قبل نهاية اللعبة: كيف غيرت مارفيل المشهد السينمائي؟
بعد أن قدمت DC أبطال القصص المصورة (كوميكس) لجمهور السينما، جاءت الألفية الثالثة لتؤسس لأفلام الأبطال الخارقين كنوع سينمائي شديد الجماهيرية، وكانت البداية مع فيلم «Spider-Man».
كانت الأرقام التي حققها فيلم «Spider-Man» عام 2002 ضخمة، وأصبح ظهور جزء ثانٍ له أمرًا حتميًا. على الجانب الآخر، بدأت شركة DC في الاستفاقة مرة أخرى، بعد توقف طويل عن صناعة أفلام لبطليها الأثيرين «سوبر مان»، و«بات مان»، لينطلق عام 2005 فيلم «Batm Begins» من إخراج كريستوفار نولان، الفيلم الذي أصبح الأول ضمن ثلاثية تعد من أهم ما قُدم في أفلام الأبطال الخارقين.
فأين كانت مارفيل من كل هذا، وكيف انطلق عالم مارفيل السينمائي؟
مارفيل تحصل على «الفكة» من سبايدر مان
في عام 2003 أتى موظف في شركة Marvel Entertaiment إلى نائب رئيس مجلس الإدارة بفكرة، فكرة ستساوي لاحقًا عدة مليارات من الدولارات. لكن قبل هذه الفكرة دعونا نتعرف على موقف مارفيل من الأرباح التي تحققها الشخصيات التي لم تكن تملك حقوقها السينمائية.
قبل عام 2003 بسنوات قليلة، كانت شركة مارفيل قد خرجت من أزمات مادية وإدارية طاحنة، وبدأت في الوقوف على قدميها مرة أخرى وتوديع شبح الإفلاس. واحدة من الطرق التي كانت تحصل بها على الموارد المالية هي بيع حقوق شخصيات القصص المصورة إلى شركات الإنتاج السينمائية، لكن المقابل المادي كان ضئيلًا جدًا. فمن بين 3 مليارات دولار حققها أول فيلمين لسبايدر مان، بحساب مبيعات الدي في دي وغيرها،حصلت مارفيل على 62 مليونًا فقط، أي قرابة 2%. إلى أن جاء ديفيد مايسل بفكرته عام 2003.
كانت فكرة مايسل ببساطة، ألا تبيع Marvel Studios (الذراع السينمائية لمارفيل) حقوق شخصياتها لشركات أخرى، وأن تحتفظ بالحقوق وتنتج أفلامها بنفسها، وأضاف إضافته التاريخية: «عندما تُنتج الشركة الأفلام بنفسها سيتيح لها هذا ربط الشخصيات ببعضها وتقاطعها معًا، كما يحدث بالفعل في القصص المصورة». من هنا كانت بداية عالم مارفيل السينمائي.
رهان الحياة أو الموت
كان أمام الشركة تحديان رئيسيان قبل البدء في تنفيذ هذه الفكرة. الأول، هو إيجاد التمويل الكافي لصناعة هذه الأفلام، وخاصة أول فيلم الذي يجب أن يكون انطلاقة قوية، مع الوضع في الاعتبار التكلفة المرتفعة لهذه النوعية من الأفلام والتي تتجاوز عادة 100 مليون دولار.
أما التحدي الثاني، فتمثل في الحصول على حقوق الشخصيات التي كانت مبعثرة بين شركات عدة في هذا الوقت، بل إن المزيد منها كان في سبيله للذهاب لشركات أخرى، مثل «ثور»، و«كابتن أمريكا»قبل أن يوقف مايسل هذا الأمر.
ببعض المفاوضات نجحت مارفيل في استعادة حقوق بعض الشخصيات، بالإضافة لانتهاء حقوق شخصيات أخرى وعودتها لمارفيل. وتبقت أزمة التمويل.
جاء الحل المادي في صفقة بمثابة رهان شديد الخطورة، عقدت شركة مارفيل اتفاقًا مع شركة Merrill Lynch الاستثمارية، تمنح الأخيرة بموجبه قرضًا لمارفيل بقيمة 525 مليون دولار لصناعة عدة أفلام، وإذا لم تنجح هذه الأفلام في تحقيق إيرادات سيكون المقابل هو التنازل عن حقوق شخصيات الأبطال الخارقين التي تملكها. كانت صفقة حياة أو موت، الخسارة تعني انتهاء كل شيء.
اقرأ أيضا: عالم «Marvel» السينمائي: وفخ الطفولية والتكرار
بميزانية كبيرة بلغت 140 مليون دولار، خرج إلى النور أول أفلام عالم مارفيل السينمائي «Iron Man» ليحقق إيرادات تجاوزت 585 مليونًا حول العالم، ليبرهن للقائمين على مارفيل أن رهانهم كان في محله.
مع هذا النجاح والخطة التي بدأت تتضح ملامحها، التفتت شركة ديزني لهذه الشركة الصغيرة التي تنمو بخطوات كبيرة، فقررت شراءها في صفقة ضخمة بلغت 4 مليارات دولار في نهاية عام 2009،بعد أن كانت قيمة مارفيل في 2003 تبلغ 400 مليون فقط، هكذا نجحت خطة عالم مارفيل السينمائي، في إضافة صفر على اليمين إلى قيمة الشركة، لتبدأ مارفيل مرحلة جديدة مع ديزني.
