الصراع في السودان: شبح التقسيم يخيم وكارثة إنسانية تعم
بينما تتلاشى الأهداف المعلنة للحرب الدائرة في السودان منذ منتصف أبريل 2023 ين مليشيا الدعم السريع ومؤيديها من جهة والجيش السوداني ومناصريه من جهة مقابلة، تتكشف أهداف أخرى أصبح من الصعب إخفاؤها. فالمبادرات الدولية والإقليمية لم تقد إلى منع إطلاق النار بين الجيش الذي بدأ فقد السيطرة على مواقع مهمة في إقليم دارفور وكردفان وولاية الخرطوم، بالتزامن مع بداية الجولة الأخيرة من مفاوضات جدة، ومليشيات الدعم السريع التي تتمدد بشكل لافت في ولايات دارفور الخمس، وتأكدت سيطرتها على مناطق إنتاج النفط في كردفان.
لسبب ليس فيزيائياً هذه المرة، ظلت جدة ساخنة، حيث أخفق «منبرها» في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في الجولة الأولى من مباحثات جدة 2، والنسخة الثانية عشر من سلسلة المفاوضات الممتدة منذ بداية الحرب في السودان. فقط حثت مجموعة الميسرين الأربع: السعودية، أمريكا، الاتحاد الأفريقي، إيقاد، طرفي الصراع على تقديم مصلحة الشعب السوداني، والانخراط في المفاوضات لإنهاء الصراع سلماً، وأعلن الميسرون في بيان مشترك جدة 23 ربيع الآخر 1445 هـ الموافق 07 نوفمبر 2023 التزام طرفي الصراع باتخاذ خطوات لتسهيل زيادة المساعدات الإنسانية وتنفيذ إجراءات بناء الثقة.
لم يأتِ الإعلان بجديد يغير الواقع إيجابياً على الأرض، أو يختلف عما ورد في إعلان جدة لحماية المدنيين في السودان – 11 مايو 2023، إذ أتى أيضاً لحماية المدنيين لكن دون وقف القتال. فقط التزم الجيش السوداني والدعم السريع، بالانخراط في «آلية إنسانية مشتركة» بقيادة مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة، لمعالجة معوقات إيصال المساعدات الإغاثية، وتحديد جهات اتصال لتسهيل مرور وعبور العاملين في المجال الإنساني والمساعدات، وتنفيذ إجراءات بناء الثقة التي شملت إنشاء آلية تواصل بين قادة القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، كما جاء في البيان.
لكن إعلان جدة الجديد شمل بنوداً غامضة لا تتسق مع استمرار العمليات العسكرية مثل احتجاز الهاربين من السجون، الذين لم يوضح الإعلان إن كان المقصود بهم رموز نظام البشير الذين كانوا في السجون حتى لحظة اندلاع الحرب أم غيرهم، وإن كانوا هم المقصودون، فذلك يعني أن نوعاً من «فك الارتباط» قد تم بين الجيش والمستنفرين من كتائب الحركة الإسلامية وكوادر حزب المؤتمر الوطني، وهو مؤشر لتغير ما، لم تتضح ملامحه بعد، لكن الواضح أن نتيجته ستكون اقتتالاً داخل صفوف الجيش وبين مناصريه الحاليين.
وبالرغم من إشارة الميسرين في البيان المشترك إلى تأكيد أن يتم تنفيذ هذه الإجراءات بالتوازي، تظل هنالك نقطتان في الاتفاق لا معنى لهما في ظل استمرار الحرب وهما تحسين المحتوى الإعلامي لكلا الطرفين وتخفيف حدة اللغة الإعلامية، واتخاذ إجراءات حيال الأطراف المثيرة للتصعيد والمأججة للصراع. كل ذلك يشير إلى نقاط مظلمة في الاتفاق وينذر باحتمال حدوث انقلابات هنا وهناك، أو توافق على خارطة جديدة لمناطق السيطرة وبسط النفوذ، سيما وأن البيان أشار إلى تأكيد الأطراف المتحاربة التزامها الفردي تجاه تيسير مرور المساعدات الإنسانية لكلا الطرفين.
