فرصة بالوتيلي للعودة مرة أخرى
يعترف كثيرون بأن الإيطالي «ماريو بالوتيلي» يمتلك من القدرات الفنية والبدنية ما يؤهله لأن يكون واحدًا من أفضل المهاجمين خلال الوقت الحالي، ولكنه كان مثل بعض اللاعبين الذين سبقوه ممن أهملوا موهبتهم وتفننوا في إضاعة الفرص التي تتاح لهم خلال مسيرتهم الكروية لتنتهي مسيرة البعض سريعًا، ويدخل البعض الآخر في طي النسيان.
ولكن بالرغم من ذلك، وفي وسط هذه العتمة التي حول الإيطالي الشاب، فقد أُتيحت أمامه فرصة جديدة بانتقاله إلى فريق نيس الفرنسي لتكون له بمثابة طوق النجاة للخروج من دوامة المشاكل والمتاعب التي اعتاد عليها منذ ظهوره، وهو الأمر الذي يجعلنا نتساءل: هل حقًا أراد ماريو بهذا الاختيار أن يرسل رسالة للجميع بأنه ما زال قادرًا على أن يقدم أفضل ما لديه وأنه سوف يعود أقوى من ذي قبل، أم أنه أصبح مدمنًا لمشاكله التي كادت أن تكتب نهايته مبكرًا؟
البعد عن الضغط
بالوتيلي في المؤتمر الصحفي أثناء تقديمه
يبدو أن السبب الرئيسي في اختيار بالوتيلي (أو اختيار «مينو رايولا» وكيل أعماله تحديدًا) للذهاب إلى الدوري الفرنسي عن طريق بوابة نيس هو البعد عن الضغط الذي كان يمارس على اللاعب منذ أن كان ناشئًا صاعدًا من قبل الصحافة والإعلام أو الجماهير أيضًا.
فعلى مدار تلك السنوات السابقة منذ ظهوره في صفوف إنتر ميلان ودائمًا ما كانت مشاكل ومعارك بالوتيلي مادة خصبة لمهاجمة اللاعب، وإذا كان العذر حينها صغر سنه فإن الأمر لم يختلف كثيرًا بعد انتقالاته المتعددة خلال السنوات المتتالية للفرق الأخرى، فاتضح وقتها أن مشاكله ليست مرتبطة بالمكان الذي يلعب فيه وإنما مرتبطة بعقليته وطريقة تعامله مع الأمور.
ولذلك جاء اختيار الذهاب لدوري أقل أضواءً من سابقيه ومع فريق متوسط المستوى يبدو قرارًا صائبًا لمحاولة كتابة بداية جديدة للاعب موهوب وبعيدًا عن الضغوطات التي تخرجه عن التركيز في مهمته الأساسية.
اللعب في أندية كبيرة منذ الصغر
تلك النقطة ليست مرتبطة بما قبلها، فإنه بالنظر لمشوار بالوتيلي نجد أنه لم يتدرج في مسيرته، فنجده ينتقل من فريق كبير إلى آخر مثله، ويبدو أن هذا هو أبرز شيء جعل بالوتيلي يصل لتلك الحالة، وليس كما هو المتعارف عليه بأنه حينما يشارك لاعب صغير السن مع فريق كبير ولا يوفق معه يقوم بالانتقال إلى فريق أقل مكانة من أجل صقل موهبته والحصول على الخبرات اللازمة من خلال المشاركة بأكبر عدد من المباريات بعيدًا عن الضغوط. ولكن لأننا نتحدث عن «لاعب فريد من نوعه» فإن الأمر كان مختلفًا معه، فبعد أن عرفه الناس في بدايته كلاعب واعد مع إنتر ميلان جاء انتقاله لمانشستر سيتي ثم إسي ميلان ثم ليفربول ثم أخيرًا ميلان مرة أخرى!
لو كان بالوتيلي قد اتخذ خطوة الذهاب إلى فريق أقل طموحًا منذ بضع سنوات سابقة فربما كانت حياته قد تغيرت؛ فوجوده في أندية تنافس على البطولات منذ صغره لم يساعده؛ فتلك الأندية ليس لديها وقت لحل مشاكله الكثيرة.
مشاكل بالمجان
دائمًا ما كان اسم ماريو بالوتيلي مرتبطًا بالمشاكل والمشاجرات أينما ذهب، فتارة تجده يدخل في مشاجرة مع زميله «أليكساندر كولاروف» في مانسشتر سيتي وتارة أخرى يدخل في عراك بدون داعٍ بإحدى مباريات الديربي مع لاعبي مانشستر يونايتد، بل ووصل به الأمر إلى الاشتباك مع مدربه ومكتشفه «روبرتو مانشيني» خلال التدريبات.
ولكن حتى نكون منصفين مع ماريو، فإن إحدى أبرز المشكلات التي كان يعاني منها وتؤثر على مستواه لم يكن له يد فيها وهي العنصرية التي كان يواجهها في الدوري الإيطالي من بعض جماهير الفرق المنافسة، وذلك بالطبع تسبب له في الكثير من المشاكل وجعله دائمًا يظهر بدور المشاغب.
المنافسة مع الكبار
نقطة أخرى مهمة في تحول ماريو من لاعب يتنبأ له الجميع بمستقبل كبير إلى لاعب جالب للمشاكل في أي وقت وأي مكان، فكما ذكرنا من قبل بأن وجود ماريو في أندية تبحث عن الألقاب كان عبئًا عليه، فأيضًا منافسته للعديد من المهاجمين الكبار في تلك الفرق كان يضع عليه عبئًا آخر .
فعندما كان في صفوف الإنتر كان مطلوبًا منه منافسة مهاجمين أمثال: زلاتان إبراهيموفيتش وهيرنان كريسبو ودييجو ميليتو وصامويل إيتو، وحينما انتقل إلى مانشستر سيتي كان معه: كارلوس تيفيز وإدين ديجكو وسيرجيو إجويرو، وبعدما عاد إلى إيطاليا من خلال الميلان في مرتين وجد هناك: ستيفان شعراوي وأليكسندر باتو وكارلوس باكا، وحتى خلال فترته مع ليفربول فبالرغم من أنه لم يجد سوى المهاجم «دانيل ستوريدج» كثير الإصابات إلا أنه فشل في إثبات نفسه .
ولهذا كان يحتاج ماريو إلى أن يجد فريقًا يستطيع أن يعتمد عليه بشكل أساسي في خط هجومه ولا ينافسه فيه أحد ويكون هو دائمًا ورقته الرابحة، ويبدو أن بداية في الموسم الحالي مع نيس خير مثال على ذلك .
بداية مبشرة
جاءت انطلاقة بالوتيلي في أولى تجاربه بالدوري الفرنسي برفقة نيس رائعة حقًا، فقد تمكن من تسجيل 4 أهداف خلال أول جولتين فقط بالدوري، وقد تكون هذه أفضل مشاركة له منذ البداية على الإطلاق إذا ما قارنها مثلاً بفترته في ليفربول.
وإذا استمر ماريو بهذا المعدل من الأداء حتى نهاية الموسم بالتأكيد سيكون له شأن آخر، فلا يمكن لنا أن ننسى أنه يوجد العديد من اللاعبين الذين تم اكتشافهم من خلال الدوري الفرنسي وانطلقوا بعدها وتوهجوا في كبرى الدوريات الأوروبية، فأعتقد أنه قد حان الوقت لصاحب الـ 26 عامًا أن يدخل في مرحلة النضج لينقذ مسيرته الرياضية مبكرًا قبل فوات الأوان.