طارق صالح: سأستمر في صنع أفلام تحدث في مصر
في بداية الشهر الرمضاني وصل فيلم المخرج السويدي المصري «طارق صالح» إلى دور العرض الألمانية، بعد أكثر من نصف مليون تذكرة مباعة في فرنسا، ونجاح مستمر في أوروبا منذ فوز الفيلم بجائزة أفضل سيناريو في المسابقة الرسمية لمهرجان كان 2022، مر عام تقريبًا، وبترتيبات قدرية التقيت بطارق صالح وكان لنا هذا الحوار الخاص، عن أصله المصري، عن هويته السويدية، وعن نسخة مصر في أفلامه، التي لم تعجب الكثيرين في مصر.
هل يمكننا إيجاد أصل لحبك للسينما؟
كان والدي فنانًا ومخرجًا سينمائيًا، وكان يرسم، وأسلوبه في الرسم كان مثل رسوم عصر النهضة، هذا النمط الغربي للرسم حيث يبدو مثل الصور، الطريقة التي رسم بها كانت كذلك ولكن لها لمسة سريالية ثم انتقل إلى صناعة الأفلام وبدأ في صناعة تقنية «إيقاف الحركة» أو Stop Motion، وربما لا يعرف معظم الناس، Stop Motion هو نوع من أصعب التقنيات في صناعة الأفلام، تقني جدًا، بعدها بدأ في بناء الاستوديو في ستوكهولم حيث كان أحد الأشخاص الذين طوروا التحكم في الحركة، وهو أمر أساسي جدًا في تاريخ الـ Stop Motion، استخدموا هذه التقنية لاحقًا في Star Wars على سبيل المثال، وكان شيئًا متطورًا للغاية، Stop Motion بواسطة الكمبيوتر.
لذا، نشأت مع شيء متناقض تقريبًا، فوالدي كان مصريًا وفي نفس الوقت كان يعمل بطريقة غربية جدًا في نظرته إلى الصور ومحاولة محاكاة الأشياء الطبيعية للغاية، وأعني؛ إذا كنت أحاول الآن أن أضعها ببساطة شديدة، يمكنك أن تقول ذلك، هناك فكرة في الفن الغربي لتصوير الأشياء كما هي، تعلم أن هناك هاجسًا بذلك، إنهم يحاولون تقليد الواقع.
لذا يمكنك القول إن الأمر يتعلق كثيرًا بالمظهر بطريقة ما، أما الفن الشرقي فإنه تمثيل لشيء ما، فأنت تعمل مع التمثيل، وهو أكثر تعقيدًا من ذلك.
على سبيل المثال، لا تجلس أمام شجرة لرسمها كما سيفعل فنان غربي، ستجلس بورقة وتقوم برسم شجرة كما تتذكرها، وبالطبع عندما بدأت السينما كانت جزءًا من الثورة الصناعية أو شكلًا فنيًا لها، لقد أصبحت فكرة غربية إلى حد كبير، ويمكنك أن تجادل «ما هي الثورة الصناعية؟ حقًا ما هي؟ ما هو صميم هذه الفكرة؟» إنه الوقت، مفهوم الوقت وليس الوقت مثل النهار والليل والشهر، إنه أكثر تقسيمًا إلى ثوانٍ وإطارات، وهكذا يصبح هذا بالطبع شكلًا فنيًا، أنت تعرف أن شخصًا مدعيًا قال مرة: إن صنع الأفلام يشبه النحت في الزمن.
كيف تتعامل مع ذلك كمصري؟ على سبيل المثال، أعني؛ وأنا مصري جدًا بهذا المعنى، لأن الوقت بالنسبة لي، كما تعلم، فضفاض جدًا، لدي علاقة فضفاضة مع الوقت، عندما سنلتقي، أنت متأخر قليلاً، لا بأس، لا يهمني، أعني 5 دقائق، لا شيء، في السويد هناك قول مثلًا «إذا كنت في الوقت المحدد، فأنت متأخر»، كما تعلم، هكذا هو الوقت.
إذًا عمل والدك أيضًا في الأفلام في مصر قبل الذهاب إلى السويد؟
قام والدي خلال فترة دراسته الجامعية بمشروع فني في مصر، كان مهتمًا بالفعل، كان مفتونًا، ولكن لم يكن حتى انتقل إلى السويد حيث بدأ كرسام، ثم بدأ في Stop Motion كان جزءًا من المجموعة التي أنشأت مؤسسة الأفلام في أكاديمية الفنون الجميلة في ستوكهولم، وهكذا مع صانعي أفلام آخرين، وهذا في أواخر الستينيات أو أوائل السبعينيات، ثم نشأت مع ذلك، لقد نشأت في الاستوديو الخاص به، حتى صنع فيلمه الخاص، فيلم يدور عن صانع أوانٍ فخارية. أعني؛ إذا أخبرتك القصة، فإنها مثل النوع النموذجي للقصص الشعبية، القصة تدور عن رجل يصنع الأواني الفخارية ثم يفتح مصنعًا حديثًا بجانبه ويخرجه من العمل ولا أحد يشتري من الأواني القديمة التي يصنعها يدويًا، لذا يقرر أخذ هذا القدر الأخير الذي صنعه، هذا وعاء جميل ويبدأ مسيرة طويلة ويذهب إلى الملك، ويرى الملك هذا القدر الجميل ويعتقد أنه تاج ويضعه على رأسه ثم يقرأ رجل الأعمال الذي يملك المصنع الأخبار الكبيرة بأن الملك لديه تاج جديد، يذهب إلى الملك لزيارته ويجلب جميع أنواع الهدايا الحديثة، مثل الميكروويف، الملك سعيد للغاية بهذا الشيء الحديث، لذا أعطاه أجمل شيء لديه، تاجه الجديد، الوعاء الفخاري.
