هل من حق الفن اختيار لون «كليوباترا»؟
لا توجد شخصية تتجدد جدالات تمثيلها العرقي والقومي كل عدة سنوات أكثر من كليوباترا آخر حكام البطالمة في مصر، ذات التاريخ الثري الذي جعلها عرضة لكتابة تواريخ موازية وقصص خيالية من أعظم العقول الأدبية مثل شكسبير، كما أصبح شخصها التاريخي عنصراً توثيقياً في الملاحم السينمائية الكبيرة، تقوم بدورها ممثلات من جنسيات وأصول مختلفة في معظم الأحيان قوقازيات شهيرات، أشهرهن إليزابيث تايلور في الملحمة التاريخية كليوباترا عام 1963.
في ذلك الفيلم، الذي نادرًا ما يتعرض للهجوم بشكل جدّي، يمكن رؤية فوضى التمثيل العرقي الهوليوودية، كليوباترا بيضاء تتحدث الإنجليزية، وخدمها المصريون سود البشرة أو من أصول آسيوية، في تصور بدائي لما يجعل شخصًا ما حاكمًا وشخصًا عبدًا، لكنه في النهاية عمل من الخيال، وهو ما يجعل صناعه يهربون بالرخصة الإبداعية، كما أنه صنع في الستينيات حيث لا تفحيص ولا اهتمامًا كبيرًا بالتمثيل الثقافي والعرقي في المواد المرئية.
تجدد الجدل في 2020 بعد إعلان احتمالية أن تلعب جال جادوت الممثلة الإسرائيلية الجنسية دور الملكة الشهيرة في ملحمة هوليوودية جديدة، أخذ الجدل طابعًا قوميًا وحقوقيًا، جادوت ذات تاريخ خلافي وآراء عسكرية وقومية صهيونية الطابع في عالم يتزايد به الوعي بالجرائم العسكرية اليومية في الأراضي الفلسطينية.
استدعى ذلك جدلًا مشابهًا حول اليزابيث تايلور التي -وعلى الرغم من كون جنسيتها ليست الإسرائيلية- لكنها تحولت إلى الديانة اليهودية وبدأت في دعم ممنهج للقضية الصهيونية، مما ترتب عليه منعها من دخول مصر والتصوير فيها، تجدد مع جادوت الجدل كذلك حول عرق كليوباترا ولون بشرتها وانحدار نسلها.
لكن وصل الجدل حده الأقصى مع عمل يمثل الموسم الثاني من وثائقيات تخيلية متسلسلة بعنوان: «ملكات أفريقيات» من إنتاج منصة نتفليكس، الموسم الصادر عام 2023 بعنوان «الملكة كليوباترا – queen cleopatra».
عُيّن للدور «أديل جيمس»، ممثلة بريطانية سمراء البشرة ذات شعر أسود مجعد طبيعي. أثار الخيار الفني والتاريخي حفيظة المصريين مع مخاوف من تصاعد الأفكار المركزية الأفريقية. يستدعي ذلك الجدال المحتدم الذي وصل إلى دعوات بالمقاطعة ومطالبات بالإلغاء فجوة كبيرة بين تجاهل المركزية البيضاء التي حكمت صناعة الوسائط منذ اختراعها الأول في القرن التاسع عشر، والسخط الممتزج بشعور بالإهانة عند تصور شخصية ما يظن أنها بيضاء بلون آخر، كما يثير تساؤلات حول اختزال شخصية تاريخية لمجرد لون بشرتها على الرغم من عدم انتمائها للمزيج العرقي المصري المعتاد أو الأوروبي بالكامل، وتجاهل الشخصية نفسها من منطلق تاريخي، وما تمثله كملكة وامرأة في واحدة من أقدم وأضخم الحضارات.
للنظر في طبيعة التمثيل التاريخي على الشاشة طرق عديدة بعيدًا عن الاستقطاب أو الجدليات الثنائية المتطرفة، يمكن النظر في المسلسل الوثائقي الأخير باعتباره تعيين أدوار بديل لشخصية اختلف على أصلها العرقي، أو كمراجعة تاريخية للمركزية الأوروبية، ودعوة لتصور رمزي لشخصيات تنتمي لقارة معظم سكانها من غير البيض. ويمكن كذلك قراءة التغير التاريخي للسياسات العرقية عبر التاريخ وأهميتها في السياقات المجتمعية والسياسية.
