مطلقات في العشرين: الحقيقة أصعب من «حكايات المسلسلات» ألف مرة
ضجة كبيرة أثيرت بعد عرض حكاية «بدون ضمان» من مسلسل «إلا أنا»، والتي تناولت الطلاق في سن العشرين. قصة هنادي مهنا وهاجر أحمد قدمت نموذجين مختلفين للزواج؛ الأول هو الزواج القائم على الحب والتفاهم، والثاني هو ما يسمى بزواج الصالونات، وانتهى كل منهما بالطلاق.
أحدثت «بدون ضمان» نقاشات واسعة ومحتدة على مواقع التواصل الاجتماعي بين مؤيد لفكرة الطلاق المبكر للخلاص من الزواج السيئ، ومعارض اعتبر الحكاية تحرض الفتيات على عدم الصبر والتسرع في اتخاذ قرار الانفصال.
في خضم هذا الجدل حاور «إضاءات» عددًا من السيدات مِمَّن طُلقن في العشرينيات من العمر، واللائي أكد أغلبهن عدم امتلاكهن الوقت الكافي لمتابعة الدراما التلفزيونية، ومن ثم لم يسمعن بالجدل الذي أثاره «إلا أنا»، في إشارة لافتة إلى اختلاف أولويات أغلب مطلقات الواقع الفعلي، اللائي يعانين من مشاكل كبيرة قد تشغلهن أحيانًا عن متابعة قضايا الرأي العام.
م.ع: زواج من نساء العائلة!
تشبِّه «م. ع»، (30 عامًا)، تجربتها بالكابوس الذي يطاردها. تزوجت وهي في عمر الـ ٢٢، وانفصلت بعد عام واحد فقط من الزواج حاملة على يديها طفلة.
كان زواجها تقليديًّا تم بعد خطبة دامت ٨ أشهر مرت بحال جيد، لتفاجأ بعد الزواج أن زوجها ضعيف الشخصية أمام عائلته، ولأنها كانت تسكن في البناية نفسها مع أهله فوجئت بسيل من التحكمات والتدخلات في حياتها.
خريجة كلية طب الأسنان لم تكن تعلم أن حياتها ستدار بواسطة نساء العائلة، ولم تكن تدري أن أدق تفاصيل حياتها ستكون مشاعًا لكل من هب ودب ليدلي بدلوه في كل ما تفعل. حاولت أن تتفاهم مع زوجها، ولكنه كان منسحقًا أمام عائلته، لدرجة أنه كان يرفض اصطحابها للطبيب أو شراء الأدوية بحجة أنها «بتتدلع» كما وصفتها إحدى نساء العائلة!
شعور «م. ع» بعدم الأمان وعدم الخصوصية، أو كما وَصفت بـ«العري» أمام كل من حولها، كان النقطة القاضية التي حالت دون استكمال الزيجة، ودخلت مع زوجها في صراعات من أجل الطلاق وعدة قضايا استمرت ثلاث سنوات لاسترداد حقوقها المادية لتحصل بعد كل هذه المعاناة على بعض الأثاث الذي خُرِّب، وتقول إنها لم تسترد المؤخر حتى الآن، وتحصل على نفقة شهرية ٥٠٠ جنيه فقط لابنتها التي لم يرها والدها منذ الولادة، علمًا بأنها تنفق على صغيرتها أضعاف هذه النفقة.
بحسب السيدة «م»، فإن أسرتها كانت ولا تزال أكبر داعم لها ووقفت بجانبها لدرجة أنه لم يجرؤ أحد من المعارف أو الأقارب أن يتنمر على تجربتها، وساندتها أيضًا في العزلة الإجبارية التي فرضتها على نفسها من خلال تسطيح وتحجيم عدد كبير من علاقاتها الاجتماعية ليتبقى لها عملها ودراستها التي كانت شغوفة باستكمالها إضافة إلى شقاء تربية طفلة بمفردها.
تؤكد أنها تعافت تمامًا من أثر الزواج السيئ وأصبحت بعد مرور 7 سنوات مستعدة لخوض تجربة الزواج مرة ثانية.
مطلقة لم تتزوج بعد!
يلجأ عدد من العائلات المتحفظات إلى كتب كتاب بناتها مبكرًا قبل الزواج الرسمي بفترة طويلة، كي يتعرفن على الخطيب عن قرب، لأن بعض العائلات ترفض تواصل المخطوبين من خلال المكالمات الهاتفية أو المقابلات دون وجود رابط شرعي «كتب الكتاب»، وهو ما حدث مع «أ. م» التي خُطِبت لمدة شهر ونصف الشهر فقط، وبعدها كُتب الكتاب لمدة 10 أشهر، ومن ثم انفصلت عن زوجها دون أن تعقد مراسم الزواج.
تقص المترجمة ذات الـ(25 عامًا) أن التمثيل أو الاصطناع الذي يحاول أن يكون عليه الطرف الآخر في فترة الخطوبة كان السبب الرئيسي للانفصال، ودعم هذا قصر الخطوبة، ما شكل عائقًا أمام اكتشاف حقيقة الشخص، خاصة أن الزواج تقليدي ودون سابق معرفة.
اصطدمت الفتاة المثقفة القارئة بسيل من المفاهيم المغلوطة عن المرأة، والتي يحاول الطرف الآخر إلباسها وجهة نظر شرعية، على حد تعبيرها، إضافة إلى اكتشافها أنه غير قادر على دعمها عاطفيًّا أو التعبير عن مشاعره بشكل سوي، وهو ما لم يتضح في الخطوبة التي افتقدت للصدق والأمانة في طرح ومناقشة الأفكار، كما أوضحت.
