دليلك الشامل لصناعة فيلمك القصير الأول

الكثير من محبي السينما يطمحون إلى صناعة أفلامهم الخاصة. ولكن هناك تصورات خاطئة عن صناعة الفيلم. منها أنها عملية شديدة الصعوبة، أو أنها تحتاج لمبالغ مالية ضخمة. نعم في مرحلة معينة قد تحتاج عملية صناعة الفيلم لمبالغ مالية كبيرة. ولكن في خطواتك الأولى تستطيع، بإمكانياتك الذاتية البسيطة، أن تصنع فيلمك الأول.

التصور الثاني أنها تحتاج لحضور الكثير من ورش صناعة الأفلام التي أصبحت مكلفة، خصوصًا على الطلبة أو غير الميسورين. ولكن الحقيقة أنك قد تتعلم كل ما يتم في الورش من اليوتيوب مع التجريب الذاتي. هذا المقال يقدم لك خطوات صناعة فيلمك القصير الأول، وهي اختصار للخطوات الحقيقة لصناعة الأفلام الطويلة.

السيناريو

الخطوة الأولى في صناعة الفيلم هي كتابة السيناريو. يفضل دائما وخصوصًا في البدايات أن تكتب السيناريو الذي ستخرجه بنفسك. عملية كتابة السيناريو قد تبدو مخيفة للوهلة الأولى. فالمشاهد (scene) المتخلية لا تكتب على الورق أو في ملف الـ«word» كما تتخليها. هذه الحالة طبيعية ولعلاجها قم بكتابة السيناريو وتقبل شكله الأول. ثم حاول تعديله مرة واثنتين ليكون في أقرب مدى ممكن لخيالك. ثم أعرض السيناريو على أصدقائك الذين تثق في رأيهم. وحتى لا تحبط، لا تعرض سيناريو مثلا ذات طابع فلسفي على شخص لا يشاهد سوى أفلام الأكشن. أو صديق يحب الأفلام الرومانسية فتعطيه فيلمًا عن قاتل متسلسل مثلًا. بعد ذلك قم بالتعديل الأخير والنهائي. تقبل النتائج قدر الإمكان فهذه هي المرة الأولى.

مثال:

للسيناريو شكل بسيط. فالسطر الأول ستكتب فيه رقم المشهد والمكان والزمن. مثال

مشهد 1 / غرفة أحمد/ ليل.داخلي أو نهار. خارجي. (داخلي تعني داخل مكان مغلق كشقة أو مكتب.. إلخ. خارجي تعني مكانا مفتوحا كالشارع أو الحديقة)

بعد ذلك ستقوم بوصف الصورة (غرفة ضيقة بها فراش خشبي يكفي فردا، وبجانبه وخزانة ثياب وسجادة متوسطة على الأرضية، وعلى الحوائط يوجد العديد من بوسترات النجوم كمنير وعمرو دياب. على السرير يجلس أحمد – تصف أحمد قدر الإمكان- وهو يربط الحذاء تدخل عليه أمه – تصف شكلها – وتقول له).

ثم بعد ذلك وفي وسط الصفحة تبدأ بكتابة الأصوات ويفضل بخط ثقيل.

ملحوظة مهمة. السيناريو لا يُكتب فيه المشاعر (إلا في استثناءات قليلة)، فلا يفضل أن تذكر في جزء وصف الصورة أن أحمد متعجل. لأن المتفرج يرى الفيلم لا وصفك. وبالتالي تعبر في الصوت عن تعجل أحمد برده السريع على أمه بـ (لا أنا نازل حالًا).

(لقراءة سيناريو كامل للتدرب أكثر من هنا).

الديكوباج decoupage

الديكوباج باختصار هو كتابة رؤيتك لتصوير كل مشهد في الفيلم، وهو اللغة المشتركة بين المخرج ومدير التصوير. حيث تفصل المشهد إلى لقطات. وتكتب حجم كل لقطة وحركة ووضعية الكاميرا (سواء على حامل أو محمولة باليد) ومكان الممثل في اللقطة.

مثال لديكوباج مقترح لمشهد أحمد وأمه، حيث سنقسمه لقطتين، ونكتب الآتي.

مشهد 1:

اللقطة 1: long shot على الغرفة يظهر فيه أحمد بروفايل «profile»، وهو يربط الحذاء وتظهر تفاصيل الغرفة. الكاميرا على حامل.

اللقطة 2: medium shot يظهر فيها أحمد فاس «face» وهو يربط الحذاء ثم pan right ناحية الأم تظهر فيه ترواكار (بزاوية مائلة). تتحدث الأم ثم pan left سريع ناحية أحمد ويرد عليها. الكاميرا (hand held).

الفيديو التالي يوضح أحجام اللقطات وأنواع حركات الكاميرة بشكل تفصيلي.

اختيار طاقم العمل

بعد الانتهاء من السيناريو وكتابة الديكوباج، يأتي دور اختيار فريق الفيلم. الحد الأدنى الذي ستحتاجه في فيلمك القصير هو مدير تصوير ومساعد مخرج بالإضافة للممثلين. هذا إذا كان الفيلم يدور في مكان أو مكانين. وإذا كان العمل يدور في أكثر من مكان بالإضافة لوجود مشاهد خارجية، فستحتاج لمسئول إضاءة وأجهزة تسجيل صوت دقيقة وموافقات حكومية للتصوير في الأماكن العامة (وهو ما لا يحبذ في فيلمك الأول المصنوع بمجهوداتك الذاتية الخالصة).

