دير شبيجل: هل يمكن للمستشارة ميركل أن ترد إلى ترامب عقله؟
محتوى مترجم | ||
المصدر | ||
التاريخ | ||
الكاتب |
هكذا عبر المقال المنشور لدى «DER SPIEGEL» الألمانية عن الرئيس الأمريكي ترامب، والذي كانت المستشارة الألمانية تُعد لزيارته في الرابع عشر من مارس/ آذار الجاري، قبل أن يتم إرجاء الزيارة. ويبدأ المقال بالحديث عن كون ميركل تخطط لانتهاج سياسة مزدوجة في حوارها مع ترامب، إذ ستحاول توطيد علاقتها الشخصية به من ناحية، ومن ناحية أخرى، توضح أن برلين مستعدة لحرب تجارية مع واشنطن إن اقتضى الأمر. ويشير المقال إلى العلاقة المضطربة بين المستشارة ورئيس الوزراء الإيطالي الأسبق سلفيو برلسكوني، والتي استطاعت المستشارة تجاوزها في قمة الاتحاد الأوروبي في ديسمبر/ كانون الأول 2008، عندما استطاعت ببراعة الجمع بين الحزم والجاذبية لتأمين موافقته على سياساتها المناخية. ويعوّل الألمان على قدرتها على التعامل مع ترامب بنفس الطريقة في زيارتها الشخصية الأولى له. ويؤكد المقال على أن كليهما – ترامب وميركل – يختلفان كثيرًا عن بعضهما البعض؛ فترامب السياسي المبتدئ والذي أوضح أن لا شيء سيقف في طريقه لتحقيق ما يراه «مصالح أمريكا»، سيجلس مع أحد أكثر السياسيين خبرة في العالم، والتي يراها الكثيرون آخر المدافعين عن القيم الغربية. آخذين في الاعتبار أن ترامب قد أعلن عن نيته محاربة فائض الصادرات الألماني، وإجباره حلفاءه في الناتو على زيادة إنفاقهم العسكري، وعن أن خططه بخصوص السياسة الخارجية مع روسيا غير واضحة بعد. ويتحدث المقال عن أن مصادر مقربة من المستشارة تقول بأن هناك شيئاً واحداً فقط مؤكد، ألا وهو أنها ستسعى لتكوين علاقة طيبة مع ترامب، الذي يعتمد قليلًا على الإجراءات الرسمية، وتسوقه غرائزه وخبراته في مجال الأعمال أكثر من الرشادة السياسية، بحسب تعبير المتحدث الرسمي للجنة السياسة الخارجية في حزب ميركل، والذي ذهب إلى الولايات المتحدة قبل أسابيع. لا تعتمد ميركل على الهجوم الجذاب فقط، بل قامت بتحضير بعض القضايا للمناقشة. لتصطحب معها المدير التنفيذي لشركة «Siemens» ورئيس شركة «BMW» كي يشرحا لترامب عدد فرص العمل والتدريب التي توفرها شركاتهم في الولايات المتحدة، باعتبار أنه يثق في التنفيذيين أكثر من ثقته بالسياسيين.
