في واحدة من إسهامات لاعبي كرة القدم لمواجهة جائحة كورونا، تم تنسيق عدد من المباريات الدعائية بين اللاعبين في لعبة إلكترونية لكرة القدم، وتحديدًا لعبة «فيفا 20»، على أن تذهب العوائد -المقدرة بـ 130 ألف جنيه إسترليني- لمكافحة الوباء.

كان من المفترض في الجولة الأولى، أن يواجه «ايدواردو ايكسبوزيتو» لاعب خيتافي، «سيرجي روبيرتو» لاعب برشلونة، لكن في الأخير، لم تلعَب المباراة، لماذا؟ لأن نادي برشلونة هو أحد شركاء لعبة «PES 20» المنافسة، وعقود الشراكة لا تفرق بين التبرعات والرسميات.

يعد هذا المشهد الغريب واحدًا من فصول طوال لقصة المنافسة بين الغريمين «FIFA» و «PES»، حيث تنتمي الأولى لشركة «EA Sports» الأمريكية، والثانية لشركة «Konami» اليابانية، وإن كنت واحدًا ممن يعتبرون الألعاب الإلكترونية جزءًا مكملاً لشغفك بكرة القدم، فإن ما يلي من تفاصيل قد ينال إعجابك.

حرب المبيعات

طوال 25 عامًا تقريبًا، كانت المنافسة محتدمة بين المنتجين. وكنا نحن المستهلكين نجلس وننتظر، لنجرب هذا وذاك ثم نختار الأسهل من حيث التحكم باللاعبين والتسديد وباقي التفاصيل.

مع بداية الألفية الثانية كانت شركة «Konami» اليابانية صاحبة لعبة PES هي الأكثر هيمنة على السوق، وكانت توفر لك البساطة المطلوبة والكافية لجذبك. وفي المقابل كنا نتغاضى عن تغيير بعض الشعارات وأسماء الفرق واللاعبين، مثل رونالدينيو إلى Naldarinho، ورنالدو البرازيلي إلى Radonlo أو Ronarid، وكافو إلى Facu، ومانشستر يونايتد ومانشستر سيتي إلى Man Red و Man Blue.

اعترف جاري باترسون -المصمم الرئيس لـفيفا في عام 2005- بتلك الأسبقية، ثم قرر جمع الدروس المستفادة من PES مع غرائزه الخاصة لتطوير اللعبة، الأمر الذي جعله يحصل على ترقية من مدير فيفا.

بارتسون: «كنت أركز على إنشاء أنظمة منطقية تعكس ما أعرفه عن كرة القدم، لينعكس ذلك على مرونة اللعبة، دون حدوث تشابه بين اللعبتين. لقد قمنا بتحسين فيزياء الكرة، وأعدنا كتابة كيفية إنقاذ حارس المرمى للكرة … لقد ركزت أيضًا على استبدال العناصر العشوائية بمنحنيات الاحتمال، بناءً على السياق».
من مقال «Fifa v PES: the history of gaming’s greatest rivalry» – صحيفة الجارديان

ومنذ نسخة 2007 تقريبًا، بدأت أسهم FIFA بالصعود، وبالفعل اتهمتها PES بنسخ نقاط القوة لديها. بعد ذلك، انتهجت كل شركة اتجاهًا مختلفًا للتطوير،حتى أتى عام 2009، لتصل مبيعات لعبة FIFA إلى 8.7 مليون نسخة، مقارنة بـ 6.9 مليون نسخة لصالح ـPES.

كان ذلك العام هو نفسه الذي قدمت فيه FIFA إحدى إضافاتها السحرية، والمعروفة بـ Ultimate Team. والذي يتسابق فيه اللاعبون لبناء تشكيلتهم من اللاعبين القدامى والحاليين، عبر قواعد معينة من النقاط والجوائز، مع إتاحة المواجهات الأونلاين فيما بينهم. إلى أن وصلنا لعام 2015، حيث انحدرت مبيعات PES إلى 1.7 مليون نسخة، فيما حلقت FIFA بعيدًا بـ 18 مليون نسخة.

وبعد ترجيح الجانب التقني لحرب المبيعات، كان لدينا جانب تسويقي يسير معه على التوازي، والذي كان يتجلى في غلاف اللعبة. وإن كنت لاعبًا متمرسًا فإنك ستميز كل نسخة عبر النجم الذي كان يتصدر غلافها.

حرب الأغلفة

في كل مرة تحاول الشركة التعاقد مع نجم كبير أو لاعب صاعد للاستفادة من شعبيته بين جماهير اللعبة، أملاً بجعل غلافها أكثر جاذبية. لعلك تتذكر صورة أدريانو على غلاف PES 2006، أو ثنائية روني ورنالدينيو على غلاف FIFA من 2006 إلى 2009، لكن أكثر الأفكار التي يمكن وصفها بـ خارج الصندوق، كانت صورة الحكم الإيطالي الشهير كولينا على غلاف PES 2003.

