ما الأفضل لعشاق القراءة: قارئ كتب أم جهاز لوحي؟
هناك تساؤل يطرح نفسه دائمًا عند الحديث عن القراءة الإلكترونية: ما الجدوى من شراء جهاز مخصص لقراءة الكتب الإلكترونية فقط بينما يمكن شراء جهاز لوحي يفعل أكثر من ذلك بكثير؟
هل قارئ الكتب الإلكترونية هو مضيعة لنقود يمكن استثمارها في شراء جهاز لوحي شامل؟ هذا ما سأجيبك عنه في هذا المقال من خلال مقارنة الخواص التي يقدمها القارئ الإلكتروني بمثيلاتها في الجهاز اللوحي.
تحذير هام جدًا للغاية وبشدة: هذا المقال لا يستهدف بأي حال فئة القراء الذين يعانون من إدمان رائحة الكتب وحب اصفرار أوراقها وكل هذه اللمحات الرومانسية في عشق الكتاب الورقي، فأنا هنا في معرض توجيه الحديث إلى من تخَطَّى هذه الأمور للاستمتاع بالقراءة نفسها على أية وسيلة أخرى متاحة.
راحة العين
من المعروف أن التحديق في الشاشات عمومًا يضر العين ويصيبها بالإجهاد والجفاف، وأحيانًا نشعر بوخز مؤلم يضطرنا إلى ترك ما ننظر إليه على الشاشة مهما كان مهمًا.
وهذا الأمر ينطبق بشدة على شاشات الهواتف والأجهزة اللوحية التي تعمل بتقنيات LCD أو OLED كما هو منتشر حاليًا، وهما يصدران إضاءة متواصلة لإظهار المحتوى على الشاشة مما يؤثر على العين.
أما شاشة قارئ الكتب الإلكترونية فهي تعمل بتقنية الحبر الإلكتروني E Ink الصديقة للعين، فهي تقوم بما يشبه الطباعة على الشاشة، فترى المحتوى بطريقة شبيهة للغاية بالكتب الورقية، فلا يكون هناك ضوء مسلط على عينيك طوال الوقت.
المميزات
إن قارئ الكتب الإلكترونية قد صمم لهدف واحد: قراءة الكتب الإلكترونية، لذلك فإن كل المميزات الموجودة به ستتمحور حول خلق أفضل تجربة قراءة، ولكنها بالمقارنة بمميزات الجهاز اللوحي ستكون نقطة في بحر.
فبينما نتحدث في قارئ الكتب الإلكترونية عن متجر للكتب وإمكانية التدوير التلقائي للشاشة ومقاومة الماء في بعض الموديلات الحديثة، ثم ترجمة النصوص داخل الكتاب وتظليلها ومشاركتها، وأيضًا التحكم في نوع وحجم الخط، ودعم سماع الكتب الصوتية عبر سماعات بلوتوث، وغيرها من المميزات الشبيهة.
نجد أن في الجهاز اللوحي كل هذه المميزات وأكثر بكثير، ربما باستثناء أن عددًا محدودًا يدعم مقاومة الماء. ولكن الملاحظ هنا أن تلك المميزات العديدة لن تكون لها علاقة بقراءة الكتب على وجه التحديد، فيما عدا إمكانية عرض الكتب المصورة بشكل أفضل بكثير جدًا من قارئ الكتب الإلكترونية، وإن كانت تمت مراعاتها تحديدًا في الإصدارات الأحدث منها.
العتاد الداخلي
عندما نتطلع إلى شراء جهاز لوحي جديد فإن أهم شيء نريد معرفته هو عتاده الداخلي مثل سعة الذاكرة الداخلية، حجم الذاكرة العشوائية، قوة المعالج، وغيرها من المواصفات التي نهتم بها لضمان الاستمتاع بتجربة استخدام جيدة في حدود مبلغ الشراء المحدد، ذلك لأنه جهاز ذكي يقوم بالعديد من المهام.
ولكن هل لنا حاجة حقًا لاهتمام بالعتاد الداخلي لقارئ الكتب الإلكترونية الذي لا نفعل به أي شيء سوى تصفح الكتب وشرائها؟ عندما تعرف مثلًا أن حجم الذاكرة الداخلية له 8 جيجابايت وأن حجم الذاكرة العشوائية 512 ميجابايت، فبالتأكيد سينتابك القلق للضعف الشديد لهذا العتاد، ولكنه بالفعل أكثر من كافٍ للقيام بمهمة الجهاز على أكمل وجه.