هل قمت أيضًا بجزء من دراستك في مصر؟
لقد نشأت حول والدي ثم ذهبت إلى الفنون الجميلة في مصر، كنت قد عملت بالفعل في استوديو والدي ولكن ما تعلمته في الإسكندرية بسرعة كبيرة هو، كما تعلم، ما هو خاص في مصر عندما تعمل مع الفن، هو أنه لا يمكنك عمل رسومات عارية، رسم الشكل الذي هو نوع من الفن المركزي، حتى هنا بالفعل، لديك مشكلة، إذاً ماذا تفعل؟ بدلاً من ذلك، ترسم تماثيل ليست جيدة لأنها تمثيل للتمثيل.
لذا فإن المكان الحقيقي الوحيد الذي يمكنك الذهاب إليه هو الفن التجريدي. وكان لدي عدد قليل من الأصدقاء من الطلاب الذين كانوا فنانين مذهلين وكانوا منبوذين، كان يُنظر إليهم على أنهم غريبو الأطوار وكانوا بالطبع يقومون بالمشاريع لجميع الطلاب الأغنياء الذين كانوا في الكلية مقابل المال وجميع أنواع الخدمات للقيام بمشاريعهم، لذا، عندما كنت هناك، اكتشفت أن هناك فرقًا كبيرًا، فهمت في مرحلة ما أنني قد جئت من خلفية مختلفة.
في الوقت نفسه، لم يسبق أن تمت رؤيتي في السويد على أنني سويدي، فأنت تعرف من أنت وكيف تبدو، كما تعلم، لم يتم قبولي أبدًا كسويدي، حتى فزت في كان، ثم أصبحت سويديًا.
منذ متى علمت أنك لم تُقبل كسويدي؟
في طفولتي، لم يقبلوني كسويدي، لذلك استسلمت مبكرًا جدًا، قلت إنني من مصر.
كنت أفكر في ما هو أكثر إثارة للاهتمام لماذا كانوا يسألونني هذا السؤال؟ لماذا تريد أن تعرف من أين أنا؟ بدلًا من معرفتك من أنا؟ الآن في الغرب على وجه الخصوص، هناك هاجس بسياسات الهوية، مثل من يُسمح له بالسؤال، إنها مناقشة مثيرة للاهتمام من نواح عديدة.
كيف عرفت بعد ذلك قبولك كسويدي بعد الفوز في كان؟
كنت أعلم بالفعل أنهم بدؤوا في قبولي بصفتي سويديًا، عندما تم قبولي في المسابقة الرئيسية لأن هذا هو الشيء المهم، كنت أعلم أنه عندما تكون ناجحًا، أنت تعلم أن النجاح له العديد من الآباء، في حين أن الفشل يتيم، لذلك إذا كنت فاشلًا لن يطالب بي أحد، لذا بمجرد قبولي في المسابقة الرئيسية في كان، كان إعلانًا كبيرًا في السويد، هناك ثلاثة أفلام سويدية في المسابقة الرئيسية.
لذا كان الأمر بالنسبة لي، حسنًا، فجأة أنا سويدي؟!
لأنك يجب أن تفهم أن هناك عددًا قليلًا جدًا من المخرجين السويديين الذين وصلوا إلى المسابقة الرئيسية في كان، بالنسبة للسويد كان كفاحاً لفترة طويلة. الأفلام السويدية كانت لسنوات في الأقسام الجانبية. أعني؛ كان روبن أوستلاند في الأقسام الجانبية حتى فيلم «المربع»، لكن السويد احتضنت فيلمي بالكامل بعد ذلك.
جعلوه مرشح السويد للأوسكار، كان قرارًا مؤثرًا للغاية، كانت اللجنة من زملائي السويديين وهم أبناء المدرسة القديمة، إضافة لمنتجين سويديين، وقالوا على الرغم من ذلك بشكل واضح، لقد كان «ولد من الجنة» هو أفضل فيلم سويدي هذا العام، وعندما قالوا إنه فيلم سويدي، شعرت أنه كان شيئًا سياسيًا كبيرًا، حسنًا إنه إنتاج سويدي، وبالتأكيد مصر لن تطالب به لأسباب سياسية، وهو أمر محزن بالطبع، أود أن أنافس باسم مصر، أعتقد، كما تعلم، في كأس العالم، إذا كانت السويد تلعب ضد مصر، سأشجع مصر، إذا لم تكن مصر موجودة، فسأشجع السويد، أعتقد أن هذه هي عقلية المهاجر، إنها مجرد عاطفة لدي، إنها ليست شيئًا أقوله لإظهار أي شيء أو أن أفتخر به، كنت سعيدًا جدًا عندما ذهبت المغرب بعيدًا في كأس العالم، إنه حب المستضعفين، كنت أشعر وكأننا أريناهم هذا الشعور، هو أمر صعب للغاية كفنان.
