بعد أن تعرفنا على الأسس النظرية لفهم الضرائب. نقوم في هذا المقال بتحليل النظام الضريبي المصري، والوقوف على طبيعته وتأثيره على الناس.

تحدثنا في المقال السابق عن الضرائب، تعريفها، أنواعها وتأثيرها على حياة الناس والاقتصاد ككل. إذا كنت لم تقرأ المقال السابق بعد فمن الأفضل أن تقرأه قبل إكمال القراءة هنا. أما إذا كنت قد قرأته سابقا، أو كانت لديك معرفة مسبقة بالأسس النظرية للضرائب. فإننا سنقوم في هذا المقال باستخدام تلك المفاهيم النظرية في فهم وضع اقتصادي لدولة عربية، لكي تترسخ تلك المفاهيم بفعل استخدامها في فهم الواقع الذي نعيشه. أما عن موضوع دراستنا فقد اخترنا لكم جمهورية مصر العربية.

سنبدأ هذا المقال بركوب آلة زمنية ونرجع بالزمن للوراء لنشاهد تطور النظام الضريبي في مصر لكي نرصد كيف تغير مع مرور الزمن. بعد ذلك، سنعود إلى الزمن الحاضر لكي نفهم النظام الضريبي المصري الحالي وأنواع الضرائب التي تشكله. ثم سنختم بتقييم مبدئي للنظام الضريبي المصري لكي تكتمل الصورة.

في نهاية هذا المقال ستكون قد تعرفت على:

  • تطور النظام الضريبي المصري
  • أنواع الضرائب المطبقة في مصر
  • تأثير النظام الضريبي المصري على المواطن المصري

هذه فقط تجربة للتطبيق، ويمكنك إعادة المحاولة مع اقتصاد دولة أخرى. فأنت الآن تمتلك الأدوات الأساسية للقيام بذلك.


تطور النظام الضريبي المصري

الفترة الناصرية والاقتصاد الاشتراكي

لا شكَّ أن الضرائب عنصر أساسي في السياسة الاقتصادية لأي دولة، حيث تعتبر السياسة الضريبية مرآة للتوجهات الاقتصادية والسياسية للدولة.

فمع تعاقب الحكومات المصرية تغير النظام الضريبي لمصر تغيرًا جذريًا، حيث استجاب للأحداث التاريخية كثورة 1952، فقد اتسمت هذه الحقبة الزمنية بإقرار إعفاءات ضريبية لتشجيع الانتفاع برءوس الأموال الوطنية والأجنبية والنهوض بالصناعات ومشروعات التنمية الاقتصادية كاستصلاح الأراضي والتعدين، إلى جانب إعفاء الخبراء الأجانب من الضريبة العامة على الإيراد.

وفي ظل المناخ الاشتراكي استقر الكيان الاقتصادي لشركات الاقتصاد العام استقرارًا أدى إلى تطبيق ضريبة تصاعدية (تزداد نسبتها كلما ازداد الدخل)، لكن هذا التصاعد استمر نظريًّا فقط حيث لم تمتد الضريبة بشكل فعلي لتشمل ذوي الدخول المرتفعة والثروات. ثم استقر بعد ذلك النظام الضريبي نسبيًّا حتى عام 1967 وظهرت ضرائب إضافية مثل ضريبة الأمن القومي لتحقيق أغراض عسكرية وأمنية. ثم صدرت عدة قوانين عام 1973 تتعلق بضريبة الجهاد، التي فُرضت على إيرادات رءوس الأموال المنقولة والأرباح التجارية والصناعية وكسب العمل.

لكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن، فبعد حرب 1967 خسرت مصر مصدرين رئيسيين من مصادر النقد الأجنبي؛ وهما عوائد قناة السويس، وعوائد البترول في منطقة سيناء بعد احتلالها مع زيادة النفقات العسكرية، فأصبحت الضرائب أحد المصادر الرئيسية للتمويل.