الأداء
العتاد القوي للأجهزة اللوحية يضمن سلاستها بشكل كبير في التنقل بين التطبيقات والقيام بالمهام المختلفة، لذلك في اللوحيات الرخيصة ذات العتاد المنخفض تجدها تعاني من الكثير من التأخر في الاستجابة والتوقف المؤقت المفاجئ، بينما في موديلات حديثة من جهاز مثل آيباد لن تعاني من هذا على الإطلاق.
في قارئ الكتب الإلكترونية ربما تعتقد أنها تعاني من بعض البطء غير المزعج، ولكن هذا ليس بسبب العتاد المنخفض، بل لتقنية الشاشة E Ink التي تحدثنا عنها بالأعلى، فهي تأخذ وقتًا للانتهاء من عرض الصفحة التي ستفتحها (ثانية أو أكثر قليلًا)، وكلما احتوت الصفحة على محتوى أكثر مثل الصور والرسوم البيانية فإنها ستأخذ وقتًا أطول للانتهاء من عرضها.
التصميم وسهولة الاستخدام
ستجد أن قارئ الكتب الإلكترونية يتميز بأبعاد تشبه أبعاد الكتاب العادي، فإن شاشته تتراوح ما بين 6 أو 7 بوصات، والحواف حولها سميكة لسهولة إمساكه من أي زاوية دون الضغط بالخطأ على طرف الشاشة، أما الوزن فستجده خفيفًا جدًا نتيجة لأنه لا يحتوي على مكونات داخلية كثيرة، لذلك فمن السهل والمريح جدًا استخدامه بيد واحدة لساعات طوال.
بينما الأجهزة اللوحية حاليًا تبدأ من شاشة بحجم 8 وحتى 12.5 بوصة، وهناك اتجاه عام لتقليل الحواف في كل الأجهزة الذكية. كما أن الوزن أثقل لكل العتاد المتقدم داخله، فسيكون من غير المريح استخدامه بيد واحدة لمدة طويلة، وسيكون الأمر شبه مستحيل مع الأحجام الكبيرة بالطبع.
البطارية
لا شك أن العتاد المتقدم للأجهزة اللوحية يستهلك البطارية بشراهة، فمهما كبرت سعة البطارية، ومهما صُنعَت معالجات أقل استهلاكًا للطاقة، وحتى تطوير تقنيات للشاشة تقلل من استهلاك البطارية، إلا أننا حتى الآن لا نرى جهازًا لوحيًا يصمد يومًا كاملًا أمام استهلاك متواصل قبل أن تحتاج لإعادة شحنه مرة أخرى.
لكن قارئ الكتب الإلكترونية يستطيع الصمود لأيام، بل ولأسابيع لو كان استهلاكك متوسطًا، وهذا لأن عتاده الداخلي متواضع، ولأن شاشته تعتمد على طباعة المحتوى مرة واحدة أمامك كما أسلفنا، مما يعني أنك لو ظللت تقرأ في نفس الصفحة يومًا كاملًا لن تستهلك أي قدر من البطارية على الإطلاق لأن المحتوى مطبوع بالفعل على شاشة الحبر الإلكتروني.
السعر
لو نظرنا للأمر بنظرة سطحية فإننا سنرى أنه من الممكن اقتناء قارئ كتب إلكترونية شهير مثل أمازون كيندل بسعر يبدأ من 89 دولارًا، وهذا سعر رخيص جدًا مقارنة بأرخص جهاز لوحي.
ولكن عليك أن تعي أنك ستدفع هذا المبلغ مقابل جهاز للقراءة فقط، لا لشيء آخر، لذلك فإن هناك أجهزة لوحية أخرى رخيصة ستمكنك من عمل أكثر من ذلك بكثير.
الخلاصة
إن قارئ الكتب الإلكترونية هو صفقة جيدة لعشاق القراءة، تصميم بأبعاد ووزن مناسب لسهولة الحمل بيد واحدة في أي مكان، مع شاشة غير ضارة بالعينين وبطارية خارقة وسعر زهيد جدًا.
على الجانب الآخر، فإن الجهاز اللوحي مناسب أكثر لمن يريد أكثر من مجرد القراءة مثل تصفح إنترنت مريح ومشاهدة الوسائط المتعددة وسماع الموسيقى وتطبيقات وألعاب كثيرة… إلخ.
لذلك فإنني أنصح من يريد جهازًا للقراءة فقط أن يتجه إلى قارئ الكتب الإلكترونية بلا تردد، أما من يريد جهازًا للقراءة «وأكثر» فعليه بالجهاز اللوحي الذي سيلبي كل احتياجاته بالتأكيد.
فهل توافقني الرأي؟ سيسعدني قراءة تعقيبك في قسم التعليقات.