لأنني أحاول التنقل كفنان، حاولت أن أذكر نفسي بأنني فنان، تحالفي مع الفنانين. لا يهمني إذا كنت فنانًا يهوديًا أو فنانًا مسيحيًا أو مسلمًا أو مصريًا أو فنانًا سويديًا، فأنا لدي أشياء مشتركة معك أكثر كفنان مما لدي مع شخص في الجيش أو شخص في أمن الدولة أو شخص يعمل في التجسس أو مراقبة الناس.
سأقول ذلك، إذا بدأت كفنان تشعر أنك قريب جدًا من شخص يكره الفن، فربما يجب عليك تغيير المهنة، هذا من وجهة نظري.
تعرف ديف تشابيل، هذا الكوميدي، رجل عبقري، إنه بالمناسبة مسلم، رجل ذكي جدًا، لديه قصة؛ حيث كان يراقب الممثل الذي أدى دور كرامر من سينفيلد عندما أدلى يومًا ما بملاحظات عنصرية أثناء عرضه الكوميدي وبدأ في استخدام الكلمة. وقال ديف تشابيل، عندما رأى ذلك، كان رد فعله الأول «أوه، هذه كوميديا سيئة» ثم بعد ذلك استاء لأنه كان عنصريًا.
كان رد فعله أنه أولاً فنان كوميدي وبعد ذلك أسود، يمكنك أن تكون كليهما، ولكن هناك رد فعل أولًا وهذا ما أعنيه، إنه تمييز مهم للغاية، أعلم أن الأمر ليس سهلًا، فنحن نعيش في وقت فيه العالم عنصريًا، نحن نعيش في عالم استعماري، إنه ليس عالمًا ما بعد استعماري، إنه عالم استعماري، العالم لا يزال مستعمرًا، إفريقيا لا تزال مستعمرة.
كنت تقول إنه عندما كنت طفلًا لم يتم قبولك كسويدي، مع الوقت استسلمت وبدأت تقول إنك مصري، لقد قررت الآن كتابة المزيد عن جانبك المصري، ولكن في الواقع قرأت في إحدى مقابلاتك أنك لا تريد أن تصنع هذه الأفلام، كنت ستحب لو قام شخص آخر بصنعها؟
الشيء هو أنني لا أحب أن أخرج الأفلام، هذه مشكلتي في الحياة، إنها نوع من الصراع الداخلي، أعلم أنني جيد جدًا في الإخراج، لكنني لا أحب ذلك، لا أحب الوظيفة الفعلية للإخراج، ولا أثق في الأشخاص الآخرين لإخراج نصوصي، لذا اضطررت إلى إخراجها بنفسي، لكنني أحب الكتابة، أفضل أن أكتب الروايات على سبيل المثال، يكون حلمي نوعًا ما أن أكتب سيناريوهاتي ككتب، ولكن عندما يتعلق الأمر بالقصص، أعتقد أنني سأكون مهتمًا جدًا إذا أخبرني أحدهم قصة تحدث مثلًا في الكونغو، يمكنني أن أكون مهتمًا جدًا وأن أتحمس لذلك، ولكن بالنسبة لي عندما أقضي سنوات داخل الشخصيات والمعضلات وأشياء من هذا القبيل، فإنني منجذب إلى مصر نوعًا ما، لا أعتقد أنها تحتاج إلى الكثير من التحليل، لأنني أعتقد أن القصص التي قيلت لي عندما كنت طفلًا كانت قصصًا مصرية، لذلك كان نوعًا من التعرض الأول لعالم لم أتمكن من رؤيته، لذلك كنت أدير تجربتي الخاصة داخل رأسي.
كان والدي يخبرني القصص وكان علي أن أصنع صورة داخل رأسي طوال اليوم. كان يخبرني عن مصر وأصبح هذا نوعًا قويًا جدًا من الذكريات لدي، كان مثل الأحلام الحقيقية.
ثم عندما ذهبت إلى مصر، في المرة الأولى التي كنت فيها في العاشرة من عمري عام 1982، كنت في حالة صدمة لأنها لم تكن كما أخبرني عنها، التقى الحلم بالواقع والواقع كان شيئًا آخر، لذلك أعتقد أن العملية كانت محاولة دمج الحلم في الواقع.
هل كنت هناك أيضًا خلال الزلزال في مصر عام 1992؟
نعم، كنت في مصر، في منزل خالتي عندما وقع الزلزال الكبير، كان مرعبًا، كانت المرة الأولى التي ذهبت فيها، ولكن نعم 1992 كنت هناك، وخرجنا وكان الناس يصلون في الشارع وكان الأمر مرعبًا، عمي كان يعاني من آثار حادث سيارة لذلك كان لديه دعامة حول جسده وكان علينا إخراجه، وأبناء عمي كانوا خائفين.