ما بعد عبد الناصر وسياسة الانفتاح الاقتصادي

بعد حرب أكتوبر 1973 وجدت الحكومة ضرورة إحداث تغيرات اقتصادية جوهرية، فكان ذلك عن طريق تطبيق سياسة الانفتاح الاقتصادي التي كانت السياسة الضريبية أحد أهم أدواتها، وتضمنت عدة قوانين تشمل عدة حوافز ضريبية، تمثلت في إعفاءات للمشروعات الاستثمارية الجديدة لمدة تتراوح بين 5 سنوات و15 سنة، بالإضافة إلى إزالة بعض الرسوم على الواردات بغرض الإنتاج.

أصدرت الدولة قانونًا لتمهيد فرض ضريبة موحدة على مجموع الدخل، وتضمن أربع ضرائب نوعية؛ هي: ضريبة رءوس الأموال المنقولة، ضريبة الأرباح التجارية والصناعية، ضريبة المرتبات، وضريبة أرباح المهن غير التجارية، مع إلغاء كل الضرائب الإضافية التي فُرضت في فترات سابقة لأغراض محددة كضريبة الدفاع والأمن القومي، وبظهور الحاجة لزيادة موارد الدولة مع تزايد عجز الموازنة العامة للدولة نتيجة الانخفاض الشديد في حصيلة النقد الأجنبي وانهيار أسعار البترول، مع ارتفاع حجم الدين الخارجي وارتفاع معدلات الإنفاق الحكومي، ظهر رسم تنمية الموارد المالية للدولة عام 1984، والذي تقرر على الواردات التي تزيد على 18 ألف جنيه مصري في السنة، وفُرض على المصريين والأجانب.

شهدت فترة التسعينيات تعديلات على الضرائب المباشرة (تعديل قانون الضريبة على الدخل فيما يُعرف بنظام الضريبة الموحدة )، والضرائب غير المباشرة وتعديل قانون ضريبة الاستهلاك الذي صدر سنة 1981، والتي حلَّت محلَّ العديد من الضرائب والإتاوات، مثل رسوم الإنتاج والاستهلاك وغيرها. بالإضافة إلى استحداث العديد من الحوافز الضريبية لتشجيع الاستثمارات وإصدار قانون ضريبة المبيعات (1991) لتحلَّ مكان ضريبة الاستهلاك، وذلك للمساهمة في تقليل عجز الموازنة العامة للدولة، وذلك خلال الفترة الأولى من مرحلة الإصلاح الاقتصادي، بالإضافة إلى زيادة الرسوم والتعريفات على الخدمات الحكومية، وكذلك رفع سعر البترول والكهرباء مع تقليل حجم الدعم الذي تمنحه الحكومة العديد من السلع والخدمات.

وعلى الرغم من اتخاذ هذه الإجراءات؛ لم يتحسن الوضع، وتدهور مستوى الاقتصاد المصري بسبب العديد من العوامل التي تتضمن الضغوط الاقتصادية التي تعرضت لها مصر بعد أحداث 11 سبتمبر 2001، والتي أدت إلى تناقص الاحتياطي من النقد الأجنبي وزادت الحاجة إلى فرض الضرائب. ثم بعد ذلك ظهرت نتائج الخطوات الأولى للإصلاح الضريبي المصري، والتي تمثلت في تحسن أداء الاقتصاد المصري على إثر قانون ضريبة الدخل الجديد الذي بدأ تطبيقه في يونيو 2005، والذي خفض سعر الضريبة بنسبة 50%، وعلى الرغم من هذا الانخفاض فإن إيرادات ضريبة الدخل ارتفعت بشكل ملحوظ حتى عام 2008.

