أفضل 15 رواية عربية في عام 2019
لا تزال الرواية العربية قادرة على أن تكون أكثر الأنواع الأدبية حضورًا في المشهد الثقافي بكل عام، وقد شهد هذا العام ثراءً كبيرًا في عدد الروايات الصادرة وتنوع مواضيعها وانحياز كثيرٍ منها نحو مساحات جديدة في التجريب، كما كان من حسن الحظ ظهور عدد من التجارب الروائية الشابة الواعدة، التي استطاعت أن تحتل مكانة بارزة في الساحة الأدبية، رغم كون أعمالها هي الأولى من حيث الإصدار. يمكننا أن نلقي نظرة على أهم هذه الأعمال في السطور التالية:
1. ظل التفاحة — محمد إبراهيم قنديل
أطل علينا العام برواية محمد إبراهيم قنديل الأولى «ظل التفاحة» والتي حاز عنها على جائزة أخبار الأدب في الرواية عام 2018، واستطاع أن يصوّر فيها رؤيته الخاصة لنموذج مختلف من الديستوبيا/المدينة غير الفاضلة، والتي استعاد من خلالها الحكاية التوراتية لبدء الخلق، رابطًا ذلك بالثورة وأحلام الشباب، إذ بدأت الرواية بحكاية تبدو تقليدية عن بطلها الذي يتمرد على المجتمع الذي نشأ فيه ويبحث عن قيمِ جديدة، ويصل إلى تقديم رؤية وتصور خاص لما يمكن أن يكون عليه العالم بعد النهاية، وهي تجربة سردية وروائية مختلفة ومتميزة، صدرت عن دار نهضة مصر.
2. جوائز للأبطال — أحمد عوني
لا تزال الثورة حاضرة، ثورة يناير 2011 هنا، ولكن من خلال صورةٍ أخرى مختلفة تمامًا عمّا عهدناه في الحديث عنها، في رواية «جوائز للأبطال» نحن لسنا أمام توثيق للحكايات، ولا رصد للمجتمع وما حدث فيه، بل وبكل صراحة وبساطة نحن أمام نقدٍ للثورة وما حدث فيها من مواقف وتصرفات وأفعال تتنافى كلها مع القيم والمبادئ الثورية التي كان الجميع ينادون بها. كل ذلك من خلال بطل الرواية “رامي” خريج الجامعة الأمريكية الذي تقوده المصادفة وحدها لكي يتحول إلى أيقونة من أيقونات الثورة رغم أنه لم يكن يومًا من المناضلين! الرواية الأولى لأحمد عوني التي لفتت إليه الأنظار بشدة، وجعلتنا ننتظر منه الجديد، صدرت عن دار المحروسة للنشر.
3. جنازة جديدة لعماد حمدي — وحيد الطويلة
هنا ينسج الروائي الكبير وحيد الطويلة عالمًا خاصًا منطلقًا من العالم السري للقاهرة، حيث عالم المسجلين خطر الذين باتوا يتحكمون في الكثير من مجريات الأمور، وحيث استطاعوا أن يفرضوا سيطرتهم وهيمنتهم على الكثير من المفاصل الحيوية للمدينة، بل وأن يخضع لهم أقوى جهاز في الدولة جهاز الشرطة، ينسج وحيد الطويلة في جنازة جديدة لعماد حمدي حكايته باقتدار في أزقة القاهرة وحواريها وبين حكايات المجرمين والمحتالين ورجال الشرطة الاستثنائيين، وكيف يعيش المصريون بين سيطرة رجال الداخلية من جهة وقبضة البلطجية من جهة أخرى، ويطل من بعيد طيف عماد حمدي من الستينيات الذي كانت جنازته لحظة فارقة في حياة بطل الرواية ورؤيته للعالم. صدرت عن دار الشروق.
4. كيميا — وليد علاء الدين
يستعيد الروائي والشاعر وليد علاء الدين في هذه الرواية قصة حياة «كيميا»، «بنت مولانا»، وربيبة جلال الدين الرومي ويبحث في المصادر التاريخية والأدبية عنها وعن أصل حكايتها في رحلةٍ شيقة غريبة تبدأ بجلال الدين الرومي، ولكنها سرعان ما تحل هي محل الرجل، ويشعر الكاتب بواجب وضرورة أن يبحث عن تلك الفتاة التي أهملتها كتب التاريخ، وسقطت من ذاكرة الناس، لكي يكشف النقاب عن ما خفي من أخبارها، ويستعيد مرويات وحكايات وتاريخ «الرومي» وأبناءه لكي يصل بطريقته الخاصة إلى الحقيقة. رحلة تاريخية شيقة، ولعبة سردية كذلك يلعبها «وليد علاء الدين» مع القارئ ويمزج فيها باقتدار بين الخيال والواقع، وبين السرد التاريخي الموثق بالكتب والمراجع وبين خيال الراوي الذي لايحده حدود. صدرت الرواية مطلع هذا العام عن دار الشروق.
