العلاقات الصينية الإسرائيلية وآفاقها
إعداد: د. محمد مكرم بلعاوي
أصدرت مؤسسة راند، وهي من أبرز مراكز التفكير الأمريكية والعالمية، في آذار/ مارس 2019 دراسة مفصلة حول «العلاقات المتطورة بين إسرائيل والصين»، وهي دراسة مهمة تلفت الأنظار إلى تنامي هذه العلاقات في جوانبها المختلفة، وقد قام مركز الزيتونة بعمل ترجمة مكثفة للنص باللغة العربية.
ومع ذلك، فلا بدّ من الإشارة إلى أنّ ما كُتب حتى اليوم عن هذه العلاقة باللغة العربية، يُعد قليلاً مقارنة بأهميتها وخصوصًا مع تصاعد الدور الصيني وتأثيراته المتنامية على المنطقة العربية، وهو ما يستدعي اهتمامًا من الباحثين والدارسين في المنطقة العربية.
وعند دراسة العلاقة بين الصين و«إسرائيل» فلا يمكن إغفال التفاوت في حجم الطرفين، فالصين التي تقع على أقصى الطرف الشرقي من قارة آسيا يبلغ تعداد سكانها حوالي 1.4 مليار، بينما يبلغ عدد السكان في الكيان الإسرائيلي حوالي 8.4 مليون نسمة أي نحو 170 ضعفًا، أما على صعيد المساحة فتبلغ مساحة الصين 434 ضعف المساحة التي تسيطر عليها «إسرائيل». ومع ذلك، فإنّ الطرفين وجدا جملة من المصالح والاهتمامات المشتركة التي دفعتهما إلى إقامة علاقة نشطة. ويمكن القول بإيجاز إنّ هدف الصين الرئيس من هذه العلاقة، كما صرح بنيامين نتنياهو رئيس وزراء «إسرائيل»، هو التكنولوجيا، بينما هدف «إسرائيل» الرئيس هو تنويع أسواق تصدير بضائعها واستثماراتها الخارجية.
أولاً: تاريخ العلاقات الإسرائيلية الصينية
يعود تاريخ العلاقة بين الطرفين إلى البدايات، حيث كانت «إسرائيل» هي أول من اعترف بجمهورية الصين الشعبية في المنطقة، عند إعلانها سنة 1949 وأيّدت سياسة «الصين الواحدة»، ولكن العلاقة توتّرت خلال فترة الخمسينيات والستينيات ثم عاد التواصل بينهما فعليًا سنة 1979، وكان ذلك متأثرًا بعاملين رئيسين يومئذ: هما احتلال الاتحاد السوفييتي لأفغانستان، وبدء مسيرة «السلام» المصرية الإسرائيلية. وبدأ الدفء يدبّ في هذه العلاقة تدريجيًا، مع لقاءات دبلوماسيين من الطرفين في الأمم المتحدة، ثم في اجتماع بين وزير خارجية الاحتلال شمعون بيريز ونظيره وو جوجيان سنة 1987، وتدفق الوفود السياحية الإسرائيلية على الصين سنة 1988، وهي السنة نفسها التي اعترفت فيها الصين بدولة فلسطين، غير أنه لم يتم الإعلان عن العلاقات الرسمية بين الطرفين إلا سنة 1992.
يمكن القول إنّ نقل التكنولوجيا العسكرية من «إسرائيل» إلى الصين، كان أساس هذه العلاقات منذ سنة 1979 وحتى سنة 2005، إذ حصلت في تلك الفترة أكثر من 60 صفقة لنقل التكنولوجيا من «إسرائيل» إلى الصين، بقيمة تقدر بمليارَي دولار. ولكنّ العلاقة تلقت ضربتين موجعتين بسبب الضغط الأمريكي على «إسرائيل»، مما أدى إلى تراجعها، حيث أفشل الأمريكان صفقتين بين الطرفين هما صفقة نظام الرادار المتقدم المحمول جوًا المعروف باسم فالكون سنة 2000، وصفقة طائرات بدون طيار هاربي التي تمت سنة 2005. وقد أدى هذا الضغط إلى وضع خطوط حمراء أمريكية في علاقة «إسرائيل» بالصين، أنتجت مجموعة من الضوابط، التي تتصل بنظام مراقبة التصدير في «إسرائيل» إلى الصين.
