بلغ حجم نمو تطبيق Clubhouse في شهر ونصف فقط 1300% منذ بداية عام 2021، إذ بلغ عدد المستخدمين على التطبيق 8 ملايين مستخدم، بعد أن كان 600 ألف مستخدم فقط في نهاية 2020. وهو ما يوضح حجم النمو الكبير الذي حدث للتطبيق خلال فترة بسيطة.

تطبيق Clubhouse هو تطبيق يعتمد على الدردشة الصوتية، أطلق في شهر مارس/ آذار 2020، بواسطة رواد الأعمال «بول ديفيدسون» و«روهان سيث» في وادي السيليكون (Silicon Valley). يمكن من خلاله الاستماع إلى مناقشات ومقابلات بين أشخاص حول مواضيع مختلفة. يمكن للمشترك عند تسجيله تحديد المواضيع التي تهمه، ليرشح له التطبيق الغرف التي يمكنه المشاركة بها.

يبدو التطبيق بسيطًا في فكرته، فهو يشبه كثيرًا غرف الدردشة القديمة وتطبيق Paltalk الذي صدر لأول مرة في عام 1998. حتى الآن تتوفر فقط نسخة نظام الـIOS من التطبيق، إذ لا يزال العمل على نسخة الأندرويد جاريًا. على الرغم من أثر ذلك من ناحية عدد المستخدمين، فإن التطبيق يحقق نموًا مستمرًّا في الوقت الحالي، إذ يصفه البعض بـ«الشبكة الاجتماعية الكبيرة التالية».

لم يكمل التطبيق عامه الأول بعد، لكنه رغم ذلك نجح في تأسيس قصة نجاح حقيقية خلال هذه الفترة القصيرة. الأمر الذي جعلنا نقرأ أخبارًا عن نية فيسبوك بناء تطبيق مماثل له. بالطبع النجاح ليس سهلًا ولا يتحقق إلا بعمل مستمر. تمنحنا تجربة Clubhouse 4 دروسًا مستفادة لتحقيق النمو:

1. صوت المحيط الأزرق يدوي في بحر السوشال ميديا الأحمر

في عام 2005 صدر كتاب «استراتيجية المحيط الأزرق: كيفية إنشاء مساحة سوق غير متنازع عليها وجعل المنافسة عديمة الأهمية» للكاتبين «دبليو تشان كيم» و«رينيه موبورني»، يوضحان فيه كيفية خلق فكرة مشروع ناجحة.

يشير الكاتبان إلى أهمية لجوء رواد الأعمال للتفكير في المساحات التي لا يوجد منافسة عليها، ثم خلق عملاء محتملين لها، وهو ما تم تشبيهه في الكتاب بالمحيط الأزرق. يترتب على ذلك ظهور فكرة قادرة على النجاح، وتحقيق النمو مع الوقت. بدلًا من إنشاء فكرة في مساحة لها منافسون أقوياء يستحوذون على العملاء بالفعل، وهو ما يمكن تسميته بالمحيط الأحمر.

في الواقع، هذا ما فعله تطبيق Clubhouse الذي ركَّز على ميزة مقترحة مختلفة عن المألوف، فقد اعتدنا في السنوات الأخيرة رؤية المنصات التي تستخدم مبادئ شبيهة في التواصل، اعتمادًا على الصور والفيديوهات والكتابة.

في حين، لا تزال مساحات العمل بتطبيق صوتي لمَّا يطرقها الكثير بعد. من ناحية أخرى في عام 2019 تواجد أكثر من 750 ألف بودكاست نشط، أي إن هذه الإحصائية تشير إلى إقبال المستخدمين على المحتوى الصوتي، وهو ما قد يكون مؤشرًا لقبول فكرة Clubhouse وإمكانية نجاحها ونموها مع الوقت.