5. عنكبوت في القلب — محمد أبو زيد
أولى روايات هذا العام التجريبية، مساحة خاصة يتفرد بها الشاعر محمد أبو زيد لينسج عالمه الخاص، الذي يسعى فيه لمواجهة العالم، مازجًا باقتدار بين الفانتازيا والواقع، في قصةٍ تبدأ بعلاقة الحب وتنتهي بتصورٍ فانتازي خاص للعالم، في رواية عنكبوت في القلب يطرح أبو زيد العديد من الأسئلة الإشكالية سواء المتعلقة بالحب ومواجهة الفرد للمجتمع، أو حتى الكتابة والعلاقة بين النص وكاتبه، ومحاولة تمرد الأبطال على ما يفرضه عليهم مؤلفو الروايات والحكايات الشيقة، كل ذلك بأسلوبٍ سردي شيق ينحو ناحية التجريب، ولكنه لا يفقد بوصلة الحكي الشيق والسرد المتواصل الذي يجذب القارئ لعالمه. تجدر الإشارة إلى أن عنكبوت في القلب وهي الرواية الثانية لمحمد أبو زيد وصلت للقائمة الطويلة لجائزة الشيخ زايد هذا العام. صدرت عن الهيئة العامة للكتاب.
6. طعم النوم — طارق إمام
تجربة جديدة يخوضها الروائي طارق إمام في محاكاة ومعارضة روائية يستحضر فيها رواية ماركيز «مذكرات عاهراتي الحزينات» ومن قبلها «الجميلات النائمات» لكاوباتا، ليستنطق الفتيات هذه المرة، ويترك لهم فرصة التعبير عن أنفسهن، بعد أن كان البطل في الروايات السابقة هو ذلك العجوز، وينسج عالم الرواية في توازٍ وتقابل مع عوالم الروايتين السابقتين، وينشئ عليهما تجربته الخاصة، ويحضر في الرواية صوته ككاتب وروائي مما يكسر إيهام القارئ بالتجربة، ويجعله أكثر التصاقًا بعالمها. كما يتناول من خلالها رسم صورة واقعية لمصر والإسكندرية في نحو خمسين عامًا. تجربة سردية شيقة ومختلفة، ورواية طموح يحضر فيها ولع طارق إمام بالتجريب وطرق مناطق مختلفة في الكتابة السردية المتميزة. صدرت الرواية منتصف العام عن دار المصرية اللبنانية.
7. وادي الدوم — علاء فرغلي
إلى الصحراء وعالمها الغامض المجهول يأخذنا الروائي علاء فرغلي في ثاني تجاربه الروائية، بعد رواية «خير الله الجبل» التي تناولت عالم المهمشين في المدينة، يخرج إلى البادية والصحراء فيبني فيها عالمًا متخيلاً حيث الواحة التي يقيمها الدليل «شاهين» ويجلب من يعاونه على بنائها حتى تقف في مواجهة كل من يحيط بها من جيوش ولصوص وأهل الصحراء أنفسهم، كل ذلك يمنح الواحة والوادي بعدًا رمزيًا ما يمكن أن يلفت نظر القارئ، ولكن الكاتب يأخذه إلى تفاصيل عالم الواحة والصحراء حتى لينسى معها أي أبعادٍ أخرى. صدرت الرواية عن دار العين وحظيت بحفاوةٍ نقدية كبيرة منذ صدورها، وأعادت للأذهان روايات الصحراء وعالمها الخصب.
8. بياصة الشوام — أحمد الفخراني
عودة إلى التجريب الحر، وإلى عالمِ يمزج الواقع بالفانتازيا، ويطرح أسئلة الوجود الكبرى مثل الغاية من الحياة جنبًا إلى جنب مع العبث، يقدم أحمد الفخراني روايته بياصة الشوام. تدور أحداث الرواية في ذلك المكان الغريب بالإسكندرية، الذي يجمع بدايةً بين الأصالة كونه مكانًا قديمًا له علاقة بالطليان والمعاصرة والبساطة حيث يعيش فيه اليوم صانعو الأواني الفخارية، هناك ومع البطل «سعيد» الذي يسعى لمعرفة أصل الوجود من خلال النحت، ولكن الدنيا تدخله في علاقات غريبة ومتشعبة تجعله يفكّر ويطرح أسئلة عديدة حول المعرفة والوجود، يدور ذهن القارئ معها. صدرت الرواية منتصف العام عن دار العين.
