كيف تحدد الموارد التي تحتاجها لبدء شركتك الناشئة؟
كم مرة في جلسات السمر الجميلة مع الأصدقاء تُحضرون ورقة وقلماً ويبدأ الحديث عن أهمية بدء شراكة المستقبل والعمل على المشروع الذي سيغير الحياة ويجلب الملايين زاحفة إلى جيب كل منكم.
يبدأ صاحب الفكرة في كتابة الفكرة على الورق، وحساب الأرباح المتوقعة والتفكير في المكان. الأمر المفاجئ أن كثيراً من تلك القصص والتصورات البسيطة عن الاستثمار تنفذ بالفعل لكنها مسألة وقت تؤول إلى فشل محال لعدم المعرفة الكافية بالسوق أو سوء التخطيط.
حكى لي صديق ذات مرة عن أفكاره فور تخرجه في الجامعة، كان لديه رغبة كبيرة في أن يكون مدير نفسه ويؤسس عمله الخاص. رأى من خلال جلساته اليومية على مقهى يجاور محل خضروات أن مشروعاً كهذا لا يمكن أن يخسر، يستطيع استئجار محل في أي مكان، وشراء البضائع بالجملة، والزبائن مهما كانت حالتهم المادية لن يتوقفوا عن شراء في الطعام.
وبالفعل قام بذلك، ثم شهر تلو الآخر بدأ يستشعر الخسارة رغم أنه تقريبًا يبيع كل البضائع التي يجلبها له تجار الجملة يومياً. بعد وقت اكتشف ما هو أبعد من البيع والشراء. السعر الذي كان يشتري به من تجار الجملة كان يتضمن حساب البضائع التالفة، ولم تكن لديه خبرة كافية ومعرفة بالمزارعين لتحسين سعر الشراء. كما أنه لم يكن لديه معرفة لكيفية الحفاظ على موارده المالية، وذلك بسبب عدم معرفته بحساب كافة التكاليف الثابتة مثل الإيجار والكهرباء وإضافتها على سعر البضائع، ومثل تلك القصص الكثير والكثير. فهل هناك خارطة طريق لكل من يريد بدء شركة أو مشروع جديد؟
اليكساندر اوستيروالدير لديه حل
في مطلع الألفية الجديدة رأى عالم إدارة الأعمل اليكساندر اوستيروالدير أن ما ينقص المستثمرين ورواد الأعمال حقاً هو القدرة على حصر الأمور التي سيحتاجون إليها لبدء تحويل المشروع من مرحلة الفكرة إلى التنفيذ على الأرض القادر على تحقيق ربح. ومن هذه النقطة قام وفريقه بالعمل على وضع إطار جامع يضم 9 محاور يجب على كل شخص فحصها والتأكد من توفر ما يوفي هذه المحاور في مشروعه، واستخدام هذا النموذج لتقييم مدى تكامل المشروع وفرص نجاحه وسمي هذا المخطط «نموذج العمل التجاري» ومع الاطلاع عليه ستكون قادراً على تحديد ما ينقص شركتك من موارد.
ما الموارد الرئيسة اللازمة لبدء شركة أو مشروع؟
الموارد الأساسية هي البنية الأساسية لأي مشروع. هي كل الأصول التي تحتاج إليها لتقديم الخدمة أو المنتج للعميل وتشمل مقراً للشركة بما يشمله من معدات وأثاث، وعاملين لدى الشركة مهمتهم تقديم الخدمة أو المنتج الأساسي للشركة، ورأس مال أو سيولة نقدية لتمويل المنتج، ودفع الفواتير والرواتب. هذه العناصر هي الموارد الرئيسة.
الموارد البشرية واللوجيستيات
الموظفون وهم أهم أصول المؤسسة وأكثر الأصول التي لا يوليها كثير من رواد الأعمال اهتماماً كبيراً. على سبيل المثال فإن سائقي شاحنات FedEx هم الموارد البشرية التي تتحد مع الموارد المادية -مثل الشاحنات- لخلق القيمة التي تقدمها الشركة وهي تسليم المنتج للعملاء وتقديم تجربة FedEx المميزة.
في المراحل الأولى في تأسيس شركة، يكون اختيار عدد ومؤهلات كل عضو في فريق العمل في غاية الأهمية، يمكن أن يؤدي تعيين عضو جيد في الفريق إلى زيادة قدرات الفريق ككل، إضافة إلى تحسين المعنويات. ومع ذلك، إذا كان موظفك الجديد لا يتناسب مع ثقافة فريقك، فسيكون له تأثير سلبي على بيئة العمل، ويمكن أن يؤدي في الواقع إلى انخفاض مستويات الإنتاجية، على الرغم من زيادة أعداد الفريق.
