أفلام عيد الأضحى: الموسم الذي انتظرناه طويلًا
7 أفلام عُرضت في موسم عيد الأضحى، وهو رقم مرتفع بالتأكيد، في تكرار لنفس عدد الأفلام التي عرضت في العام الماضي، وإن كانت المنافسة على مستوى الأفلام تذهب لصالح موسم العام الحالي بالتأكيد، بل إننا ربما نكون شهدنا الموسم الأفضل منذ عدة سنوات أيضًا.
كنا قد نشرنا تحليلًا سابقًا لموسمي عيد الفطر، ورأس السنة الماضيين بموقع إضاءات، والآن نستكمل هذا التحليل لأحدث مواسم السينما لهذا العام.
اقرأ أيضًا: أفلام عيد الفطر 2018: انتبه السينما ترجع إلى الخلف
وكذلك: السينما المصرية: بأي أفلام بدأت يا 2018؟
7 أفلام: ما الذي شاهدناه؟
إلى حد كبير بات الإنتاج السينمائي منتظمًا في السنوات الأخيرة، مع استقرار الإقبال الجماهيري، مما أدى إلى ارتفاع عدد الأفلام المعروضة في العام الماضي لتصل إلى 48 فيلمًا، كما صارت شركات الإنتاج تدفع بتكلفة ضخمة في صناعة الأفلام، وفي المقابل وصلت الإيرادات إلى أرقام غير مسبوقة، لتتجاوز حاجز الخمسين مليونًا ثلاث مرات حتى الآن، مع الأخذ في الاعتبار بالطبع ارتفاع أسعار التذاكر عدة مرات في العامين الأخيرين.
للأسف هذا الاستقرار في الإنتاج لم يقابله استقرار في المستوى الفني، وأصبح من الصعب الخروج بخمسة أفلام تجارية جيدة في العام بأكمله، والمستوى المعروض كان يتراوح بين المتوسط والضعيف، لكن الأمر يختلف نسبيًا في هذا الموسم. ولسنا هنا لتحليل هذه الأفلام فنيًا وذكر مناطق القوة والضعف فيها، ولكن من المهم على الأقل ذكر تقييم لها للوقوف على شكل الموسم.
من الأفلام السبعة التي عرضت في الموسم يمكن أن نخرج بأربعة أفلام جيدة المستوى هي: «الديزل»، و«تراب الماس»، و«البدلة»، و«سوق الجمعة»، على تفاوت مستواها بالطبع، وفيلم مقبول هو «الكويسين»، وفيلمين ضعيفين هما «بني آدم»، و«بيكيا».
أربعة أفلام جيدة هو رقم مرتفع بالفعل، إذا نظرنا إلى الموسم نفسه منذ عام أو اثنين فلن نجد سوى فيلم أو اثنين على الأكثر، ويمكن الخلاف حولهما أيضًا. الملاحظة الأخرى المهمة هي التنوع الواضح في الأفلام، بين الكوميديا، والحركة، والجريمة، والتشويق، والتراجيدي، وهو أيضًا تنوع كنا نفتقده، مع سيطرة الكوميديا والأكشن في السنوات الماضية على معظم الأفلام.
هذا التنوع كان له تأثير جيد بالفعل على الإيرادات، بالفعل لم نجد طفرات رقمية كما في المواسم الأخيرة، لكن وجدنا الأفضل وهو منافسة حقيقية وإقبال جيد على معظم الأفلام، كما سنذكر الآن.
