«تأثير إبليس»: كيف يتحول حرّاس السجن إلى مجرمين؟
يمكننا الزعم أن علم النفس سيكون أكثر الحقول إثارة لفضول غير المتخصصين إن عرضت عليهم خارطة المعارف الإنسانية، ولهذا سبب بديهي جلي لا يحتاج إلى بيان، وهو موضوع هذا العلم: النفس الإنسانية!
كما أن سهولة سرد تفاصيل ونتائج أهم التجارب في هذا المجال، بعبارات بسيطة، في صورة عظة أو خطبة أو مقال صحفي يثير حماسة واهتمام المتلقين، خلق درجة عالية من الألفة بينهم وبين أجواء هذا العلم.
حتى أنك لن تجد اليوم بين متصفحي الإنترنت الفضوليين من يجهل قصص أشهر تجارب علم النفس التاريخية، على رأسها «تجربة سجن ستانفورد»، الموضوع الرئيسي لكتاب «تأثير إبليس: كيف يتحول الطيبون إلى أشرار» (The Lucifer Effect: Understanding How Good People Turn Evil)، لمؤلفه «فيليب جورج زيمباردو»، أستاذ علم النفس المرموق، وصاحب التجربة.
لماذا الكتاب؟
عُدّت تجربة «سجن ستانفورد» فور شيوع صيتها من تجارب علم النفس الكلاسيكية. وألهمت مئات التجارب والدراسات اللاحقة، كما امتد تأثيرها إلى حقول معرفية أخرى. بعدها، واصل «فيليب زيمباردو» دراسة السلوكيات البشرية وأسباب تغيرها، وقدرة الإنسان «العادي» الكامنة على ارتكاب الفظائع، وأسباب ذلك، حتى يومنا هذا. وهو ضيف إعلامي، محاضر، وشخصية مرموقة لم يخفت بريقها يومًا.
في الواقع، ارتبط كتاب «زيمباردو» الضخم، الصادر عام 2007، بفضيحة سجن أبو غريب وتداعياتها التي اطّلع «زيمباردو» على تفاصيلها، وكواليس محاكمات الجناة، بصفته شاهدًا متخصّصًا استعانت به المحكمة.
في الكتاب، تشغل قصة التجربة الكلاسيكية ثلثي المساحة تقريبًا، بتفاصيل وشهادات جديدة، يتطرق بعدها إلى عدد من الانتهاكات المأساوية المتعلّقة بالسلطة والأجواء المؤسساتية، مع التركيز على أحداث سجن أبو غريب. يقدم «زيمباردو» تفسيرًا لهذا النوع من الشر في ضوء نظريته التي جاءت إجابة على سؤال شغل الرأي العام الأمريكي آنذاك: «كيف ارتكب جنودنا الطيبون هذه الفظائع؟».
التجربة: تفاصيل جديدة
في عام 1971، خلال صباح أحد أيام أغسطس/ آب الهادئة، مرّت سيارة الشرطة بعدد من مساكن مدينة «بالو ألتو» في ولاية كاليفورنيا، ليُلقي طاقمها القبض على عدد من طلبة الجامعة، فيما بدا كعملية توقيف نموذجية. ثم نُقل المتهمون إثرها إلى قسم الشرطة ليودعوا زنزانة معصوبي الأعين بعض الوقت، قبل نقلهم إلى «سجن مقاطعة ستانفورد»، حيث سيقضون أيامًا عصيبةً في قبضة حرّاس لم يمارسوا هذه الوظيفة يومًا من قبل!
في الحقيقة، كان هذا أول فصول تجربة عن التأثير النفسي لحياة السجن. أعلن القائمون عليها في الصحف عن حاجتهم إلى متطوعين، بمقابل 15 دولارًا لليوم. أجريت المقابلات والفحوص الطبية مع 70 متطوعًا، كما فحصت السجلات للتأكّد من خلوها من أعمال العنف وتعاطي المخدرات، فكان السجناء والحراس بسجن مقاطعة ستانفورد، إضافة إلى عدد بسيط من المتطوعين الاحتياطيين، البالغ مجموعهم 24 متطوعًا، هم من اجتازوا تلك الاختبارات بنجاح.
