مارك زوكربيرج هو محرر الصفحة الأولى لكل جريدة إخبارية في العالم.
أنتونيو غارسيا مارتينز

وجود الخبر على الإنترنت لا يمنحه مصداقية، شيء بسيط ويبدو أن الكل يعرفه، لكن لو كان ذلك صحيحًا لما اضطرت فيسبوك وجوجل للإعلان عن خططها في سحب التمويل والإعلانات من الصفحات التي تقوم بتقديم هذه الأخبار المزيفة والمعلومات الخاطئة.


فيسبوك أكبر من شبكة اجتماعية

فيسبوك ليس وسيلة تواصل اجتماعي بسيطة، فيسبوك يحتل قلب الإنترنت حاليًا، وكثير من الأشخاص يعيشون حياتهم داخل فيسبوك، ونعني بذلك أنّهم يستقون معلوماتهم كلّها منه، السياسة، العلوم، الأخبار، التسلية وفي النهاية: التواصل الاجتماعي. كلّ ما يظهر على الصفحة الرئيسية في فيسبوك هو عمل الخوارزمية التي تنظم صفحتك بما «يُناسبك»، أيّ أنّ هناك أخبارًا تحجب عنك – الأخبار التي لا تفضلها ولا تتابعها – وليس ذلك فحسب، بل التحكم بأي المقالات ستتم قراءتها من العدد الأكبر من الناس، وربما بذلك تم تغطية الحقيقة بورقة توت، ورقة توت لا أحد يستطيع أن يراها فعلًا أو يتبين أثرها الحقيقي.

خلال الموسم الانتخابي، خاصة في الفترة الأخيرة، بدأت الأقوال تحوم حول فيسبوك ونسبة الأخبار المزيفة التي تظهر على الموقع، وقد اضطر ذلك الرئيس أوباما للتصريح حتى عن هذه الظاهرة في مؤتمر صحفي مشترك مع ميركل في ألمانيا:

نحن في عصر تتزايد فيه المعلومات الخاطئة، وتُوضع في إطار أنيق وملائم على فيسبوك أو على التلفاز، مشابهةً بشكلٍ كبير للأخبار الحقيقية

وقد صرّح زوكربيرج في منشور له على فيسبوك بعض الخطوات التي ستأخذها فيسبوك ردًا على انتشار المعلومات الخاطئة والأخبار المزيفة على منصتها، ثم كرر مرةً أخرى أنّه لن يصبح هو وشركته «حكامًا» على ما يجب أن يُطلق عليه «الحقيقة».

بعض من المشاريع التي يطرحها زوكربيرج هي أنظمة جديدة تساعد في الإشارة إلى الأخبار الخاطئة، وتسهيل قيام الأشخاص بالإبلاغ عن الأخبار المزيفة ومن يقوم بنشرها، إضافةً إلى تحسين سياسات الإعلان الخاصة بفيسبوك لمنع صفحات الأخبار المزيفة من الاستفادة منها. وأوضح زوكربج بأنّ فيسبوك ستعمل مع الصحفيين ومنظمات التأكد من الحقائق، للتأكد من صحة المعلومات الموجودة على المنصة.

وبينما عدد مارك بضعًا من الخطوات التي ستتخذها فيسبوك لتحديد عدد الأخبار المزيفة، فإنه لم يذكر إن كانت هذه الإمكانية ستصل إلى المستخدم العادي، وأشار إلى أنّ الشركة قد أخذت بعين الاعتبار ملاحظات المستخدمين وعددًا آخر من المصادر لتقييم جودة المحتوى ومنع انتشار المحتوى الكاذب بسرعة.

رغم ذلك فإنّ مشاكل فيسبوك لا تنتهي هنا، فنحن نعلم أنّ بعد طرد مارك لقسم المواضيع الشائعة، بدأت الأخبار المزيفة بالانتشار بشكلٍ كبير. إذًا يبدو حاليًا أن نظم الأتمتة التي يعتمدها فيسبوك لن تكون دقيقة بالشكل المطلوب، بل مليئةً بالأخطاء والاخبار الكاذبة حتى الآن.