كيف يجب أن تتم عملية استقدام الموارد البشرية للشركة؟
في المراحل الأولى، قد يكون تقديرك لعدد الأفراد الذين تحتاج إليهم في كل تخصص خاص بتسيير عمل الشركة غير واضح. لكن من المهم كتابة التخصصات الأساسية التي تحتاج إليها، يمكنك معرفة ذلك من خلال خبرة سابقة عن طريق عملك في شركة لها نشاط مشابه، أو من خلال استشارة شخص يملك تلك الخبرة. مثلاً إذا كانت شركتك في مجال البرمجيات فأنت تحتاج إلى مبرمجين ومصممين وهم الأكثر عددًا، فريق مبيعات أصغر لأنك في البداية لن يكون لديك عدد كبير من العملاء، وفريق صغير للتسويق. وجود شخص لديه خبرة الشركات الناشئة معك سواء بالاستشارة أو الشراكة يساعدك على عدم تعيين عدد يفوق احتياجك.
في بداية الشركات الناشئة لا بد أن يكون أعضاء الفريق متعددي المهام، أي لديهم خبرة العمل السابقة في أكثر من موقع، ويمكنهم القيام بأكثر من مهمة لتحمل ضغط العمل على عدد قليل من الموظفين.
عملية التوظيف في البداية تكون من خلال شبكة علاقاتك من ذوي الخبرة الذين لديهم اتصال بعدد كبير من الأشخاص العاملين في مجالات مختلفة، ويكون لديهم فكرة عن الأفضل والأكثر كفاءة من خلال عملهم مع بعض منهم من قبل، وهو أمر يُسهل عليك استقدام الأشخاص المناسبين ويُقلل نسبة الخطأ.
أو يمكنك الاستعانة بموقع خمسات الذي يوفر كل الخدمات الإبداعية والاحترافية التي تحتاجها لتنمية وتطوير أعمالك، والتي يمكن طلبها من أشخاص موهوبين مستعدين لخدمتك في إنجاز مهامك بسهولة عبر الإنترنت وبأسعار اقتصادية تتناسب مع الأفراد ورواد الأعمال من أصحاب المشاريع الناشئة.
الاعتماد على خبرتك في مقابلة وتعيين كل أفراد الشركة ليس حلاً جيدًا. أنت لا تملك الخبرة في كل مجالات العمل وبالتالي هذا اختيار قد يعرضك وشركتك للكثير من الأخطاء.
لتتمكن من معرفة من هم الأفراد والخدمات اللوجيستية التي تحتاج إليها، فكر في الرحلة التي من المفترض أن يأخذها منتجك، من بداية تصميمه أو تصنيعه وحتى وصوله إلى يد العميل. هنا يمكنك تحديد عدد الخطوات، وبالتالي طبيعة الوظائف والخدمات التي سوف تحتاج إليها حتى وصول المنتج إليه.
مثلاً إذا كان لديك متجر لبيع ملابس تحمل رسومات مميزة عبر الإنترنت، فأنت تحتاج إلى مكان للتخزين، وماكينات لطبع رسومات على الملابس وعمال بعدد الماكينات لطبع الرسومات، ومحاسب، وفريق صغير للتسويق الإلكتروني، وفريق خدمة عملاء أو مبيعات، وأفراد للتوصيل، وسيارات للقيام بذلك.
إذا لم يكن لديك ما يكفي من المال للقيام بذلك، يمكن الاستعانة بمزودين خارجيين لتلك الخدمات، ذلك يساعدك على:
- تخطي العائق المادي من خلال الوصول إلى عرض أفضل من الشركات المزودة بخدمات التوصيل مثلاً.
- توفير بعض الأموال بدلاً عن توظيف أفراد بدوام كامل، من خلال موقع بعيد، لأنك في حالة الاستعانة بالخارج، فدفع ثمن الخدمة يكون عند الطلب.
الموارد المالية
عند الحديث عن الموارد فالأمر لا يتعلق فقط بالحصول عليها، لكن أيضًا بكيفية إدارتها. التمويل الأول لأي شركة عادة ما يتم تجميعه من الشركاء أو من الأصدقاء لتأسيس النموذج المبدئي من المنتج أو الخدمة ثم عرضه على مستثمرين أو حاضنات الأعمال لتبني تمويل المشروع وتطوير المنتج.
أي مشروع يجب أن يبدأ بالتحقق من فعالية الفكرة في حل مشكلة ما لدى السوق وذلك من خلال إجراء بحث على السوق، ثم تحديد الجمهور المستهدف بالخدمة، ثم البدء بحساب تكاليف الخروج بالنسخة الأولى من المنتج أو الخدمة.
بعد التأكد من إمكانية تطبيق الفكرة من خلال النموذج المبدأي يأتي بعد ذلك دور منتج الحد الأدنى الذي يُمكن طرحه في السوق MVP وهو النموذج الذي من خلاله ستتمكن من التأكد من المشروع وإمكاناته ومدى فعاليته في حل مشكلة المستخدم، ومن خلاله سترصد نقاط القوة التي ستعمل على إيضاحها بقوة عند عرض فكرتك على المستثمرين الذين سيضخون الأموال لتتمكن من تطويره. من المهم أن يكون في الفريق المؤسس شخص لديه خبرة تقنية عالية بمنتجات مشابهة، وذلك للمساعدة في تقليل التكاليف، وخروج نسخة أولية مقنعة ويُمكن اختبارها في السوق وقوية.