بالطبع، كان لكريستيانو رونالدو وميسي نصيب الأسد في الأعوام الأخيرة، بالتبادل بين اللعبتين، تارة هنا وتارة هناك، حتى وقعت Konami لاتفاقية الشراكة مع برشلونة، وحرمت EA Sports من استخدام صورة اللاعب الأرجنتيني.

وعلى ذكر ميسي الذي تصدر غلاف PES 2020، كان يجاوره ثلاثة لاعبين آخرين؛ ميراليم بيانيتش من يوفنتوس، وسيرجي جنابري من بايرن ميونخ، وسكوت ماكتوميناي من مانشستر يونايتد، ماكتوميناي؟ نعم، أنت لم تخطئ بالقراءة ونحن لم نخطئ بالكتابة.

بسبب مكاتوميناي، تواصل موقع جول مع «جوناس ليجارد» مدير تطوير العلامات التجارية والأعمال بشركة Konami، للاستفسار عن كيفية حدوث ذلك. أوضح «ليجارد» قائلاً: «نحن نحاول التواصل مع النادي وممثلي اللاعب لجس النبض بشأن مستقبله. إن قمنا مثلاً بوضع لوكاكو أو بوجبا على الغلاف وطباعة ملايين النسخ، قد نتفاجأ بعد ذلك برحيل أحدهما، وسيكون ذلك أمرًا سلبيًا».

لذلك قررت الشركة اليابانية اختيار ماكتوميناي، لأن بقاءه كان مضمونًا، ومن ثم الرهان على تألقه في الموسم المقبل، باعتباره أحد منتجات أكاديمية اليونايتد وأظهر شخصية قيادية في الملعب.

ولا تقتصر مثل هذه المنافسة التسويقية على بقاء ورحيل اللاعب فقط، بل يمكن أن يحدث أمر خارج عن المألوف، كما حدث مع كريستيانو وغلاف FIFA 19. حين اضطرت الشركة لحذف الغلاف من اللعبة ومواقع التواصل الإجتماعي، بعد ظهور أنباء اتهام البرتغالي باغتصاب الأمريكية كاثرين مايورجا في أحد فنادق لاس فيجاس، وعلى الفوز تم استبداله بالثلاثي نيمار ودي بروين وديبالا.

وقبل أن تسأل أين نحن من هذه الصراعات التسويقية؟ سنخبرك أن كلا الشركتين يتيح تصويتًا عبر الموقع الإلكتروني لاختيار نجم الغلاف، وعلى سبيل المثال لا الحصر، كانت هنالك حرب لاختيار فخر العرب الحقيقي على غلاف FIFA 21، واكتسح محمد صلاح ورياض محرز السباق بنسبة 34% من الأصوات لكل منهما، وفي النهاية تم وضع صورة كيليان مبابي.

صراع مع النحس

وإن خرجنا قليلاً عن إطار المنافسة وركزنا على لعبة FIFA منفردة، يتوقَع أن يكون موسم 2020/2021 موسمًا شاقًا على النجم الفرنسي، بسبب خرافة تدعِي أن غلاف لعبة FIFA يمثل فألاً سيئًا على صاحبه. ولكي تصبح الخرافة مكتملة الأركان يلزمنا الاستشهاد بأكثر من لاعب، وليس الاكتفاء بمأساة هازارد (نجم غلاف FIFA 20) في موسمه الأول مع ريال مدريد.

بدأت القصة منذ عام 1998، مع النجم الصاعد وقتها، دافيد بيكهام. ومع تصدر صورته لغلاف اللعبة، اضطر لإنهاء موسمه بتلقي بطاقة حمراء مع منتخب بلاده في مباراة دور الـ 16 أمام الأرجنتين في كأس العالم. هزم المنتخب الإنجليزي بضربات الجزاء، وتلقى بيكهام وابلاً من الهجمات من الصحافة والجماهير.

تبعه الهولندي دينيس بيركامب في العام التالي، بعد ظهوره على غلاف FIFA09، لينتهي موسمه مع أرسنال بخسارة البريميرليج بفارق نقطة وحيدة في آخر جولة، ثم إهدار ركلة جزاء في نصف نهائي كأس الاتحاد الإنجليزي.

لكن الثنائي السابق تمكن من مواصلة مسيرته وأصبحا من العظماء، لكن هنالك لاعبون انهارت مسيرتهم فور اقترابهم من غلاف FIFA. ثيو والكوت لاعب إيفرتون الحالي والذي ظهر على غلاف FIFA10، ليتحول من صاروخ صاعد لموهبة مهدرة. ثم تبعه جاك ويلشير بعد ظهوره على غلاف FIFA12.

ثم تأتي الأسماء تباعًا، من ريكاردو كاكا في نسخة عام 2011، إلى الأمريكي فريدي أدو في النسخة الأمريكية لعام 2006 ، وفرناندو مورينتس في نسخة عام 2005، وماركو رويس في نسخة عام 2017، وفيليب ميكسيس في النسخة الفرنسية لعام 2012، وحتى نطمئن على مبابي في بقية مسيرته، ستظل خرافة غلاف فيفا حاضرة، حتى يجد جديد.