داماك وترامب: الإمارات تتحكم في الشرق بشراء ولاءات الغرب
أثارت تصريحات دونالد ترامب، في أول مؤتمر صحفي له في الحادي عشر من يناير/كانون الثاني، فضول كثير من العرب بعدما أذاع خبرا يفيد بتلقيه عرضا من شركة «داماك» الإمراتية بقيمة ملياري دولار، ولكنه رفض العرض قائلا: «لم يكن علي فعل ذلك لأنه كما تعلمون ليس لدي تضارب مصالح لأنني الرئيس».
وأكدت شركة داماك صحة ما قاله ترامب في محاولته للدفاع عن نفسه وسمعته، بعدما وجهت إليه اتهامات باختراق روسيا للانتخابات الأمريكية. لتتضح علاقة رئيس أمريكا القادم الوطيدة برجل الأعمال الإماراتي حسين سجواني، حيث يربطهما علاقة صداقة بين العائلتين ومشاريع اقتصادية عملاقة، لتتشكل حلقة جديدة في دائرة علاقات دولة الإمارات بالساسة وصناع القرار حول العالم.
ما نعرفه عن داماك العقارية
تأسست شركة «داماك العقارية» بدبي في عام 1992، و تعرف بكونها واحدة من كبرى شركات التطوير العقاري بالشرق الأوسط، حيث اشتهرت بطابعها المميز في التصميمات العالمية المواكبة لحياة الترف المشابهة لطبيعة دولة الإمارات، وتمتد مشاريع الشركة إلى قطر والمملكة العربية السعودية والأردن ولبنان، هذا إلى جانب ظهور الشركة ببورصة لندن كأول شركة إماراتية تستطيع أن تكون جزءا من معادلة البورصة اللندنية.
يحتل مؤسس ورئيس شركة مجموعة داماك المستثمر الإماراتي حسين سجواني – لأول مرة – المرتبة الثامنة في قائمة فوربس للأثرياء العرب لعام 2016، حيث يمتلك ثروة تقدر بـ 3.2 مليار دولا، و«قبل الانتقال إلى مجال بناء العقارات أدار سجواني شركة للتموين الغذائي»، حسبما توضح فوربس.
يبلغ سجواني من العمر 63 عاما وانتشرت شائعات حول كون أصوله إيرانية؛ جعلت البعض يصفه بأنه شيعي المذهب يدعم الحرس الثوري الإيراني، لكنه نفى تلك الأقاويل في حوار له مع الجزيرة. درس سجواني في واشنطن الاقتصاد، وكان عضوا في مجلس إدارة عدد من الشركات المختلفة، من بينها شركة «جونو أون لاين» في مدينة نيويورك في الولايات المتحدة.
ارتبط اسم سجواني بقضية فساد في مصر، حيث حكمت محكمة الجنايات عليه غيابيا، في مايو 2011، بالسجن خمس سنوات بعد إدانته بالاستحواذ على أراضي الدولة المصرية بأسعار أقل من سعر السوق، مما دفع شركة داماك لمقاضاة مصر دوليا، لكن سرعان ما تصالحت الحكومة المصرية مع شركة داماك بعد أن ردت الشركة الأرض للدولة المصرية، وانتهى الخلاف القائم لترجع العلاقات المصرية الإماراتية لطبيعتها بعد تولي عبدالفتاح السيسي الرئاسة وإقصاء جماعة الإخوان المسلمين من الحكم.
وظهر سجواني ببرنامح «غذاء عمل» على شاشة العربية، في ديسمبر الماضي، ليصرح عن استمراره في المشاريع المصرية، بالرغم من بيعه 60% من مشروعه الأكبر «هايد بارك» لبنك الإسكان والبنك العقاري المصري العربي وشركة «قابضة»، لكنه مازال يملك مشاريع أخرى بالسوق المصرية، وسبق أن أعرب سجواني، في يوليو/ تموز الماضي، عن خطورة الاستثمار في مصر في ظل عدم الاستقرار السياسي الذى تعاني منه.
وعبر سجواني مسبقا في لقائه مع الجزيرة عن رفضه لتوجيه التبرعات والمساعدات المالية لأي من الأحزاب أو المؤسسات السياسية، ورفضه التدخل في الأوضاع السياسية بأي من الدول بعد أن تم اتهامه بدعم «حزب الله» اللبناني.
العلاقة التي تربط ترامب بـ «سجواني»
ترامب عن مشروع ملعب ترامب للجولف بالإمارات
وصف ترامب سجواني في خطابه الأخير بـ«الصديق الجيد»، حيث تربطهما علاقة الشراكة في مشاريع مختلفة تحت مظلة شركة «داماك العقارية» بالإمارات، من أشهرها ملعب ترامب للجولف.
وفيما يخص تصريحات ترامب المعادية للمسلمين -قبل فوزه بالرئاسة الأمريكية- عبر نائب رئيس داماك الإماراتية قائلا: «الشركة تتعامل مع الشراكة بينها وبين ترامب بمعزل عن آرائه السياسية (..) ولا نستطيع التعليق على القضايا الشخصية التي تتعلق بترامب، أو بأجندته السياسية، كما لا نعلق على الجدل السياسي الداخلي في الولايات المتحدة».
لكن ردود الفعل على تصريحات ترامب أثارت غضب الكثيرين وعرضت استثمارات داماك للخسارة، مما تسبب في نزع الشركة لاسم وصور ترامب وابنته بصفتها نائبة الرئيس التنفيذي لشركة «ترامب أورغانيزيشن» من واجهة مشروعات شركة داماك، دون أن تعلق الشركة على السبب من وراء هذا التصرف أو تعترف بأنه رد فعل على الغضب الموجه تجاه ترامب لإنقاذ مشاريعها من الخسارة.