الملاحظ أن تمدد مليشيات الدعم السريع في مناطق جديدة خلال الأسبوع الثاني من نوفمبر الجاري الذي شهد إبرام الاتفاق – وصلت الحرب إلى 9 ولايات من أصل 18 ولاية وتواصلت الانتهاكات ضد المدنيين العزل وعمليات التهجير القسري – لم يثنِ وفد الجيش عن الموافقة على الاتفاق في نسخته الثانية، كما لم يتم انسحاب الميليشيات من الأحياء السكنية والأعيان المدنية، ولم يحقق الاتفاق أياً من الأهداف التي دفع بها قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان، كمسوغات للقبول بالجلوس للتفاوض في الجولة الثانية.
البحث عن داعم دولي للجيش
على خلاف رؤية الدول المجاورة للسودان بشأن التدخل الخارجي، وفي الوقت الذي تتسع فيه رقعة سيطرة ميليشيات الدعم السريع سيّما في الولايات الغربية التي كانت بمثابة الخلفية المجتمعية والبوابة اللوجستية للمليشيات، دعا بعض الصحفيين السودانيين غير المحايدين إلى الاتجاه شرقاً نحو روسيا وإيران والصين وتركيا وقطر، بدعوى أن ذلك يعُد مخرجاً آمناً، بدلاً من مواصلة الانسياق لخيار الحرب دون سند دولي الذي يبدو مؤيَّداً من الدول الغربية، وهو أيضاً وسيلة لمواجهة الدعم الإماراتي لصالح ميليشيات الدعم السريع، ولإبداء المقاومة للدور الأمريكي في الشأن السوداني من دعم «الاتفاق الإطاري» ووصولاً إلى «منبر جدة». وطالبوا بتنفيذ ذلك على وجه السرعة، لدرء تآكل إمكانيات القوات المسلحة، وتنامي فرص سيطرة مليشيات الدعم السريع على إقليم دارفور.
بينما اعتبر صحفيون آخرون أن من أهم أسباب عدم جدوى نتائج الجولة الثانية من مفاوضات جدة المتمثلة في التزامات من قبل القوات المسلحة السودانية ومليشيا الدعم السريع، أن الميسيرين لم يلتمسوا من دولة الإمارات التي تربطها علاقات وثيقة بطرفي الوساطة الرئيسيين الولايات المتحدة والسعودية أن توقف إمدادها للميليشيا بالسلاح والعتاد، بل ومحاولة إعادة تقديم قوى الحرية والتغيير – المجلس، وإسناد أدوار مهمة لها.
هنالك أيضاً تحفظات على دور لجنة السلم الأفريقي سيّما المتعلق بمناقشة أمر ضلوع بلدان مجاورة للسودان، وتحديداً تشاد، عبر مطار أم جرس، في توصيل العتاد الحربي لمليشيات الدعم السريع، ومأخذ على مواقف رئيسي كينيا ولبام روتو، وإثيوبيا آبي أحمد، وهما بالتوالي رئيس وعضو لجنة إيغاد الرباعية بخصوص السودان، التي بدأت جولتها الأخيرة في 27 أكتوبر حتى 7 نوفمبر دون الرجوع للتعهدات التي أبرمت في إحدى عشرة جولة سابقة. ومع تعاظم الاعتقاد لدى مناصري الجيش في عدم حياد الميسرين، لم يستثنوا كذلك وفد الجيش من اللوم بوصفه «يفاوض بعيداً عن حاضنته التي تمثل غالبية أهل السودان ولا يشركهم أو يستشيرهم أو حتى ينورهم بما يجري خلف الأبواب المغلقة».
ماّلات التقسيم
أثرت الحرب في السودان بشكل مباشر وعميق على الهياكل والنظم الإدارية وعلى المؤسسات العامة في الدولة، وقادت عملياً إلى حرب مختلفة عن طبيعة الصراعات السابقة التي شهدها السودان. الأكيد أن هذه المعطيات ستؤدي إلى تفتيت الدورة الإدارية، وتحويلها إلى مناطق متنازعة أو إدارات منفصلة – على الأقل – تخضع لأنظمة إدارة مختلفة ومصالح متباينة، فالأمر ليس محض سيطرة عسكرية أو مجرد محاولة لتعزيز الموقف التفاوضي.
