هل شعر أحد برحيل «كريستيانو رونالدو» عن الليجا؟

هل فكرت يومًا في مشاهدة سلسلة أفلام «هاري بوتر» الشهيرة لكن بدون «فولدمورت»؟ أو «شيرلوك هولمز» بدون عدوه «مورياتي»؟ بالطبع لن تستطيع التخيل، فسيناريو المطاردة الذي يجذب الجميع لن يكتمل. حتى لو أوهمتك أفلام «Marvel» الأخيرة بإمكانية جمع كل الأبطال الخارقين في سيناريو واحد، ففي الأخير سيتصدر واحد فقط المشهد لمواجهة العدو المشترك، تمامًا كالبريميرليج.

تصور الجميع أن الدوري الإنجليزي سيتحول إلى ساحة حرب جراء تجمع عدد لا نهائي من أكفأ المدربين، لكن الأمر انتهى بصراع الثنائي «كلوب-جوارديولا»؛ لأن المطاردة الثنائية هي السيناريو المفضل لنا جميعًا. تلك المطاردة التي ظل الدوري الإسباني حبيسًا لها في العقد الأخير، بداية من الجلاكتيكوس ضد أبناء اللاماسيا، ثم «مورينيو-جوارديولا»، وأخيرًا «ميسي-رونالدو».

لم تشهد المستديرة منافسة أشد وأطول مدة من تلك، لكن فجأة وبدون سابق إنذار، قرر رونالدو إنهاء المطاردة بالرحيل صوب إيطاليا باحثًا عن تحدٍ جديد، ليظل السؤال: إلى أي مدى بلغ تأثير رحيل رونالدو بعد مرور نصف موسم؟

الليجا: نحن أكبر من رونالدو

لم يعد رونالدو مجرد لاعب، بل إنه أصبح علامة تجارية، ووجوده يجذب الكثير من محبيه. حاله كحال البرازيلي نيمار، والليجا فقدت كليهما في عامين متتاليين. فاعتقد الجميع أن الليجا ستتضرر على مستوى البيزنس وحقوق البث، لكن ما حدث كان مغايرًا.

سعت الليجا لتسويق نفسها بشكل أكثر فاعلية، واستغلال احتلال الأندية الإسبانية لبطولتي دوري أبطال أوروبا واليورباليج في الخمس سنوات الأخيرة – باستثناء المرة التي فاز بها مانشستر يونايتد باليورباليج -، فوقعت رابطة الأندية الإسبانية عقودًا جديدة بداية من الموسم المقبل لبيع حقوق البث التليفزيوني. حقق بيع الحقوق داخل إسبانيا عائدًا يزيد بنسبة تصل إلى 15% عن العقد السابق. أما خارج إسبانيا فوصلت القيمة إلى 5 بليون يورو على مدار خمسة مواسم، وهو ما حقق عائدًا يزيد بنسبة 30% عن سابقه.

حتى داخل الملعب، تمر الليجا بمرحلة جيدة على مستوى التنافسية. فالكبار يترنحون أمام الصغار. إشبيلية عاد إلى الواجهة من جديد، ومشروع بيتيس ما زال مستمرًا في الإبهار رفقة «كيكي سيتين». وعلى ما يبدو أن الليجا لم تفتقد رونالدو حتى اللحظة.

أين رقم 7؟

على النقيض تمامًا من الليجا، كان ريال مدريد يعاني بعد رحيل صاحب الرقم 7. حاولوا إقناعهم بأن الفريق سيكمل المسيرة بدونه. وكأن الجمهور لم يصدق، فتوافدوا على ستاد سانتياجو برنابيو للمشاهدة فتفاجأوا بشاب جديد لا يعرفونه يدعى ماريانو ويرتدي نفس قميصه.فتراجع الحضور الجماهيري لجماهير الميرنجي بنحو 3 آلاف مشجع، بالرغم أن هذا المعدل ذاته قد ازداد في الليجا ككل بما يعادل 8% عن الموسم الماضي.

حتى محاولة بيريز إرضاءهم بإبقاء الكرة الذهبية داخل أسوار النادي باءت بالفشل. فلم يحضر منهم سوى 55 ألف مشجع -في مباراة رايو فاليكانو- لتهنئة الفائز الجديد لوكا مودريتش، في ملعب يتسع ل 81 ألف متفرج. وكأن جمهور الريال يرفض واقعه الجديد، الذي شهد تراجع النتائج وهزيمة مذلة أمام الغريم الكتالوني وبدون ميسي، الذي يبدو أنه لا يهتم برحيل رونالدو وسيواصل احتكار الليجا بعيدًا عنهم.

