تشيلسي 1-1 برشلونة: هل حقًا نجح تكتيك «كونتي»؟

مرة بعد أخرى، ستتفاجأ رغم معرفتك المسبقة بالأمر وتوقعك إياه، بأن الوضع لم يتغير ويسر على ذات النهج الذي كنت ترسم ملامحه في مخيلتك قبل بداية الحدث المنتظر. كما أي مباراة أخرى في إحدى الدوريات متوسطة المستوى، لم تكن مباراة القمة بين تشيلسي وضيفه برشلونة متميزة، أو ممتعة في تفاصيلها وأحداثها.

فريق يدافع وينتظر الفرصة المنشودة، وآخر عاجز عن الهجوم يتحين الخطأ الذي لابد له أن يأتي. وأخيرًا حكم تركي مشهور، تركنا نعد الدقائق وننتظر بطاقته الحمراء التي ستشعل مواقع التواصل، و«عصام الشوالي» الذي سيحدثنا خلال المباراة عن كرهه وظلمه للأندية الإنجليزية في كل مناسبة يقود فيها التحكيم لمباراة فيها طرف إنجليزي!.

بعيدًا عن مباراة العودة وحسابات التأهل، لا شيء آخر يغري المتابع رغم العارضتين المثيرتين في الشوط الأول. لا شيء آخر يغري العين رغم أن فئة عريضة من جماهير المستديرة ستشبعك من ترديد الأقاويل ذاتها عن تكتيك «كونتي» المبهر، خطورة «ويليان» وتألقه، براعة «بوسكيتس» في التخلص من ضغط الخصم، وأخيرًا عن غدارة «إنييستا» التي كررها مرة أخرى بأسلوب مغاير. وفي النهاية هدف مقابل آخر، كانت حصيلة المباراة فقط دون أي تفاصيل أخرى.

في غرفة المؤتمرات

لا يخفى على أحد أن الناديين يمران بفترة حرجة بعض الشيء لأسباب متباينة. تشيلسي وعلى الرغم من تحقيقه انتصارين متتاليين في المواجهتين الأخيرتين، إلا أن الجو السلبي المشحون يطغى على الفريق بسبب تصريحات «كونتي» الملغومة والمستمرة التي تدل على تململه من وضع الفريق. إلا أن الإيطالي عبّر عن رغبته الكبيرة في تقديم أداء مميز للوقوف على جاهزية فريقه في البطولة.

أما «فالفيردي»، فقد تحدث عن صعوبة المواجهة التي تنتظر فريقه قياسًا بالمتاعب السابقة التي واجهها برشلونة خلال مواجهاته أمام تشيلسي، ونظرًا للسجل التهديفي السيئ لفريقه خارج أرضه هذا الموسم. واعترف أيضًا برغبته السابقة بتجنب مواجهة الفريق اللندني، مضيفًا أنه لم يتوقع احتلاله المركز الثاني في مجموعته ولم يتمن مواجهته.

صافرة البداية، كرة تكسر جدار الصمت

تعودنا دائمًا خلال المواجهات التي تجمع برشلونة بناد آخر، أن الفرق ستدخل بأسلوب متحفظ وحذر خوفًا من خسارة ثقيلة ونتيجة عريضة. فالمنطق يقول إنه لا يمكنك مواجهة برشلونة بسلاحه، لا يمكنك السيطرة على الكرة أمامه، وليس بمقدرتك فرض أسلوبك ضدهم.

لذلك أفضل الحلول هي تقبل فكرة بأنك ستدافع بإحدى الطرق الممكنة سواء بخط دفاع متقدم ينتهج الضغط العالي، أو كما يفضل الإيطالي بخط دفاع متأخر يهدف إلى تضييق المساحات والضرب بالمرتدات باعتماده على خط هجوم حركي وسريع.

كما هو متوقع، بدأت المباراة بالشكل الذي رسمه الجميع، فجعبة «أنطونيو» لا تحمل أي مفاجآت جديدة. لم يخرج «كونتي» عما هو مكتوب في كتابه وسير الأولين من أسلافه، فدخل المباراة بخطة 3-4-3 على الورق، وتتغير بحسب سير المباراة إلى 5-4-1 تهدف إلى شل برشلونة هجوميًا وإجباره على تناقل الكرات دون تشكيل أي خطورة.

أما «فالفيردي» استمر بنفس التشكيلة وبنفس النهج المتبع. 4-4-2 بالاعتماد على الأسماء ذاتها في المباراة الأخيرة أمام إيبار يوم السبت الماضي. ميسي وسواريز في المقدمة، وبقية العناصر هي ذاتها ما عدا تغيير وحيد يطال التشكيلة في كل مواجهة، ويخص اللاعب الذي يكمل رباعي الوسط وكان من نصيب البرازيلي باولينيو.

تكتيك المدرب الإيطالي لم يخنق برشلونة فحسب، بل المتابعين والمشاهدين على الشاشات. نصف ساعة مضت من الزمن ولا جديد يذكر في المباراة، سوى بعض المحاولات الخجولة بين الفينة والأخرى. تخال أن الحكم لم يطلق صافرته بعد، أو أن البث توقف والصورة تجمدت.

كان لا بد من أمر يكسر هذا الصمت السائد في ستامفورد بريدج ويحرك المشاهدين عبر الشاشات. ومع اختفاء «إيدين هازارد» تكفل «ويليان» بهذا الأمر في الدقيقة 33 بعد تسديدة من خارج المنطقة أجبرت الجميع على إبداء ملامح الدهشة على محياهم سواء كانوا من مشجعي البلوز أو البلوجرانا.