جدل لم يحسم بعد
لم يبدأ الخلاف على عرق كليوباترا مؤخرًا، بل لطالما كان محل جدال في دراسة الكلاسيكيات والحضارات القديمة، فنّد الأكاديميون الأجداد الذين انحدرت منهم الملكة الشهيرة، ويؤكدون بشبه يقين أنها يونانية مقدونية من ناحية الأب، لكن حينما يأتي الأمر للأم فالأمر ليس بذلك التأكيد، يخمن بعضهم أنها مصرية، والبعض يخمّن أنها من أصول أفريقية، وآخرين يخمّنون أنها من أصول يونانية.
لم يمتلك الملوك القدامى علاقات أحادية بالمعنى المعاصر، بل كان هناك الكثيرات من المحظيات والخادمات اللاتي يلدن للملوك أبناء من شتى الأعراق، حتى تلك اللحظة لا يوجد دليل مادي حاسم بلون بشرة كليوباترا أو عرقها، ويبدو أن الغضب المصري في حالتها هو غضب يستدعي تصورًا أبيض لا علاقة له بالحضارة المصرية نفسها، فهي ليست ملكة مصرية الأصل بشكل أساسي، بل كانت ملكة على مصر.
في واحد من أوائل المقالات التي طرحت سؤال إمكانية أن تكون كليوباترا سمراء عام 2002، يتساءل «شارلز ويتكر» عن مدى أهمية التساؤل عن عرق كليوباترا من الأساس، وعمّا إذا كان ذلك الشغف بإثبات أوروبيتها هو محاولة مركزية أوروبية لامتلاك الملكة كجزء من ثقافة معينة، فهو سؤال سياسي وليس تاريخيًا، لأن كليوباترا على حد قوله لم تكن أهم ملكة مصرية لكنها الأكثر شهرة بين ملكات مصر، والأكثر قربًا من الأوروبيين، كما أن أهميتها تحددت بكونها مغوية استطاعت الإيقاع بحاكمين من أهم حكام روما: يوليوس قيصر ومارك أنتوني، ذلك المزيج بين الحكمة والدهاء والجنسانية جعل كليوباترا عنصرًا مناسبًا للنقاش في الثقافة الشعبية، يسهل إظهارها بشكل مثير في الأفلام بنظرة رجولية كما يقترن ذلك بإظهار قوتها وقدرتها على السيطرة على الأرض التي تحكمها.[1].
في المقال نفسه يناقش ويتكر رؤى بعض النساء من أصل أفريقي لكليوباترا وكيف أصبحت مع الوقت رمزًا أفريقيًا، ليس لأن هناك أدلة على ذلك لكن بسبب توحد رمزي مع ملكة لإحدى أكبر الحضارات الواقعة في القارة جغرافيًا، وقدرة تلك الملكة على الصمود بعد السقوط.
تقول «جوليا بيركنز»، مديرة البرامج الاجتماعية في معهد شيكاغو للفنون، حيث تقع عديد من الصور التي تمثل كليوباترا بيضاء:
في ظل الاستقطاب الفكري والخلافات على التملك التاريخي للشخصيات يتم تجاهل التصورات المتعلقة بالتملك الرمزي للشخصيات التاريخية والخيالية، كثير من المجموعات المستضعفة أو الأقليات تتمسك بشخصيات معينة في التاريخ و الأدبيات الخيالية للنظر إليها من خلال عدسات محددة مثل العدسة الكويرية مثلا أو عدسة النسوية السوداء، لا يعني ذلك بالضرورة أن تتحول جنسانية أو عرقية تلك الشخصيات تاريخيًا، لكنها تطرح إمكانية قراءة وتأويل نصوص أو شخصيات بالغة القدم في ظل تصورات وحساسيات معاصرة تتميز بالسيولة، تجعل المحتوى التاريخي والأدبي والمرئي مساحة مفتوحة للامتلاك وإعادة الامتلاك، للأخذ من أيدي الفئات المهيمنة إلى الفئات المستضعفة.