ميسي يرفض الدعوة

في فيلم الأنيمي «Megamind»، استطاع «Megamind» ممثل الشر القضاء على بطل المدينة «Metro Man» والانتصار على غير العادة. لكن بعد فترة بدأ يشعر بالملل، ويحن لذلك الصراع من جديد، حتى إنه سعى لخلق بطل خارق مشابه من أجل محاربته. هل هكذا يكون حال ميسي بعد رحيل منافسه اللدود؟

وجه كريستيانو الدعوة للنجم الأرجنتيني من أجل القدوم إلى الكالتشيو واستكمال المنافسة بينهما، على اعتبار أن ميسي لم يذق من قبل طعم النجاح خارج إسبانيا وأنه يحتاج لمثل هذا التحدي، بخلاف رونالدو طبعًا الذي صال وجال في البرتغال وإنجلترا وإسبانيا.

رفض ميسي دعوة رونالدو بهذا التصريح، وكأنه لا يشغل باله به من الأساس. فهو يواصل اللعب كما لو كان الصراع مستمرًا. يعتلي صدارة هدافي الدوري، ويستمر في حمل مسئولية الفريق على عاتقه وكأنه ما زال في منتصف العشرينات. وفقًا لتصريحات لاعبي الفريق، فإنهم يحلمون بدوري الأبطال من جديد. ولذلك سيواصل البرغوث الأرجنتيني على نفس الوتيرة، حتى لو استُنزفت طاقته بمعدل أسرع جراء تخلي الفريق عن أسلوب لعبه المعتاد.

يريد ميسي أن يكون واحدًا من هؤلاء، أصحاب قصص الوفاء النادرة في عالم الرياضة، وتحدي رونالدو ليس مغريًا بهذا القدر. لكن من يدري لعل الكرات الساخنة والباردة تضع برشلونة في طريق اليوفي، الذي أتى بكريستيانو خصيصًا من أجل ذات الأذنين.

اليوفنتوس يرحب برونالدو الجماعي

كان كريستيانو ذكيًا باختيار وجهته. فلا أحد ينافس يوفنتوس في إيطاليا، وإيقاع الدوري مناسب تمامًا للاعب بلغ ال33 من العمر. بعد انتصاف موسمه الأول، استطاع لاعب ريال مدريد السابق إحراز 12 هدفًا في 19 مشاركة، وهو أول لاعب يحقق هذا الرقم منذ دييجو ميليتو موسم 2008/2009.

ظن الجميع أن رونالدو قد يعاني رفقة منظومة اليوفي الهجومية، لأنها ليست بكفاءة منظومة النادي الملكي على مستوى السرعة وخلق الفرص. لكن الدولي البرتغالي تأقلم سريعًا وأصبح أكثر جماعية وفقًا لتقرير شبكة سكاي سبورت.

صنع رونالدو خمسة أهداف في الدوري حتى الآن، وهو ما يعادل مجموع ما صنعه في موسمه الماضي بالليجا بالكامل. وعلى مستوى التمريرات المفتاحية «تمريرة تتيح للاعب فرصة التسديد» يأتي في المرتبة الثانية بعد «ميراليم بيانيتش». الأغرب من هذا، هو تركه لبعض الضربات الحرة لزميليه «ديبالا» و«بينايتش»، مما دفع «جيمس والكر روبيرتس» الصحفي بشبكة سكاي لتسمية هذه الفترة بفترة العسل، التي يسعى رونالدو خلالها لكسب زملائه، وترك انطباعًا جيدًا.

استطاع «أليجري» أن يجد التوليفة المناسبة لخط هجومه، بالاعتماد على الكرواتي «ماريو ماندزوكيتش» بجوار رونالدو، مع وجود «باولو ديبالا» في مركز صناعة اللعب. بالنسبة لماندوزكيتش فالأمور تسير على ما يرام بإحرازه 8 أهداف، أما ديبالا فلم يكن الأمر كذلك.

بعد مرور 12 جولة من هذا الموسم،سدد الأرجنتيني 29 تسديدة، أحرز منهم هدفين فقط. أما في الموسم الماضي وبعد نفس عدد المباريات، كان ديبالا قد سدد 57 تسديدة، أحرز منهم 11 هدفًا، وهو ما يوضح الأثر السلبي لرونالدو على أرقام صاحب الرقم 10. لكن الفريق يواصل انتصاراته، وديبالا نفسه ارتضى بالوضع ولا يريد تعطيل مسيرة الفريق في مشروعه قصير الأجل، الذي يسعى بكل قوة لإضافة لقب دوري أبطال أوروبا إلى لقب الدوري المحسوم سلفًا.

يبدو أن لا أحد يفتقد رونالدو سوى ناديه السابق. فعلى الرغم مما طاله من اتهامات تتعلق بقلة جماعيته، ورغبته الدائمة في أخذ اللقطة من زملائه السابقين إلا أنهم الآن يفتقدونه بشدة. كان هداف دوري أبطال أوروبا التاريخي يحمل عنهم ضغط اللقطات الحاسمة، مما جعله واجهة مناسبة لمشروع فلورنتينو بيريز، وبرحيله أصبح المشروع بلا قائد. باتت جماهير الريال تترقب سوق الانتقالات أكثر من مباريات فريقها أملاً في رونالدو آخر يعيشون معه الحلم من جديد.