كرة البرازيلي جعلت تشيلسي أكثر جرأة فيما تبقى من الدقائق. تشيلسي أصبح يهاجم بأعداد أكبر ويترك المساحات في خطوطه الخلفية، وكأن البرازيلي قام بتفعيل زر الهجوم بعد أن تعمد «كونتي» عدم الضغط عليه في بداية المباراة.

الأخطاء التي ارتكبها لاعبي برشلونة بعد تسديدة ويليان الأولى.

اندفاع البلوز الهجومي المفاجئ أجبر عناصر برشلونة على ارتكاب العديد من الأخطاء على لاعبي البلوز بين الدقائق 33-42. حاول البرازيلي التصويب مرة أخرى في الدقيقة 40 وكان حظه سيئًا كما المرة السابقة لكن في الجهة الأخرى من المرمى. لينتهي الشوط الأول سلبي النتيجة.

فلنعاود الكَرّة من جديد

بدأ الشوط الثاني بنفس السيناريو الذي بدأت فيه الفترة الأولى من المباراة. سيطرة برشلونية على أحداث المباراة والبلوز يحاول درء الفتنة الكتالونية عن مرماه. فلم يشكل تشيلسي أي خطورة حقيقية على مرمى خصمه واكتفى بالدفاع أمام محاولات «سواريز» و«إنييستا».

«ويليان» لم ينس ماحصل في الشوط الأول، لذلك كان يفكر بالمحاولة مجددًا لعل الكرة الثالثة تجلب الحظ السعيد كما يقال. مع أول فرصة للبلوز في الدقيقة 62، انتظر البرازيلي الكرة وحيدًا دون رقابة خارج منطقة جزاء الضيف، وكأن عناصر برشلونة لم يدركوا خطورة تسديداته بعد. خطأ فادح في الضغط والرقابة سهل من مهمة البرازيلي الذي سدد كرة ذكية هذه المرة وجدت طريقها إلى الشباك دون اعتراض آخر جديد.

تشيلسي حقق ما يطمح إليه منذ انطلاق المباراة وحان الوقت لإكمال المهمة كما يجب وكما خطط لها الإيطالي. تشيلسي كان حذرًا بعد تسجيله الهدف المنشود، وحاول قتل المباراة من خلال تهدئة رتم اللعب وإغلاق كافة السبل إلى مرماه.

إلا أن الرياح تجري كما لا يشتهي ربان السفينة في بعض الأحيان، أخطاء متتابعة من طاقم السفينة تؤدي إلى أخطاء جسيمة. البداية كانت مع تمريرة من المدافع الدنماركي «كريستنسن»، تهاون في استلامها «فابريجاس» وتأخر «أزيبلكويتا» باللحاق بها لتصل في نهاية الدرب إلى أقدام «إنييستا» الذي سارع للحصول عليها، وكأنه توقع مسارها منذ تلك اللحظة التي فكر فيها كريستنسن» بالتمرير.

https://www.youtube.com/watch?v=mx5oMJDTweQ

أدرك «إنييستا» أنه ليس بموقف جيد للتسديد رغم إمكانية ذلك، وكان بمقدرته التمرير لسواريز لإنهاء الكرة في الشباك، لكنه قرر أن يتكفل بفتح مغارة تشيلسي أمام «ميسي» بعد أن تعثرت كراته أمام عتبات المغارة طيلة السنوات الماضية.

«إنييستا» نطق بكلمة السر ونقل «ميسي» الحمولة بشكل يسير ودون أي عناء يذكر إلى داخل المغارة. لينهي الجدال الدائم عن مناعة شباك البلوز أمامه بكل هدوء وسلاسة.

بانتظار الأفضل

المباراة بمجملها لم ترق للمستوى المأمول، فريق يمر بفترة سيئة ويحاول تدارك الأمور في أهم مباريات الموسم، وفريق آخر رغم تحقيق المطلوب نتيجة، لكن ينقصه الفرجة والمتعة كما يحب متابعوه ومحبوه. النتيجة قياسًا بالظروف جيدة للطرفين، تشيلسي خرج دون تلقيه الخسارة، وبرشلونة حقق المطلوب بتسجيله خارج الديار، لكن المباراة لم تحمل الكثير المتعة في ثناياها للمتابعين.

الإعلام كان يخمن أن المباراة هي الفرصة الأخيرة لـ«كونتي» هذا الموسم، فهل ستعطي هذه النتيجة الدافع للإيطالي لإكمال المسيرة بصورة أفضل بعد العديد من التعثرات. بكل تأكيد أن أداء البلوز لم يكن مثاليًا من الناحية الهجومية، لكن هذا الانضباط الدفاعي أعاد الثقة إلى الإيطالي وربما ستكون المباراة الفارقة بالنسبة له.

أما «فالفيردي» يجب عليه أن يعيد الحيوية لخط هجومه بعد انتقادات عديدة له في المباريات الماضية التي أنهاها برشلونة بصعوبة وبأداء هزيل، فهل ستحمل موقعة كامب نو سيناريو مغايرًا لمباراة البارحة، أم ستستمر على المنوال ذاته؟ ما نعرفه أن الخسارة والخروج في الإياب ستصعب من مهمة أحدهما فيما تبقى من الموسم.