مصر بعد ثورة يناير

أما حكومات ما بعد ثورة يناير 2011 فكان هدفها هو زيادة الإيرادات الضريبية وخفض الإنفاق العام وتوسيع القاعدة الضريبية إضافة إلى تدعيم العدالة في النظام الضريبي، ونتيجة انخفاض معدلات النمو منذ عام 2011 تراجعت عائدات الضرائب في الوقت الذي تحتاج فيه الحكومة إلى توسيع الإنفاق الاجتماعي، فكان إصدار قانون الضريبة على العقارات المبنية في سبتمبر لسنة 2011.

وفي السنوات الأخيرة استهدفت الحكومة رفع الحصيلة الضريبية، فتم تعديل قانون 147 لسنة 1984 لفرض رسم تنمية الموارد المالية للدولة، فكان زيادات مختلفة على تراخيص السيارات وخدمات المحمول وجوازات السفر وإقامة الأجانب. مع فرض رسوم بقيمة 300 دولار على كل شاحنة أجنبية تغادر الأراضي المصرية محملة بالبضائع، بالإضافة إلى رفع أسعار رسوم القمامة وفواتير الكهرباء، هذا الارتفاع في الرسوم مع ثبات الدخول أدى إلى زيادة الركود، وانخفاض معدلات الاستثمار وما يتبعه من زيادة معدلات البطالة، ثم انخفاض الإيرادات الضريبية، مما يؤدي إلى تفاقم عجز الموازنة. كما تضمن تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي إصلاح السياسة المالية العامة فكان تطبيق نظام ضريبة القيمة المضافة بدل ضريبة المبيعات ليُختم بذلك مساراً طويلاً لنظام ضريبي متغير.(1)


النظام الضريبي المصري الحالي

من الواضح للمتابع للسياسة المالية المصرية استحواذ الضرائب على النسبة الأكبر من الإيرادات الحكومية، حيث وصلت هذه النسبة إلى 71% في موازنة 2016-2017 مع اتجاه النسبة للزيادة في مشروع الموازنة للعام المالي 2017-2018 وسط ظروف العجز المتنامي الذي تعرفه الموازنة العامة، الأمر الذي جعل الحكومة تضع نصب أعينها زيادة الإيرادات الضريبية بغرض تقليص هذا العجز.

لكن السؤال هنا: ما هي الضرائب المفروضة على المصريين؟ وكيف يتم توزيعها؟

الشكل أ‌-الأوزان النسبية لمتخلف أنواع الضرائب في مصر

تبقى الأرقام في الشكل-أ معبرة جدًّا، فالضرائب العامة وضرائب القيمة المضافة (المبيعات سابقًا) تمثل 88% من مجموع الضرائب التي يدفعها الشعب المصري، وبالتالي يكون فهمها وفهم أثرها على حياة الناس مهمًا جدًّا، وهذا ما سنقوم به فيما تبقى من المقال.(2)


الضرائب العامة: كيف تُطبَّق الضرائب المباشرة على المصريين

ضريبة الدخل

تُعدّ الضريبة العامة على الدخول من أهم مصادر الإيرادات الضريبية في مصر، وتشمل العديد من الضرائب التي تفرض على الدخل المتجدد الناتج عن المصادر المختلفة، والتي من أهمها: المرتبات، النشاط التجاري أو الصناعي، النشاط المهني أو غير التجاري، الثروة العقارية.

  • تُفرَض الضريبة على المرتبات والأجور التي تدفعها الحكومة أو شركات القطاع الخاص(باستثناء المعاشات ومكافآت نهاية الخدمة).
  • تُفرَض الضريبة على النشاط التجاري والصناعي على أرباح الحرفيين وأصحاب الأنشطة الصغيرة كاستصلاح الأراضي ومشروعات تربية الدواجن والمواشي وغير ذلك.
  • تُفرَض الضريبة على النشاط المهني أو غير التجاري على أرباح المهن التي تقوم أساسًا على النشاط الذهني كالمحاماة والطب والهندسة والمحاسبة.
  • أما الضريبة على الثروة العقارية فتشمل إيرادات الأراضي الزراعية والعقارات المبنية وإيرادات الوحدات المفروشة.

