أنا مجرد كين: لعنة العيش في ظِل باربي
يُستخدم الحلم الأمريكي المثالي كثيرًا في التسويق، الأمر الذي ظهر جليًّا في «عالم باربي» الخيالي معدوم الأخطاء، هناك كل الأشياء جميلة ومبهجة، رغم أنه عالم بلاستيكي بلا أي عناصر طبيعية كالماء والنار، مثلما أكد الفيديو الترويجي للفيلم عندما أخذ الجمهور في جولة داخل منزل باربي.
هذا الحلم الجميل نقصه خلال أول عامين من انطلاقه ذكر أنيق ووسيم يصير لباربي أنيسًا للوحدة، وهو ما وجدته في «كين» الذي اختارته شريكًا للحياة لأنه مثالي مثلها، حسبما حُكي على لسانها في الأغنية التي أُطلقت بالتزامن مع عرض الفيلم، والتي أذيعت لأول مرة منذ قرابة الشهرين وحققت مشاهدات تجاوزت المليون ونصف المليون مشاهدة على يوتيوب.
وفيها ذُكر اسم باربي 22 مرة بينما ذكر كيم 4 مرات فقط، وصحيح أن كين مثلها حصل على أغنية حملت اسمه عنوانها «أنا مجرد كين»، ولكنه أكد فيها بنفسه أنه ظل للدمية الشهيرة، ولن يكون شيئًا إلا إذا كان هناك باربي في المعادلة، وقال: «يوجد باربي وكين ولا يوجد كين وحده».
فحينما أُطلق أول مرة كان في بدايات الستينيات وقبلها كان انطلاق الدمية باربي أصلًا كأداة تعلم الفتيات الصغيرات أصول التزين حتى يتمكنَّ من الحصول على زوج لتأمين دخل لهن عندما يكبرن.
من هذا المنطلق وجود كين كان حتميًّا ليكتمل الحلم الأمريكي المكون من منزل رائع وسيارة الأحلام وأسرة مثالية يُنفق عليه مما يُجنى من وظيفة تُكسب صاحبها الكثير من المال، ولكن أهداف اللعبة الأساسية تغيرت لاحقًا بعدما قدرت المرأة على الحصول على وظائف تؤمنها ولم تعد تحتاج لزوج ينفق وتتجمل له وحده.
اعتبار «كين» مجرد ظِل لباربي ظهر منذ الإصدارات الأولى، والتي ارتدى فيها رداء بحر مخططًا أسود وأبيض، ثوب صُنع خصوصًا ليتماشَى مع ثوب ارتدته باربي قبله بعامين.
تغيرت هذه العادة لاحقًا، وسُمح لكين بارتداء ملابسه المستقلة إلا أنه كان من وقتٍ لآخر تخرج نسخ جديدة من الدمية «كين» وهو يرتدي أزياء مستلهمة من ملابس باربي.
إذا اختفى كين صار الوضع الكمالي لعالم باربي منقوصًا، وفكرة الكمال هي الفكرة الأساسية التي تُباع عليها الدمية. ولكن من هو «كين»، حقًّا؟ ما الذي نعرفه عنه سوى أنه مفتول العضلات، ويدلل «باربي» ويتم تصديره كأنه أكسسوار للدمية الأساسية «باربي» فهي «الكل في الكل»، وهو مجرد حبيب يعيش في ظِلها.
اختلفت الآراء في هذا، حيث رأى البعض أن وجود «كين» أساسي في الحبكة الدرامية التجارية، وهو الشخصية الأساسية الثانية في عالم «باربي» الكارتوني لزيادة مبيعات الدمية، بينما رأت مصادر أخرى على رأسها «التايم» أنه مجرد أكسسوار لـ «باربي» التي قدرت على شغل أكثر من 200 وظيفة مختلفة، من بينها مهندسة وعالمة فضاء وطبيبة بيطرية في حديقة الحيوانات ومرشحة للرئاسة وفارسة تمتطي الأحصنة وغيرها من الوظائف.
يمكن حصر «كين» في كونه سائق «أوبر» الخاص للفتاة الجميلة، الذي يأخدها للسهرات والحفلات كما ظهر في الإصدار الأول لأغنية باربي «أنا فتاة باربي»، حيث كانت جملته المتكررة: «هيا باربي لنذهب للاحتفال»، وبينما هي تتحدث عما يمكنها أن تقدمه للفتيات، وما الذي تفعله لم يكن هناك ما يمكنه أن يقوله، وقاد السيارة فقط في أغلب مشاهد الكليب.
لم يتحدث عما يفعله أو هوايته أو غيرها من الأشياء التي قد يهتمُّ بها جمهوره إذا اعتبرناه شخصية مؤثرة في مجريات الأحداث، ولكنه ظهر بلا أي ملامح مميزة لشخصيته، حسبما رأت سي إن إن.
أول ميعاد غرامي بين «كين» و«باربي»
لنحكِ الحكاية من بدايتها.. ظهرت شخصية «كين» لأول مرة في مارس عام 1961 أي بعد عامين من إطلاق الدمية «باربي» لأول مرة، وظهر كشاب أشقر الشعر وذي جسد يحلم به الرجال، مرتديًا شورت أحمر، وأحيانًا يظهر بمنشفة صفراء حول كتفيه، وأحيانًا بقميص بحر مقلم، وفي بعض النسخ من الدمية كان شعره أسود.