يؤكد المقال على كون ميركل الآن أقل تشاؤمًا مما كانت عليه بعد انتخاب ترامب، بسبب تريثه في تنفيذ شعاراته الراديكالية وقت الانتخابات مثل الاتفاق النووي مع إيران ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس. وكذلك طمأنت تصريحات ممثلي الولايات المتحدة عن دعمهم للناتو المستشارة.يُزاد على ذلك أن هربرت رايموند ماكستر، مستشار الأمن القومي الجديد لترامب، يُنظر إليه في برلين باعتباره موثوقًا به أكثر من سابقه مايكل فلين. لقد درست ميركل ترامب من فترة طويلة، ووصلت إلى قناعة أنه يمكنه تنفيذ وعوده، وأكدت على أن التواصل الشخصي معه شيء حيوي، وهو ما لوحظ في مكالمتها الهاتفية له في 28 يناير/ كانون الثاني الماضي. وينتقل المقال إلى أن مكالمتها التليفونية مع ترامب قد تم الإعداد لها من داخل البيت الأبيض، كي يتم منعه من التقارب مع بوتين. حيث تم ترتيب جدول المكالمات بحيث تسبق مكالمة ميركل مكالمة بوتين مباشرة، فتستطيع ميركل أن تشرح له السياسة الروسية أولًا. ويبدو أن الخطة قد نجحت، فقام ترامب بتعيين فيونا هيل في مجلس الأمن القومي، والتي تعد أحد أبرز منتقدي بوتين. وتأمل ميركل أن تحظى بقية القضايا بنجاح مماثل، كالاتفاق الإيراني وقضية ليبيا والمناخ. ويبقى المهم هو اختيار اللهجة المناسبة في الحديث مع ترامب. فالعلاقات الأمريكية الأوروبية يجب الحفاظ عليها بأي طريقة، ولذلك ستقوم ميركل مثلًا بإعلام ترامب أن ألمانيا بدأت بتنفيذ طلب الولايات المتحدة بزيادة الإنفاق العسكري. ويؤكد المقال أنه على الرغم من هذا التفاؤل الحذر، إلا أن ميركل تحضّر للأسوأ، فخطط ترامب على غموضها تمثل خطرًا كبيرًا على الاقتصاد العالمي، وفي مقدمته ألمانيا. فتقريبًا 50% من الوظائف الألمانية تعتمد على الصادرات، وقام الأمريكيون العام الماضي بشراء ما قيمته 107 مليارات يورو من الصادرات الألمانية، في مقابل 57 ملياراً ينفقها الألمان على الصادرات الأمريكية، مما يجعل ألمانيا مهددة بشدة نتيجة دخول الولايات المتحدة في حرب تجارية ضد أوروبا أو الصين. وتحاول ميركل إلى جانب التعامل الهادئ أن تؤكد لترامب أن لألمانيا أيضًا وجه شرير. إذ ستؤكد له على الفائدة التي تعود على الأمريكيين من العلاقات الأمريكية الأوروبية الجيدة. فثلث الاستثمار الألماني الخارجي يتم في أمريكا. وإذا ما استمر ترامب في خططه الخاصة، فمن المتوقع أن تعمل ميركل على تكوين جبهة أوروبية موحدة لحصار الولايات المتحدة. وكان وزراء التجارة الأوروبيون قد اجتمعوا قبل أيام واتفقوا على موقف مشترك. فهم لن يشعلوا الصراع، لكنهم سيحضرون أنفسهم له. فاتفقوا على أن تبدأ مفوضة التجارة الأوروبية، سيسيليا مالمستروم، في البحث عن اتفاقيات جديدة مع دول أخرى كاليابان والهند وأستراليا. وخططت ميركل في زيارتها للإشارة إلى كون السياسة الجديدة الخاصة باستيراد البضائع من الخارج، والتي اقترحها الكثير من أنصار ترامب، تتعارض مع قواعد منظمة التجارة العالمية، في إشارة ضمنية بأنها لن تتأخر في تقديم شكوى هناك. ويشير المقال إلى أن ألمانيا، إن لم تفلح محاولتها هذه، ستقوم بمراجعة أسلحتها، فيمكن لها أن تقوم بزيادة الأعباء على الصادرات الأمريكية، أو أن تقوم بتخفيض ضرائب الشركات الألمانية وتكلفة المساهمة الاجتماعية المطلوبة منها، والذي قد يكلف دافعي الضرائب الألمان المليارات، لكن في البداية فقط. وتعتمد ميركل كذلك على المفوضية الأوربية التي كانت تجهز نفسها مؤخرًا لحرب تجارية مع الصين، ما قد يفلح كذلك مع ترامب. فإذا وافق المجلس والبرلمان الأوروبي على المقترحات الجديدة، من الممكن أن يعود ترامب إلى رشده. زد على ذلك كون الاتحاد الأوروبي يقوم الآن بالتحقيق مع جوجل وماكدونالدز وشركات أخرى في خروقات للتنافس والتهرب الضريبي، ومن الممكن توسعة هذه التحقيقات في أي وقت. بالتأكيد تأمل ميركل ألا يصل الأمر إلى هذا السوء، لكنها في الوقت نفسه مُقدمة على انتخابات جديدة في سبتمبر/ أيلول المقبل، ويجب ألا تظهر بمظهر المتوسل، كما فعلت رئيسة الوزراء البريطانية تريزا ماي في زيارتها لترامب.