تتميز الضريبة على الدخل بأنها ضريبة تصاعدية، فحسب التعديلات الأخيرة لقانون 91، والتي أقرها مجلس الشعب في يونيو 2017، تحتسب ضريبة الدخل بشكل تصاعدي كالآتي:

الشريحة الدخل السنوي نسبة الضريبة
الأولى حتى 7200 جنيه معفاة من الضريبة
الثانية أكثر من7200 جنيه حتى 30 ألف جنيه 10 %
الثالثة أكثر من 30 ألف جنيه حتى 45 ألف 15 %
الرابعة أكثر من 45 ألف جنيه حتى200 ألف جنيه 20 %
الخامسة أكثرمن200 ألف جنيه 22.5 %

الجدول أ‌- جدول توضيحي لشرائح ضريبة الدخل ونسب تطبيقها في القانون المصري

الطريف في الأمر أن الدخل المعفى من الضريبة يساوي 600 جنيه مصري (نصف الحد الأدنى للمرتبات) مما يعني عمليًا أنه لا يُعفى أحدٌ من دفع الضريبة، وأن الشريحة الأولى تبقى شريحة نظرية فقط.

ضريبة الأرباح

تُفرَض ضريبة سنوية كنسبة تبلغ 22.5% على صافي الأرباح الكلية للشخصيات الاعتبارية أيًّا كان غرضها (الشركات والبنوك والهيئات العامة) وتسري الضريبة على جميع الأرباح التي تحققها هذه المؤسسات، سواء من مصر أو خارجها، عدا جهاز مشروعات الخدمة الوطنية بوزارة الدفاع.

ترتفع هذه الضريبة لتبلغ 40% على أرباح هيئة قناة السويس والهيئة المصرية العامة للبترول والبنك المركزي، كما تخضع أرباح شركات البحث عن السلم (2007)، “دمج مصلحتي ضرائب الدخل والمبيعات والآثار المتوقعة”، مصلحة الضرائب المصرية.بترول والغاز وإنتاجها للضريبة بسعر 40.55%.(5)

قد تبدو النسب المفروضة على هذه المؤسسات كبيرة جدًا، لكن على أرض الواقع الضريبة المحصلة من هذه المؤسسات ضعيفة جدًا، فإذا قارنا الضريبة على قناة السويس بالضريبة على سلع كالتبغ والسجائر فإننا نجد نتيجة غير متوقعة– الشكل ب.

الشكل ب- المقارنة بين حصيلة الضريبة على قناة السويس والضريبة على السجائر والتبغ

الضريبة على القيمة المضافة

بعدما أشرنا إلى الضرائب على الدخول والأرباح كأمثلة للضرائب المباشرة، تبقت ضريبة القيمة المضافة (التي حلت محل ضريبة المبيعات بداية من العام المالي 2015-2016 كإحدى نتائج المباحثات بين الحكومة المصرية وصندوق النقد الدولي للحصول على قروض من أجل خطة إصلاح اقتصادي تعد الحكومة بها)، وقد تم تطبيقها بحيث يكون السعر العام للضريبة على السلع والخدمات 13% خلال العام المالي 2016-2017، و14% خلال 2017-2018.

الجدير بالذكر؛ أنه رغم تطبيق هذه الضريبة في معظم دول العالم، تُعدُّ من الضرائب الأكثر تأثيرًا على قدرة المواطن في الوصول لاحتياجاته الأساسية، فهي لا توثر فقط على الأسر الأكثر احتياجًا، بل تؤثر أيضًا على الطبقة المتوسطة وتساهم في ارتفاع معدلات الفقر.

بالإضافة لطبيعة ضريبة القيمة المضافة التي تشكل عبئًا على المستهلك، فقد شملت هذه الضريبة سلعًا وخدمات لم تكن خاضعة من قبل لضريبة المبيعات.(3)

فمع بداية تطبيق ضريبة القيمة المضافة تم فرض ضريبة على الخدمات مثلًا، وهي التي ظلت معفاة من ضريبة المبيعات، باستثناء عدد محدود من الخدمات، مما يُحمِّلُ المواطن (الممول الأساسي لخزينة الدولة) مزيدًا من الأعباء.