نظرًا لأنك ستتعامل مع ممثلين غير محترفين. أو أصدقاء غير مهتمين بالتمثيل ولكن يرغبون في مساعدتك. فيفضل أن يكون طباع وهيئة الممثل المختار قريبة من الشخصية المؤداة. بحيث لا يبذل مجهودًا لا يجيده أثناء التصوير. وهذا سيسهل عليك قيادة فريق التمثيل في خطوتك الأولى.

المصور يفضل أن يمتلك كاميراه الخاصة ويجيد تصوير الفيديو وضبط الإضاءة. وكلما زاد التفاهم بينك وبين مدير التصوير ازداد جمال الصورة والتكوينات في الفيلم.

أما مساعد المخرج في فيلمك الأول فلن يقوم بالمهام الكاملة كما في الأفلام الطويلة أو القصيرة جيدة الإنتاج. ولكنه سيقتصر دوره على اختيار الترتيب الأفضل لتصوير اللقطات. فاللقطات تظهر في الفيلم بترتيب معين (لقطة 1 ثم لقطة 2 ثم لقطة 3)، ولكن أثناء التصوير قد يكون الأفضل سواء لتوفير النفقات والوقت تصوير ( لقطة 2 ثم لقطة 3 ثم لقطة1) وهذه مهمة المساعد الأولى. بالإضافة لعنايته بترتيب موقع التصوير كما هو. فاللقطة 1 يظهر فيها (موبايل على طاولة) فإذا كانت اللقطة 2 تدور في نفس الموقع ونفس الوقت فيجب أن يظل الموبايل في مكانه.

مرحلة التصوير

المثل العامي يقول (إلى ذاكر ذاكر من زمان)، مرحلة ما قبل التصوير تعتبر هي المذاكرة بالنسبة للطالب. أما يوم الامتحان فهو يوم التصوير. لذلك كلما أعددت جيداً لفيلمك قلت المشاكل أثناء التصوير. ولكن إن حدثت يجب عليك التصرف بروية وبعيد عن القرارات الانفعالية. كما يفضل كلما سمح الوقت تصوير كل لقطة أكثر من مرة وخصوصاً اللقطات المهمة، لتعطيك أريحية في الاختيار أثناء المونتاج.

المونتاج: الفن والتكنيك

المونتاج يتكون من جزئين، جزء فني خاص بالمخرج حيث يعبر فيه عن فلسفته في عرض فيلمه، وترتيبه الزمني للقطات بالأضافة لنمط القطعات المونتاجية. مثلا يشتهر «لارس فونترير» باسخدامه المتطرف لل«jumping cut». في حين لا يستخدم المخرج اليوناني «لانوثيموس» في بداية فيلمه الfade in ولاينهيه بfade out كالمعتاد في أغلب الأفلام، بل يبدأ الفيلم بقطع مفاجيء في وسط حدث معين وينهيه بقطع مفاجيء.

وكمثال على أهمية الترتيب الزمني لعرض اللقطات. فشعور المشاهد وفهمه يختلف إذا شاهد (لقطة لظرف مغلق على طاولة يعقبها لقطة لفتح شخص للباب يعقبها لقطة لنظر الشخص على الطاولة) عن رؤيته (للقطة لشخص يفتح الباب ثم لقطة لنظره ناحية الطاولة ثم لقطة لظرف مغلق).

الجزء الثاني وهو جزء تقني خالص، حيث يفضل الاستعانة بمونتير يستطيع العمل في برامج المونتاج. أو في حالة فيلمك الأول، فأسبوع واحد كافٍ لتعلم استخدام برامج المونتاج بالقدر الذي تريده في التجربة الأولى. ويجب التركيز على تعلم صنع fade in/out, overlapping ,Jumping cut

والحفاظ على قاعدة الـ 180 درجة (أو الخط الوهمي). وستجد شرحا مفصلا لهذه القاعدة هنا.

المشاع الإبداعي

جميع الأصوات الموسيقية المستخدمة في فيلمك يجب أن ينطبق عليها المشاع الإبداعي. أو تحصل على رخصة من صاحب الموسيقى إذا كان لاينطبق عليها المشاع الإبداعي. وسيتعرض فيلمك لأخطار كبيرة إذا استخدمت موسيقى غير مشاعة. أول هذه الأخطار حذف صوت الفيلم تمامًا إذا أنزلته على اليوتيوب أو الفيس بوك. أما الخطر الأكبر وهو أن مهرجانات الأفلام القصيرة (الباب الأهم لتسويق فيلمك واسمك كصانع أفلام) سترفض مشاركة فيلمك بسبب سرقته للموسيقى.

للحصول على موسيقى لفيلمك مشاعة للاستخدام ولن تسبب لك المشاكل السابقة. الرابط الذي في الأسفل به مقاطع موسيقية متنوعة وكثيرة، متاح استخدامها لأي صانع فيلم بدون الحصول على رخصة من صاحب الموسيقى..هنا.