أجرى التجربة فريق بحث من علماء النفس، يقودهم «زيمباردو»، تحت إشراف متخصصين في المجال، منهم مسجون سابق قضى في السجن 17 عامًا. اُختير قبو قسم علم النفس بجامعة ستانفورد مكانًا للتجربة، وتمت تهيئته بحرص، كما زُوّدت الزنازين -الخالية من النوافذ أو الساعات- بأجهزة تصنّت وسماعات لإذاعة الأوامر والتنبيهات.
استخدم الباحثون إجراءات أكثر حدة وقسوة من المتعارف عليه في السجون الحقيقية، بهدف بث الروح المطلوبة سريعًا، بما يتناسب مع فترة التجربة القصيرة المخطّط لها، وهي أسبوعان فقط. فجُرّد السجناء التسعة من ملابسهم، وأعطوا ثوبًا يكشف عوراتهم، وقُيّد الكاحل الأيمن بسلسلة، مع رقم لكل سجين على جانبي الثوب، يستعمل بديلًا عن الأسماء لطمس فردية السجناء، وهو ما هدفت إليه إجراءات أخرى مثل إلباسهم أغطية رأس من الجوارب النسائية.
أما الحراس التسعة، الذين هم موضع للدراسة أيضًا، فقد ارتدوا نظارات سوداء، وزيًا موحدًا، مع صافرة حول أعناقهم، وهراوات شرطية في أحزمتهم. لكن لم تُحدّد للحراس قوانين بعينها، ولا أمليت عليهم ممنوعات، بل تلقوا إرشادات عامة بحفظ الأمن والنظام بحزم طوال الوقت، وتحذيرات من المخاطر المحتملة حال فشلهم في ذلك.
اليوم الأول
في اليوم الأول، أوقِظ السجناء بصفارات مزعجة، وبدأت عملية العرض ونداء الأرقام التي ستجرى مرات عدة يوميًا لإتاحة فرص أمام الحراس لاستخدام سلطاتهم. لكن بشكلٍ عام، لم يكن المتطوعون -من الفرقتين– قد اندمجوا في أدوارهم بعد، واستمرت محاولات إبراز الفردانية من بعض المساجين، مما أثار حيرة الحراس الذين لم يتواضعوا على طريقة لفرض نفوذهم وقهر السجناء بعد. وإن بدأوا في استخدام تمارين الضغط كنوع من العقاب، وهو ما لم يره فريق البحث عقابًا ملائمًا للسجن، بينما كان في الواقع عقابًا معتمدًا ومستخدمًا في معسكرات النازية من قبل.
اليوم الثاني
وقعت بعض محاولات التمرد في اليوم الثاني. خلع بعض السجناء أغطية الرأس، ونزعوا الأرقام من على الثياب، وتحصنوا داخل الزنازين بعد أن سدوا الأبواب بالأسرّة، كما وجهوا السباب إلى الحراس الذين استجابوا بطلب التعزيزات، فجاء ثلاثة من منازلهم، كما رفضت دورية الليلة الماضية المغادرة قبل إخماد الثورة.
قرّر الحراس استعمال أجهزة إطفاء الحريق، ونجحوا بالفعل في اقتحام الزنازين، وجرّدوا السجناء من ملابسهم، ثم أودعوا قادة التمرد زنزانات فردية. لقد أُخمد التمرد، لكن الحراس أدركوا ضعف موقفهم، خاصة مع عددهم القليل نسبيًا، حينها قرروا استخدام الحيل النفسية.
بدأت محاولات انتزاع الثقة بين السجناء بنقل السجناء الأكثر مسالمة إلى زنازين مميزة، والسماح لهم بالاستحمام وغسل الأسنان، ومنحهم طعامًا مميزًا في حضرة أقرانهم ممن يخضعون لعقاب مشدد. لاحقًا، في اليوم نفسه، نقل السجناء المسالمون إلى زنزانات سيئة، والعكس بالعكس، ليدبّ الشك بينهم، وهو ما يقع في السجون الحقيقية بالخارج.