الامتلاك الرمزي
استخدم الوثائقي الأخير في الإعلان الخاص به جزءًا من كلام الأكاديمية «شيلي هالي» بشكل استقطابي لاثارة الجدل حول هوية وعرق كليوباترا من دون النظر في السياق التي قالته به أو ماذا يعنيه، لكن كون العمل وثائقي لا ينفي أنه قراءة من مئات القراءات.
لا يوجد عمل وثائقي بصري يعرض على منصة شعبية سهلة الاستهلاك تروج لعلم شعبي مبسط سوف تطرح فرضيات أكاديمية مفصلة، بل يتناول ببساطة رؤية من الرؤى موجهة من قبل المنتجين، مثل «جادا سميث» المهتمة بتاريخ النساء السوداوات، كما أن ذلك الخيار في تلك اللحظة هو وسيلة إما لرفع المشاهدات بسبب الجدل المتجدد، أو حصد مكسب جديد فيما يخص شمول التمثيلات الثقافية في الوسائط المرئية.
يصور العمل كليوباترا بشكلٍ درامي كامرأة سمراء، والمصريين كمجموعة متنوعة العرق تتدرج بشرتهم من الخمري إلى الأسود، وعند مشاهدة العمل نفسه -على الرغم من اختزاله وكونه متوسطًا فنيًا- فإن الخبراء المتحدثين يصرحون بوضوح بأن عرق كليوباترا غير محدد حتى الآن، وبأن التمثيل البصري مجرد طرح من عشرات الطروحات.
في عام 1993 كتبت «شيلي هالي»، الأكاديمية والأستاذة في الدراسات الكلاسيكية، ورقة بعنوان «الفكر النسوي الأسود والكلاسيكيات: التذكر، إعادة الامتلاك، إعادة التمكين»، في تلك الورقة تتبع هالي تاريخها الشخصي في دراسة الدراسات الكلاسيكية، اللغة اللاتينية والأدب الإغريقي والروماني، كيف أخذت كلام المعلمين والأكاديميين كما هو دون مراجعة، كيف اعتبرت نفسها محظوظة وممكُنة كونها إحدى الطالبات السوداوات النادرات جدًا في هذا المجال.
اعتبرت هالي الكلاسيكيات وسيلة لامتلاك التاريخ، واعتبرتها دراسة عادلة، فهي معتمدة على التاريخ المتراكم، دون مراجعة أو آراء شخصية، مع الوقت اكتشفت العدسة البيضاء التي غشت كل الدراسة في مجالها، من يحدد الحقيقة ويشكلها، انتقلت من التسليم بالحتمية التاريخية للكلاسيكيات إلى اعتبارها مساحة أكثر سيولة يمكن لهويتها الشخصية قراءتها وإعادة امتلاكها.
بدأ ذلك بتذكرها كلام جدتها وبعض تلاميذها من سود البشرة عن كليوباترا، كيف سلم بعضهم بأنها كانت سوداء وهي لم تعط لذلك أي فكر أبدًا، بل بالنسبة لها ولدراستها فإنها مقدونية بشكل مسلّم به، لكن عندما ملأها الشك نظرت ثانية إلى شجرة عائلتها والأجناس التي انحدرت منها، ووجدت خانة الأم لا تزال فارغة عليها علامة استفهام، لا يعلم أحد بالضبط من أين جاءت جدتها، أو ما كان لونها تقول هالي:
في تلك الفقرة لا تقر هالي بحسم جنس أو عرق أو لون كليوباترا، لكنها ببساطة تترك الاحتمالية مفتوحة. تترك للجميع تطبيق قراءاتهم الخاصة على موضوع غير منته، وعلى شخصية لا تمتلكها ثقافة دون غيرها. فإذا كانت كليوباترا ملكة على مصر وذات عائلة إغريقية منحدرة من عشرات الأعراق الأخرى، من له الحق في تقرير إلى من تنتمي دون أدلة علمية أو تاريخية أو مرئية مؤكدة وملموسة؟
تناقش هالي كذلك إمكانية النظر إلى كليوباترا أو أي شخصية تاريخية خلافية من عدسة محددة في تلك الحالة عدسة النسوية السوداء، وتحرير تلك الشخصيات من الهيمنة البيضاء. فعلى حد قولها، أن الأكاديميين البيض الأوروبيين اعتادوا قراءة عرق المصريين القدماء حسب رؤيتهم الشخصية المتغيرة، إذا تم الاعتراف بالمصريين القدماء كمفكرين ومتحضرين فإنهم يصبحون بيضًا، لكن عندما يتم الإشارة لهم كعرق مختلط أو أفارقة فهذا عند اعتبار ثقافتهم سلبية أو ميتة، تدعو القراءات من ذلك النوع إلى سيولة تاريخية وابداعية، وإلى تحرير التاريخ من التصورات المعاصرة عن العرق والأجناس.