بعد عالم مارفيل، لم يعد العالم كما نعرفه
انطلقت أفلام مارفيل واحدًا تلو الآخر، بينما ترنحت محاولات المنافسين. سبايدر مان الذي انطلق معه كل شيء توقف لفترة بعد الجزء الثالث المتواضع، وأعيد إطلاقه في سلسلة جديدة بعنوان «The Amazing Spider-Man» لم تنجح في تحقيق نفس نجاح السلسلة الأولى. ثلاثية بات مان لنولان انتهت بجزء ثالث محبط، بينما تخبطت سلسلة «X-Men»، إلى أن أعيد إطلاقها بفيلم «X-Men: First Class» في عام 2011.
هكذا بدا أن النجاح يعني اتباع خطى مارفيل، فقررت DC بكل تاريخها العريق في أفلام الأبطال الخارقين، أن تؤسس هي أيضًا عالمًا سينمائيًا سمته «DC Extended Universe» والذي انطلق مع فيلم «Man of Steel» عام 2013، ليُستقبل بشكل فاتر، وتبدأ من بعده سلسلة من الأفلام ضعيفة المستوى.
اقرأ أيضا: لماذا تواصل DC الإخفاق أمام «مارفيل»؟ Suicide Squad نموذجًا
فكرة العالم السينمائي لم تتوقف عند الأبطال الخارقين، بل امتدت إلى أفلام «حرب النجوم» الشهيرة، وظهرت خطط لأفلام منفردة لشخصيات السلسلة الشهيرة، بدأت بفيلم «Rouge One: A Star Wars Story» عام 2016، وأعقبه فيلم «Solo: A Star Wars Story» عن بداية شخصية «هان سولو» في 2018.
بل حتى بعيدًا عن السلاسل الضخمة، قرر المخرج م. نايت شيامالان تقديم ما يشبه العالم الصغير، عندما ربط بين فيلمي «Unbreakable»، وفيلم «Split» من خلال مشهد واحد في الفيلم الأخير، ليقدم بعدها فيلمًا ثالثًا يجمع بين الفيلمين هو «Glass» في 2019.
في كل هذا كانت مارفيل تسير بخطى ثابتة نحو إنجاز فيلم وراء الآخر، تنجح جميعها في تحقيق إيرادات جيدة وآراء إيجابية لدى النقاد.
الجميع رابح
إن كان ستان لي هو الأب الروحي لكومكس مارفيل، فكيفن فيجي هو الأب الروحي لعالم مارفيل السينمائي. فيجي هو المنتج المسؤول عن المشروع بالكامل، والمتحكم في كل تفاصيله منذ بدايته وحتى الآن.
في الواقع يمكن القول، إنه الأب الروحي لأفلام الأبطال الخارقين بوجه عام في صورتها الحالية، إذ بدأ مسيرته في الإنتاج منذ عام 2000 بعمر السابعة والعشرين مع فيلم «X-Men» من إنتاج شركة فوكس، وانتقل من بعده لكل فيلم من أفلام الأبطال الخارقين التابعين لمارفيل، قبل أن يستقر في شركة مارفيل ستوديوز. داخل مارفيل ستوديوز،فيجي هو من يضع الخطوط الرئيسية ويختار المخرجين والمؤلفين أيضًا، وهي خطط أتت ثمارها.
المليارات التي حققها عالم مارفيل السينمائي لم تعد بالخير على ديزني وحدها، وإن كانت هي المستفيد الأكبر بصفتها الشركة المالكة للأستوديو، وقد توسعت بشكل أكبر في السنوات الأخيرة، وبتمكنها من شراء شركة فوكس فقد وضعت يدها على أغلب شخصيات مارفيل بالفعل. لكن هناك الكثير ممن تغيرت حياتهم نتيجة أفلام مارفيل.
اقرأ أيضا: كل ما يجب أن تعرفه قبل مشاهدة فيلم «Avengers: Endgame»
كانت السياسة في البداية هي اختيار فنانين سواء أمام أو خلف الكاميرا من الذين يبدؤون مسيرتهم أو المنسيين لسبب أو آخر، وذلك لعدم دفع أجور ضخمة، في مقابل الاتفاق على عدد كبير من الأفلام دفعة واحدة بشكل يضمن تحقيق دخل ونجومية أكبر لاحقًا.
على سبيل المثال، روبرت داوني جونيور صاحب دور توني ستارك أو «الرجل الحديدي Iron Man»، كان آتيًا عند بدايته مع هذه الأفلام من مسيرة طويلة للتعافي من الإدمان، وكان أجره ضئيلًا للحد الذي جعل أجر الممثل تيرانس هوارد الذي لعب دور رودي أعلى منه في الفيلم الأول. بعد عدة سنوات، وتحديدًا في 2017 مع فيلم «Spider-Man: Homecoming»، سيتلقى داوني 1.8 مليونًا عن كل دقيقة مثلها في الفيلم، إذ بلغ أجره 15 مليونًا مقابل حوالي 8 دقائق قدمها في العمل بأكمله.
الأمر لا يتوقف فقط عند الأرباح المادية، فالكثير من الفنانين عُرفوا، أو أعيد اكتشافهم لشريحة كبيرة من الجمهور بسبب مشاركتهم في هذه الأفلام.
من المنتظر أن يكون فيلم «المنتقمون: نهاية اللعبة Avengers: Endgame» هو آخر أفلام المرحلة الثالثة من أفلام مارفيل، لتبدأ المرحلة الرابعة مع فيلم «Spider-Man: Far from Home» والذي سيعرض أيضًا في 2019، ولم يعلن حتى الآن بشكل رسمي عن ملامح ومواعيد المرحلة الرابعة من عالم مارفيل السينمائي.
يبقى السؤال الدائم عند متابعة المنحنى التصاعدي لهذه الأفلام، متى ستبدأ رحلة الهبوط؟