بين جوارديولا وسيميوني: فيلسوف اللعب الجميل يواجه قائد الكوماندوز
مواجهة مثيرة في نصف نهائي دوري أبطال أوروبا تمناها الكثير نهائيًا ليحصل الفائز على لقب البطولة. مدربان في نظر أغلب المتابعين هما الأفضل في مجال التدريب في الآونة الأخيرة، نمطا لعب يختلفان اختلافًا جذريًا من حيث الشكل ولكن يبقى المضمون واحدًا، ألا وهو التتويج بالألقاب.
بايرن ميونيخ أمام أتليتيكو مدريد، أو في نظر الكثيرين هي مواجهة پيپ جوارديولا أمام دييجو سيميوني. رجلان في الخامسة والأربعين من عمرهما بدءا مسيرتهما التدريبية بعد منتصف العقد الأول من الألفية وحققا نجاحًا يفوق بكثير ما حققاه في مسيرتيهما كلاعبين مما جعل لكل رجل منهما معجبين ومدرسة ذات طابع مميز في كرة القدم.
جوارديولا والتيكي تاكا
أنا أبغض التيكي تاكا! مجرد تمرير الكرة من أجل التمرير وحسب هو محض هراء. يجب عليك أن تمرر الكرة من أجل الوصول إلى مرمى المنافس، وليس للاستعراض بالتمرير!
ربما تحمل تلك الكلمات الصدمة لبعض معجبي ما يسمى بـ «التيكي تاكا» عندما يعرفون أنها أتت من الشخص الذي يفترض أن يحضر اسمه إلى ذهنك عندما يذكر هذا المصطلح. المصطلح الذي أصبح مألوفًا لآذان السواد الأعظم من محبي الكرة مع تولي قائل تلك الكمات – پيپ جوارديولا- مهمته الأولى مع البرسا.
لا تصدقوا ما يقوله الناس، البرسا لم يلعب التيكي تاكا، التيكي تاكا وهم صنعه الناس! يكمن السر في كل الرياضات الجماعية في تحميل جزء من الملعب باللاعبين لإجبار المنافس أن يميل بدفاعاته أمام هذا الجزء، ومن ثم ننقل هجمتنا إلى الجزء الآخر الأكثر ضعفًا حينها ونضربهم من هناك. لهذا كنا نمرر الكرة وهذا ما يجب أن نكون نحن عليه، لا علاقة لنا بالتيكي تاكا!
تلخص تلك الكلمات التي قالها جوارديولا في إحدى محاضراته للاعبين في عامه الأول مع البايرن في إيجاز فلسفة المدرب الإسباني وما يدور برأسه على لسانه هو، وتبرز بوضوح النقطة الفاصلة التى تميز نمط كرة پيپ عن غيرها من أنماط لمدربين يتبعون نفس شكل اللعب الجميل بدون التركيز على تحويل ذلك إلى أهداف كـ «آرسن فينجر» في آرسنال على سبيل المثال. وهو الإرث الذي تركه الأسباني في برشلونة عندما رحل وترك لتلاميذه من اللاعبين لينفذوه ويصنعوا الأمجاد والنجاحات للنادي الكتالوني.
تمرير الكرة هي أكثر الأشياء تكرارًا في كرة القدم وخصوصًا عندما يمتلك فريقك الكرة أغلب الوقت لذا دائمًا ما يركز جوارديولا على استخدام اللاعبين الذين يتميزون بدقة التمرير لتنفيذ فِكره ويظهر ذلك في المقطع لـ «تيري هنري» أسطورة أرسنال ولاعب برشلونة عندما يشرح طريقة لعبهم التي كانت تتسم بالتزام اللاعبين بأماكنهم قدر الإمكان والثقة في بعضهم البعض بأنهم قادرون على إيصال الكرة حيث يتواجد الزميل حتى الوصول إلى الثلث الأخير من الملعب حيث يبدأ السحر.
https://www.youtube.com/watch?v=sN31TuPbEKM
سيميوني ابن الكاتيناتشو البار
حينما يصطدم سيميوني بجوارديولا فهي حتمًا ليست المواجهة المفضلة للإسباني بالرغم من تفوق جوارديولا في المواجهة السابقة الوحيدة بين المدربين في أول عام لسيميوني مع أتليتيكو حينها كان دييجو في بداية تأسيسة لقواعد الفريق الحالي، فأتليتيكو هو من أخرج فريق جوارديولا السابق برشلونة مرتين من ثمن نهائي دوري الأبطال خلال الثلاث سنوات الأخيرة وأصبحت كرة قدم أتليتيكو الدفاعية هي الغول الذي يخشاه معتنقي مذهب الكرة الشاملة.