أحدثت الحرب تحولاً إدارياً من سُلطة إلى سُلطة أخرى في سباق السعي لاكتساب الشرعية والسند الخارجي، عليه فإن الحديث عن فصل إقليم دارفور بدعوى تقرير المصير، يخلط بين مفهوم تقرير المصير والحروب من أجل السُلطة، فالقوة التي تخوض المواجهة ضد الجيش السوداني الآن (الميليشيات العربية) ليست تلك التي يمكن أن تُحل مطالبها بتقرير المصير أو فك الارتباط كما هو الحال بالنسبة للحركات المسلحة من قبائل الفور والزغاوة والمساليت.
الواقع المؤسف أن عملية الانفصال الإداري ستكون نتيجة حتمية لصراع الجيش مع الميليشيات، وهي تمهد فعلياً لقيام دولتين، بعد المرور بنفق تجربة «أنظمة حكم مختلفة داخل دولة واحدة»، وهو ما حدث قبل انفصال دولة جنوب السودان، وقد لا تنحصر الدولة الجديدة في الحدود الحالية لإقليم دارفور، وذلك لأسباب متعلقة بالموارد والتأمين وتحالفات أو تخالفات المكونات المجتمعية والقوى السياسية في الإقليم.
يتسبب تقسيم السلطة في اندلاع حروب جديدة استناداً إلى عدم توازن مثلث ضمان المصالح، ومحو المخاوف، وتقليص الأطماع، لذا لن يكون إنشاء إدارات مستقلة لكل جهة حلاً مثالياً يقود إلى إنهاء الحرب، وهو أيضاً غير عملي ليس فقط لصعوبة التواصل والتنسيق – كما هو الحال الآن – بين أجزاء التقسيم الإداري الحالية (ولايات وأقاليم) حتى تلك التي تعيش حالة سلام نسبي، لأن الحرب أحدثت خللاً مريعاً في كل النظام الإداري، وتسببت في تدمير المنشآت وفقدان الموظفين.
هذا الواقع يملي على ميسري «منبر جدة» وضع شروط مسبقة تمنع نشوء سلطات موازية أو إدارات منفصلة، بدعوى وقف الحرب. لكن من المتوقع أن يحدث ذلك الفصل الإداري فعلاً في حال استيلاء ميليشيات الدعم السريع على مدينة الفاشر عاصمة إقليم دارفور، أو ما تبقى في يد الجيش من الخرطوم، وذلك ما تسعى ميليشيا الدعم السريع لتحقيقه على أرض المعركة وما يعمل الجيش على إفشاله.
عودة المنسي
لعل أكثر الأنباء سوءاً على الإطلاق هو عودة أخبار المجازر العرقية في السودان، وآخرها جرائم الدعم السريع في أردمتا بولاية غرب دارفور، ثم ظهور أعراض «داء الكلب» الفيروسي على بعض الحيوانات التي كانت أليفة ثم أصبحت تتغذى طوال الأشهر الماضية على بقايا جثامين القتلى المتناثرة في الشوارع والبيوت، خصوصاً في أحياء الأزهري والصحافة جنوبي الخرطوم، حيث رُصدت حالات من السعار (Rabies) تسببت في خلق حالة رعب إضافي للسكان. كما نوهت غرف الطوارئ الصحية إلى وجود فئران وقوارض ظهرت بحثاً عن الطعام، وينذر انتشارها بتفشي مرض الطاعون.
