تقنيات السيارات في 2017: الذكاء الاصطناعي يتقدم
اعتدت منذ الصغر على مشاهدة أفلام الخيال العلمي، والتي اشترك أغلبها في محاولة تخيل السيارات مستقبلًا. فالبعض ذهب للأضواء المبهرة والتصميم الانسيابي الجذاب، والبعض تخلص من العجلات والالتزام بالطرقات ورأى أن السيارات ستطير، وآخرون توقعوا قدرات خاصة تتضمن القيادة الذاتية، أو قدرة السيارة على التحدث، أو حتى مطاردة المجرمين والكشف عنهم.
ومع كل هذه الأفلام والأفكار، ظل السؤال يراودني، عن مدى جدية وقابلية هذه الأفكار على التحقق، وتطلبت الإجابة قرابة العشرين عاما، لأدرك أن خيالنا كان محدودًا، وأن ما وصلت له السيارات اليوم، يتخطى ما حلمنا به بكثير.
ولأطلعكم على ما أوصلني لهذه القناعة، دعوني أعرفكم على أبرز التقنيات والابتكارات التي وصلت لها السيارات خلال هذا العام، ليس على سبيل الحصر، ولكن ما أراه منها سيغير وجه الصناعة، وسيؤثر على كل السيارات مستقبلًا.
السيارات الكهربائية
الوقود الحيوي يسيطر على كل شيء، ولكنه محدود وسيختفي من العالم يومًا ما، وهو ما جعل السؤال قائمًا كل يوم، ما هي الطاقة البديلة التي يمكن أن تستخدمها السيارات؟
وسط الصراع بين الخلايا الهيدروجينية، والطاقة الشمسية، استطاعت الكهرباء أن تقطع الشوط الأطول، وأن تفرض وجودها في صناعة السيارات، وخاصة بعدما أثبتت «تسلا» أن فكرة السيارة الكهربائية عملية وقابلة لتلبية الاحتياجات اليومية، وهي خطوة لم يسبقها إليها أي من شركات السيارات. فمدى القيادة، وأفضلية الأداء التي توفرها السيارات الكهربائية، جعلها مرغوبة بشدة، وبات تحقيق هذه الرغبات أقرب للواقع، خاصة مع ظهور سيارات أقرب سعرًا للمستهلكين كسيارة تسلا 3 المنتظرة، والتي تعد خطوة قوية في توسع هذا القطاع من السيارات مستقبلًا.
القيادة الذاتية
يعد هذا الحلم الأكثر طلبًا بين كافة تقنيات هذا المقال، فقد ظهرت الفكرة في الكثير من الأفلام والروايات، وراودت ملايين من محبي السيارات والمستقبل. فمع الأرقام الكبيرة للوفيات على الطرقات كل عام، ومع التطور التقني الكبير في قطاع السيارات، والصعوبات التي يواجهها الكثيرون في التنقل بالسيارة جراء إعاقة بدنية، أو مشكلة ما تتعلق بالقيادة، وجدت القيادة الذاتية موضع قدم على خطط التطور في صناعة السيارات، وباتت تطورًا أسرع كثيرًا من أي وقت مضى،رغم بعض المشاكل الأخلاقية التي مازالت تواجه التقنية.
فهناك الكثير من السيارات اليوم، يمكنها القيادة ذاتيًا على الطرقات السريعة، واتخاذ كافة القرارات اللازمة دون تدخل من السائق. وهناك عشرات الشركات التي تختبر سيارات ذاتية القيادة يوميًا على الطرقات العامة، حتى أن هناك سيارات متاحة للبيع قد وصلت بالفعل للقدرة على العمل في نطاق جغرافي معين دون وجود سائق داخلها .. على الإطلاق.
مزيد من الأعين
ظلت فكرة استخدام الكاميرات في السيارات لسنوات طويلة مجرد استعراض للعضلات التقنية، ولم نكن نرى مثل هذه التقنيات إلا في السيارات التجريبية التي تظهر خلال المعارض الدولية، إلا أن الأمر تطور لمرحلة أكثر واقعية.
فالكاميرات أصبحت جزءًا أساسيًا من منظوم الأمان في السيارات اليوم، سواء كاميرا الرجوع للخلف التي تعرض لك ما خلف السيارة، وكاميرات مراقبة التقاطعات، التي تثبت على الطرفين الأماميين للسيارة لتعرض لك التقاطعات دون الحاجة لأن تقتحم التقاطع بسيارتك لترى السيارات المقبلة.