اتبع سيميوني طريقة تشبه كثيرًا طريقة البرتغالي مورينيو من حيث جلوس الفريق وراء الكرة وتنظيم الدفاعات وامتصاص ضغط المنافس، ثم نقل الهجمة بسرعة إلى الثلث الهجومي بسرعة عند خطف الكرة. مع الفارق بين امكانيات أتليتيكو وإمكانيات تشيلسي وريال مدريد وإنتر ميلان التي دربهم مورينهو. فمورينهو كام بإمكانه جلب أي لاعب يود الحصول على خدماته بيمنا يعمل الأرجنتيني بميزانية أقل حجمًا.
ولكن إضافة سيميوني البارزة إلى مدرسة اللعب تلك كان الضغط الشرس الذي يشنه لاعبو الأتليتي بالذات في المباريات الكبيرة، خصوصًا في أطراف الملعب التي يجبر تمركز لاعبي سيميوني المنافس إلى نقل الكرة إلى تلك الأطراف، وهنا يبدأ الضغط بضراوة على حامل الكرة.
يظهر في المقطع التالي كيفية تنفيذ لاعبي أتليتيكو مدريد لدفاع المنطقة في مباراتهم أمام البارسا.
ولا يعتمد سيميوني على دفاع المنطقة واللعب على الهجمات المرتدة قفط، بل يحمل في جعبته أيضًا إستراتيجية الضغط العالي على المنافس حيث أحيانًا ما يفاجئ خصمه بعمل الضغط العالي الذي يركز أيضًا على إجبار الخصم للعب على الأطراف كما يظهر في المقطع التالي.
يظهر في المقطع التالي كيفية تنفيذ لاعبي أتليتيكو مدريد للضغط العالي في مباراتهم أمام البارسا وإجبارهم على لعب الكرة في أطراف الملعب.
التشكيل المتوقع لأتليتكو مدريد
بالنسبة للمدريديين فتشكيلة سيميوني لن يطرأ عليها في الأغلب أية تغييرات عن مباراة البرسا السابقة في ثمن النهائي إلا بإعادة توريس للتشكيل مكان كارراسكو في مركز رأس الحربة، وإمكانية المناورة ستكون في تكتيك اللعب بأسلوب الضغط العالي في نصف ملعب الخصم وليس بتغيير التشكيل.
التشكيل المتوقع لبايرن ميونخ
أما جوارديولا فمن الصعب دائمًا التكهن بالتشكيلة التي يبدأ بها المباريات، ولكن من المؤكد أن يقود ألونسو خط الوسط بعد عدم البدء به في اثنين من آخر ثلاث مباريات، ومن المرجح أن يبدأ بخطة 4-2-3-1 تتحول إلى 4-1-4-1 عند زيادة فيدال الهجومية. ويبدأ ليفاندوفسكي في الأمام، يأتي من خلفه مولر كرقم 10 وعلى الأطراف سيكون الاعتماد على كوستا وريبيري مع إمكانية لعب كومان دورًا في هذا اللقاء لإجادته المراوغة وحل مواقف الواحد ضد واحد. وسيعول بيب على ظهيري الجنب لخلق عرض في الملعب ومحاولة مط دفاعات الأتيليتي.
التشكيل المتوقع لبايرن ميونخ
أرقام المدربين في البطولة
من خلال النظر إلى سجل مباريات المدربين في البطولة نجد أن كلا السجلين في غاية القوة وينبئ بمواجهتين في غاية النديّة والغنى التكتيكي. جوارديولا لم يخرج قبل نصف النهائي في مشاركاته السبع في دوري الأبطال وفاز بالبطولة مرتين حين وصل للنهائي، بينما سيميوني يمتلك 3 مشاركات، نهائي وثمن نهائي ومشوار مازال لم ينتهِ، فهل يتوج جهوده هذة المرة على حساب جوارديولا؟