
في رحلة الحج التي شهد فيها مالكوم تغير أفكاره واعتنق فيها المذهب السني تاركًا عقيدة «أمة الإسلام» المُحرفة، والتي اعتنقها لمدة 12 سنة، ذهب إلى إيلا ليفاتحها في أمر سفره للحج، فآثرته على نفسها وأعطته ما كانت تدخره لنفسها كي تحج! ويروي مالكوم:
لم تتخلَ إيلا عن مالكوم في جميع محطات حياته، حتى في محطته الأخيرة بعد اغتياله عام 1965م، كانت الوحيدة من إخوته البنات التي دخلت مكتب الفحص الطبي وتعرفت على جثته بعد اغتياله، وكانت برفقة زوجته «بيتي شباز»، وقد تكفلت بمصاريف ونفقات جنازته[3].
اقرأ أيضًا:رومانسية «مالكوم إكس»
استمرت إيلا في دعم مجهودات مالكوم والوفاء له حتى بعد وفاته، وقادت منظمة اتحاد الأفرو أمريكان التي أنشأها بعد انفصاله عن «أمة الإسلام»، وعقدت شراكات تعليمية مع جامعة الأزهر في القاهرة وشراكات أخرى مع جامعة غانا.
توفيت إيلا ليتل عام 1996 عن 82 عامًا، بعد مسيرة حافلة من العطاء لقضية تحرير السود في أمريكا والدعوة للإسلام، وقبل ذلك لأخيها مالكوم، فكان لها بصمة واضحة في كل محطة من محطات حياته، رحم الله إيلا ومالكوم وكتب أجرهما، ورزقهما الفردوس من الجنة.
- السيرة الذاتية – مالكوم إكس – دار بيسان (بيروت) – ترجمة ليلى أبو زيد
- كتاب Malcolm x biography , A.B. assensoh and Yvette m. alex –assensoh-
- فيلم وثائقي بعنوان: Malcolm X Make It Plain من إنتاج قناة Public Broadcasting Service – PBS عام 1994.