كذلك تأتي الكاميرات لتعرض لك رؤية 360 درجة حول السيارة، لتساعدك على الاصطفاف في المناطق الضيقة، وتساعدك على المناورة بسيارتك في المناطق الوعرة.
وليس هذا فقط، فالكاميرات باتت تمتد بأنواع مختلفة لترصد ما هو أمامك وتحذرك ما إذا اقتربت من عائق ما، أو تستعرض لك الطريق بالأشعة تحت الحمراء لتحسن من الرؤية الليلية، أو حتى تتابع جانبي سيارتك وتحذرك إذا كان هناك سيارة في المنطقة العمياء للرؤية على جانبي سيارتك.
دعم الهواتف
لم تكن علاقة هاتفك بالسيارة علاقة وطيدة حتى فترة قريبة، إلا أن أنظمة ربط الهواتف بالسيارات باتت أكثر تطورًا، وبخاصة مع ظهور نظامي Apple Car Play و Android Auto.
فهذه الأنظمة أصبحت تنقل كافة خواص هاتفك إلى النظام المعلوماتي للسيارة، لتنحي الهاتف جانبًا وتتحكم في كل شيء من خلال السيارة، سواء وظائف الهاتف الاعتيادية، أو الوسائط المتعددة، أو الخرائط، أو حتى التطبيقات على الهاتف، لتعكس كل ما يجري على شاشة الهاتف إلى نظام السيارة المعلوماتي، وهو ما يسهم بشكل مباشر في تنحية الهاتف جانبًا، ومنحك القدرة على التركيز خلال القيادة.
تطبيق للسيارة
الفكرة الأكثر بروزًا في ربط الهاتف بالسيارة، هي ابتكار تطبيق يربط هاتفك بالسيارة وأنت خارجها، كما هو الحال مع سيارات تسلا وبعض الطرازات الأخرى. فالآن سيارتك لا تحتاج لمفتاح، بل ستتعرف على هاتفك عن طريق البلوتوث ومن ثم تفتح الأبواب، كذلك يمكنك تشغيل السيارة عن بعد، وضبط درجة الحرارة داخل المقصورة قبل أن تصل للسيارة، وحتى معرفة موقعها بالتحديد وتشغيل آلات التنبيه لتجدها بسهولة إذا ما ضللت الطريق.
الخطوة الأكثر تقدمًا هي إخراج السيارة من موضع اصطفافها لتسهيل عملية الركوب، إذا ما كانت المساحة ضيقة، أو حتى إدخالها في مساحة ضيقة لا يمكنك الوصول إليها وأنت في الداخل.
التحديثات الدورية
لم تكن السيارات يومًا تتمتع بفكرة التحديثات الدورية. فعلى عكس الأجهزة الإلكترونية، تباع لك السيارة بمواصفات محددة، لن تتغير ولن تتطور حتى تقرر التخلص منها، وهو ما تغير اليوم، وأصبحت الشركات تجري تحديثات على أنظمة تشغيل السيارة الإلكترونية، لتغير من قدراتها ومن تجهيزاتها.
فتسلا من جديد –وكأنهم رعاة هذا المقال- قد أصبحوا روادًا في إرسال التحديثات لسياراتهم على الهواء وهي تسير على الطرقات، كل ما يتطلبه الأمر اتصال بالإنترنت، والسيارة تتولى بقية المهمة، ليصلك تحديث جديد يحسن من قدرات (محدودة) لدى سيارتك.
تمامًا كما حدث في موسم الأعاصير الأمريكي الأخير،حين أرسلت تسلا تحديثًا لملاك سياراتها في ولاية فلوريدا قبيل وصول الإعصار «ارما»، لتعزز من مدى السيارات بمقدار 48-64 كم عن المدى المعتاد، لتساعدهم على الخروج من منطقة الخطر في أسرع وقت ممكن، ومن ثم أعادت المدى إلى حدوده الطبيعية بعد استقرار الوضع في فلوريدا.
مزيد من الشاشات
قضت صناعة السيارات عقدها الماضي كاملًا تحاول وضع المزيد من الأزرار، ومزيد من الإضاءات، ومزيد من العدادات، لتجعل السيارات تبدو أكثر تطورًا، وأكثر تجهيزًا، وتبرز قدراتها الخاصة.