كذلك تغير أسلوب الحراس، وضيّقوا على السجناء حتى في قضاء الحاجة، إذ أُرغم السجناء كثيرًا على التبول والتغوط في دلو داخل الزنزانة، لا يتم إفراغه، مما تسبّب في رائحة كريهة دائمة. ونتيجة لهذه التشديدات، بدأت الأعراض السلبية في الظهور على السجناء، منهم السجين رقم 8612، الذي عانى من اضطراب نفسي حاد، ونوبات هياج وبكاء هستيري، تضاعف خلال الساعات التالية حتى اضطُرّ فريق البحث إلى إطلاق سراحه.
اليوم الثالث
في اليوم الثالث، انشغل الجميع بالتجهيز لزيارة أهل وأصدقاء السجناء. حلقت رءوس السجناء، وسمح لهم بالاستحمام، وأمروا بتنظيف زنازينهم، وصدعت السماعات بالموسيقى، وطلب من بعض الفاتنات استقبال الزوار، كما حُذّر السجناء من الشكوى.
أُعِدّت الزيارة ونظمت كي تتفق مع الأجواء المحاكاتية الصارمة، وهو ما استجاب له الأهل بدرجة كبيرة، رغم التضييق المفروض، مثل اقتصار المقابلة على زائريْن فقط لكل سجين، لا يسمح لهم إلا بعشر دقائق، تحت إشراف دائم من الحراس. بالطبع، شعر الأهل بالقلق من الضعف والإجهاد البادييْن على أبنائهم، لكنهم أبدوا كذلك تفهمًا كبيرًا لخصوصية الوضع، ولم ينسَ بعضهم تشجيع ذويهم على الجلَد والاحتمال.
إلى جانب مجهود الصباح، قضى القائمون على التجربة ليلة عصيبة، إذ بلغتهم أنباء عن محاولة اقتحام سيجريها السجين الطليق، رقم 8612، مع عدد من الأصدقاء، لتحرير رفاقه في السجن، هذه الليلة. لكن تبيّن بمرور الوقت أنها مجرد شائعة، إلا أن هذا لم يمنع الحراس من عقاب السجناء، والإمعان في إهانتهم، حتى أجبروا على تنظيف المراحيض بأيديهم العارية.
اليوم الرابع
في هذا اليوم، زار السجن قس كاثوليكي عمل في السجون من قبل، لإجراء مقابلات مع كل سجين على حدة. لكن السجين رقم 819 وحده رفض الاجتماع بالقس. كان المرض باديًا عليه، كما رفض تناول الطعام، وأصرّ على خضوعه للفحص من قبل الطبيب.
وعندما انهار السجين باكيًا، جمع الحراس سائر السجناء، وأُمِروا بالإنشاد عاليًا ذمًّا لصاحبهم الضعيف. حينها، توجّه زيمباردو إلى زنزانته، فوجده ينتحب، ولما عرض عليه الرحيل، رفض السجين ذلك، رغم مرضه، خشية وصمه بالجبن من قبل رفاقه.
أمسك «زيمباردو» بالشاب، وقال له: «استمع إليّ، أنت لست 819، بل أنت [فلان]، وأنا دكتور زيمباردو، أستاذ علم نفس، لا مشرف سجن، ولا هذا بسجن حقيقي. إنها مجرد تجربة، وهؤلاء طلاب، لا سجناء، مثلك تمامًا. دعك من هذا».
اليوم الخامس
في اليوم الخامس، مَثَل السجناء المسالمين أمام هيئة من الغرباء للبتّ في أهليتهم لإطلاق سراح مشروط، حيث أبدوا انصياعًا وتجاوبًا مثاليًا. لكن خارج الهيئة، كانت حالة السجناء في تردٍّ مستمر، إذ انهارت أعصاب أحدهم، وأضرب ثانٍ عن الطعام، وأصيب آخر بأرتيكاريا (طفح جلدي) نفسية.