المراجعة التاريخية
تميل الجدالات الحالية للقطبية، إما أبيض وإما أسود بشكل حرفي، لا يدع ذلك مجالًا للتمازج العرقي التاريخي أو التصورات الفنية المعاصرة.
يريد كل أصحاب عرق ما إن يعيدوا امتلاك شخصية ما فقط بسبب أهميتها التاريخية وروعة سيرتها، أصبحت كليوباترا أشبه بشخصية في الثقافة الشعبية، تعامل كشخصية «شهيرة – celebrity»، وليست حاكمة تاريخية لها إنجازاتها وأخطائها.
يلخص ذلك الجدال حضارات بأكملها في الملوك، وأهميتهم وأهمية التوحد معهم وكأنه لم توجد شعوب تُحكم أو شخصيات أخرى في الحضارة، لكن الأذى الأكبر الذي يطرحه هو هيمنة تصور مركزي أوروبي حول الأسياد والعبيد والارتباط العنصري الراسخ المتعلق بألوان كل منهم، بل وتبني شعوب المناطق الأفريقية والشرق الأوسطية ذلك التصور الأوروبي الذي ينفي وجود ملوك ذوي بشرة أغمق لأن هؤلاء كانوا الأعداء، وكأن السياسة المصرية القديمة غير قابلة للنقد.
في حالات الجدل يستدعى التاريخ السياسي المصري القديم كحجة واضحة على الخلاف، بخاصة الانتصارات العسكرية في بعض الحقب والملوك ضد شعوب وأعراق مختلفة منها شعب النوبة أو الصومال (بونت) قديمًا على سبيل المثال، يتم استخدام ذلك كحجة على كراهية المصريين القدماء لألوان بشرة معينة، أو نبذهم خارجًا واعتبارهم محتلين، مما يعني أنه من المستحيل أن تكون ملكتهم سمراء.
تمثيل شخصية ما بلون أو عرق غير الرائج تاريخيًا يمكن أن يسهم في الاستيلاء على ثقافة محددة، لكن يحدث هذا بواسطة التراكم المعرفي الذي لم يحصل لكليوباترا بعد. يمكن رؤية ذلك في تمثيلات المسيح عيسى البصرية كرجل أبيض أزرق العينين على الرغم من ولادته في فلسطين، مما يعني تبييضًا تراكميًا حرفيًا لواحد من أهم الشخصيات التاريخية على الإطلاق. وعلى الرغم من قدسيته الشديدة لا يقابل تمثيله العرقي بالغضب نفسه الذي يلاقى به تمثيلات ملوك مصر، بل حدث نوع من التطبيع مع التبييض وترسيخ معايير معينة للألوهية مرتبطة بالجمال الأوروبي.