تذكر «أ. م» أنها – وعائلتها – مرَّت بحالة نفسية سيئة بعد الانفصال، ورغم أن أفراد عائلتها كانوا داعمين للطلاق، إلا أن القرار أثار لديهم حالة من القلق والتخوف، أما هي فتعاني من نظرة البعض بأنها مطلقة، ولا بد أن ترضى بأي «جوازة».
زواج القاصرات لا يزال مستمرًّا
لا زالت بعض المجتمعات القروية تصم الفتاة التي تتجاوز العشرين عامًا دون أن تتزوج وتنعتها بـ «العانس»، وهو ما دفع «هـ. م» للزواج بعد أن حصلت على شهادة الثانوية العامة (16 عامًا) باعتباره أمرًا منطقيًّا وشائعًا في القرية التي تنتمي إليها، وبالطبع لم يكن الزواج موثقًا لأنها لم تتجاوز الـ18 عامًا، ويعد زواجًا غير قانوني، أو ما يعرف بزواج القاصرات.
كان الزواج تقليديًّا من شاب يعمل بأحد مصانع السيراميك بالمملكة العربية السعودية، والذي عاد إلى قريته في إجازة أربع أشهر لينفذ مخطط الزواج، فكان منها شهر للخطوبة وثلاثة للزواج، ومن ثم عاد إلى موطنه تاركًا خلفه زوجته حاملًا في شهورها الأولى.
تقصُّ الفتاة العشرينية أنها وجدت نفسها في مواجهة عائلة زوجها، وبالأخص حماتها التي تريد منها أن تقوم بكل الأعمال المنزلية وحدها، وهو ما اعتبرته وسيلة لجعلها خادمة مستباحة لكل من تطأ قدمه بيت العائلة.
واجهت «هـ. م» حياة كريهة لم تكن تسمع عنها أو تمارسها في بيت أهلها، فهي وافقت على الزواج كعرف سائد في القرية معتقدة، أنها ستكمل دراستها وتعمل، ولكنها فوجئت ببخل الزوج عاطفيًّا وماديًّا، وتزامن هذا الحرمان مع تحكمات الوالدة التي تقبض على زمام الأمور في غياب تام للزوج الذي يتلقى التعليمات الهاتفية من والدته، وبعد اعتراضها على ما تريده حماتها دخلت في مشاجرات مع العائلة انتهت بالطلاق وهي في سن الـ20.
تقول «هـ. م» إنها مرت بتجربة مؤلمة وغير مصدقة، فكانت تشعر أنها لا زالت طفلة صغيرة تتكبد عناءً ومتاعب أكبر من قدرتها على الاستيعاب، وخرجت من هذه التجربة هزيلة تعاني من مشاكل صحية بسبب نقص الطعام وأمًّا لطفلة، موضحة أن والدتها كانت ولا تزال الأم لها ولابنتها.
بعد ذلك، حاربت تنمر أهل البلدة بحديثهم المستمر عنها كمطلقة بالسفر لإحدى المدن الساحلية لاستكمال تعليمها الجامعي، وأخذت دبلوم تمريض ساعدها في العمل كممرضة لتحقق بعض الاستقلال المادي بجانب الدراسة الجامعية، مشيرة إلى أنها تشعر الآن بالفخر لتجاوزها هذه الأزمة، ولا تفكر في الزواج ثانية.
خيانة وضرب
بعد 6 أشهر خطوبة تزوجت الطبيبة (أ. ص) زواجًا تقليديًّا من مهندس متحقق ماديًّا ومستقل عن عائلته ليبدو الزواج في طوره الأول مثاليًّا وخاليًا من التعقيدات المبدئية. بعد أسابيع قليلة من الزواج اكتشفت الفتاة أن زوجها خائن وعلى علاقة عاطفية مع عدد من البنات والسيدات المتزوجات، كما رأت الطبيبة بعينيها عبر رسائله الخاصة على تطبيقات التواصل.
صدمة الفتاة العشرينية (26 عامًا) مع الزيجة المزيفة بدأت بعد أسبوع الزواج الأول، على حد قولها، لتتكشف صفات قبيحة في زوجها منها الغيرة بسبب علاقاتها الاجتماعية الناجحة مع أصدقائها، لذا كان دائم السخرية منها وينتهز أي فرصة ليحط من قدرها، وكان يطمع في مرتبها الحكومي الزهيد رغم أنه كان يتقاضى راتبًا كبيرًا، وعندما رفضت ساءت معاملته هو وأهله لها. حاولت (أ. ص) أن تساير الحياة إلى أن اكتشفت خيانة زوجها، وعندما واجهته انهال عليها ضربًا، ومن ثم خرجت من بيته ولم تعد ثانية.
أكدت أنها مرت بحالة نفسية سيئة جراء هذه التجربة، ولكنها استعادت حيويتها سريعًا، وحاولت أن تلملم نفسها بالتركيز في العمل واستكمال دراستها لنيل شهادات علمية أرقى والانخراط اجتماعيًّا مع أصدقائها والسفر.
تقول إن هذه الزيجة أثرت عليها سلبيًّا في الارتباط؛ لأن هناك أكثر من شخص انسحب من التقدم لها رسميًّا عندما علم أنها مطلقة، كما أن عددًا لا بأس به ممن تقدموا لخطبتها كانوا مطلقين ولديهم أكثر من طفل وغير مناسبين لامرأة انفصلت في الـ26 من العمر.