2. الاهتمام بتجربة المستخدم

إنه يذكرني بشعور يشبه المقهى بمجرد الجلوس والدردشة، والاستماع إلى بعض الأشخاص يشاركون بعض الأفكار الرائعة.
دان نورتون، منتج فيديوهات

من أحد الأسباب الرئيسية في نجاح تطبيق Clubhouse هي تركيزه على تقديم تجربة مستخدم حقيقية. خلال الفترة الماضية، عبَّر الكثير من المستخدمين عن وجودهم في التطبيق بتعبير الجلوس على المقهى، وتجاذب أطراف الحديث مع بقية الأفراد، وهو ما يمنحهم شعورًا بالتفاعل الحقيقي مع الآخرين.

لعل السبب الرئيسي في ذلك هو اعتماد التطبيق على التفاعل بالصوت فقط، بالتالي لا يحتاج المستخدم للقلق بشأن هيئته، وحاجته إلى ارتداء ملابس معينة أو الوجود في مكان محدد للمشاركة، على الرغم من إمكانية غلق الكاميرا في التطبيقات الأخرى، فإن الأمر يرتبط أكثر بشعور المستخدم بالطمأنينة لكون الكاميرا ليست جزءًا من التطبيق أساسًا، فيتشجع للمشاركة في المحادثات.

يهتم التطبيق كذلك بالربط بين الأفراد المهتمين بالتواصل معًا، مما يمكن المستخدمين من إنشاء شبكة علاقات تفيدهم على المستوى المهني، إلى جانب كون سهولة المشاركة في التطبيق والتفاعل الفوري ستساعد الأشخاص الراغبين في اختبار أي فكرة يملكونها بسهولة، من خلال عرضها على البقية في غرفة مخصصة.

في الوقت الحالي، يعد تقديم تجربة مستخدم قوية هو السبب الأساسي لجذب الأفراد، وإقناعهم باستخدام منصتك؛ لذا إذا كنت تنوي البدء في مشروعك، فامنح تجربة المستخدم أهمية كبرى في عملك. ويمكنك دائمًا الاستعانة بالمحترفين في موقع مستقل لمساعدتك في تنفيذ التصميم الأفضل لمنصتك.

3. حصرية التطبيق: امنح المستخدمين شعورًا بالتميز

قديمًا قالوا: «الممنوع مرغوب». في الحقيقة؛ هذه الجملة تبدو صادقة على نطاق واسع من البشر. يعتمد التطبيق على الدخول إليه من خلال حصول الأفراد على دعوات من مستخدمين حاليين له. بالتالي، يمكنك تسجيل حسابك والحصول على اسم للمستخدم، لكن لن تقدر على استخدامه فعليًّا إلا حينما تحصل على دعوة.

أدَّى هذا الأمر إلى اهتمام الأفراد بالتطبيق، وبالتالي رغبتهم في الحصول على دعوة للدخول ومعرفة ماذا يحدث داخل التطبيق. عندما تجد أحد أصدقائك يكتب عن تجربته في غرفةٍ ما، مع عدم قدرتك على متابعة ذلك، تتولد لديك رغبة البحث عمَّن يدعوك إلى الدخول.

بجانب اعتماد التطبيق على المشاركة الحصرية في المشاركات، فهي لا تتوفر بعد انتهائها ولا يمكن تسجيلها، وهو ما يلعب على مبدأ تسويقي مهم معروف باسم «فومو» (Fear of Missing out) أي «الخوف من فوات الشيء».

يؤدي هذا إلى تشجيع المستخدمين للدخول فور وجود غرفة تلقى اهتمامه، ليكون أحد المشاركين بها وضمان عدم ضياع الفرصة، أما في حالة توفر القدرة على التسجيل، فغالبًا نعرف جميعًا ما سيحدث، سنقوم بإضافته إلى قائمة الـSaved، ويكون مصيره النسيان.

من ناحية أخرى، يسهِّل التطبيق معرفة الغرف النشطة، ويرسل إشعارًا للجميع بوجود غرفة جديدة، بالتالي إذا كنت تملك متابعين عليه، فهي ليست أرقامًا وهمية كما يحدث في بقية المنصات، إذ مهما كان العدد كبيرًا، لا يصل محتواك إليهم أبدًا، بل فقط نسبة بسيطة منهم.