إذًا كان لديك حلم بشأن مصر، ذهبت إلى الواقع ووجدته يتزلزل حرفيًا؟
نعم، زلزال حرفي، أتذكر أنني كنت نائمًا، كنت أنام في منزل خالتي، استيقظت ورأيت الأباجورة تتأرجح ثم قفزت وكان ذلك، كما تعرف، حتى لو لم تكن متدينًا، فأنت تدرك في هذه اللحظة أننا لا شيء، نحن صغار جدًا في هذا العالم.
أعني؛ أننا جميعًا كنا متدينين جدًا في ذلك الوقت وشعرت أن هذه كانت نهاية العالم.
كيف أثر كل هذا على كتابتك لفيلمك الأول عن مصر، حادثة النيل هيلتون؟
عندما كتبت «حادثة النيل هيلتون»، أعني؛ عندما كتبت النص، بدأت الكتابة في عام 2009 ثم أنهيت المسودة الأولى في عام 2010، أنهيت الفيلم بثورة لأنني لم أكن أعرف كيف أنهيه، وقد ألهمتني الأحداث الحقيقية، كانت قضية طلعت مصطفى، ولكن حدث شيء آخر، شيء شخصي جدًا لعائلتي مع أجهزة الأمن، لذا كتبت النص مدفوعًا بنوع من الغضب والإحباط، قلت حسنًا، سأكتب القصة على أي حال، وعرفت أنه خلال عصر مبارك لم يكن هناك أي طريقة يمكن من خلالها صنع هذا الفيلم، ولكن لم يكن هناك اهتمام من أحد، أعني؛ من يهتم؟! لا أحد.
ثم حدثت الثورة؟
نعم حدثت الثورة، حدث ذلك في عيد ميلادي لأنني ولدت في 28 يناير. 25 بدأت التظاهرات، ثم 28 عندما فهمت أنها ثورة، أعني؛ كنت أتابع ذلك، كنت في السويد، وكان والدي في مصر ولديه هذا الأمر، والدي لا يعرف متى ولد! لذلك ينسى دائمًا عيد ميلادي أيضًا، في هذا اليوم لم أتلق مكالمته لذلك اتصلت به مستاء، اتصلت به وكانت جميع الهواتف في مصر معطلة، اتصل بي بعد ذلك من هاتف يعمل بالقمر الصناعي وقال «إن أمرًا مجنونًا يحدث هنا.. إنها ثورة».
كنت، كما تعلم، مثل جميع المصريين في هذا الوقت، كانوا منتشين نوعًا ما، من جميع أنحاء العالم كانوا يتصلون بي وكنا مثل «علينا الذهاب، يجب أن نعود، سنبدأ الحياة مرة أخرى في مصر».
كان هناك هذا الأمل وهذا الضوء، كان لا يصدق، كانت لحظات ملهمة للغاية، وبعد ذلك، بعد بضعة أشهر بدأت برؤية علامات وقلت تبًا، سيكون الأمر خطيرًا جدًا على هؤلاء الشباب لأن هناك هذه القوى الكبرى التي لا تريد أن ينجح هذا، وأعني؛ عندما يكون كل شيء ضدك، لديك قوى خارقة ضدك، لا يمكنك النجاح على الإطلاق، يمكنك أن تقول على الرغم من أن الناس في جميع أنحاء العالم قد دهشوا من الثورة المصرية، لكن السياسيين في الخارج كانوا متوترين حقًا، لم يكن أحد سعيدًا حقًا بهذه الثورة.
ثم أخرجت النص مرة أخرى وأدركت أنه، حسنًا، لدي الآن خطة، حذفت الثورة بأكملها من الفيلم، كان الجميع في السويد مثل، ولكن من يريد أن يرى شرطيًا مصريًا فاسدًا؟ لماذا لا نتبع الثوار، الثوار الشباب، قلت إن هذه ليست قصتي لأرويها، هذه هي قصة الثوار المصريين ليرووها، وهم يروون تلك القصة كانت هناك مجموعة كاملة من صانعي الأفلام يبدؤون في صنع أفلام تحمل أفكارهم، ميكروفون على سبيل المثال.
18 يومًا على سبيل المثال أيضًا عن أحداث الثورة نفسها، لقد كتبت مؤخرًا مراجعة عن فيلم 18 يومًا وكيف يمكن للناس مشاهدته مع هؤلاء النجوم المصريين الكبار الذين يشتمون من دون رقابة بعد كل هذه السنوات، أريد أن أعود إلى شيء آخر، قلت بالأمس لي إنك تريد مشاهدة مسلسل محمد رمضان «جعفر العمدة»، أخبرني عن مسلسل رمضان المفضل لديك عندما كنت طفلًا ولماذا تريد مشاهدة مسلسل محمد رمضان هذا العام؟
تعلم، أنا عجوز الآن -ضاحكاً- عندما كنت صغيرًا وفي مصر، كانت فوازير شريهان، وقد استمتعت بالفعل مثل معظم المصريين بعادل إمام، ولم يكن في الأساس لديه مسلسلاته، ولكن أفلامه، يبدو الأمر وكأنك تشاهدهم مرارًا وتكرارًا. على سبيل المثال «الإرهاب والكباب»، إنه أحد أفلامي المفضلة، يبدو الأمر كما لو أنني أستطيع مشاهدته مرة بعد مرة، لقد رأيته بالفعل قبل بضعة أسابيع وما زلت أضحك عندما أشاهده، ما زلت أعتقد أنه رائع، إنه لأمر محزن عدم قدرتك على صنع مثل هذا الفيلم اليوم في مصر، وهو بالنسبة لي العصر الذهبي لهذا النوع من السينما المصرية.