لكن هناك من اختاروا الانصياع والطاعة وسيلة للتأقلم، فتماهوا مع دور السجين المثالي، حتى سمي أحدهم «الرقيب» –رتبة عسكرية– لتنفيذه الأوامر بانضباط عسكري. وعندما أُلقي ببعض المتمردين في السجن الانفرادي ساعات طويلة – في إطار تصعيد الحرّاس للعقوبات – لم ينظر سائر السجناء إليهم باحترام، بل اعتبروهم مجموعة من المشاغبين.
اليوم السادس
أوقفت التجربة لعدة أسباب، منها تنامي تجاوزات الحراس بصورة مفجعة، واتخاذها أشكالًا جنسية في بعض الحالات، خاصة ليلًا، حين يظن الحراس غياب الرقابة. لكن الحادثة الرئيسية، كانت زيارة «كريستينا ماسلاش»، الحاصلة على الدكتوراه في علم النفس حديثًا من الجامعة، وزوجة زيمباردو المستقبلية.
قدِمت «ماسلاش» لإجراء المقابلات مع الحراس والسجناء، لكنها فُجعت حين رأت السجناء في طريقهم لقضاء الحاجة، والأغطية على رءوسهم، والسلاسل في سيقانهم، ويد كل منهم على كتف زميله. اعترضت «ماسلاش» بشدة، وعبّرت عن صدمتها من استجابة زيمباردو، حينها أفاق وقرر وقف التجربة -التي كان من المفترض استمرارها أسبوعين– نهائيًا، في يومها السادس، الموافق 20 أغسطس/ آب، عام 1971.
تفسير زيمباردو
«فيليب زيمباردو» يحمل ملصقًا كتب عليه: أريدك أن تصبح بطلا لكل يوم.
عادة، تُفسّر الفظائع التي يرتكبها بعض الأشخاص بخلل في منظومتهم الأخلاقية، أو ضعف يشي بنفس مريضة، بحيث يقع اللوْم بالكامل على الشخص المدان. يرفض «زيمباردو» هذه الصورة، صحيح أن الإنسان مسؤول عن أفعاله، لكن كثيرًا ما يكون للبيئة نفسها دور كبير في إنتاج هذه الفظائع، وهذا جوهر التفسير الذي يقدّمه زيمباردو.
يستعرض الكاتب قائمة لأشهر التجارب في علم النفس، التي تكشف بوضوح قابلية الإنسان العادي، المهذب لارتكاب ما لم يكن ليُتصور قدرته على إتيانه. تأتي على رأس هذه القائمة «تجربة ملجرام»، التي أجريت عام 1963، في أثناء محاكمة كبار النازيين، إذ كان تبريرهم الأبرز لما ارتكبوه من جرائم إنسانية: «تنفيذ الأوامر».
في هذه التجربة، يضغط المتطوعون على زر لعقاب شخص آخر لا يرونه -لكن يسمعون صراخه- لفشله في حفظ أمر ما، بصدمات كهربائية (مزيّفة، دون علمه)، ويسمع صراخ المخطئ (يقوم بالدور فرد من فريق البحث) من ألمها، وتزداد حدتها بالتدريج، حتى تصل إلى 450 فولت أحيانًا! وبالفعل، انصاع نحو ثلثي عينة الاختبار لأوامر المشرف، وواصلوا صعق الآخر.
اقرأ أيضا:هل يمكن الخضوع لسلطة ذات أوامر تتناقض مع ضمائرنا؟
إلى جانب ذلك، يعلي زيمباردو من أهمية كتابات ألبرت بندورا، عالم النفس الكندي، حول خطورة الإفراط في تنميط الآخر وتشويهه وتجريده من إنسانيته، بما يجعل إيذاءه أكثر سهولة. وهو ما يذكّرنا بعبارة «ستيفن جرين»، أحد الجنود الأمريكيين المدانين بجريمة اغتصاب عبير قاسم الجنابي، الفتاة العراقية ذات الـ14 عامًا، وقتلها مع أهلها،إذ قال: «لم أكن أعتبر العراقيين بشرًا».