من جهة أخرى، فإن التعاون الاقتصادي نما بشكل غير مسبوق، وخصوصًا بعد زيارة نتنياهو إلى الصين سنة 2013، إذ أصدر أمرًا حكوميًا بتوسيع العلاقات في جميع الجوانب غير الحساسة، فقامت وزارة الاقتصاد الإسرائيلية بفتح مكاتب في الصين، وقدَّمت تنازلات للصين بخصوص بنك الصين، المتهم بغسيل الأموال لصالح إيران وحزب الله وحماس، ما جعل الصين، حسب الاعتقاد الأمريكي، قادرة على الضغط على «إسرائيل»، وهو ما أثار حفيظة الولايات المتحدة الأمريكية تجاه هذه العلاقة.
ثانيًا: المصالح الصينية في «إسرائيل»
يمكن القول إن الصين ترى «إسرائيل» شريكًا مهمًا لأربعة أسباب:
- تعد الصين «إسرائيل» جهة تساعدها على تحفيز الابتكار المحلي والبحث والتطوير، ومجالات التعاون في هذا السياق، تتضمن التكنولوجيا، والطاقة، والبيئة، وتكنولوجيا الزراعة، والتمويل وخصوصًا للشركات الناشئة start-ups.
- تنظر الصين إلى «إسرائيل» كمصدر لسد حاجاتها الأمنية والعسكرية.
- ترى الصين في «إسرائيل» لاعبًا سياسيًا مهمًا في الشرق الأوسط، لا يمكن تجاوزه.
- ترى الصين في «إسرائيل» مكونًا مهمًا في مبادرة الحزام والطريق، وهي خطة اقتصادية صينية عالمية طموحة، وتريد لـ «إسرائيل» أن تكون صلة الوصل بين خليج العقبة وقناة السويس. مع ملاحظة أن الصين تطرح «مبادرة الحزام والطريق»، وسيلة لتعزيز التقارب بين دول المنطقة ومكوناتها، وأداة لجلب «الاستقرار والرخاء للجميع» وهو تصور مرتبط بمنظور المصالح الاقتصادية الصينية، أكثر من ارتباطه بتحقيق العدالة، وإنهاء الصراع العربي–الإسرائيلي بما يحقق تطلعات الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال.
ومع ذلك، فإن الصين التي تدرك حساسيات المنطقة تجاه الكيان الإسرائيلي، و«تعقيدات» القضية الفلسطينية، ترغب أن تبقى شريكًا «هادئًا» مع «إسرائيل». وهي لا ترغب أن تثير علاقاتها بـ «إسرائيل» حالة غضب عربية وإسلامية تجاهها، تؤثر رسميًا أو شعبيًا على علاقاتها السياسية ومصالحها الاقتصادية في المنطقة. ولذلك أبقت الصين على خطوط السياسة العامة في الاعتراف بحق الفلسطينيين بدولة على حدود سنة 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وحرصت الصين على أن تقيم علاقات حسنة مع الجميع، وأن تظهر بمظهر الشريك المحايد مع دول الشرق الأوسط والذي لا يتدخل في الخلافات البينية. وهي تحظى بعلاقات مميزة مع إيران ولا تعد حماس وحزب الله ضمن المنظمات الإرهابية. ولقد كان لعلاقة الصين بإيران تأثيرها السلبي على علاقتها مع «إسرائيل»، وذلك بسبب صفقات السلاح التي عقدتها مع إيران والتي تضمنت التعاون مع طهران في برامجها الصاروخية والنووية، وتزويدها بمئات من صواريخ كروز المضادة للسفن والمضادة للطائرات، حتى صارت المورد الثاني بعد موسكو للسلاح إلى إيران.
ثالثًا: قياس العلاقات الإسرائيلية الصينية
يمكن القول إنه بالرغم من ازدياد مستوى النظرة الإيجابية لـ «إسرائيل» بين النخبة الصينية إلا أن عامة الصينيين، كما تكشف استطلاعات الرأي، لا تشاركها هذه النظرة إذ بلغت النظرة السلبية 57% سنة 2017. ولقياس مستوى عمق العلاقة بين الطرفين، يمكن فحص عدة مؤشرات أهمها: تطور العلاقات الديبلوماسية بين الطرفين، ومتانة العلاقة العسكرية، والعلاقات الاقتصادية، والسياحة، والتأثير الثقافي.
