كيماوي دوما: أخبار روسية مزيفة حول أخبار سورية مزيفة
محتوى مترجم | ||
المصدر | ||
التاريخ | ||
الكاتب |
يدخل «بيلنجكات – Bellingcat» ضمن نطاق «الصحافة الاستقصائية الإلكترونية»، فهو يستخدم المصادر المفتوحة ووسائل التواصل الاجتماعي للتحقيق في مجموعة متنوعة من الموضوعات، بدءًا من أمراء المخدرات المكسيكيين، إلى الصراعات المتعددة في جميع أنحاء العالم. وتجربة «بيلنجكات» هي خير دليل على أن كل فرد في هذا العالم قادر على التحقيق بنفسه بأخبار وحوادث العالم من حوله.
عندما تحظى جريمة حرب في سوريا بتغطية إعلامية بارزة، تتكاتف الأطراف والمؤسسات الإعلامية الداعمة للكرملين وبشار الأسد في كيل الاتهامات لقوات الدفاع المدني السوري (التي تعرف بالخوذ البيضاء) والتي تمثل مصدرًا للمعلومات والصور لتلك الجرائم، وغالبًا ما تنقسم هذه الاتهامات إلى فئتين:
الأولى: هي الادعاءات بأن الخوذ البيضاء تنتمي إلى القاعدة أو إلى تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) بل وأحياناً الانتماء لكليهما معاً.
الثانية: الادعاء بأن تلك الصور مزيفة لخداع الرأي العام الغربي ووسائل الإعلام.
ولا يختلف ذلك عن تناول الهجمات الكيميائية التي وقعت في السابع من أبريل/نيسان الماضي 2018، إذ عاود الأطراف المشككون في الهجوم الكيميائي كيل الاتهامات للخوذ البيضاء بوتيرة منتظمة، كما ادعت الحكومة الروسية أن الخوذ البيضاء تلقت أوامر من الحكومة البريطانية بتزييف الهجوم الكيميائي، مما يشير إلى أن محاولات شيطنة الخوذ البيضاء لا تأتي فقط من أطراف هامشية، وإنما من الحكومة الروسية نفسها، ومن أحدث تلك الاتهامات ما أذاعتهالقناة الأولى الحكومية الروسية لصور ادعت أنها للخوذ البيضاء في الغوطة الشرقية.
وتتضمن هذه الصور ما ادعت القناة بأنه إثبات لاشتراك الخوذ البيضاء في تزييف الهجوم:
وفي واقع الأمر، فإن تلك الصور مأخوذة من صفحة فيسبوك الخاصة بفيلم رجل الثورة (Revolution Man Movie فيلم رجل الثورة) الذي يحكي –وفقاً للإعلام السوري التابع للنظام– حول صحفي دخل إلى سوريا بطريقة غير شرعية لالتقاط صور وفيديوهات عن الحرب في سوريا بحثًا عن الشهرة والجوائز الدولية، ولكن بعد فشله في تحقيق هدفه، لجأ إلى مساعدة الإرهابيين في تلفيق واقعة استخدام أسلحة الكيميائية، بهدف تحويل تلك الصور إلى حدث عالمي.
وتماثل الصورة المأخوذة من صفحة الفيلم على فيسبوك الصور التي عرضها التلفزيون الروسي:
كما أن المرأة التي تمسك بلوحة الكلاكيت كانت مساعدة المخرج «فرح عربي كاتبي»، ومكتوب على اللوحة نفسها اسم الفيلم واسم المخرج نجدة أنزور، وقد كتبت على حسابها على موقع الفيسبوك أنها تعمل «مساعد مخرج»، والحساب يحوي أيضاً صورًا لها من موقع تصوير الفيلم.
ويشير ذلك بوضوح إلى أن الصور من داخل أستوديو التصوير الخاص بالفيلم، ومع ذلك، لا يعرض التلفزيون الروسي الحقائق بهذا الشكل، إذ لا يدعي التقرير بأن الصور مأخوذة من فيلم حقيقي، وإنما من أستوديو يحاكي فيه الخوذ البيضاء شكل الحكومة السورية، وأن غياب اسم الفيلم والتاريخ من على لوحة الكلاكيت تعد دليلاً على هذا الادعاء. وقام البرنامج بمقارنة لوحة الكلاكيت في الصورة بأخرى مستخدمة في إنتاج أحد الأفلام للتأكيد على هذا الادعاء.
وإذا لم تفهم وجهة نظر البرنامج الروسي، فلست وحدك، إذ لم يلتزم البرنامج في ادعائه بتسلسل منطقي واضح، كما أشارت مجلة ذا إنسايدر الروسية إلى ذلك.
كما أن التقرير أغفل أن أحد أعضاء فريق عمل فيلم رجل الثورة كان ممسكًا باللوحة، رغم أن هذا يبدو واضحًا لكل من يرى الصور الأصلية، مما يشير إلى غياب الكفاءة في فريق إعداد البرنامج بشكل منقطع النظير، أو إلى محاولة مقصودة لخداع المشاهدين.
ويمثل هذا التقرير التلفزيوني إحدى المحاولات الواضحة للإعلام الروسي وداعمي الحكومتين الروسية والسورية لتحريف الحقيقة باستخدام صور في غير محلها للإساءة إلى الخوذ البيضاء، وهي محاولة يسهل دحضها دون الحاجة لبحث معمق، وعلى الرغم من سهولة فضح ذلك الزيف، فمن المؤكد أن مناهضي الخوذ البيضاء سيعتمدون على هذه الصور على مدار الأشهر القادمة، إن لم تكن لسنين مقبلة.