كل هذه العناصر تؤكد أهمية الاعتماد على مبدأ الجودة في مقابل الكم، وأنَّ العبرة ليست فقط بعدد المستخدمين، بل بمشاركتهم حقًّا على التطبيق؛ لأنَّ هذا يجعلهم ينشرون تجاربهم مع الآخرين، بالتالي يضمن التطبيق نموًا دائمًا في أعداد المستخدمين، وفي الوقت نفسه ليست أرقامًا وهمية بلا فائدة، بل هي دائمًا أرقام حقيقية فعَّالة.

4. التسويق بالمؤثرين: في حضور إيلون ماسك

في يوم 31 يناير/ كانون الثاني غرَّد «إيلون ماسك» على تويتر بأنَّه سيكون ضيفًا في برنامج «Good Time» على تطبيق Clubhouse، الذي يركِّز على مناقشة أخبار اليوم في عالم التكنولوجيا. أشارت بعض التقارير إلى أنَّ عدد المستخدمين في هذا اليوم فقط ارتفع من 3 ملايين إلى 5 ملايين مستخدم للتطبيق.

في الحقيقة تزامن ظهور إيلون ماسك على Clubhouse مع النمو الحادث فعلًا على التطبيق. لكن عندما يتواجد شخص مؤثر بقيمة إيلون ماسك، يحفِّز هذا الكثير من المؤثرين في مختلف المجالات للمشاركة على التطبيق، مما يترتب عليه زيادة في عدد المستخدمين الذين يثقون فيهم، ويحدث النمو.

هذا ما يحدث الآن في الوطن العربي، إذ نرى يوميًّا مشاركة العديد من المؤثرين في نقاشات ثرية في مجالات مختلفة. على الأغلب لم يكن ذلك ممكنًا من قبل سوى عبر فعاليات تقام في أماكن محددة وبتكلفة عالية. الآن يمكن للأفراد الدخول من المنزل، للاستماع والاستفادة مما يُقال، وبشكل مجاني تمامًا.

سواءً كان حضور إيلون ماسك مرتبًا له من إدارة التطبيق، أو حدث بمحاولات من مسئولي البرنامج فقط، في الحالتين يؤكد لنا هذا قيمة التسويق بالمؤثرين وفاعليته. الحديث هنا لا يقتصر على الشهرة في حد ذاتها، لكن أيضًا في القيمة التي يضيفها الشخص من خلال وجوده.

في السنوات الماضية اكتسب إيلون ماسك قيمة كبيرة في عالم الأعمال، من خلال الابتكارات التي يصنعها عبر شركاته، مثل شركة سبيس إكس التي تسعى إلى توفير خدمة الإنترنت الفضائي، وشركة تسلا لتصنيع السيارات الكهربائية.

نرى كيف ازداد الاعتماد على التسويق بالمؤثرين خلال السنوات الماضية، إذ أصبحت العديد من الشركات تستخدمه كاستراتيجية قادرة على مساعدتها في جذب العملاء لها. وهذا الأمر صحيح، لكن لا بد من وجود آلية لذلك، إذ استقطاب أي شخص نتيجة لكونه متابَعًا من عدد كبير، لا يحقق النتائج المطلوبة بالتبعية.

في حين، إذا وضعت الاستراتيجية بالشكل المناسب لها، مع استغلال أشخاص يتمتعون بالثقة لدى العملاء، وفي الوقت نفسه فإن هناك تشابهًا بين عملائهم وبين عملاء المشروع. يمكن أن يؤدي ذلك إلى كسب العملاء، وكذلك تحقق النمو.

تؤكد قصة نجاح تطبيق Clubhouse إمكانية تحقيق النجاح لأي شركة ناشئة، وكذلك أن النمو لا يحدث فقط من خلال حرق الأسعار، أو استخدام تقنيات معقدة. كل ما يحتاج إليه الأمر هو فكرة مبدعة حقًّا، توظِّف فيها التكنولوجيا بالشكل المطلوب، مع استخدام استراتيجيات تسويقية مناسبة.