تساوي الجدالات الحالية حول التمثيل البصري لكليوباترا «التبييض – whitewashing» بما يمكن تسميته اختزالًا «التسويد – blackwashing»، لكن ما يجعل من الاستحالة مساواة المصطلحين هو حقيقة الهيمنة الفعلية، هل العالم بشكله الحالي واقع تحت المركزية الإفريقية بشكل كامل؟ أم إن المركزيات البيضاء التي تتحكم في الثروة والإعلام تلقي بالفتات التمثيلي الصوابي لخلق وهم من المساواة والتكفير عن خطايا الماضي؟
التصور القائل إن الحضارة المصرية في خطر يتخيل أن التراتبيات قد تم قلبها، وإن الأعراق البيضاء لم تعد مهيمنة، وإن الأقليات أصبحت لديها السلطة الكاملة في التلاعب بالتواريخ الشخصيات العامة، وهو ما يستحيل تصور حدوثه في الوقت الحالي.
يتجاهل ذلك الجدل إمكانيات الوسائط الفنية وتقنياتها المتنوعة في ما يخص عملية تعيين الأدوار، وهي تقنيات لم تخلق فجأة، بل لها تواريخ من الحدوث مثل تعيين الأدوار «المتعامي عن الألوان – colorblind casting»، لا تكمن الأزمة في الدقة التاريخية للادعاءات العرقية الخاصة بالملكة الشهيرة، لكن تكمن الأزمة في الشعور بالإهانة والدونية إذا طرح أحدهم احتمالية انحدارها من عرق إفريقي أسود، إضافة إلى الاهتمام الكبير بالمفهوم المجرد للجمال وارتباطه بالفوقية العرقية، أو التمسك بنوع معين من البياض الذي يضمن صورة تاريخية ما تربط التاريخ المصري بالتفوق الإثني والعرقي.
التصورات المعاصرة عن العرق
بعيدًا عن التعيينات الرمزية للشخصيات التاريخية، يكمن الجدال في مفهوم العرق نفسه، هل طبق بالشكل نفسه في العصور القديمة أم إننا نفرض مفاهيمنا المعاصرة بشكل صلب على شخصيات وتواريخ لم تهتم كثيرًا بتلك التمثيلات الاجتماعية والسياسية والهوياتية المعاصرة؟
تنحدر الشخصيات التاريخية من عشرات الأعراق والأجناس المختلفة، ولا يضمن نقاء أعراقهم غير الحرص المقصود في التزاوج داخل العائلات لأسباب سياسية وقومية، لكن بعيدًا عن ذلك، لم يتبنَ الأفراد -وبخاصة أصحاب السلطة- التصورات التي نمتلكها عن الأسرة والعلاقات ولا عن الجنس أو اللون، وحتى إن تبنوها فإنها ليست بذات الكيفية التي نتناولها بها اليوم، بعد الخلاف الذي دار حول تعيين جال جادوت للعب كليوباترا نشرت «ريبكا فوتو كيندي»، خبيرة الدراسات الكلاسيكية، مجموعة من الملاحظات حول مفهوم العرق والتمثيل في الوسائط، تلخص بشكل كبير الخلاف الذي اشتعل مجددًا هذا العام:
يصبح الغسيل العرقي بأي لون خطرًا حينما يكون متسلسلًا، أو خطة حقيقية لمحو تاريخ شعب بعينه أو عرق بأكمله، وعندما يكون المسئول عن الغسيل ذا قوة حقيقية وهيمنة ثقافية، كما أن الخلافات الحقيقية تنبع من الأدلة التاريخية الراسخة أو المنطق الجمعي الذي يصعب الخلاف عليه، لكن عندما تكون الشخصيات عرضة للتأويل والدراسة الممتدة، كيف لتمثيلها بطرق بديلة أن يكون خطرًا يهدد حضارة كاملة تبدلت أعراقها أثناء حدوثها ومئات المرات بعد ذلك عبر الزمن؟
مفهوم تزييف التاريخ يصبح منطقيًا في حالات ثبات ذلك التاريخ وانتمائه لحفنة من الأشخاص بالفعل. في حالة كليوباترا، فإن أحقية عرق أو شعب فيها هو محل تساؤل، وسوف تظل كذلك حتى يطرح العلم والتاريخ دليلًا جديدًا يثبت أنها ذات عرق واحد وجنس محدد، وهو ما يمكن اعتباره شبه مستحيل.