معضلة الصدارة
يتكرر الكلام في كل موسم عن عدم وجود جهة رسمية مختصة بالفصل في مسألة الإيرادات، رغم أنه من المفترض أن تكون هذه إحدى مهام غرفة صناعة السينما. لعدة مواسم سابقة لم يكن هناك مشكلة حقيقية، وكان المهتمون بالسينما، سواء متخصصين أو هواة، يعتمدون على الأرقام المنشورة في بعض المواقع المتخصصة، والتي تكون قريبة من بعضها عادة، فما الذي اختلف هذه المرة؟
لم يكن هناك نزاع حقيقي على الصدارة في كل المواسم السابقة، إذا رجعنا حتى السنة الماضية، سنجد هذه الأفلام تفردت بالصدارة: «هروب اضطراري» في عيد الفطر للعام الماضي، ثم «الخلية» في عيد الأضحى لنفس العام، ومؤخرًا «حرب كرموز» في عيد الفطر المنصرم. وجميعها كانت تتفوق بفارق كبير جدًا، قد يصل إلى الضعف بينها وبين صاحب المركز الثاني، كما حدث في حالة «الخلية» الذي حل في المركز الأول، و«الكنز: الحقيقة والخيال» الذي كان تاليًا له في الإيرادات.
التقارب الذي حدث في إيرادات فيلمي «البدلة» بطولة تامر حسني وأكرم حسني، و«الديزل» بطولة محمد رمضان هو ما جعل الصراع يشتعل هذه المرة، خاصة وهناك ثأر قديم بينهما، منذ عيد الفطر في العام الماضي، حينما تفوق فيلم تامر «تصبح على خير» على فيلم رمضان «جواب اعتقال» دافعًا بالأخير إلى المركز الثالث في الإيرادات، وفي الوقت الذي يقدم فيه رمضان فيلمًا من النوعية المفضلة لجمهوره، الأكشن.
من جهة أخرى كان رمضان يجاهد في الفترة السابقة لإثبات أنه المتصدر الأبدي -حتى لو قالت الأرقام عكس ذلك- من خلال الأغنيتين اللتين طرحهما، وهكذا كان احتلاله لصدارة الإيرادات في هذا الموسم تحديدًا نقطة فارقة بالنسبة له.
اقرأ أيضًا: أغنية «نمبر وان»: الحالة الغريبة لـ«محمد رمضان»
طبقًا للإيرادات المتاحة حتى الآن يتصدر فيلم «البدلة» بفارق غير كبير عن «الديزل»، الذي ينافس أيضًا فيلم «تراب الماس» على المركز الثاني في الإيرادات الإجمالية، مع ملاحظة أن هذا الأخير بدأ عروضه مبكرًا بحوالي ستة أيام قبل الأفلام المنافسة، لكن إذا نظرنا إلى إيرادات أسبوع العيد فقط فسنجد الديزل يحتل المركز الثاني. ومن المرجح أن تستمر صدارة تامر، ولا عزاء لمحمد رمضان مرة أخرى، رغم أن فيلمه هو خطوة حقيقية على الطريق الصحيح.
وبعيدًا عن الصدارة، فإننا أمام موسم يشهد إقبالًا جيدًا ومنافسة بين 4 أفلام من السبعة، والإيرادات بينها متدرجة بشكل مفهوم، وهو أمر جيد بالفعل، وعلامة صحية على التنوع المطلوب. وإن كانت هنلاك علامة أخرى يجب التوقف عندها في الإيرادات، وهي وجود فيلم أجنبي ينافس بقوة بين أفلام العيد.
هوليوود حاضرة في العيد أيضًا
في يناير الماضي كانت لنا ملاحظة على فيلم «Jumanji: Welcome to the Jungle»الذي حقق إيرادات تفوّق بها على كل الأفلام التي عُرضت في ذلك الوقت، وبفارق كبير، ليس مبرره بالتأكيد أن الفيلم بدأ عروضه في الثلث الأخير من ديسمبر الماضي.
حتى قبل عرض أفلام عيد الأضحى كان الفيلم يحتل المركز الثالث في إيرادات شباك التذاكر المصري خلال العام، بعد أن جمع قرابة 27 مليون جنيه، ويتفوق عليه فيلما «حرب كرموز» و«ليلة هنا وسرور» فقط، ومن المتوقع أن ينخفض ترتيب الفيلم إلى المركز الخامس على الأكثر بعد استقرار إيرادات «البدلة» و«الديزل».