تأتي هذه الأمراض التي كانت قد اندثرت قبل سنوات طويلة مع تفشي حالات سوء التغذية والحصبة والجدري وشلل الأطفال بعد توقف برنامج التطعيم الوقائي، كما حصدت الكوليرا وحمى الضنك أرواح كثيرين دون علاج أو وقاية أو إحصاء، هذا إلى جانب الأوضاع المأساوية لنحو 4.5 مليون نازح من الخرطوم والولايات التي تدور فيها وقائع الحرب ويعيشون دون رعاية إلا للقليل منهم في بعض مراكز الإيواء المهددة بالإغلاق، حيث تواصل السلطات السودانية في مناطق سيطرة الجيش والولايات المستضيفة للفارين من الحرب القيام بإجراءات مجحفة حيال النازحين تسببت في مقتل طفل اختناقاً بفعل استخدام الشرطة للغاز الخانق والمسيل للدموع.
بينما على الحدود مع دولة جنوب السودان، يكتظ مخيم الإيواء المعد لاستقبال 3000 لاجئ بسبعة أضعاف العدد في ظروف غاية في السوء، وفق شكوى ومناشدة لمفوضية اللاجئين، وقالت دومينيك هايد، مديرة قسم العلاقات الخارجية لدى مفوضية شؤون اللاجئين، إن «من المخزي أن الفظائع التي ارتكبت قبل 20 عاماً في دارفور، يمكن أن تتكرر اليوم مرة أخرى في ظل عدم إيلاء الاهتمام الكافي».
ستر المعلن
ارتبط تكوين «ميليشيا الدعم السريع» كتشكيل من القبائل العربية ضد الحركات المسلحة التي قامت في دارفور بسند ودعم من القبائل غير العربية بالصراعات العرقية والقبلية والمناطقية، ودارت رحى الحرب لستة اعوام (2003/2009) تاركة وراءها 300 ألف قتيل، وشردت آلافاً يشكلون جموع اللاجئين والنازحين الذين جددت حرب 15 أبريل 2023 عليهم كل الويلات السابقة، وحولتهم إلى فارين من الحرب للمرة الثانية ولاجئين بسبب جرائم القتل المجاني. عليه، لا تبدو مسألة تجاوز المرارات والتوصل لحلول سلمية قريبة مع استمرار كل تلك الانتهاكات، بل ومع تأكيد عجز الجيش عن فرض الحماية للمدنيين في أي من أجزاء السودان التي تحولت إلى ساحات معارك فوضوية مفتوحة.
في الأثناء، يكابد الصحفيون السودانيون واقعاً لا يقل خطورة عما يواجهه بقية المدنيين، بسبب أن أطراف النزاع في السودان ليست لديهم الرغبة في أن ينقل الصحفيون الانتهاكات والفظائع والجرائم التي ترتكب في الحرب المندلعة الآن، مما يضع على الصحفيين عبء بناء مصادر حقيقية تمكّنهم من التحقق من المعلومات بشكل أكبر، والعمل على حماية أنفسهم في نفس الوقت، حيث وجد عشرات الصحفيين السودانيين أنفسهم هدفاً لنيران متبادلة لم تفرّق بين المواطنين والأعيان المدنية، وشمل التدمير مقرات المؤسسات الصحفية والمراكز العلاجية والمجمعات السكنية ومؤسسات الخدمة المدنية.
تحدث وقائع «التعتيم المعلن» لناحية أن الجرائم ترتكب علناً بينما يحظر على الصحافة تناولها، وفي الوقت الذي تتبارى وتتعدد فيه تقارير وتصريحات كبار موظفي المنظمة الأممية لنقل أرقام وبيانات مفجعة عن تردي الوضع الإنساني، مثل تصريح المديرة التنفيذية لصندوق الأمم المتحدة للسكان ناتاليا كانيم، خلال مؤتمر صحفي في مقر الأمم المتحدة في نيويورك يوم الثلاثاء 7 نوفمبر الجاري:
إن دولة تشاد رغم فقرها تستضيف الآن أكثر من مليون لاجئ، بما في ذلك حوالي نصف مليون لاجئ فروا من الصراع في السودان خلال الأشهر الستة الماضية، معظمهم من النساء والأطفال. وشددت على أن النساء والفتيات مجبرات على مواجهة أسوأ ما في الحروب.. إن العديد من النساء هن ضحايا للعنف القائم على النوع الاجتماعي في البلدان التي فررن منها، أو في المخيمات التي يعشن فيها الآن.
