الصين تجبر المسلمين على شرب الكحول وأكل الخنزير
الصين إمبراطورية صناعية عظمى، وقوة عسكرية ضاربة. هكذا أرادت لنفسها وهكذا أصبحت. أما الحريات فلا تشغل بالها بها كثيرًا، سواء كانت حريات المواطنين عامةً أو حقوق الأقليات خاصةً. بدايةً من «ماو تسي تونغ» الذي أحكم سطيرة الحزب على البلاد بقتل آلاف السياسيين والمعارضين وصولًا إلى «شي جين بينغ» الذي نصب نفسه رئيسًا أبديًا للصين دون أن يبالي برأي الشعب ولا بنظرة العالم.
دستور الصين ينص على أن الهوية الصينية مقدمة على الهوية الدينية، ومن يرفض هذه الحقيقة فقد استحق غضب الدولة. ولما كان المسلمون هم الأشد تمسكًا بتقديم هويتهم الدينية على ما سواها من هوّيات قومية، فقد نالهم النصيب الأكبر من العذاب، خاصةً أن عددهم البالغ 130 مليونًا لا يمثل سوى 1.7% من تعداد الصين البالغ 1.3 مليار نسمة.
اقرأ أيضًا: عبادة الدولة: كيف نجحت الصين في صنع دين جديد للبشرية؟
في «شينج يانج»، التي تبلغ ضعف مساحة مصر، يحتجز أكثر من 900 ألف مسلم صيني.هذا المعتقل هو أكبر معسكر احتجاز في العالم، تكلف بناؤه 100 مليون دولار ولم يزل بناؤه مستمرًا. هذا العدد الضخم في تلك المساحة الشاسعة لم يتم ذكره على لسان أي جهة رسمية صينية، وحين اضطر بعض المسئولين إلى الحديث حولهم أجابوا بأن الهدف من احتجازهم هو «إعادة تعليمهم» لتجنب نزعتهم الانفصالية ولدمجهم في الصين.
كيف تعلم الصين أبناءها؟
يدخل تلك المعتقلات كل من هو مسلم بدايةً، خاصةً إذا كان يصلي بانتظام أو له لحية أو يتلقى اتصالات هاتفية من أقاربه من خارج الصين. كما ينال الاعتقال كل من يحمل صورًا لآيات قرآنية على هاتفه، أو يصلي الجمعة خارج بلدته، أو يطلق على أولاده أسماء إسلامية. كما دخلها الأئمة الذين رفضوا الرقص في منتزه الحضارة في أورومتشي حين جمعتهم سلطات شينجيانج، وأجبرتهم على ذلك قائلةً لهم إن الله لا يعطيهم رواتبهم بل الدولة هى التي تفعل، لذا فعليهم الرقص وترديد عبارات الشكر للحزب الشيوعي. في البداية يطلب منهم مسئولو المعسكر التنصل من كل معتقداتهم الإسلامية، سب معتقداتهم وأهلهم، وأخيرًا يطلبون منهم تقديم الشكر للحزب الشيوعي الحاكم. بجانب هذا يُجبر المسلمون على دراسة الدعاية الشيوعية كمحاولة لمحو معتقداتهم الإسلامية وإعادة تشكيل هوياتهم. من يرفض القيام بأي مما سبق يجبر بالقوة على شرب الكحول وأكل لحم الخنزير عقابًا له.
اقرأ أيضًا: الممر الاقتصادي: طوق الصين حول عنق العالم
كما أن المعتقل لن يحصل على طعامه ما لم يهتف قبله بالشكر للحزب والوطن والرئيس شي. كما يجب عليه أن يستمع لدرس تاريخي متكرر يقول بأن سكان آسيا الوسطى كانوا رعاعًا يرعون الغنم، لا يعرفون شيئًا عن الحضارة، عبيدًا، إلا أن الحزب الشيوعي هو من حررهم في الخمسينيات ومنحهم التحضر والرقي.
كذلك يشمل العقاب الوقوف أمام حائط لخمس ساعات، أو التعليق في كرسي يُدعى «النمر»، يتم فيه ثقب معصمك وكاحلك، أو الحبس الانفرادي لمدد طويلة، بجانب الحرمان التام من الطعام والنوم، حتى من يقبل ما سبق لا يُسمح له إلا بالنوم لمدة 3 ساعات فقط، لكن في زنزانة أكثر رحابة. كما تمنح السلطات نقاطًا إضافية للمعتقل الذي يقوم بالإبلاغ عن زملائه أو ضربهم أو انتقاد معتقداته ومعتقداتهم بصورة أشد قسوة.
عمر: لم يتبق شيء لأخسره
عمر بكالي، البالغ 42 عامًا ومحتجز سابق في المعسكر، يقول إنه بعد 20 يومًا فقط في المعتقل بدأ في التفكير في قتل نفسه هربًا من الضغط الساحق الواقع عليه. بكالي قضى أيامه في زنزانة تبلغ 10 أمتار مع 17 فردًا آخر. في الزنزانة سرير واحد ومرحاض واحد يتشاركه الجميع. المكان مليء بالكاميرات لتراقب أي همس يصدر من المعتقلين، كذلك لتراقب إذا ما غسل أحد المعتقلين وجهه ثم قدمه ليُعاقب بالحبس الانفرادي، إذ تبدو تلك كهيئة الوضوء في نظر المسئولين. يرتدي المعتقلون لونين برتقالي للمعتقلين الجدد السياسيين، وأزرق لمن ثبتت عليه تهمة ما.
بجانب شهادة بكالي توجد العديد من الشهادات التي تؤكد روايته لما يحدث داخل تلك المعتقلات، لكن بكالي كازاخستاني الجنسية تم اعتقاله مع عشرات من بني جنسيته، ما أثار غضبًا شعبيًا دفع حكومة كازاخستان للبحث عنهم لإخراجهم من المعتقل.
أما باقي الناجين فمسلمون صينيون اعتنقوا مذهب الحزب الشيوعي بعد خروجهم، أو يخشون على أسرهم لذا يرفضون باستمرار الإدلاء بأي شهادات عما حدث لهم كما كان الأمر في حالة بكالي. لكن السلطات قامت باعتقال شقيقته في 10 مارس/آذار الماضي، ثم اعتقلت أمه في 19 من نفس الشهر، وأخيرًا في 24 أبريل/نيسان قامت السلطات باعتقال أبيه، لذا آثر الإعلان عن هويته وعن تفاصيل ما حدث معه قائلًا لم يتبق شيء لأخسره.