ثم أحب هذه الأفلام الفنية الرائعة، مثل «المومياء»، إنه لأمر مدهش، إنه تحفة في ذاكرتي وهو أيضًا مصدر إلهام كبير أنه تمكن من صنعه، كان شادي عبد السلام فنانًا فريدًا من نوعه، عرفت مصمم الإنتاج الخاص به صلاح مرعي، عرفته قبل وفاته، أعني؛ كنت محظوظاً بمعرفته، تمنيت لو صنع شادي المزيد من الأفلام وشاهدت أفلامًا حيث كان مصمم الإنتاج وكان فريدًا من نوعه، كان مذهلاً، كان لديه هذا النهج الفني للغاية، لم يهتم، انتقدوه بسبب الحوار، قالوا لا أحد يتحدث بهذه الطريقة، نعم. من يهتم، من يهتم!
مع مرور الوقت، كان على مستوى مختلف، كان يفعل شيئًا آخر كان عملًا أصليًا، لتكون أصليًا أليس هذا جيدًا؟!
بالنسبة لمحمد رمضان، كمخرج سينمائي، أود أن أقول إنه كان ممثلًا جيدًا، كان ممثلًا واعدًا، وأعني؛ أن هذا يحدث، إنه شيء عالمي عندما تصبح مشهورًا، كيف تتعامل مع ذلك، ماذا تفعل؟ لا يجيد كل البشر التعامل مع هذا، ثم أصبح نجم أفلام حركة، مغني ومغني راب، أستمتع بكل هذه الأشياء، لكنك ترى أيضًا بالطبع مصر دولة كبيرة، لا يمكنك مقارنتها بالسويد، فهي أكثر قابلية للمقارنة مع فرنسا. واحدة من تلك الدول الكبيرة التي لديها كل شيء، يجب أن يكون لها إنتاجات كبيرة، المشكلة الآن هي الأفلام الفنية، أنت مشتبه به، حتى لو لم تصنع فيلمًا سياسيًا، يُشتبه في أنك لست وطنيًا، والوطنية ليست نقطة انطلاق جيدة بشكل خاص لوجهة نظر فنية، إنها، كما تعلمون، فارغة جدًا.
إذا كنت ستقول، على سبيل المثال، في فرنسا أو في أمريكا، دعنا نقول Top Gun، إنه فيلم وطني، فهو بمثابة نوع من أدوات التجنيد للجيش الأمريكي، لهذا السبب لن يفوز بجائزة الأوسكار، أعني؛ الناس سيرغبون في منحه جائزة الأوسكار لأفضل فيلم لأنه سيكون جيدًا للصناعة، لكنهم لا يستطيعون ذلك، لأنه سيكون أمرًا مبالغًا فيه.
إذًا من هو جمهور أفلامك؟
عندما قمت بحادث نيل هيلتون، كنت أفكر من هو جمهور هذا الفيلم؟ من يريد مشاهدته؟ عندما حان الوقت، عندما بدأت التصوير كنت قد طردت من مصر. كنت أعلم أنه لن يتم توزيعه هناك، ربما لن يرغب المصريون حتى في رؤيته، لا أدري، لا أعرف، أعني؛ إنه ليس فيلمًا مصريًا نموذجيًا، إنه ليس الفيلم المصري التجاري، يمكنك أن تقول ذلك، لا يتم تشغيله بأسلوب فيلم مصري تجاري، ليس لديه أيضًا جمهور طبيعي في أوروبا أو أمريكا.
هناك العرب يلعبون الأشرار، أعني؛ أي شيء أعمق من ذلك يصبح معقدًا بالنسبة لهم، وبخاصة إذا لم يكن هناك ضحية ولا أشرار، لكن البطل يعمل داخل مؤسسة ويتخذ قرارات ويعيش في صراع، يصبح هذا معقدًا بالنسبة لهم.
ثم أصبح الفيلم ناجحًا كانت مفاجأة لي، بخاصة في مجتمع صناعة الفيلم في هوليوود، أشخاص مثل نولان وهؤلاء الأشخاص الذين جاؤوا إليّ ليقولوا «هذا نجاح باهر، إنه فيلم جيد حقًا». أعني؛ أنهم لم يتحدثوا عن الجوانب السياسية أو أي شيء، كان فقط حديثًا عن صناعة الأفلام، كان هذا رائعًا.