طبقًا لموقع السينما.كوم،حققفيلم «The Meg»إيرادات تجاوزت 5 ملايين في الأسبوع الذي يضم بعض أيام العيد، وهو بهذا يتفوق على 3 من الأفلام المصرية التي عُرضت، وإذا نظرنا أيضًا إلى عدد النسخ المعروضة من الفيلم، والتي هي أقل من نصف نسخ الأفلام المصرية متصدرة الإيرادات، فإننا نشهد منافسة قوية جدًا وغير مسبوقة ربما من الأفلام الأجنبية هذا العام.
بالطبع حرية المشاهدة والاختيار مكفولة للمشاهد، لكن من يجب أن ينتبه هم صناع السينما أنفسهم الذين باتت الأفلام الأمريكية تنافس صناعتهم حاليًا بقوة، وهو ما يرجعنا للنقطة التي ذكرناها من قبل، زيادة عدد الأفلام المُنتجة خلال العام، لكن دون وجود أعمال جيدة كفاية.
وربما يكون الأمر أيضًا وراءه التكتل الذي يحدث لأفلام النجوم والأفلام ضخمة الإنتاج في موسمي العيد، بينما يبقى بقية العام خاليًا إلا من أفلام ضعيفة المستوى في الأغلب، بالتأكيد لن يُقبل عليها المشاهد في وقت لديه فيه الكثير من الأفلام الأمريكية الجيدة، خاصة مع ارتفاع أسعار التذاكر، فمن الذي سيذهب مع عائلته لمشاهدة أفلام مثل «رحلة يوسف» على سبيل المثال؟ ربما لم تسمع عنه من الأساس عزيزي القارئ، ولكنه فيلم مصري عُرض في شهر مارس الماضي.
الدروس المستفادة
بعيدًا عن معارك الإيرادات، والمستوى الفني الذي تحدثنا عنه، يمكن الخروج ببعض الملاحظات الفرعية من الأفلام.
أولها هو تفوق تامر حسني السينمائي الذي لا يتوقف. تامر واحد من القلائل الذي يسيرون في السينما بخطوات ثابتة، سواء على المستوى الجماهيري، أو حتى بالنظر إلى المستوى الفني لأفلامه الذي يتحسن أيضًا، وهو ما مكنه من تجاوز منافس قوي مثل محمد رمضان هذه المرة.
في المقابل نجد يوسف الشريف الذي يكتفي بتحقيق النجاحات التليفزيونية، ويأتي فيلم «بني آدم» ليؤكد أن السينما ليست ملعبه، فبعيدًا عن الإيرادات التي جعلته يحتل المركز الخامس، الفيلم شديد التواضع على المستوى الفني، وربما سيفكر الشريف مطولًا قبل العودة إلى السينما مرة أخرى، ويجدر به البحث عن عودة قوية.
ومن نفس الزاوية أيضًا يمكن القول إن النجاح في السوشيال ميديا لا يعني النجاح في السينما أو التمثيل عمومًا، وهو ما أثبته عمرو وهبة من خلال الأداء المتواضع في فيلم «الكويسين» فربما هو قادر على إثارة الضحك من خلال فيديوهات مواقع التواصل، أو بعض البرامج، لكن التمثيل يبقى أمرًا آخر بكل تأكيد، والاستفادة من جمهوره على السوشيال ميديا ليست مغامرة مضمونة أيضًا.
لا زال العام لم ينتهِ بعد، ومن المتوقع عرض المزيد من الأفلام، منها ما قد يرفع من المستوى الفني للأفلام المعروضة مثل فيلم «يوم الدين» للمخرج أبو بكر شوقي الذي شارك في المسابقة الرسمية لمهرجان كان، ومنها ما قد يحقق المزيد من الإيرادات المرتفعة مثل فيلم «122».
من غير المتوقع أيضًا أن يصل عدد الأفلام المعروضة إلى الرقم الذي تحقق العام الماضي، وهو 48 فيلمًا، فحتى لحظة كتابة هذه السطور لم يُعرض إلا 32 فيلمًا فقط، ولا يبدو أن الشهور القليلة المتبقية من العام ستحمل أكثر من 10 أفلام على الأكثر.