9. ثلاثية الأجراس — إبراهيم نصر الله
يعود إبراهيم نصر الله من جديد لحكايته الأثيرة، ينسج هنا بمهارة واقتدار ثلاث حكايات فلسطينية في ثلاثية روائية متميزة ضمن ما أسماه «بالملهاة الفلسطينية». في الأولى ظلال المفاتيح يرسم صورة واقعية لعالم الشتات الفلسطيني، فيعود للنكبة وبدايات القضية عام 1947 من مشهد صغير عابر يسطر من خلاله حكاية الاحتلال الإسرائيلي وقدرة الفلسطنيين على تجاوز ذلك القهر ويؤكد على حلم العودة وأهميته، في الرواية التالية «سيرة عين» يرصد سيرة حياة ومسيرة المصورة الفلسطينية الرائدة «كريمة عبود» التي استطاعت أن تكون أول مصورة فلسطينية محترفة، وفي الرواية الثالثة «دبابة تحت شجرة عيد الميلاد» تحضر حكاية عائلة فلسطينية منذ الحرب العالمية الأولى وحتى الانتفاضة الأولى في 1990 وانتقالهم عبر أكثر من مدينة وما لاقوا أثناء ذلك من صراعات ومشكلات وحروب جعلتهم في كل الأحوال أقوى وأصلب عودًا. صدرت الروايات الثلاثة في منتصف العام عن الدار العربية للعلوم.
10. ما رآه سامي يعقوب — عزت القمحاوي
عودة أخرى للروايات التي تتناول الثورة من وجهة نظرٍ مختلفة، مشهد واحد صغير يصوره بطل الرواية بكاميرا الموبايل، ويتداعى بعد ذلك في ذهنه من خلال السرد أحداث وتفاصيل أخرى تخص تقلبات حياته وهروبه في كل مرة من المواجهة، وعلاقات الحب الفاشلة وغير ذلك من مواقف وأحداث على خلفية الحدث الرئيسي الذي يحضر في الخلفية وهو الثورة، والتحولات التي مرت بها منذ صعود الحلم وبدايات الأمل حتى اليأس والهزيمة. استطاعت رواية عزت القمحاوي ما رآه سامي يعقوب أن تقدم رؤية مغايرة لا تعتمد على رصد الأحداث بقدر اهتمامها بالتفاصيل النفسية للبطل وانعكاس ذلك على الواقع والمجتمع. صدرت الرواية مطلع هذا العام عن الدار المصرية اللبنانية.
11. حارس سطح العالم — بثينة العيسى
عودة مختلفة لعالم الديستوبيا، وتجربة جديدة لبثينة العيسى، تمزج فيها بين رؤية سوداوية لما يمكن أن يكون عليه العالم لو افترضنا اختفاء الكتب، وقيام لجنة مسؤولة عن الكتب بمنعها كلها بل ومصادرة الخيال! بين هذه الرؤية وبين تناصٍ طويل مع عدد من الروايات الكلاسيكية المعروفة التي تتماشى مع أجواء عالم الرواية الغرائبي بدءًا بزوربا اليوناني حتى 451 فهرنهايت، تنسج بثينة العيسى خيوط روايتها حارس سطح العالم باقتدار وتخوض بنا في عالم متخيّل كليًا، لتصور لنا كيف يمكن أن يكون العالم لو غابت الكتب والمكتبات، وسيطرت الديكتاتورية على أهم مناحي حياة الناس. صدرت الرواية في منتصف العام عن الدار العربية للعلوم وبطبعة مصرية خاصة من مكتبة تنمية.