ثم كنت أعمل لفترة في أمريكا، لكنني كنت أفكر باستمرار في رغبتي في الاستمرار في صناعة مثل هذه الأفلام، كان دافعي للمواصلة هو صناعة هذه القصص في هذه الأفلام، ثم ذهبت إلى معهد الفيلم السويدي، في هذه المرحلة معظم الأفلام الأوروبية تمول من المعاهد والصناديق والمال اللين Soft money. ولكن في ذلك الوقت بدأ صعود القومية السويدية، وقد تمت كتابة وثائق تحدد ما هو الفيلم السويدي، «هل يعزز الثقافة السويدية؟، اللغة سويدية؟ الممثلون سويديون؟». لذا، عندما ذهبت مع «ولد من الجنة»، قالوا إنه ليس فيلمًا سويديًا، لا يمكننا رؤيته هكذا، وقلت لكنني سويدي، ردوا «همم.. نعم»، قلت إن «فارس» بطل الفيلم والمشارك في الإنتاج سويدي أيضًا، لم يقتنعوا، كانوا مثل.. الفيلم لا يحدث في السويد ولا يتحدث باللغة السويدية، فقلت لهم …
حين بيعت لفيلم حادثة النيل هيلتون 400000 تذكرة في فرنسا، طلبت شبكة ARTE والعديد من الأماكن الأخرى في فرنسا فيلمي التالي، لذلك فأنني سأصنعه، قلت لمعهد الأفلام السويدي: إذا كنت لا تريد أن تكون جزءًا من الفيلم، فسيتم الترحيب بك في العرض الأول له، فنظروا إلي، فقلت: سيتم الترحيب بكم في العرض الأول في كان، فردوا متفاجئين «يمكننا إجراء استثناءات».
وقلت: حسناً، سنقوم باستثناء، لذلك كان هذا الضمان الخاص بي. كنت أعلم أثناء صناعة «ولد من الجنة» أنه إذا لم يذهب هذا الفيلم لأبعد نقطة ممكنة على طول الطريق، فسيكون هذا هو الفيلم الأخير الذي أقوم به.
إذًا كنت تعرف من البداية أنك ستصل إلى كان؟
لا، لا على الإطلاق، لكنني كنت أعلم أن هذا هو ما سيجعلهم ينتجون الفيلم، لذا ما أقوله هو أنه، حتى في تمويل هذه الأفلام، عليك أن تضع نفسك كفنان في وضع مختلف.
لذا، أعني؛ إذا كنت مخرجًا صينيًا أو مخرجًا كوريًا، فلا يزال الجمهور هو ضمانك في نهاية المطاف، يمكن أن تكون مضمونًا بالمال اللين ولكن المال اللين من الدولة، لكن النجاح هو الضمان الوحيد لقول ذلك: هل ستسكتني؟ لن تفعل ذلك، ستقف بجانبي في النهاية ويمكنك شرح سبب عدم مشاركتك في فيلمي.
لذلك، من نواح عديدة، أعتقد أن عادل إمام على سبيل المثال كان يقوم بهذه اللعبة، نسخة مصرية منها، كان بإمكانه القيام بأفلام جريئة للغاية، والتي كانت نوعًا ما مثيرة، لكنه كان كبيرًا جدًا، كان من الأفضل احتضانه، لذلك كان هذا هو السبب في أن مشاهدته كانت مثيرة للغاية، كنا نرى، أنه ذاهب حقًا إلى هناك، يا إلهي، هذه الشخصية من الممكن أن تكون مبارك.
هذه المناقشة حساسة للغاية، بالطبع، لم يتخط الخط أبدًا، وبالطبع، فقد كافحوا مع الرقابة في كل ذلك.
ولكن ليس عليك حتى أن تقول كل شيء، ألا تعتقد ذلك؟
الخيال يكمل الحكاية، بالضبط، كان لديهم هذا النوع من التواصل الحي مع الجمهور، على أي حال كانت الأفكار في النهاية خارج رؤوسهم، لذلك أعتقد أنهم بطريقة ما خلقوا فنًا ديناميكيًا.
الآن تصنع أفلامًا عن مصر، أفلامًا ناجحة، ولكن لا يتم عرضها في مصر ولا يشاهدها المصريون، إنه نوع من المفارقة، أليس كذلك؟
لا أعرف، فكرت في الأمر أمس، كما تعلم في كل عرض الآن كان هناك الكثير من المصريين، في كل عرض، الآن لقد مرت سنة تقريبًا على بداية عرض الفيلم، أليس كذلك، لذا أينما ذهبت هناك مصريون، في أوسلو الأسبوع الماضي، في عرض واحد كان هناك حوالي 30 مصريًا.
لارس فون ترير، إذا أخذته كمثال، هل يهتم بما يفكر الناس في الدنمارك عن أفلامه؟ لو كان فعل لكان قد توقف، لأنه في الدنمارك مكروه، وبالطبع نفس الشيء مع روبن أوستلاند، لا يوجد مكان حصل فيه روبن أوستلاند على تقييمات سيئة للغاية كما هو الحال في السويد، هذا هو المكان الذي يحصل فيه على التقييمات السيئة.
بالطبع، عليك أن تحمي نفسك نوعًا ما، لأنني بالطبع أحب شعب طنطا وشعب المنصورة، وأتمنى لو أحبوا أفلامي، لكن لو أردت فقط صناعة أفلام لتصبح محبوبة هناك، لكنت قد صنعت «العمدة» لمحمد رمضان، وأنا لست ضد ذلك، لكن هذا ليس أنا، هذا ليس ما أريد القيام به.