استنادًا إلى هذا وغيره، يرفض زيمباردو فكرة «التفاحة السيئة» التي أفسدت باقي تفاحات السلة، ويطرح تصورًا جديدًا عن «السلة الفاسدة» التي تفسد ما بداخلها. وإذا بحثنا في تجربة سجن ستانفورد عن أمثلة على قوة تأثير السياق أو الظرف على الفرد، سنجد كثيرًا منها.
تحولات سجن ستانفورد
كانت تجربة سجن ستانفورد مدهشة للمختصّين والعامة لأسباب كثيرة، منها عدم اقتصار تأثير السلطة والظرف على عينة الاختبار وحدها، إذ تعدّى «تأثير إبليس» ذلك، فطالت الوسوسة آذان فريق البحث أيضًا، والأغرب من ذلك أنها طالت نحو 50 شخصًا زاروا السجن، لم يعلّق أحدهم بكلمة على المأساة الإنسانية الجارية. وسنسرد هنا ثلاثة أمثلة متنوعة.
أولًا: كان أحد قادة تمرد اليوم الثاني، السجين رقم 5401، كما تبيّن فيما بعد، ناشطًا يساريًا، تطوع بهدف فضح التجربة التي ظنّها محاولة من السلطات لاكتشاف طرق للسيطرة على أمثاله. رغم ذلك، أبدى السجين سعادة وفخرًا، في إحدى رسائله إلى حبيبته، بانتخابه رئيسًا للجنة تظلمات سجن مقاطعة ستانفورد!
ثانيًا: يعد القس الذي زار السجن في اليوم الرابع مثالًا ممتازًا. ففي أثناء المقابلة، سأل القس السجناء بجدية عن الخطوات العملية التي اتخذوها لمغادرة السجن، مشيرًا إلى ضرورة توكيل محام، وإلا فكيف لسجين مغادرة السجن دون ذلك! علاوة على ذلك، أجرى القس اتصالات بالأهالي لتذكيرهم بأهمية هذه الخطوة، وهو ما استجاب له الأهل على الفور وأجروا الاتصالات بالفعل.
ثالثًا: تعامل فريق البحث مع حالات المرض بارتياب يليق بمأمور سجن حقيقي، وقدّموا عروضًا لتجنيد السجناء الضعاف بدلًا من علاجهم أو عرضهم على طبيب حقيقي. كما استجابوا لشائعة اقتحام السجن بنقل المساجين وتجهيز سيناريوهات لخداع المهاجمين والتخلص من خطرهم.
في هذا السياق، زار زيمباردو قسم الشرطة، لطلب نقل السجناء إليه فترة إلى حين زوال الخطر، وعندما قوبل طلبه بالرفض لأسباب تتعلق بالعقد مع شركة التأمين، استشاط زيمباردو غضبًا من سوء التنسيق بين المؤسسات الإصلاحية، أي قسم الشرطة وسجن مقاطعة ستانفورد الوهمي.
صناعة الأبطال
لا يكتفي الكاتب ببيان ما يراه سببًا للمشكلة، فإلى جانب مطالبته بمحاكمة النظام والمؤسسات المذنبة، يوصي زيمباردو بخلق تجربة ملجرام عكسية! بمعنى مطالبة المواطن بفعل الصواب، وتحدي الخطأ، والعصيان الذي يضطر النظام إلى إصلاح نفسه. إنه يطالب بمعاودة الاحتفاء بالأفعال البطولية، التي يضع لها معايير أربعة: المبادرة بفعلها طوعًا، وانطوائها على خطورة أو استلزامها تضحية، واستهداف صالح الآخر، والخلو من المنفعة.
صحيح أننا أكثر ضعفًا مما نظن، وأقل تميزًا عن الآخر المذنب مما نتوهم، كثيرًا ما تقودنا الظروف كقطيع أغنام، لكن زيمباردو ما يزال يرى في الظلمة بصيص أمل، وهو قدرتنا على التمسك بفرديتنا، ومقاومة وسوسة الشر، والانتصار للإنسانية.