نحن نعتقد أنّ تقديم المعلومات الخاطئة شيء خطير ونحن لا نريد أن نحمل مسؤولية نشر أخبار خاطئة، فهذه مسؤولية مهمة ويجب علينا أن نتخذ خيارات وقرارات تحد من هذه الأخبار والمعلومات.

لكن منذ أسبوع فقط، لم يعترف مارك بأثر فيسبوك والأخبار المزيفة على الواقع حوله، بل اعتبرها فكرة مجنونة، بأنّ فيسبوك يؤثر في الديموقراطية والمصوتين، رغم أنّ Buzzfeed وجد أنّ الأخبار الكاذبة حصلت على ظهور أكبر وقراءات أكثر من الأخبار الحقيقية، وأظهرت بعض المؤسسات البحثية أن معظم الأمريكيين يتلقون الأخبار من فيسبوك وتويتر فقط!


دليلك للتخلص من الأخبار المزيفة

لكن هل نحتاج فعلًا إلى ذلك؟ الأخبار المزيفة سهلة الكشف فعلًا، إن عرفت كيف تفعلها، تقدم لك CNN «الدليل البسيط لكشف التزييف في عصر الميديا الجديد»

أولًا: في البداية هناك عدة أنواع من الأخبار التي تريد أن تنتبه لها:

  • الأخبار المزيفة: هي الأسهل للتعرف عليها، فهي تأتي بشكلٍ مشابهٍ جدًا للمواقع المحترمة، وتحتوي أحيانًا صورًا وعناوين تبدو للوهلة الأولى حقيقيةً.
  • الأخبار المُضللة: هذه أصعب من سابقتها في الحكم، فهي تحتوي جزءًا حقيقيًا في معظم الأحيان، كحقيقة معينة أو حدث أو حتى اقتباس، لكن كلّها مأخوذة من سياق معيّن، وبدون هذا السياق يختلف معناها تمامًا.
  • الأخبار المتحيّزة: وهي نوع من الأخبار المُضللة التي تسعى لشرح وقائع أو أخبار حقيقية لكن بجهة متحيّزة وتابعة لأجندة معيّنة بشكلٍ واضح.
  • العناوين المثيرة: وهي عناوين مثيرة للدهشة أو الاستغراب، تدفعك للضغط عليها للاستزادة من المعلومات، قد تكون حقيقيةً أو كاذبة.
  • السخرية: هذه المواقع تحاول إعطاء الخبر صيغة كوميدية وهي مواقع تهكمية، لكن عندما لا يعلم القارئ ذلك، فإنه يقوم بنشر هذه المعلومات ومشاركتها كأنها أخبار حقيقية.

ثانيًا : عليك أن تصقل مهارة التحقق الخاصة بك، أي ليس عليك مشاركة كلّ ما تقرأه مباشرةً، عليك أن تتأكد من صحة التغريدة التي تعيد تغريدها أو ذلك المنشور الموجود على فيسبوك والذي قمت بمشاركته. وحسب الخبراء فحتى أولئك الذين يقضون الكثير من وقتهم على الإنترنت غير محميين بشكلٍ كامل من الوقوع في فخ المحتوى المزيف.

وقد يعتقد البعض أنّ هذه المشكلة تحدث مع الأشخاص الأكبر سنًا لكن هذه تحدث أيضًا مع الأشخاص الأصغر سنًا، بل يجب علينا أن نعلم هذا الأمر – التفريق بين الأخبار الكاذبة والحقيقية والتعامل مع وسائط الإعلام الجديد – في مناهج التعليم.

إليك عشرة أسئلة يجب أن تطرحها على نفسك للتأكد من صحة المقال الذي تقرأه.

السؤال الأول: الرابط URL

هل الرابط، رابط صفحة الخبر على الإنترنت، هل هو غريب؟ هل ينتهي ب .co أو .su، هل هو موقع مستقل أم هو موقع مرفوع على منصة مثل WordPress، هذه كلها إشارات تعجب يجب الانتباه إليها عند فتح الرابط. بعض المواقع مثل National Report تبدو رسميةً للغاية، وتحمل اسمًا كبيرًا رغم أنّها مليئة بالأخبار الكاذبة.