عليّ أيضًا أن أحمي نفسي من الأشخاص الذين يحبون الأفلام، الناس يسألونني كيف تشعر حيال النقد السلبي لأفلامك في مصر، أنا لا أقرأ نقدًا عن أفلامي، أنا لا أقرأ مراجعات سيئة في مصر، ولا أقرأ مراجعات جيدة في فرنسا، أنا أعمل في فقاعة من حريتي الإبداعية، هذه هي الطريقة الوحيدة التي يمكنني العمل بها.
ألا تعتقد أحيانًا أنه من المهم الحصول على آراء أخرى، وقراءة ما يكتبه النقاد؟
أتفهم رأيك، أحصل على ردود أفعال، أحصل عليها عندما أقابل الجمهور وعندما يتحدثون وأجدها مثيرة للاهتمام في معظم الأحيان، لكنها عن قرارات تم اتخاذها بالفعل، أبحرت بالفعل، على سبيل المثال إذا قال شخص ما لماذا لم يكن هناك المزيد من الممثلين المصريين، سأقول لقد حاولت واعتذر بعض الممثلين المصريين قبل أسابيع من بدأ تصوير «ولد من الجنة»، تفهمت أسبابهم، لكن لا يمكن العمل على هذا النحو.
ألا ترغب في صنع مسلسل تلفزيوني يومًا ما؟
أعتقد أن السينما نفسها على طريق مفترق طرق وجودي الآن في هوليوود، هناك نقاش حول أن السينما في دور السينما لن تبقى على قيد الحياة، وهذا بالطبع سردية شركات منصات البث الكبرى، لا يريدون للسينما أن تبقى، ثم تتناقض الأوضاع هذا العام مع ما يتوقعون، ولكن إذا الأمر بيد Netflix، فستنتهي دور السينما فعلًا.
وبعد ذلك يأتي جيمس كاميرون، يظهر هذا الرجل العجوز لجلب الملايين إلى السينما، وبعد ذلك يمكنك سماع هذه المنصات تصرخ، ألست ميتًا، لماذا لا تزال على قيد الحياة! -ضاحكًا-.
بالنسبة لي أرى نفسي مخرجًا سينمائيًا، أرى نفسي سائقًا للفورمولا 1، والسينما هي الفورمولا 1، إذا طلب مني شخص ما أن أصنع مسلسلًا تليفزيونيًا وأخبرني أن هناك الكثير من المال، سأخبره أنني لست في هذا المجال من أجل الحصول على المال، أنا فيه من أجل القيادة والقيادة هي الفورمولا 1، لا يوجد شيء آخر غير الفئة الأولى بالنسبة لي وهي السينما.
إذًا أنت لا تهتم إذا كانت أفلامك محبوبة أم لا في مصر؟
كما قلت في وقت مبكر من المقابلة، أفكر في نفسي بصفتي أحد صانعي الأفلام الذين ينتمون لمجموعة معينة، على سبيل المثال كريستيان مونجو Cristian Mungiu، أنت تعرف أن أفلامه ليست محبوبة في رومانيا، أفلامه لديها جمهور معين في جميع أنحاء العالم لا يهتمون بما إذا كانت أفلامه «تطير» سياسيًا في السياق الروماني أم لا، كما تعلم أنا مخلص للشكل الفني، في حالتي للنوع الفيلمي Genre. لذا سأشعر مثلًا بإهانة أكبر إذا قال أحدهم إن فيلم «حادثة النيل هيلتون» لا يتبع تقاليد أفلام النوار بطريقة جيدة، إنه نوار Noir، إنه ليس فيلمًا مصريًا، إنه فيلم Noir يرتبط أكثر بـ «Double Indemnity» و«Chinatown» أكثر من ارتباطه بأية أفلام مصرية رائعة، لكنها ليست نوار.
إذا فكرنا بهذه الطريقة، هل «ولد من الجنة» هو فيلم نضوج -Coming of Age-؟
أود أن أقول إنه فيلم جاسوسية وإثارة Spy Thriller. إنه فيلم جاسوسية مثير يحتوي على عناصر من نوع أفلام النضوج.
قد يعمل أيضًا كفيلم طريق، شاب يستقل الحافلة، ويذهب في رحلة ويعود في حافلة؟
رحلة دائرية، أو فيلم عن رجلين في قارب، ثم تغير كل شيء وفي النهاية عادا إلى نفس القارب، نفس الرجلين لكن كل شيء تغير، هذه أيضًا طريقة للنظر للفيلم.
لكنني آمل أن يكون الأمر أعمق من ذلك، وهو أمر معقد بالطبع للتعامل معه، أعني؛ أن هناك العديد من العناصر التي تجعل صناعة الأفلام الخاصة بي صعبة بطريقة ما، لأن لديك مصر بتاريخها السينمائي.. لها تاريخ طويل، إنها مثل واحدة من أكبر وأقدم الصناعات السينمائية في العالم بتاريخها وكل ذلك، في الوقت نفسه تعد مصر اليوم مكانًا يصعب فيه تصوير وإنتاج أفلام تعبر بشكل حر، و في نفس الوقت، هناك تاريخ استعماري، وهو صعب.
في نهاية المطاف كفنان، تكافح دائمًا مع السياق والوقت، إذا كان التوقيت خاطئًا، وأنا في طريقتي، كيف يمكنني صياغة ذلك؟ أحاول تجاهل السياق وتجاهل الوقت.
