خطاب أينشتاين إلى ملكة بلجيكا: عن الحزن والخلود
محتوى مترجم | ||
المصدر | ||
التاريخ | ||
الكاتب |
تم الإحتفال بألبرت أينشتين في (14 مارس 1879 – 18 إبريل 1955) كـ «عبقري فطري جديد». ولكن من المؤكد أن هناك شيء أغلى من تألقه العلمي لتبرير مثل هذا الإجلال العظي ، وهو ما يتجاوز القيمة العمليه لمساهماته الفكرية، ويفتح ثراءً أعمق من التجربة الإنسانية.
فبالإضافة لإكتشافاته الرائدة في مجال الفيزياء، والتي غيرت مفهومنا للوقت، وعززت وجود لغة مشتركة للعلم، فقد كان أيضًا من رجال الحكمة والوجدان، وأصحاب الذكاء العاطفي، حيث إنه وجَّه مراسلات ضخمة إلى العائلة، الزملاء والأصدقاء وكذلك الغرباء، فكتب رسائل أخَّاذة، منهم من نصح ابنه الصغير بأسرار لتعلم كل شيء، وأكَّد لفتاةٍ صغيرةٍ أنها ستصير عالمة، ولكنه يخشى على جنسها أن يعيق تقدمها، وتقاسم سر عبقريته مع زميله الفضولي، واتفق مع فرويد فيما يتعلق بالعنف والسلام والطبيعة البشرية.
ولكن واحدة من أكثر الخطابات الإنسانية تأثيرًا: رسائله إلى الملكة إليزابيث ملكة بلجيكا، حيث كانت تربطهم صداقة حميمة بعد الموت المفاجئ لزوجها الملك ألبرت، يتبعه مُباشرة موت زوجة ابنها، فتوصل أينشتاين إلى تقديم العزاء لصديقه الراحل.
الرسالة هي مزيج من العزاء الحار لحزن الملكة، وتأملات خالدة عن الزمن، الخلود، وهبة العمرِ الطويل. قبل عيد ميلاده الـ 55، كتب أينشتاين:
«كَتبت إليّ السيدةُ بارجنكسي كيف تبدو حياتُكِ بالغة الصعوبةِ، وكيف تُسبِب لكِ الحياة المعاناة، وكيف تُلاحقكِ بضرباتٍ موجعة بشكلٍ لا يوصف! مما يجعلكِ تفقدين القدرة على الشعورِ من هولِ الألمِ.
وبعد،
نحنُ لا ينبغي لنا أن نحزن، خصوصًا على أولئك الذين غادرونا في بدايات أعمارِهم، بعد سنواتِ من السعادةِ والنجاحِ، والذين كان لهم شرفُ إنجاز دورهم في الحياةِ على أكمل وجه.
هناكَ شيٌء ما يُمكن أن يُعيدَ حيوية كبار السن، وهو تلك البهجة في الأجيال الصغيرة. البهجة! -تأكدي من ذلك- هي التي خيَّمَ عليّها ذلك النذرُ المُظلِمُ الشؤمُ في هذة الأوقات العصيبة.
وحتى الآن -كما هو الحالُ دائمًا- الشمسُ في فصلِ الربيع تُخرِج حياةً جديدةً، وربما ذلك يُسعدنا لنُساهِم في كشف خبايا تلك الحياةِ، وسيبقى موزات جميلًا ورقيقًا كما كان، وسيكون دائمًا!
هناك، بعد كلِّ شيء، شيءٌ أبديٌّ يكمنُ خلف يدِ القدر، وخلف جميع ضلالاتِ الإنسان، وهذا الكمونُ الأبديُّ أقربُ لكبارِ السنِ عن أصغرهم، مُتأرجِحًا ما بين الخوفِ والأملِ!
بالنسبة لنا، في هذه الحياة، ستظلُ هناك هبةُ لاستشعارِ الجمالِ والحقيقِة في أنقى صورهم.»