دعونا نأخذ خدمات الاتصالات مثالًا:

بيان الأرقام بالمليون جنيه (فعلي) الأرقام بالمليون جنيه (متوقع) الأرقام بالمليون جنيه

(مشروع موازنة)

2011/2012 2012/2013 2013/2014 2014/2015 2015/2016 2016/2017 2017/2018
الضريبة على الخدمات 9,141 9,767 9,463 12,098 14,073 27,704 42,156
منها: خدمات الاتصالات الدولية والمحلية 3,928 3,952 3,877 4,393 4,559 8,788 11,125

الجدول ب‌- جدول توضيحي لمجموع الضرائب المحصلة على الخدمات

فمع ارتفاع النسبة التي تمثلها ضرائب المبيعات من إجمالي الإيرادات الضريبية (انظر الشكل ت) كانت تتراوح قبل تطبيق القيمة المضافة من 30%-34% لتصل إلى ما يزيد على 40% من إجمالي الإيرادات العامة في مشروع موازنة 2017-2018.

الشكل ت- نسب ضريبة المبيعات من إجمالي الإيرادات الضريبية

وإذا نظرنا إلى الجدول السابق نجد أن الضريبة على الخدمات (أحد بنود الضريبة على المبيعات) بعد أن كانت حصيلتها الفعلية في الأعوام 2011،2012،2013،2014 لا تتجاوز 10 ملايين جنيه مصري سنويًا ارتفعت (مع بداية تطبيق ضريبة القيمة المضافة لتشمل مزيدًا من الخدمات) لتصل إلى ما يزيد على 27 مليون عام 2016-2017 وتستهدف الحكومة (على الرغم من معدلات التضخم الكبيرة جدًا) أن تكون الحصيلة هذا العام 2017-2018 ما يزيد على 42 مليون جنيه، مما يُشكِّل عبئًا أثقل على المواطن المصري.(4)


الضرائب: ثقبٌ في جيبِ المواطنِ المِصري

إن الهدف الأسمى للسياسة الاقتصادية يجب أن يبقى تحسين الظروف المعيشية للمواطنين. فالضرائب لا تعدو كونها وسيلة لمساعدة الحكومة في تحقيق هذا الهدف.

فالمتابع لما تحمله الأرقام مع معلومات بخصوص الحصيلة الضريبية وتغير نسبتها سيفاجأ بالارتفاع المهول الذي بلغ 30% بين الموازنة السابقة ونظريتها الحالية، وأن الحكومة تعتزم زيادة الضرائب بنسبة 32% في مشروع موازنة السنة القادمة!

فهل يستطيع المواطن المصري تحمل هذه الزيادة الكبيرة في مستوى الضرائب التي تُفرَض عليه مع اتجاه الحكومة المصرية لفرض المزيد والمزيد من الضرائب؟

إن السعي لزيادة الحصيلة الضريبية له تأثير سلبي على الأسعار في الأسواق، كما قد يدفع إلى مزيد من التهرب الضريبي كما أشار إلى ذلك الاقتصادي الأمريكي آرثر لافار في مبدئه الشهير:الكثير من الضرائب يقتل الضرائب!