ولكن سرعان ما عادت الأمور إلى نصابها وظهر اسم ترامب مرة أخرى على واجهة مشاريع داماك.
وصرح سجواني، في أبريل/ نيسان 2016، بعدم اكتراثه بمواقف عملائه وشركائه السياسية قائلا: «كل شخص حر بسياساته، فهذا لا يعني شيئا بالنسبة لتجارتي»، وأكد سعادته بالعلاقة التي تجمعه بشركة ترامب الخاصة. بينما أثنى ترامب على سجواني في حفلة خاصة أعدها بمطلع الشهر احتفالا بالعام الجديد قائلا: «حسين وعائلته كلها هم أجمل الأشخاص.. لقد أتوا من دبي الليلة، وقد شاهدوا المكان وأعجبوا به»، مما يرجح أن عرض سجواني تم تقديمه آنذاك.
كما علق سجواني بعد الحفلة على العلاقة الوطيدة التي تجمعه بترامب قائلا: «ترتبط زوجتي وإيفانكا وزوجة ترامب بصداقة قوية، وهما على تواصل مستمر عبر رسائل البريد الإلكتروني، كما أن إيفانكا قدمت إلى منزلنا في دبي، وزرناهم نحن في نيويورك وتناولنا الغداء والعشاء معا.. وكما تعلمون، حينما تستمتعون بالعمل مع أحد ما فلن تكون هذه العلاقة مجرد علاقة تجارية باردة».
نفوذ الإمارات الاقتصادي يحكم
تحذير خلدون المبارك مالك نادي «مانشستر سيتي» لكرة القدم واليد اليمنى لولي العهد الإماراتي؛ للسفير البريطاني
وفقا للدستور الأمريكي لا يحق لرئيس الجمهورية الانتفاع من الحكومات الأجنبية بشكل مباشر أو غير مباشر عن طريق الأرباح أو الهدايا، وهو ما يضع ترامب في مأزق الفصل بين كونه رجل أعمال وبين رئاسته للولايات الأمريكية، وهو ما جعل البعض ينتقد استمرار علاقة ترامب القوية بسجواني ودعوته لحفل رأس السنة، لكن الناطقة باسم فريق ترامب الانتقالي أكدت حقه في عقد المناسبات الإجتماعية وعدم تطرقهما للشئون التجارية.
وفيما يخص تقاطع المصالح بالشرق الأوسط صرح سجواني عن عدم قلقه قائلا: «ليس هناك سبب للقلق حول علاقته الوثيقة مع أمير دبي محمد بن راشد آل مكتوم، وصلات مالية له مع الساكن القادم في المكتب البيضاوي»، فإلى جانب صداقة سجواني بترامب فهو يُعرف بكونه من أقرب المقربين إلى حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وفقا لتقرير قناة «إن بي سي» الأمريكية.
فيعتبر حرص سجواني على علاقته بترامب أمرا منطقيا في ظل سياسات الإمارات الموجهة، حيث الاعتماد على نفوذها الاقتصادي لإنجاز مصالحها. وما يقدر ذكره هُنا محاولات الإمارات الدءوبة للتخلص من جماعة الإخوان المسلمين بمصر ودوليا من خلال السيطرة على سياسات المملكة المتحدة، مثالا.
ففي نوفمبر/تشرين الثاني 2015 كشفت صحيفة الجارديان استخدام الإمارات لإمكانياتها الاقتصادية كفزاعة وللتأثير على رئيس وزراء بريطانيا السابق ديفيد كاميرون، حيث ألغت عقودا تشاركية مع شركات في بريطانيا وأوقفت التعاون الأمني القائم بين الدولتين؛ بعدما رفض كاميرون توجهات أبو ظبي فيما يخص ملاحقة الإخوان المسلمين والتخلص من المتعاطفين معهم.
تُعرف الإمارات بتدخلها المستمر في شئون الدول العربية السياسية الداخلية والخارجية، بسبب محاولاتها الدائمة لبسط نفوذها وسيطرتها على العالم العربي من خلال تنعمها بنظام ديكتاتوري تخاف من زواله وترتكز عليه ديكتاتوريات عربية أخرى، فتسعى الإمارات دائما للتحكم في الشرق باتساع دائرة نفوذها الاقتصادي بالغرب؛ لتضمن ولاء الدول الكبرى لقراراتها وتوجهاتها تجاه العالم العربي.
- حسين سجواني.. التجارة والثراء
- المتطرف "ترامب " الذي هاجم المسلمين ….جمع ثروته المالية من الخليج – See more at: http://www.aliqtisadi.ps/ar_page.php?id=8fa8f4y9414900Y8fa8f4#sthash.vAEal7pE.dpuf
- مصر.. وقف حكم حبس رئيس داماك الإماراتية
- What’s going on with Donald Trump’s Dubai Damac projects?
- DAMAC Properties
- من هو حسين الذي رحب به ترامب في حفل رٍأس السنة؟
- How The Donald of Dubai Used Outrageous Marketing To Score A $3 Billion Real Estate Fortune
- "إن بي سي نيوز": الإماراتي حسين سجواني مستعد لعقد الصفقات مع ترامب
- الإمارات تبتز بريطانيا بوقف عقود التسليح إن لم تلاحق الإخوان
- UAE told UK: crack down on Muslim Brotherhood or lose arms deals