على صعيد العلاقات الدبلوماسية، بقي مستوى الزيارات المتبادلة ثابتًا في الفترة 1992-2018، ولكنّها في المقابل زادت قوة مع كل من السعودية وإيران. أمّا في مجلس الأمن فقد سجل تصويت الصين فيه استمرار سلوكها السياسي المعتاد، إذ إنّ الصين في القرارات التسع المتعلقة بقضية فلسطين، والتي تُطرح سنويًا على المجلس قد صوتت في الفترة 1992-2016، باستمرار مع الصياغات المعتادة الداعمة لفلسطين، والتي تدين «إسرائيل».
أما على صعيد العلاقات العسكرية، فخلافًا لعلاقات الصين بإيران والسعودية، فليس لها علاقات عسكرية قوية مع «إسرائيل»، ويمكن قياس ذلك من خلال الطرق التالية:
- الزيارات العسكرية رفيعة المستوى؛ ونلاحظ أنّ عدد الزيارات الخاصة ذات الطبيعة العسكرية رفيعة المستوى بين الطرفين هي أقل من الزيارات المدنية رفيعة المستوى، فعدد 4 زيارات من أصل 13، بالمقابل كانت هناك 3 زيارات لكبار القادة الإسرائيليين من أصل 19، وينطبق الوضع نفسه تقريبًا على كل من السعودية وإيران.
- صفقات الأسلحة، وفي هذا المجال من المستبعد أن تكون «إسرائيل» استوردت أيًّا من الأسلحة الصينية، فهي تحصل على كل ما تريده من الولايات المتحدة الأمريكية؛ أمّا بخصوص حصول الصين على أسلحة إسرائيلية فلا يوجد أي معلومات عن حصول أي صفقة سلاح بعد سنة 2001، على الرغم من أنّ المعلومات المتوافرة تفيد أنّ أيًّا من البلدين لا يربطان ذلك بعدم بيع الأسلحة إلى طرف مخالف، مثل بيع الصين السلاح لإيران، أو بيع «إسرائيل» السلاح للهند.
- التمارين المشتركة ونقل التكنولوجيا، ومن الملاحظ أنّ هناك حضورًا عسكريًا متصاعدًا للصين في الشرق الأوسط، فقد قامت الصين بإجراء مناورات عسكرية مشتركة مع كل من إيران والسعودية؛ أمّا «إسرائيل» فلا يبدو أن الصين قامت بأي مناورات معها. أما الاختلاف الأبرز فكان على صعيد نقل التكنولوجيا، فقد قامت شركة صناعات الفضاء الإسرائيلية بإقامة مشروع مشترك مع مجموعة لينجيون لتأسيس أول مؤسسة صينية مدنية للصيانة والإصلاح والترميم في إقليم هوباي.
أمّا عن العلاقات الاقتصادية، فيمكن القول إن العلاقات الاقتصادية بين الطرفين مزدهرة، خلافًا للعلاقات العسكرية والسياسية، وفي طليعتها منتجات الملكية الفكرية والابتكار.
يلاحظ أنّ النشاط في مجال التبادل التجاري بين الطرفين قد نما بشكل كبير، إذ بلغت الصادرات الصينية سنة 2017 حوالي 9 مليارات دولار، والصادرات الإسرائيلية حوالي 3.3 دولار، وأصبحت الصين ثالث أكبر شريك تجاري لـ «إسرائيل» بعد الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي. وقد أصبحت «إسرائيل» عضوًا في البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية AIIB، وهو البنك الذي يعد واحدًا من العمادات الأساسية لمبادرة الحزام والطريق الصينية سنة 2013 على الرغم من عدم رضى الولايات المتحدة الأمريكية. وقد بلغت الاستثمارات الصينية في شركات التكنولوجيا الإسرائيلية 40% من الحجم الكلي من رأس المال الاستثماري الخارجي، ولعل من أبرز محطات هذه العلاقة زيارة نتنياهو إلى الصين في آذار/ مارس 2017، والتي قام خلالها بتوقيع اتفاقيات بلغت قيمتها 25 مليار دولار.