12. لقلبي حكايتان — أحمد مدحت
هل ثم مكانٌ للرومانسية بعد كل هذا في العالم؟ هل يمكن أن نفكر في الحب؟ والعلاقات الزوجية؟ تجربةٌ جديدة يخوضها أحمد مدحت سليم في هذه الرواية التي يتنازع فيها قلب البطل حكايتان، سيتكتشف القارئ مع تفاصيل الرواية أنهما ليسا مجرد حكايتين عن الحب، وإنما عن تحديات الزمن وكيف يمكن أن نتعامل معها، عن رؤية الإنسان للحياة ولعلاقاته بالآخرين كيف تتشكل وتتغير بمرور الأيام، رواية تعيد للقارئ أسئلة عديدة مؤرقة وتثير الكثير من الجدل خاصة فيما يتعلق بالحب والحرية والفرص والتجارب العاطفية الأخرى. تجدر الإشارة أن الرواية هي الثالثة لأحمد مدحت سبقها رواية (ثلاثة فساتين لسهرة واحدة) وكانت تحمل نفس البصمة الرومانسية وتساؤل عن علاقات الحب والزواج، وروايته الثانية انتقلت إلى العصر الفرعوني (خريف ودماء وعشق). صدرت الرواية منتصف العام عن دار دون.
13. درب الإمبابي — محمد عبد الله سامي
عودة أخرى إلى التاريخ، إلى أيام الأيوبيين وآثارهم الباقية في مصر، يخوض محمد عبد الله تجربته الروائية الأولى في أجواءٍ تجمع بين التاريخ والعصر الحديث، بين مقامات الأولياء وطقوس وعادات البسطاء، تدور الرواية منذ عهد الثورة العرابية وتسرد حكاية بطلها (علي) من طفولته وتمرده حتى يكبر ويطول الزمان به حتى مائة عام، يعرض فيها تفاصيل من حياة المصريين بطريقة سردية تنحو نحو الواقعية السحرية بشكل متميزة، كما تسرد على الجانب الآخر حكاية أحد الأولياء الصالحين (إسماعيل إمبابي) وتعلق الناس به وكيف يتعاملون مع حكاياته ومقامه وغير ذلك. صدرت الرواية مطلع هذا العام عن دار المحروسة، ولفتت الانتباه لها أكثر عند وصولها للقائمة الطويلة لجائزة زايد للكتاب فرع المؤلف الشاب هذا العام.
14. ناقة صالحة — سعود السنعوسي
إلى عالم الصحراء مرة أخرى، ولكن في الكويت، يأخذنا سعود السنعوسي إلى بادية الكويت حيث حكاية حب مستحيلة تنشأ هناك بين شاعرٍ وابنة عمه، ولكنه يضطر أن يتركها ويبتعد، وتعيده الحروب والأحداث المتلاحقة، تربط الرواية بشكل ذكي وبالتلميح دون تصريح بين حكاية الحب تلك وبين الوطن وما يجده الناس فيه من ظلم، وبين محاولات الحياة الصعبة، من جهةٍ أخرى تأتي الناقة كمعادل موضوعي لأحلام الفتاة صالحة في تلك الصحراء القاحلة، وكيف يمكن أن تعبر عن نفسها دون أن يصيبها وحبيبها أي ضرر. صدرت الرواية في منتصف العام عن الدار العربية للعلوم، وطبعة مصرية من مكتبة تنمية.
15. كحل وحبهان — عمر طاهر
الرواية الأولى للكاتب عمر طاهر، وهي تجربة أدبية مختلفة حاول أن يمزج فيها بين النوستالجيا التي اعتاد أن يقدمها للقراء وبين وجهة نظر خاصة في التعامل مع الحياة من خلال الطعام، تحكي الرواية من خلال بطلها (عبد الله) ورصد تفاصيل حياته من مراهقته حتى شبابه طرفًا من حياة المصريين البسيطة، وتقلباتها وتغيراتها، وذلك الارتباط الشرطي والغريب الذي يعيشون به مع الأطعمة المختلفة، وكيف يمكن لمذاقٍ أن يشكل حياتهم، وكيف يتحول طقس عادي مثل الأكل إلى أساس تبنى عليه العلاقات بالناس والحياة، صدرت الرواية عن دار الكرمة أواخر العام الماضي ولكنها بقيت ظاهرة مثيرة للكثير من الجدل طوال هذا العام.
هكذا تنوّعت عوالم الروايات وطرق التعبير عنها، وهكذا طاف بنا الكتّاب بين التاريخ والجغرافيا، وبين عوالم من الواقع والحياة المعاشة وبين العوالم الفانتازية المتخيلة، بين أفكارٍ معروفة يستعيدون طرحها وبين أفكار ومواقف خفية مجهولة يعيدون استكشافها، وتبقى الرواية دومًا أكثر الأنواع الأدبية قدرة على جمع الكثير من الأفكار والقضايا وتناولها وطرحها بأكثر من طريقة.