حيث إن زيادة الضغط الضريبي تدفع القطاعات الاقتصادية لخفض وقت العمل والإنتاج لعدم جدواه وكون جزء كبير منه ستذهب أرباحه في النهاية إلى خزينة للدولة.(8)

أما على أرض الواقع، فقد أشار عبد المنعم مطر، رئيس مصلحة الضرائب، إلى أن إجمالى حالات التهرب الضريبى التي تمت خلال الـ3 الأشهر الأولى من السنة المالية الحالية 2016 – 2017 بلغ نحو مليار جنيه، وهي محاضر التهرب من ضرائب الدخل والمبيعات.(7)

وقد ناقش ابن خلدون ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺍﻟﻁﺭﺩﻴﺔ بين ﺍﻷﺴﻌﺎﺭ ﻭﺍﻟﻀﺭﺍﺌﺏ ﻭﺍﻟﺭﺴﻭﻡ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻔﺭﻀﻬﺎ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺤﻴن ﺘﻘل ﺇﻴﺭﺍﺩﺍﺘﻬﺎ ﻭﺘﻜﺜﺭ ﻨﻔﻘﺎﺘﻬﺎ، ﻓﺎﻟﻤﻜﻭﺱ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻔﺭﺽ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻠﻊ ﻓﻲ ﺍﻷﺴﻭﺍﻕ تضاف إلى ﺍﻟﺘﻜﻠﻔﺔ، ﻓﻴﺅﺩﻱ ﺫﻟﻙ ﺇﻟﻰ ﺍﺭﺘﻔﺎﻉ ﺃﺴﻌﺎﺭﻫﺎ، ﺜﻡ ﺇﻥ ﺍﻻﺭﺘﻔﺎﻉ ﺍﻟﻤﺘﻭﺍﺼل ﻷﺴﻌﺎﺭ ﺍﻟﺴﻠﻊ ﻴﺠﻌل ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻴﺘﺭﻜﻭﻥ ﺸﺭﺍﺀﻫﺎ ﻓﻴﻜﺜﺭ ﺍﻟﻌﺭﺽ ﻭﻴﻘل ﺍﻟﻁﻠﺏ، ﻓﻴﺤﺩﺙ ﺍﻟﻜﺴﺎﺩ ﻓﻲ ﺍﻷﺴﻭﺍﻕ.

وكما ذكرنا في المقال السابق فإن زيادة معدلات ضرائب أو فرض ضرائب جديدة يعني اتجاه الدولة لسياسة اقتصادية انكماشية، فالضرائب تقلل الدخل المتاح للأفراد ما يعني تخفيض الاستهلاك، وبالتالي تخفيض الحافز على الإنتاج والدخول في منحنى من الركود الاقتصادي.

في الختام: من الضروري الإشارة إلى المخاطر الشديدة التي تصاحب زيادة الضرائب بهذه المعدلات المرتفعة جدًا، وأن عواقب هذا النوع من السياسات، إذا أضيف إليه رفع الدعم على السلع الأساسية سيؤدي إلى انخفاض القدرة الشرائية للمواطنين مما سيؤثر على ظروفهم المعيشية بشكلٍ سيئ جدًا. لذا، فمن الضروري أن تقوم الحكومة المصرية بإجراءات تحمي الطبقات الأكثر تضررًا، وإلا فإن النتائج على المدى المتوسط والبعيد ستكون غاية في السوء.

المراجع
  1. أسامة مسلم (2007)، "دمج مصلحتي ضرائب الدخل والمبيعات والآثار المتوقعة"، مصلحة الضرائب المصرية.
  2. عمرو عادلي (2017)،" العدالة الضريبية: قضية مؤسسات لا سياسات"، مركز كارنيغي الشرق الأوسط.
  3. عبدالمنعم لطفي (2016)، "الضريبة على القيمة المضافة في مصر"، ورقة عمل المركز المصري للدراسات الاقتصادية.
  4. هبة خليل (2014)، "حالة الأنظمة الضريبية: مصر وتونس"، ورقة بحثية، المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية.
  5. عبدالفتاح الجبالي (2013)" السياسة الضريبية والعدالة الاجتماعية في مصر"، المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية.
  6. N and Chaaban (2009)," The Poverty and equality Implications of a rise in the Value Added Tax: A macroeconomic Simulation for Lebanon", Economic Research Forum.
  7. أسماء الخولي (2017)،" سياسة الدعم في مصر تُرضي الصندوق وتُغضب المواطن"، إضاءات.