ويعتبر محتوى الملكية الفكرية المتمثل ببراءات الاختراع في البضائع الإسرائيلية، الجزء الأكبر من التبادل التجاري بين الطرفين، ويميل ذلك بشدة تجاه «إسرائيل»، فقد بلغ ما سجلّته «إسرائيل» في الصين من براءات اختراع في الفترة 2015-1994 ما مجموعه 283 براءة؛ بينما كان ما سجلته الصين في «إسرائيل» 21 براءة فقط، ممّا يشير إلى أن «إسرائيل» تعد الصين سوقًا مهمًا لبيع المنتجات والخدمات المتعلقة بالملكية الفكرية.
على صعيد العلاقات التعليمية والثقافية، فإنّ لهذا النوع من العلاقة تأثيرات عميقة وبعيدة المدى، على الأرجح، وتكمن أهميتها في أنّ نشأة الابتكار عادة ما تكون في الجامعات والمؤسسات العلمية، كما أنّ التبادل العلمي والثقافي يتيح المجال واسعًا للتعرف عن قرب على البلد، ويمكن أن يساعد المؤسسات العلمية والثقافية الموجودة في البلد المضيف على نشر قيم البلد المصدر.
ويمكن قياس هذا النوع من العلاقة من خلال عدد معاهد كونفوشيوس في «إسرائيل»، حيث يوجد معهدان في كل من جامعة تل أبيب، والجامعة العبرية في القدس، وهو بالمناسبة العدد نفسه في إيران. وعن طريق عدد طلاب التبادل العلمي في البلدين، تعكس الأرقام التي يصدرها الطرفان أنّ عدد الطلاب الصينيين الذين يدرسون في «إسرائيل» هو أضعاف عدد الإسرائيليين الذين يدرسون في الصين، وهو يقترب من ألف طالب، بينما يصل عدد الإسرائيليين إلى نحو مئة طالب. وكذلك عدد البرامج الأكاديمية والجامعات المتبادلة، ويمكن ملاحظة أنّ عدد الجامعات الإسرائيلية في الصين أكبر من تلك الصينية الموجودة في «إسرائيل»، فبينما هناك أربع جامعات إسرائيلية تعمل في الصين هي: جامعة تل أبيب، ومعهد تخنيون، وجامعة بن جوريون، وجامعة حيفا، فإنّ هناك جامعة صينية واحدة في «إسرائيل»، بينما يعد عدد التبادلات الأكاديمية العليا والزيارات بين الطرفين، مؤشرًا مهمُا في هذا المجال، ويمكن رصد زيارة لوزيرة التعليم الصيني سنة 2000، وزيارة لوزير التعليم الإسرائيلي إلى الصين سنة 2015 نتج عنها العديد من الاتفاقيات بين الطرفين.
وأخيرًا، هنالك أنواع أخرى من العلاقات الثقافية والتي يمكن أن تساعد على التقييم في هذا المجال، مثل: التقارب الإعلامي، حيث أصدرت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، نسخًا باللغة الصينية، وقامت بالمقابل الإذاعة الصينية شانيا بلس China Plus، بإطلاق قناة باللغة العبرية. وتمت إقامة الفعاليات الثقافية كالمهرجانات، حيث أقام مهرجان شنغهاي «أسبوع إسرائيل الثقافي» سنة 2017 للاحتفال بالذكرى 25 لـتأسيس العلاقة بين الطرفين.
وتعدّ السياحة بابًا مهمًا للتبادل الثقافي بين الشعوب، وتشير الأرقام في هذا المجال إلى أنّ عدد السياح الصينيين إلى «إسرائيل» تضاعف أربع مرات في الفترة 2017-2014، ليرتفع من 32,400 سائح إلى 123,900 سائح سنويًا، وهو ما يُعدّ نموُا كبيرًا.
رابعًا: الآثار المترتبة على تنامي العلاقات الإسرائيلية الصينية
بالرغم من أن العلاقات الإسرائيلية المتنامية مع الصين تقدم فوائد اقتصادية وسياسية وأمنية للطرفين، إلا أنه قد ينشأ عنها عدد من التحديات أبرزها:
- يشكّل هذا التعاون مساحة قد تفترق فيها المصالح الإسرائيلية عن مصالح الولايات المتحدة، خصوصًا انشغال الصين بقطاع التكنولوجيا الإسرائيلي، وبناء وتشغيل مشاريع البنية التحتية الرئيسة.
- بالإضافة إلى القضية الفلسطينية، فإنه بحكم أن الصين تعتمد على الطاقة من خصوم «إسرائيل» كإيران، فإنّ مواقف الصين السياسية وأهدافها يمكن أن تتعارض مع المصالح الإسرائيلية، وقد يجد الطرفان نفسيهما على طرفي نقيض في المحافل الدولية مثل الأمم المتحدة.