لجذب الاستثمار الأول، تحتاج أولاً إلى حساب جميع التكاليف والمخاطر والأرباح المحتملة وإلا كيف ستشرح للمستثمر مدى جدارة هذه الفكرة بأن يستثمر فيها؟
يجب عليك إنشاء خطة عمل يتم فيها توثيق خطوات تطوير المنتج والقيمة التي سيقدمها، وخطة التسويق والنمو، وكيف سينجح المنتج في استعادة التكلفة تلك وطريقة تحقيق الأرباح.
كيف يتم حساب حركة الأموال في أي مشروع؟
1. التكاليف
هناك نوعان من التكاليف، تكاليف ثابتة وتكاليف تتغير حسب سير العمل. التكاليف الثابتة تشمل الإيجار والفواتير مثل الكهرباء، والرواتب، وأقساط القروض إذا وُجدت، مع إضافة تكاليف الأصول الثابتة في المكان مثل الأجهزة والماكينات والتي تُضاف تكلفتها إلى سعر المنتج أو الخدمة.
التكاليف المتغيرة هي التي تختلف باختلاف حجم إنتاج الشركة، أي التكاليف التي تتغير وفقًا لكمية السلعة أو الخدمة التي تنتجها الشركة؛ تزداد هذه التكاليف مع ارتفاع وانخفاض الإنتاج. يمكن أن تتضمن الأمثلة تكاليف المواد الخام، وتكاليف النقل أو التخزين وعمولات المبيعات، وتكاليف التسويق.
فهمك للتكلفة الإجمالية يعد أمرًا بالغ الأهمية لأن مقدار الأموال التي ينفقها عملك يؤثر على ما إذا كان بإمكانك تحقيق ربح أما لا في ظل الظروف الراهنة.
2. تحديد نقطة التعادل
يتم استخدام مفهوم نقطة التعادل لتحديد متى سيكون عملك قادرًا على تغطية جميع نفقاته والبدء في جني الأرباح. من المهم تحديد تكاليف بدء التشغيل من أجل تحديد إيرادات المبيعات اللازمة لدفع نفقات الأعمال الجارية.
«نقطة التعادل» لشركتك هي النقطة التي تتطابق فيها إيراداتك (أي مبلغ المال الذي تربحه من المبيعات) تمامًا مع نفقاتك (أي مبالغ التكاليف الثابتة والمتغيرة). النقطة التي تتجاوز نقطة التعادل هي حيث تبدأ في تجميع الأرباح، أي المكاسب المالية التي تتجاوز النفقات والتكاليف والضرائب.
هناك العديد من المزايا لحساب نقطة التعادل. من خلال فهم مكان نقطة التعادل الخاصة بك، يمكنك معرفة وحساب بما يلي:
- ما مدى ربحية خط إنتاجك الحالي.
- إلى أي مدى يمكن أن تنخفض المبيعات قبل أن تبدأ في تكبد الخسائر.
- كم عدد الوحدات التي تحتاج إلى بيعها قبل أن تحقق ربحًا.
- كيف سيؤثر خفض السعر أو حجم المبيعات على أرباحك.
- مقدار الزيادة في السعر أو حجم المبيعات الذي ستحتاجه لتعويض الزيادة في التكاليف الثابتة.
3- تكلفة الاستحواذ على العميل وقيمة عمر العميل
تكلفة الاستحواذ أو CAC هي إجمالي تكاليف إقناع عميل بشراء المنتج، مثلا إذا كنت تصرف على الدعاية 1000 دولار وتستحوذ شهرياً على 10 عملاء إذا قيمة الاستحواذ هي 100 دولار.
قيمة عمر العميل يُقصد بها إجمالي الأموال التي سوف تجنيها الشركة طيلة فترة بقاء العميل. إذا كان متوسط فترة ولاء العميل في مجالك هو سنة واحدة وسعر المنتج 100 دولار وهو يحتاج لشرائه مرة كل شهر، إذا قيمة عمر العميل هي 1200 دولار.
أي خطأ في حساب هذين المعيارين قد يكون قاتلاً لشركتك. أن تكون قيمة عمر العميل 3 أضعاف قيمة الاستحواذ أو أكثر فهذا يعتبر مؤشر جيد للشركة. لا يجب صرف أي أموال إضافية للتوسع في الوصول إلى شرائح عملاء جديدة قبل تكرار والتوسع في الوصول إلى أكبر عدد من شريحة العملاء الذين حققت معهم نجاح على مقياس صغير.
كلما بذلت مجهوداً أكبر في تحديد مواردك ثم اجتهدت في تخطيط وتحسين طرق التصرف فيها، زادت فرص شركتك في البقاء. تذكر مهما كان نوع الشركة أو المنتج، تأكد من أن لديك خطة واقعية مبنية على دراسة وتحليل السوق لتحقيق عائد على استثمارك من الوقت والمال والمجهود.