السؤال الثاني: التوافق

هل يتوافق العنوان مع محتويات المقال؟ إحدى أسهل الطرق لخداع الأشخاص هي العناون، فكثير من الأشخاص يقومون بمشاركة المحتوى بمجرد قراءة العنوان ودون حتى عناء ضغط الرابط لقراءة هذا المحتوى.

فمؤخرًا انتشر مقال بعنوان مثير «أسهم بيبسي تنخفض بعد تصريح المدير التنفيذي ضد عملائه المؤيدين لترامب». المقال نفسه لم يحتوِ على أي أقوال للمدير التنفيذي، ولا حتى معلومات عن أسهم بيبسي، ولكن بالفعل، كان المدير التنفيذي للشركة قد أبدى بعض الملاحظات على فوز ترامب، لكنه لم يقل أبدًا الكلمات التي كانت موجودةً في العنوان، ولم يتحدث بهذه اللهجة مع مؤيدي ترامب.

السؤال الثالث: زمن النشر

هل القصة الأصلية حديثة النشر؟ أم هي قصة قديمة تم إعادة نشرها؟

في كثير من الأحيان يمكن تعديل بعض القصص القديمة وإعادة نشرها بشكل ملتوٍ، بعد خلق تعارض وإدخال بعض المعلومات الخاطئة فيها.

على سبيل المثال، قامت مدونة بعنوان Viral Liberty بنشر تقرير يتحدث عن نقل شركة فرود لبعض معاملها من المكسيك إلى أوهايو بسبب فوز دونالد ترامب بالانتخابات الأمريكية. انتشر الخبر بصورة كبيرة وهائلة، فهذا يعد فوزًا مهمًا لصناعة السيارات المحليّة، لكن في الواقع كانت فورد قد نقلت بعض معاملها من المكسيك إلى أوهايو فعلًا في 2015، أي أن النقل والانتخابات أمران منفصلان تمامًا.

السؤال الرابع: الوسائط

هل الوسائط والميديا الموجودة في المقال قابلة للتحقق من صحتها؟ أم أنّها مأخوذة من سياق معيّن؟

يمكنك أن تلوي أي نصٍ أو فيديو حتى، عندما تنزعه من سياق معيّن وترميه وحيدًا على الإنترنت.

السؤال الخامس: المصادر

الأخبار المزيفة ليست محصورة في عالم السياسة، إحدى المواقع التي تبدو حقيقيةً ولكنها مليئة بالكذب والتزييف هو Now8News، وهو موقع مختص بنشر الأخبار الغريبة الكاذبة.

إحدى المقالات تتحدث عن استرجاع كوكاكولا لزجاجات المياه الخاصة بها بسبب وجود طفيليات شفافة لا يمكن رؤيتها فيها.

هذه القصة ليست قصةً صغيرة، فهي تتضمن اسم شركةٍ من أكبر الشركات في أميركا والعالم، لكن لم تقم أي شركةٍ أو وسيلة إعلام بالتحدث عن القصة سوى هذا الموقع، لماذا؟ لأنّ هذه القصة كاذبة 100%.

السؤال السادس: الاقتباسات

اقتباس ترامب المزيف

هل يمكن التأكد من صدق وواقعية هذه الاقتباسات؟

إحدى مجموعات فيسبوك نشرت صورةً تحوي اقتباسًا لدونالد ترامب يقول فيه التالي في لقاء في 1998:

إن أردت الترشح لرئاسة الولايات المتحدة، فإنني سأترشح عن الحزب الجمهوري، هم أغبى فئة تصوت في البلاد، هم يصدقون أي شيء تذكره FOX يمكنني الكذب كما أريد وهم يصدقونني، أنا أراهن أنني سأربح بأرقام عالية.

هذه القصة سهلة الكشف إن بحث عنها فعلًا، فموقع People.com يملك أرشيفًا ضخمًا للاقتباسات، ولا يمكننا أن نجد هذا الاقتباس أو أي أثرٍ له في تلك المقابلة.