على غرار حبيبته الشقراء هو أيضًا من مدينة ويلوز الخيالية بولاية ويسكونسن، وظهرا معًا في حملة إعلانية تلفزيونية بالأبيض والأسود لأول مرة، كلاهما يقف في عالم باربي في حمام السباحة الخاص بها ومطبخها وسيارتها ودولاب ملابسها وأكسسواراتها.
خلال الحملة الإعلانية نُقل على لسان الدميتين أنهما «حبيبان»، ويومًا ما سيتم إعلان خطوبتهما، وبحسب الإعلان فإنهما سيظهران معًا في الحفلات الراقصة والحفلات النهارية من الآن فصاعدًا، بعدما وقعت الشقراء البلاستيكية الفاتنة في حبه من النظرة الأولى.
وعلى غرار باربي ظهرت منه تدرجات عرقية مختلفة، تغير فيها لون شعر الدمية، ولكن جميعها بلغ طولها 12 بوصة، مما يجعله أطول بمقدار نصف بوصة من باربي، وبالطبع لا يمكن أن يُترك الفتى الشاب وحيدًا، ولهذا صنعت شركة ماتيل «آلان» عام 1964 الذي كان صديق «كين» المُقرب.
ولكنه في وقتها لم يكن الشاب الفتي محببًا لقلب جامعي الدمية المتعصبين، وكان عليه أن يخوض معركة كبيرة ليثبت جدارته في عالم حبيبته سارقة قلوب محبيها، حسبما ذُكر في كتاب Forever Barbie: The Unauthorized Biography of a Real Doll،» M.G.
كبر كين وظهر شاربه
كانت الشوارب رائجة في السبعينيات، ولهذا أضافت الشركة المصنعة للدمية شاربًا وسوالف إلى كين يمكنك أن تزيلها أو تعيد تركيبها أثناء اللعب مرارًا في عام 1973.
حمل هذا الإصدار من الدمية اسم «كين ذي الشعر العصري» (Mod Hair Ken)، وهنا تخلَّى كين لأول مرة عن شعره البلاستيكي الصلب وامتلك شعرًا حقيقيًّا ذي جذور ويُمكن تصفيفه.
بعدها في عام 1984 حصل كين على سيارته الأولى Dream ‘Vette، وبهذا صار لديه الجمال والمال، وهو ما يدعم مفهوم الحلم الأمريكي، وبعدها حصل كين رسميًّا على أخ رضيع حمل اسم «تومي» عام 1997.
لماذا انفصلت باربي عن كين؟
في 2004 أعلنت شركة «ماتيل» المُصنعة للعبتين انفصال باربي عن كين بعد علاقة 43 عامًا ضمن حملة تسويقية جديدة للشركة حققت نجاحًا كبيرًا لدرجةٍ تفاعل معها الجمهور بحُزن مع خبر الانفصال، وأعربوا عن تعاطفهم مع الثنائي البلاستيكي!
كان هذا الانفصال من خلال إعلان في مؤتمر صحفي على لسان محامٍ أشار إلى الدميتين فيه بـ «موكليه»، مما جعل الأمر يبدو كأنه حقيقي، وإن لم يكن المشاهد على دراية بأن كين وباربي دميتان لكان صدق أن المؤتمر الصحفي هذا حقيقي ولأحد المشاهير غير البلاستيكين، مشاهير من لحم ودم، خاصة أنه أكد أنهما «في إجازة بعضهما من بعض»، وأنه لن يفصح عن المزيد حفاظًا على سرية المعلومات الخاصة بموكليه، وأن الانفصال كان وديًّا، وسيبقيان صديقين.
وبرغم التعاطف في الواقع إلا أنه عند نشر الفيديو عبر المواقع المهتمة آنذاك علق بعض الجمهور بأن الشركة تجاوزت المنطق في تعاملها مع الدمى كأنهم بشر.
بالطبع، سمحت هذه الضجة المتعمدة بإبقاء الشخصيات في دائرة الضوء -ولو قليلًا- حتى أثناء انفصالهما، ولكن بعد الانفصال بقي الضوء على باربي وحدها، لأنها استمرت في الظهور وصنع الأفلام دون كين الذي كان أول ظهور له بعد الانفصال عام 2009 وهو العام الخمسين لإنتاج باربي في أسبوع الموضة في نيويورك، وبعدها بعام ظهر مُجددًا في فيلم «باربي.. أزياء خيالية – Barbie: A Fashion Fairytale»، وكذلك الجزء الثالث من فيلم «قصة لعبة» في نفس العام.
بعدها عاد الحبيبان بعضهما لبعض مُجددًا في الليلة التي سبقت عيد الحب في 2011 بعد سبع سنوات من الانفصال وأعيد طرح نسخ جديدة منه في نسخة حملت اسم حملت اسم «كين.. معسول الكلام – Sweet Talking Ken» الذي حصل على «نيولوك» لإثارة إعجاب باربي على يد المصمم فيليب بلوخ.
واستغلت شركة Greenpeace USA الأمريكية التي تهتم بالبيئة إعلان العودة وصنعت حملة إعلانية حول الانفصال والعودة، واستخدمت فيها ممثلين شديدي الشبه بالدمي في عام 2011، بهدف التوعية حول الأضرار البيئية للدمية المصنوعة من البلاستيك.