وبهذه الطريقة، أحاول أن أصنع شيئًا خالدًا. شيئًا ليس له أصل واحد، أعتقد أن شيئًا واحدًا مع «ولد من الجنة» أكثر نجاحًا من «حادثة هيلتون النيل».
«حادثة النيل هيلتون» هو فيلم عن القاهرة، إنه بورتريه لمدينة لم يتم تصويره في تلك المدينة، كنت أحاول التقاط روح تلك المدينة في مكان مختلف، وقد بذلت الكثير من الجهد لمحاولة تصوير روح المدينة، وبالطبع، كان ذلك صعبًا لأنني أعي أن الدار البيضاء ليست مثل القاهرة، أعني؛ إنها مدينة ساحلية، إنها أشبه بالإسكندرية أكثر من القاهرة بكثير.
إذًا ما هو أكثر نجاحًا في «ولد من الجنة» هو ذلك.
إنه فيلم داخلي وروحي أكثر بكثير من «حادثة النيل هيلتون»، لذلك يمكن أن يكون فيلم لم يحدث في مصر، كان يمكن أن يكون فيلمًا حدث في مكان آخر. يمكن أن يكون في دير أو في مؤسسة كاثوليكية، وأعني؛ لن أفاجأ إذا قام شخص ما بإعادة صناعته ولكن في مؤسسة مسيحية أو يهودية لأنه يمكن أن يُصنع في سياق مختلف حقًا.
إذن أنت تستخدم مصر كموقع متخيل لأفلامك، لعمل فيلم نوار، أو فيلم تجسس، لكنك لا تهتم حقًا إذا كنت تعرض نسخة مشوهة من مصر؟
حسنًا، بالطبع، بصفتك فنانًا، تريد أن تكون صادقًا في تجربتك الخاصة عن أمر ما، ولكن هذه نسخة مشوهة Distorted. ومرة أخرى هذا نوع من كونك فنانًا، وترى العالم من خلال وجهة نظرك، عدد قليل جدًا من الفنانين يريدون القيام بذلك بشكل مطابق للواقع، لارس فون ترير عندما صنع فيلم Dogville حول أمريكا لم يكن قد ذهب لأمريكا أبدًا، وربما يكون أحد أفضل الأفلام عن أمريكا، وعندما قام ستانلي كوبريك بصنع فيلم Space Odyssey 2001، لم يكن الإنسان قد صعد لسطح القمر بعد، لم نكن قد وصلنا للفضاء بعد، والفيلم لا يزال واحدًا من أفضل تمثيلات الإنسان في الفضاء، لذلك أعتقد أن الحكم يعتمد على «من تسأل؟».
أتذكر عندما كنت في مصر، قمت بعمل مجلة في القاهرة، عندما كنت أبدأ تلك المجلة، كان لدينا سكرتيرة لم تر الأهرامات من قبل! ما هي نسخة مصر التي ستقولها هذه السيدة إذا سردت قصة عن مصر؟ ربما ستكون نسخة صادقة جدًا بالنسبة لها، أعتقد أنه على أي حال، إذا كنت محددًا جدًا بشأن نسختك من الحقيقة، إذا كنت نوعًا ما محددًا بما فيه الكفاية عن تلك النسخة ستصل نسختك للعالمية، وهذا هو طموحي.
هل تطمح إلى صنع نسخة أقرب للواقع في فيلمك القادم، هل سيحدث أيضًا في مصر؟
أعتقد أنه من الطموح المثير للاهتمام المحاولة، أعتقد أنه سيكون من المثير للاهتمام للغاية للفيلم الثالث أن يحاول حقًا إنتاج فيلم مطابق تمامًا للواقع بعد عدم تواجدي في مصر منذ أكثر من 10 سنوات، وعدم القدرة على التصوير هناك، إعادة خلق مصر سينمائيًا في مكان آخر وجعل المشاهد المصري يشعر، «يا إلهي، هذه هي مصر تمامًا». أعتقد أن ذلك سيكون مسعى فنيًا مثيرًا للاهتمام للغاية، غرائبيًا بطريقة ما تقريبًا، مثل نيويورك في فيلم لتشارلي كوفمان.
إنه أمر مشوق، لا أعتقد أنه أمر نبيل، لا أريد ميدالية من الجالية المصرية، لا أريدهم أن يقولوا «يا إلهي، لقد نجحت، لقد جعلتنا نبدو تمامًا كما نحن».
إحدى المشاكل بالنسبة للمصريين هي أنه ليس من المريح لهم بشكل خاص مشاهدة أنفسهم كما هم، كما هو الحال بالنسبة لنا جميعًا، أعني؛ الأمر أشبه بالاستماع إلى نفسك في تسجيل صوتي أو رؤية نفسك في فيديو تم تصويرك فيه دون أن تعرف، ستقول «يا إلهي، هل أبدو هكذا فعلًا؟ هذا لا يعجبني، ظننت أنني أبدو مثل محمد رمضان، لكنني في الحقيقة لا أبدو كذلك» -ضاحكًا-.
في نهاية الحوار أخبرني طارق صالح أنه يعمل على 3 سيناريوهات لأفلامه القادمة، جميعها يحدث في مصر.