الديمقراطية السمراء: طريق أفريقيا للتخلص من الاستبداد
محتوى مترجم | ||
المصدر | ||
التاريخ | ||
الكاتب |
سجلت بعض البلاد الأفريقية، في الاثني عشر شهرًا الماضية، انتصارات ديموقراطية. فعلى الرغم عن انتخابات 2015 الجِدَالية، لدى إثيوبيا قائد جديد، يمثل صعوده للحكم وعدًا مبهرًا بالتغيير، كما انتخبت ليبيريا و سيراليون قادة جددًا. لكن في كل موضع آخر في القارة، يستمر القادة في تجاهل قوانين ومواد دساتير بلادهم الحاكمة للمدد الرئاسية. فرئيس جمهورية الكونغو الديموقراطية، جوزيف كابيلا، محتكر كرسي الحكم منذ عام 2001. يستمر كابيلا في رفضه التخلي عن السلطة، رغم أنه حدد موعدًا لتنحيه في ديسمبر/ كانون الأول 2016. في أوغندا، يتشبث يوري موسيفيني بالسلطة منذ عام 1986. بينما حكم ديني ساسو نغيسو جمهورية الكونغو لقرابة ثلاثين عامًا. رفضهم التنحي عن الحكم في الوقت الحالي يتناقض مع مخططات الحكم، التي تبنتها البلاد الأفريقية حينما انتقلت من سياسات التحرير إلى الصراع الجديد من أجل ديموقراطية ما بعد الاستقلال في أوائل الألفية الجديدة. عام 2001 تحولت منظمة الوحدة الأفريقية إلى الاتحاد الأفريقي لمواكبة هذا التغير في المعنى. وتبنت القارة آليات حكم تقدمية كالآلية الأفريقية لمراجعة النظراء APRM. تقدم المبادرة كلاً من الرئيس النيجيري السابق أولوسيجون أوباسانجو وثابو مبيكي الرئيس السابق لجنوب أفريقيا، لتوفير آلية تمكن البلدان الأفريقية من مراجعة أداء بعضها البعض. تبنت العديد من البلدان الأفريقية الميثاق الأفريقي حول الديمواقرطية والانتخابات والحكم ووافقت على دعم بنوده. دخل الميثاق حيز التنفيذ عام 2012، وكان قد صُمم للحماية ضد الحكم غير الديموقراطي. حملت تلك الخطط الكثير من الوعود العظيمة؛ كبدء عهد من الحكم الرشيد، الديموقراطية والأمان، ومحو صورة أفريقيا كقارة الجهل، الفقر، المرض، الفوضى والفساد. أشارت الخطابات السياسية إلى الاتجاه الصحيح. لكن لم يكن كافة القادة الأفارقة على استعداد للسماح لموجة الإصلاحات الديموقراطية باكتساحهم. فبعضهم، ببساطة، أدمن السلطة كما يظهر من ترددهم، إن لم تكن مقاومتهم الصريحة للنزول عن الحكم بنهاية فترة رئاستهم القانونية. يقوض استمرار القادة في تجاوز مدد رئاستهم القانونية من محاولات أفريقيا إصلاح قيادتها ويَجُبُّ من نوايا مؤسسي الاتحاد الأفريقي النبيلة.
تقنين مدة الرئاسة
رئيس أنجولا السابق «سانتوس».
ينظم تقنين الرئاسة تعاقب القيادة. هدفها إجبار القادة على عدم الانصياع لتفضيلاتهم وأهوائهم، ما يساعد على تعزيز القيادات المنتخبة ديموقراطيًا وصبغها بالشرعية. لكنها، بالطبع، ليست كافية. لا يستطيع التداول المنتظم للسلطة، كما يحدث في بلدان مثل موريشيوس، غانا، بوتسوانا وزامبيا من بين بلدان أخرى، ضمان الاستقرار الاجتماعي، الاقتصادي والسياسي. فهنالك عوامل أخرى، مثل قيادة شرعية عرضة للمحاسبة، حيوية لتحقيق ذلك.
لكن التداول المنتظم للسلطة يعطي المواطنين أمل تبني القيادات الجديدة لسياسات، برامج ومقاربات اجتماعية واقتصادية أكثر تقدمية. ما قد يعكس، بدوره، وقع قبضة السلطة المتواصلة الخانقة في أفريقيا من تبعات سياسية، اجتماعية واقتصادية. فوائد التداول المنتظم للسلطة بينة للعيان في البلدان الأفريقية كالسنغال، بوتسوانا و موريشيوس. حيث لا يسمح للرؤساء، أثناء شغلهم للمنصب، بالتراخي، لأن هناك احتمالية خلعهم من السلطة إذا ما فشلوا في إدارة حكومة البلاد بشكل رشيد. أصبحت حدود مدة الرئاسة، مؤخرًا، موضع جدل. استخدم بعض القادة تعديلات دستورية لمد فترة بقائهم في السلطة. وفي العادة تتمكن الأحزاب الحاكمة وقادتها من تمرير تلك التعديلات بحد أدنى أو لا مشاركة من المعارضة. مثل ما حدث في رواندا، أوغندا، بروندي وجمهورية الكونغو. على نحو مماثل، تُعد بلدان مثل أنجولا، توجو، الكاميرون وغينيا الإستوائية دولاً قمعية تحت سيطرة حزب واحد أو قائد واحد رغم أنف النصوص الدستورية والانتخابات الدورية بحكم الواقع، حيث لا معنى للاستقالة، التقاعد أو تقنين مدة الرئاسة. يرفض قادة أفريقيا النزول عن السلطة لأسباب مختلفة. ففي بعض البلدان، تكمن الإجابة في نقص التخطيط اللازم لتداول السلطة. بينما في البعض الآخر، يرفض القادة، تبجحًا، الاستقالة بسبب ميولهم الاستبدادية والكليبتوقراطية. فهم يستغلون، بالاشتراكمع عائلاتهم وأصدقائهم، موارد بلادهم من المعادن، الوقود الحفري ورأس المال. وتنحيهم سيكلفهم هذه المنافع.
على سبيل المثال، ترك رحيل رئيس أنجولا السابق إدواردو دوس سانتوس من منصبه بعد عقود في السلطة، عائلته مكشوفة للتحقيق. فيقف، الآن، أبناؤه متهمين بتكديس المليارات إبان فترات حكم والدهم المتعددة. يمكن لتبعات ذنوب شغل المنصب، وصف المؤتمر الوطني الأفريقي، حزب جنوب أفريقيا الحاكم، للفساد المرتبط بقوة الدولة السلبية أن تكون مدمرة. إذا لم يكن هناك ضمانات دستورية قوية وثقافة ديموقراطية تكبح جماحها. فهي تنتج رجالاً كبارًا، شعوبًا صغيرة، كما عنون الصحفي أليك راسل كتابه.