ومن جنيف أيضاً نبهت دومينيك هايد الى أزمة إنسانية متفاقمة تحدث في السودان بعيداً عن أنظار العالم وعناوين الأخبار، بسبب الحرب التي اندلعت دون سابق إنذار، وحولت منازل السودانيين إلى مقابر. وحذرت هايد من أن القتال الذي يتزايد نطاقه ووحشيته، يؤثر على شعب السودان:
والعالم صامت بشكل فاضح، على الرغم من استمرار انتهاكات القانون الدولي الإنساني مع الإفلات من العقاب. ونتيجة لذلك، اضطر ما يقرب من ستة ملايين شخص إلى ترك منازلهم- فر أكثر من مليون شخص منهم إلى بلدان مجاورة يعاني بعضها من الهشاشة.. وتمثل النساء والأطفال الغالبية العظمى من هؤلاء النازحين.
لكن فيما يبدو أنه إنذار مبكر وإشارة للعالم الأول، قالت هايد:
في حال لم نتمكن من مساعدة هذه الدول على تلبية الاحتياجات الأساسية للاجئين، فإن الناس سيحاولون إيجاد سبيل للأمان ومستقبل أفضل لهم ولعائلاتهم، حتى إن كان ذلك من خلال تعريض أرواحهم للخطر بوضع أنفسهم تحت رحمة مهربي البشر، والقيام برحلات محفوفة بالمخاطر.
هذا القول المباشر كشف أسباب اهتمام ومخاوف الغرب من تفاقم مسألة النازحين واللاجئين، وهو ما سيدفعهم لمحاولة المعالجة في دول المنشأ، لكن بمساندة القوى القمعية كما فعل الاتحاد الأوروبي عندما أوكل مهمة مكافحة الهجرة غير الشرعية والإتجار بالبشر لميليشيات الدعم السريع!
حفظ المقام
مع اتجاه بوصلة الغرب نحو السعودية والإمارات للقيام بدور إيجابي بشأن الحرب في السودان، ومع تصاعد الأوضاع في فلسطين ودائرة دول المواجهة مع الدولة العبرية، يتنامى احتمال أن تصبح القواعد العسكرية البحرية الأمريكية والفرنسية في كاب ليمونيير الجيبوتية عرضة لهجمات جديدة، خصوصاً مع تضاعف الأهمية العسكرية لسواحل وموانئ السودان وإريتريا، ومع قرارات اجتماع قمة الدول المجاورة للسودان، وانفتاح المجال مرة أخرى أمام سباق لكسب الولاء المتأرجح، أطرافه السعودية والإمارات من ناحية وقطر وتركيا من ناحية أخرى.
يستمر التنافس بين السعودية والإمارات كذلك على حجز موقع «الدولة المحوربة في المنطقة» في ظل بطء الدور المصري في مختلف المجالات السياسية والدبلوماسية والإنسانية التي كان من الممكن أن تنهض بها مصر بشكل أفضل حال كانت لمصر أجندتها التي تملي عدم القبول بالتدويل الأممي في السودان، حتى إن كان في دول الإقليم العربي والأفريقي من يرى في استمرار الانتهاكات والحرب في السودان مصلحة له.
يتوجب على مصر استعادة دورها في منطقة البحر الأحمر وشمال أفريقيا والشرق الأوسط والقرن الأفريقي الكبير، وأكثر هذه الأدوار أهمية الآن هو المساهمة الفعالة لوقف الحرب في السودان وحماية وإغاثة المدنيين، وذلك بالعمل الجاد لإنجاز اتفاق سياسي سوداني منصف ومستدام، وضرورة التأكيد والتشديد دائماً على روابط التاريخ والجغرافية والوشائج الإنسانية مع الشعب السوداني والشعوب المجاورة الأخرى، والحرص على ألا تقاس الأمور المتصلة بمستقبل الأجيال بمعايير البترودولار.