السؤال السابع: التعدد

هل هذا هو المصدر الوحيد الذي يذكر هذه القصة؟

في موسم الانتخابات، ذكرت ثلاث مصادر، كلها كاذبة، أنّ البابا فرانسيس دعم مرشحًا انتخابيًا، الموقع الأول: USAToday.com.co ادعى أنّ البابا دعم بارني ساندرس، الموقع الثاني WTOE 5 News قال أنّ البابا دعم ترامب، وأخيرًا KYPO6.com ادعى أن البابا فرانسيس يدعم ويزكي هيلاري كلينتون!

دائمًا حاول العودة إلى المصدر الأساسي، وإن وجدت نفسك في دائرة مغلقة، تعود دومًا إلى المقال الموجود بين يديك، فابدأ بالشك.

السؤال الثامن: التحيّز

هل يدفعك تحيّزك لجهة معيّنة لقبول صحة مقال ما؟

يعتقد الخبراء أنّ الانحياز التأكيدي Conformation Bias يساهم بشكلٍ كبير في انتشار الأخبار الكاذبة في الشكل الذي نراها. فيسبوك يسألك كلّ فترةً عن الأخبار والمنشورات التي تعجبك، ليظهر لك المزيد منها، لتدخل مرةً أخرى إليه وتفرز المزيد من السيروتونين والدوبامين، خوارزمية.

إن كنت مؤيدًا لترامب، سترى أخبارًا تتكلم عن تقدم ترامب واحتمال فوزه، والعكس صحيح. نحن كبشر نرغب بالحصول على المعلومات التي تأكد صحة معتقداتنا الأصلية، وعندما نرى ما يناقضها، نحاول قدر الإمكان إثبات خطأ هذه المعلومات.

في المرة القادمة التي تقرأ فيها خبرًا «جيدًا أكثر من المتوقع»، فهو على الأغلب كذلك.

السؤال التاسع: الموثوقية

هل تم تأكيد الخبر من إحدى مؤسسات توثيق الحقائق المرموقة؟

هل تعرف أنّ هناك شبكةً عالمية من مؤسسات توثيق وتأكيد الحقائق؟ وهي تتبع نظامًا وتمتلك شفافيةً عالية، وتخضع هذه المؤسسات لهذا النظام، منها: factcheck.org، Snopes و Politifact، فإن وجدت نقدًا لمقالًا هناك، اعلم أنّك تجد الحقيقة فعًلا.

القائمة الكاملة لهذا المواقع موجودة هنا.

السؤال العاشر: عدم الموثوقية

هل المصدر موجود على لائحة المواقع غير المعتمد عليها في نقل الأخبار؟

هنا قد تبدو الأمور صعبةً بعض الشيء. هناك فرق كبير بين الأخبار المضللة -المبنية على أخبار حقيقية- والأخبار المزيفة والتي هي تزييف واضح للحقيقة. هناك قائمة تغطي النوعين، إضافةً للمواقع الساخرة والأخرى التي تعتمد على العناوين المثيرة. موقع Snopes يقدم قائمةً أخرى أيضًا.

هذه كانت الخطوات العشرة التي نصح بها الخبراء قراء CNN للتحقق من الأخبار وصحتها قبل نشرها ومشاركتها. لكن السؤال يبقى، هل سيقوم فيسبوك بدوره في حجب أمثال هذه الأخبار؟ وهل يظلّ تأثير الفقاعة هو المسيطر؟

ونذكركم بما قالته فيسبوك من أربع أشهر تقريبًا:

التصويت هو قيمة جوهرية في الديموقراطية، ونحن نؤمن أن دعم المشاركة المدنية فيها هو إسهام نقوم به لخدمة المجتمع. نحن نشجع أي وكل مرشح ومجموعات ومصوّتين لاستخدام منصتنا لمشاركة آرائهم حول الانتخابات واستخدامها في مناظرات حول المواضيع المطروحة، ونحن كشركة نلتزم الحياد. نحن لم ولن نستخدم منتجنا للتأثير على تصويت الأشخاص.

فيسبوك لعب دورًا في الانتخابات الأمريكية، حتى لو لم تعجب النتيجة زوكربيرج.

المراجع
  1. Here's how to outsmart fake news in your Facebook feed
  2. Mark Zuckerberg outlines how Facebook will tackle its fake news problem
  3. Facebook announces new push against fake news after Obama comments