- هناك تهديد حقيقي للأمن التكنولوجي الإسرائيلي والآفاق المستقبلية لاقتصادها، مثل تعامل الصين مع الحقوق الفكرية، والاستحواذ على الشركات الإسرائيلية الكبرى، وقدرة الصين على اختراق السوق الإسرائيلية.
- إن قيام الشركات الصينية ببناء وتشغيل المرافق الإسرائيلية قد يمكّن الصين من التجسس على الأرض، وفي العالم الرقمي.
وتثير مشاركة الصين في المشاريع الكبرى أسئلة حول قدرة السوق الإسرائيلي على منافسة الشركات الصينية المدعومة حكوميًا. وعلى الرغم من أن الهدف هو تحسين المنافسة إلا أن خطر الاستيلاء الصيني يبقى قائمًا.
في المقابل، تدرك «إسرائيل» حساسية الموقف الأمريكي تجاه تنامي علاقاتها مع الصين؛ ولذلك تبقى الخطوط الحمراء الأمريكية محددًا رئيسًا لهذه العلاقات، حيث تظل الولايات المتحدة الشريك الإستراتيجي الأول لـ «إسرائيل».
فالولايات المتحدة الأمريكية هي المصدر الأول للدعم العسكري، وهناك المساعدات الاقتصادية الضخمة التي تتلقاها «إسرائيل» كل سنة والتي تصل إلى 3.8 مليار دولار سنوياً. أما الدعم السياسي الأمريكي الذي تحظى به «إسرائيل» فهو لا يقل أهمية عن السببين السابقين.
خامسًا: السيناريوهات المحتملة
السيناريو الأول
تنامي العلاقات الاقتصادية والسياسية نتيجة استمرار الصعود الاقتصادي الصيني العالمي، وتراجع الدور الأمريكي في المنطقة، واستمرار حالة الضعف والأزمات لدى الأنظمة العربية التي تسعى لعلاج مشاكلها من خلال تطبيع علاقاتها مع «إسرائيل».
السيناريو الثاني
استقرار العلاقات على مستواها الحالي، بسبب وضع الأمريكان لمزيد من الضوابط والخطوط الحمراء التي تمنع تنامي العلاقات، مع تزايد الرغبات الداخلية لدى قطاعات إسرائيلية فاعلة بضبط مستوى العلاقات بما يمنع «التغوّل» الصيني، وبما لا يغضب الجانب الأمريكي. مع بقاء البيئة العربية في الوقت نفسه عنصرًا غير فاعل في التأثير على هذه العلاقات.
السيناريو الثالث
التراجع والبرود التدريجي لهذه العلاقات، نتيجة تصاعد التنافس والخصومة الأمريكية الصينية، وازدياد الضغوط الأمريكية على «إسرائيل» لتخفيض مستوى العلاقات وإيجاد بدائل أخرى. كما قد يصب في هذا الاتجاه وقوع تغييرات في المنطقة العربية والإسلامية المعادية للكيان الإسرائيلي، بحيث تدفع الصين لإعادة حساباتها وترتيب مصالحها حتى لا تقع بخسائر أكبر بكثير مما تجنيه من علاقاتها بـ «إسرائيل».
وفي المدى القريب يبدو السيناريو الثاني المتعلق باستقرار العلاقات هو الأرجح، وقد تتزايد حظوظ السيناريو الثالث على المدى الوسيط والبعيد باتجاه التراجع والبرود التدريجي لهذه العلاقات.
سادسًا: التوصيات
- تشجيع الدراسات والتخصصات في الشأن الصيني، باعتبارها قوة عالمية صاعدة، لفهم أفضل لطريقة التعامل معها.
- تعزيز التواصل مع الصين سياسيًا وثقافيًا وإعلاميًا بما يؤثر إيجابًا على موقفها من قضية فلسطين، ويُصلِّب موقفها تجاه «إسرائيل».
- مطالبة الدول العربية والإسلامية (وخصوصًا تركيا وإيران والباكستان وإندونيسيا) بممارسة كافة أشكال التواصل والضغط مع الصين لإدراك أن مصالحها مرتبطة بشكل أكبر مع الأمة العربية والإسلامية من مصالحها مع «إسرائيل».