إلا أن الأمر قد انقلب، واليوم تسيطر الشاشات على كل شيء، وتختفي كل الأزرار داخل أنظمة جديدة تستجيب للمس وللأوامر الصوتية، وهو ما فتح الباب أمام المصممين للتغيير والتطوير. فبدلًا من العدادات التقليدية، أصبحت شاشة تستعرض تصميمًا للعدادات، يتغير لونه وتصميمه مع وضعيات القيادة المختلفة، ويغير من المعلومات حسب أولويات السائق، وقد يتلقى تحديثًا يغير تصميم كل شيء في لحظات، وكأنك استبدلت سيارتك بأخرى جديدة ولم يكلفك الأمر إلا مجرد تحديث جديد من الإنترنت.
كذلك بات كل شيء تقريبًا قابلًا للتغيير بأوامر صوتية، كونه مدمجًا داخل النظام المعلوماتي للسيارة، وهو ما يمنحك المزيد من القدرة على التركيز خلال القيادة.
رفيقك المساعد
السيارات الآن باتت أكثر ذكاء من أي وقت مضى، حتى وأنت ما زلت أمام عجلة القيادة، وما زلت «تظن» أنك تتحكم في السيارة بالكامل، هناك مئات العقول الإلكترونية تراقبك وتساعدك لتمنحك المزيد من الأمان، والمزيد من الثقة في مهاراتك القيادية.
فالسيارات الآن أصبحت تعرف ما إذا ضغطت على بدال المكابح بطريقة طارئة أم لا، لتمنحك كامل قوة الكبح حتى قبل أن تصل قدمك إلى نهاية البدال، فيما يعرف بنظام مساعد الكبح (Brake Assist). وتساعدك على الانطلاق في أسرع زمن ممكن دون إهدار للقوة ودوران العجلات حول نفسها، فيما يعرف بنظام المساعدة في الجر (Traction Control).
وتعرف حينما تفقد السيارة تماسكها، أو تنزلق، أو تخرج عن المسار الذي توجهها له، فتقطع القوة عن العجلات، وتكبح إحداها وتترك الأخرى، وتتلاعب بقوانين الفيزياء لتعيد لك التحكم في السيارة وتعيدها لمسارها، فيما يعرف بنظام الثبات الإلكتروني (Electronic Stability Program).
وتعرف حينما تبدأ الحركة على مرتفع، فتمسك بالسيارة كي لا تعود للوراء حتى ترفع قدمك من على بدال الكبح، وتضغط على بدال السرعة، فيما يعرف بنظام المساعدة على بدء الحركة في المنحدرات (Hill Start Assist). وتعرف حينما تكون على منحدر وتجذبها الجاذبية لتسير بسرعة، وتخاف أن تنحدر خارج سيطرتك، فتكبح عجلاتها بشكل منظم كي لا تنزلق ولا تشغل بالك بالسرعة، لتترك لك فقط مهمة التوجيه، وهو ما يعرف بنظام المساعدة في النزول من المنحدرات (Down Hill Brake Control). وتراقب لك جانبي سيارتك كي تحذرك من وجود أي سيارة في نقاط الرؤية العمياء، عبر نظام مراقبة النقاط العمياء (Blind Spot Assist).
ويمكنها تتبع السيارة أمامك والحفاظ على مسافة ثابتة بينكم سواء أسرعت السيارة أمامك أو خفضت من سرعتها، مع عدم تخطي السرعة القصوى التي تحددها، وهو ما يعرف بمثبت السرعة التفاعلي (Adaptive Cruise Control). وكذلك تراقب الحارة المرورية وتحذرك إذا خرجت عنها، وتعيدك داخلها في بعض السيارات، وهو ما يعرف بنظام مراقبة الحرارة المرورية (Lane Departure Assist) ونظام المقود المساعد (Active Steering).
كل هذه أنظمة متوفرة في سيارات اليوم وأكثر، كانت يومًا ما خيالًا علميًا، وباتت حقيقة، ومنها سيخرج المزيد من الأنظمة التي ستغير عالم السيارات إلى الأبد. فهل ما نتوقعه اليوم سيصبح ساذجًا أمام ما سنصل له في المستقبل؟ دعونا نتابع ونرى.